كتب - محمد علام: اعتاد أحمد صاحب ال26 عاماً، على الخروج بصفة يومية لحضور جلسات المزاج مع أصحابه أصدقاء السوء، ويعود قرب الفجر ويظل نائماً طوال النهار دون عمل، سئمت أمه من تصرفات نجلها الطائشة، فعلى الرغم من أنه الابن الأكبر، وعليه أن يتحمل المسئولية بعد وفاة والده ويبحث عن عمل يكون قادراً على الإنفاق على نفسه وأمه وأشقائه الصغار، إلا أنه اختار أن يسلك طريق الشهوة والكيف، وكان ذلك من أسباب شجاره المستمر مع أمه التى يئست من إصلاحه. حاولت الأم «زينب» إعادته عن طريق الضياع الذى سلكه وتردعه عن أفعاله، ولكنه رفض العمل وواصل فى إنفاق ميراث والده وأموال إخوته على المخدرات، رفضت الأم أن تعطى ابنها العاق المال، فاشتد غيظه وجنونه وتوسل إليها لتعطيه الأموال التى يحتاجها على أن يلتزم ويحاول العلاج ويبحث عن عمل ولكنها أصرت على موقفها لأنها تعلم أنه سينفقها على جلسات مزاجه، ازداد الأمر سوءاً بعد موقف الأم، فتعالت نبرات صوت أحمد التى غيبت المخدرات وعيه وأصبح يسير على قدميه فاقداً وعيه، وبدأ يتشاجر مع والدته مستغلاً تواجد إخوته خارج المنزل، تطاول عليها فحاولت الأم أن تستغيث بالجيران ولكنه انقض عليها، وكتم أنفاسها عنوة ولم يكتف بذلك، وقام بشل حركتها وانهال عليها ضرباً وأمسك سكيناً وسدد لها طعنات فى صدرها وعلى رأسها حتى سقطت الأم على الأرض وحولها بركة دماء، وتركها وفر هارباً وكأن شيئاً لم يحدث. غادر أحمد المنزل دون أن يخبر أحداً بما جرى، وذهب إلى أصدقائه ليبدأ سهرته ودم أمه لا يزال على يده، وبعد انتهاء السهرة عاد الابن ليجد الأهل فى انتظاره لمواساته فيما حدث لأمه ومقتلها دون رحمة وبدأ يتظاهر بالمفاجأة ليبعد الشبهات عنه وأنه لا علاقة له بالجريمة وبكى من منظر أمه وصرخ فى الأهل والموجودين من بشاعة المنظر. وعرف أحمد أن إحدى جارات أمه ذهبت للاطمئنان عليها لتجد باب الشقة مفتوحاً وجارتها ساقطة على الأرض وحولها بركة من الدماء، أطلقت صرخات مدوية تجمع على أثرها الجيران، حاولوا إنقاذ الأم وهرولوا لإبلاغ أجهزة الأمن والإسعاف ولكنه بلا فائدة، فالأم لفظت أنفاسها الأخيرة قبل أن تصل الإسعاف، حيث أن الابن لم يترك أمه حتى تأكد أنها فارقت الحياة بين يديه. حضر فريق من المباحث ورجال النيابة للمعاينة وكشف لغز الجريمة وشرعوا فى سؤال شهود العيان وعما إذا كانت الأم لديها خصومة مع أحد من الجيران ليؤكد الجميع حسن سلوكها وأنها محبوبة فى المنطقة وتسعى دائماً لمساعدة الغير. اختلق أحمد قصة لإبعاد الشبهات عنه وإرباك الشرطة وادعى سرقة مبالغ مالية من الشقة، فتم انتداب خبراء المعمل الجنائى لرفع البصمات وتم الإثبات أن المنافذ وباب الشقة سليمة ولم يتعرض للكسر وأثار الابن الشكوك حوله وبعد تضييق الخناق عليه انهار واعترف بارتكابه الجريمة البشعة، حاول المتهم أن يتظاهر بالجنون وأنه غير سوى ليفلت من العقاب. وتم عرض المتهم على مستشفى الأمراض العصبية للتأكد من مدى سلامة قواه العقلية وإدراكه، وتبين أنه ليس مختلاً ويدرك ماذا يفعل ولا يعانى من أى أمراض نفسية، واتضح أنها حيلة أخرى لكى يهرب من حبل المشنقة عن طريق ادعاء الجنون. بعد كل هذا المشوار من الادعاءات ومحاولة الهروب من الجريمة فى النهاية أراد الاعتراف.. جلس أمام المحقق يذرف الدمع الغزير.. أول كلمة قالها: ندمان على قتل أمى عاوزها تسامحنى.. لقد تحملتنى كثيراً.. وأرهقتها دوماً.. المخدرات أفقدتنى عقلى وإحساسى تجاه ست الحبايب، لم أكن أشعر أو أتخيل أن يصل بى الحال إلى هذا المكان.. سيدى لا يعنينى نهايتى حتى لو كانت الإعدام، فهو أسرع دواء لى من عذاب الضمير.. نعم قتلتها.. سرقت أحشاءها دون رحمة.. توسلت كثيراً.. قلت أريد الأموال.. وقالت أموال إخوتك.. قالت أنا أمك.. قلت سأقتلك، ذبحتها.. ماتت بين يدى.. نظرت إلىّ آخر نظراتها فى الحياة وقالت لى اهرب يا أحمد.. حتى وأنا قاتلها وهى تموت كانت تدافع عنى كانت تحبنى.. وأنا الذى أنكرت كل ذلك وقتلتها.. والنيابة أمرت بحبسه وتداولت المحكمة القضية فى العديد من الجلسات.. أحمد مصر على الاعتراف بجريمته البشعة ورفض حضور محام للدفاع عنه. إنه كان مصراً أن يأخذ عقابه الرادع ولم تجد المحكمة عقاباً سوى إحالة أوراق القضية إلى فضيلة المفتى لإبداء الرأى فى إعدامه. أحمد ببدلته الحمراء ينتظر موته.. ولكن جيرانه من السجن يسمعونه يبكى كل ليلة ويحدث أمه ويطلب منها السماح ولا يخرج من زنزانته سوى صرخات الألم.