الناس لا تصدق ما تشاهده كل يوم على أرض الكنانة مصر، وما تسمع عنه من قصص وروايات حقيقية، لا يصدقها العقل مما يحدث من إثارة وفتنة وبلطجة وأعمال السطو بالقوة، وتعطيل الإنتاج وقطع الطرق فى الموانئ وفى مدن بأكملها، وتعطيل مصانع البلاد، حيث غيبة القانون وهيبة الدولة، فى فوضى الغابة لم تشهد لها البلاد مثيلاً، وكذا استخدام القوة من بعض الخارجين على القانون ضد الوطن والمواطنين، والأكثر دهشة وغرابة موقف الحكومة فى مواجهة كل هذه الفوضى المدمرة، منذ توليها المسئولية وحتى الآن، وهى مسئوليتها وحدها أمام الناس عن تحقيق الأمن والسلام والطمأنينة فى المجتمع، وتتزايد كل هذه المشاهد وتتصاعد عنفاً وقوة، وتتسع دائرتها وتتعدى كل الخطوط الحمراء الأكثر خطراً!! كما لم تعد تصدق الناس ما الذى حدث بميناء دمياط على مدى أحد عشر يوماً كاملاً، مع تلاحق الخسائر التى تفاخر بها الحكومة فتعلن عنها كل يوم بملايين الدولارات وتقف عاجزة عن مواجهتها، وماذا حدث فى بلاد عديدة من الوجه البحرى والصعيد، من قطع الطرقات وجرائم الانتقام والخطف والسطو والقتل؟! حتى فى وسط القاهرة فى وضح النهار، حيث عمت الفوضى فى كل مكان، وتستغيث الناس بالحكومة فى كل مكان، على حين تطلب الحكومة السماح من الناس، وتطلق الوعود وتصدر البيانات الإنشائية الضعيفة.. وترتعش يد الحكومة. وتخاف أن تتصدى لمواجهة هذا العنف من أشخاص من البلطجة وذوى الأجندات الخاصة، بعد أن تلقت جهات متعددة من المجتمع المدنى بكل أسف، بما يجاوز مليارات الدولارات بعد الثورة.. لإثارة الفتن والفوضى، ويظل التصدى لكل ذلك على عاتق الحكومة ومسئوليتها بالدرجة الأولى. لم تعد تفهم الناس كيف تعجز الحكومة، أى حكومة، عن التصدى لمواجهة الاضطراب والفوضى ووقف نزيف الخسائر، وتحقيق الأمن والأمان للمواطن واستقرار الحياة الاقتصادية والاجتماعية حيث تتكرر حوادث الاعتصامات واستخدام القوة واحتجاز المسئولين رهينة، وتهديد المصالح وتعطيل الإنتاج والتوقف عن العمل، حتى عمت الفوضى فى البلاد، فلم تترك نشاطاً فى البلاد إلا وألمت به المصائب الكبرى، وأصبح المجتمع فى خطر والناس مهددة على نفسها ومالها، ولا تصدق ما هذا الذى يحدث فى البلاد ويزداد اتساعاً وتصاعداً؟! هذه الحالة المأساوية دفعت المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يعقد لقاءً حوارياً يوم الأحد الموافق 14 أغسطس الماضى، حضرته الحكومة و40 عضواً من رجال الأعمال الجادين والشرفاء من جميع مجالات الحياة، بسبب عدم الاستقرار والخوف وارتفاع نسبة البطالة بما يهدد الأمن القومى المصرى.. وانتهت إلى توصيات جادة للمواجهة والتطوير والتنمية فى جميع قطاعات البلاد.. وأبلغ الوزراء كلاً فيما يخصه بتنفيذ تلك المواجهات ومتابعتها لإعداد خطة زمنية لتنفيذها لأنها إجراءات عاجلة لدفع الاقتصاد، وأنه سيتم عقد مؤتمر لمتابعة تنفيذ ما انتهت إليه المقترحات والتوصيات!! ومع كل ذلك وبعد ثلاثة شهور، استمر الحال على ما هو عليه، بل أسوأ مما كان، فعمت