رحب علماء وأساتذة الأزهر بإقرار مجلس الوزراء لقانون انتخاب شيخ الأزهر، بعد انتظار دام أكثر من 60 عاما ، ناظرين لهذا القرار بأنه يعمل على إعادة هيبة الأزهر وتنقية عناصره من المحسوبين من غير المتخصصين، إلا أنهم حددوا بعض الشروط التي يجب أخذها في الاحتياط عند إجراء الانتخابات. فيقول الدكتور محمد أبو ليلة رئيس قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر ، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، "كثيرا ما كنا ننادي بعودة هيئة كبار العلماء ليؤدي الأزهر دوره على أفضل حال"، مضيفا أنه يحذر من ربط الأزهر بشخص معين، فالأزهر مؤسسة عريقة لها دورها العالمي والعربي. وأضاف أبو ليلة أن الأزهر له دور مؤثر على مدار التاريخ من خلال مشاركته في الحركات الوطنية منذ أيام محمد علي، فعندما أراد أن يحدث مصر بدأ من الأزهر بإرسال علمائه ورجاله إلى الخارج ليستقوا المعلومات والعلم في شتى مجالات الحياة وعن طريقهم حدثت النهضة الحديثة. وأشار أبو ليلة إلى أنه على مدار العقود الثلاثة الماضية نادينا بأن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب ولكن السياسة غلبت وتم تعيين شيخ الأزهر من قبل الحاكم، وأصبح شيخ الأزهر يخضع لأهواء الحاكم وأمن الدولة وبالتالي أصبح المتقلد لمنصب شيخ الأزهر حريصا كل الحرص على رضاء الحاكم وتحمل عبء المدافعة عنه وتأييده. وطالب أبو ليلة بجعل منصب شيخ الأزهر بعيدا عن تأثير الدولة ولكن لا يغيب عن الدولة بدوره الاجتماعي والاقتصادي والتوعوي. ولفت إلي أنه كان يقول أيام حكم المخلوع أنه لافرق بين أن يأتي شيخ الأزهر بالتعيين أو الانتخاب لأنه في كلا الحالتين سوف يختار من يريده الحاكم بالتدخل في الانتخابات وفي التعيين أيضا . وأضاف أبو ليلة أنه مع ما نعيش فيه بعد الثورة من حرية فإننا يمكن أن نستغل هذا وننادي بانتخاب شيخ الأزهر، ولكن يبقى سؤال كيف يتم هذا الانتخاب؟ وإن كانت الإجابة من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية..فهذا أمر يدخلنا في معضلة أخرى وهي أن اغلبية أعضاء مجمع البحوث تم تعيينهم بعد موافقة أمنية ومباركة من السياسة القديمة، فإذا تم الانتخاب من أعضاء المجمع فنحن سنكون في نفس التجربة السابقة. ويرى أبو ليلة أن الحل يتمثل في عودة هيئة كبار العلماء مرة أخرى ويتم الاختيار من بينهم دون تحيز ويجب فتح باب الهيئة لكل علماء الأزهر الكبار والمعروفين، وفي حالة تكوين هيئة لكبار العلماء يتم اختيار شيخ الأزهر من بينهم ويكون المجمع مختصا بالفتاوى ومناقشة البحوث العلمية . وانتقد أبو ليلة أن يكون الاقتراع سريا ..متسائلا لماذا يفرض عليه طابع السرية، مطالبا أن يكون الترشح لمنصب شيخ الأزهر على مستوى الأزهر الشريف وكل من ينتمي إليه، موضحا ان توسيع قاعدة الاختيار يضمن لنا انتخابات نزيهة وبالتالي صلاح الأزهر. ويرى الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أنه يجب الجمع بين الانتخاب والتعيين ، مشيرا إلي أن الانتخاب المطلق سيأتي بأشخاص مدعومين بالأموال، كما حدث في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة التي صعدت فيها التيارات الإسلامية ليس لاقتناع الشارع بهم ولكن من خلال تقديمهم للدعم المالي، فلو تم الانتخاب المطلق لشيخ الأزهر لانستبعد وجود شيخ من السلفيين أو الإخوان أو حتى الشيعة، ونحن كأزهريين نرفض وجود شيخ من هؤلاء . وأضاف كريمة أن أفضل حل لذلك هو عودة هيئة كبار العلماء مرة أخرى إلى الساحة وتكون من العلماء فقط لأن "المجمع" به أشخاص منتسبون إليه ليس لهم تخصصات شرعية ودخلوا إليها بالوساطة والمحسوبية، وتقوم الهيئة بترشيح ثلاث أشخاص أو خمس لرئيس الجمهورية ويقوم باختيار أحدهم. وأشار كريمة إلى أنه يجب أن تكون شخصية شيخ الأزهر من المشهود لهم بالورع والتقوى والصلاح، وأن يكون حميد الصفات لاينتمي لأي تيار سياسي أو حركة من الحركات الإسلامية، لأن الأزهر الشريف مؤسسة تعمل على خدمة الإسلام بصفة عامة وليس لخدمة مذهب من المذاهب على حساب آخر ويترتب على ذلك أن يفقد الأزهر رسالته. ويقول الدكتور محمد شامة أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر أن قانون الأزهر لانتخاب شيخه له جانبان أحدهما ايجابي والأخر سلبي، موضحا أن الجانب الايجابي يتمثل في أنه يبعد شيخ الأزهر عن أي تأثير سياسي أو حكومي، فيجعله منصبا بعيد عن سيطرة الحاكم. أما الجانب السلبي، كما يقول أبو شامة يتمثل في أن الانتخابات لها قواعد غير سليمة وفي أوقات تصبح غير أخلاقية من خلال تجنيد كل فرد لمرشيحه ومؤيديه لعمل دعاية له وما يدخل في هذه العملية من أمور غير شرعية، قائلا ان الانتخابات دائما لا تأتي بأفضل العناصر كما قال أرسطو، ويمكن معالجة هذه القضية بعودة هيئة كبارالعلماء مرة أخرى وأن تفتح أبوابها أمام كل علماء الأزهر وكل أستاذ أزهري تخرج من الكليات الشرعية يكون من حقه خوض الانتخابات .