الفوضى وانتشرت السلبية والتخاذل والتهاون، والسبب ببساطة أيها السادة أن الحكومة عجزت عن مواجهة حالة الفوضى فى البلاد واستمر عجزها عن التصدى لحالة الفوضى.. حتى أصبحت مرتعدة عن اتخاذ أى موقف، مرتعشة اليد، خائفة على نفسها ومن نفسها، لهذا تصاعدت الإضرابات واتسعت دائرة التوقف عن العمل.. والتعديات والبلطجة واستخدام الأسلحة.. وكل هذا من جانب حفنة من الناس لمصالح شخصية وأغراض خاصة، يخيفون بها الحكومة، التى أعلنت عن ضعفها وعجزها منذ البداية عن اتخاذ أى موقف لأنها قد تراجعت من قبل عن كثير من قراراتها فكشفت عن وجهها الحقيقى من العجز والضعف والهوان. السبب أيضاً أيها السادة أن الوزراء لا يتخذون موقفاً. ولا يصدرون قراراً ولا يمارسون اختصاصاً. ويخشون المسئولية، إذ لا يغيب عنهم دوماً مصير زملائهم من الوزراء السابقين الذين كان مصيرهم الهرب أو نزلاء فى سجن طرة، لهذا يفضلون السلامة، ويؤثرون الأمان، بعدم اتخاذ أى إجراء أو تصرف مسئول.. حتى ولو كان ضرورياً وعاجلاً ومشروعاً.. لأن كلاً منهم لم يعد آمناً على نفسه.. فالأمور مضطربة وغير مستقرة وأنها حكومة مؤقتة.. وقد تنقلب الدنيا فيصبحون فى خبر كان فتعطلت مصالح البلاد والعباد!! لم تشهد المسئولية الوزارية أيها السادة، فى أى نظام دستورى، عندما يخرج علينا أحد الوزراء ليشكوا زميله الوزير إلى النيابة العامة بسبب إخلاله بمسئولياته الوزارية، فأين المسئولية التضامنية لمجلس الوزراء جميعاً عن أى خطأ لأى وزير فى الوزارة، إذ ينسب عندئذ إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، وبما يؤدى هذا الخطأ إلى مساءلتهم جميعاً أمام الناس، لكن ما نراه يؤكد لنا أننا أمام حكومة عاجزة عن مواجهة مسئوليتها حتى أصابت دواليب الحكومة ومصالح الناس بالشلل!! والنتيجة أيها السادة أن الأعمال متوقفة، ومصالح الناس عاطلة، والإنتاج والاقتصاد ودرجة الائتمان فى انحدار، وهو خطر شديد على سمعة مصر بين العالمين، كما أن المصالح العامة والإضرار بالمال العام ومصالح الدولة العليا، بالسماح للفوضى أن تضرب أطنابها فى البلاد ومساعدتها لتتفشى فى أنحاء البلاد، للإضرار بمصالح الدولة واقتصادها وأموالها، بالاعتصامات والتهديد بالقوة حتى ضاعت هيبة الدولة.. وتاهت مطالب تحقيق العدل الاجتماعى والسلام الاجتماعى بين الناس.. كل ذلك بسبب حكومة عاجزة ومصابة بالشلل!! ألا يُساءل أعضاء الحكومة جميعاً أيها السادة، عن الإضرار بالمصالح العامة فى البلاد، وبمصالح الناس واقتصاد المجتمع وبث الفزع بين الناس، بما يتطلب التحقيق عن تلك الأضرار والخسائر الكبرى والتى حددتها الحكومة بنفسها سواء فى ميناء دمياط، أو قطاع الإنتاج أو سوق المال والبورصة وبالمليارات، ألا يتطلب ذلك تحقيقاً عن تلك الجرائم الجنائية التى ارتكبتها أثناء وبسبب أدائها مسئولياتها، حقاً إنه بلاغ إلى من يهمه الأمر ضد مجلس الوزراء. فإلى متى ستظل هذه المهزلة المأساوية ومتى نستفيد من دروس الماضى أيها السادة، ارحمونا يرحمكم الله!!