بعد أن حقق أحفاد قدماء المصريين من شباب ثورة يناير نجاحاً فائقاً بعزم وصبر شديدين، أيقظ الوعي بين أبناء الوطن جميعا، بفضل علم الجينات والوراثة، فصنع أبناء الثورة المعجزات، وتم الكشف عن مواطن الفساد الذي كان صادما ومدويا بين أبناء الوطن.. فكان إيذانا وإعلانا حتميا لمباديء الحرية.. والديمقراطية.. والعدالة الاجتماعية في البلاد. وبعد أن تولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة مسئولية إدارة شئون البلاد.. وأعلن استجابته وحمايته لمطالب الشعب المشروعة.. فأمر باستمرار الحكومة، ثم أصدر أمراً بتعطيل أحكام الدستور، وحل المجلسين، وتولي بذلك السلطة التشريعية والتنفيذية في البلاد، وشكل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور التي تتطلب ترتيبا عاجلا لإعادة أركان الدولة حتي يتمكن المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتحديد موعد للاستفتاء الشعبي عليها يوم 91 الجاري، بعدها أصدر المجلس الأعلي مرسوما قانونيا بتشكيل لجنة قضائية للاشراف علي الاستفتاء، واستمرت الحوارات والندوات تكشف عن اعتراضها لتلك التعديلات بين رافض لها. أو طالب للتأجيل ولمزيد من المداولات. ثم تلاحقت التطورات سريعا.. وانهارت احوال الأمن في البلاد، ثم انتكست حالة الأمن فلم يعد لها وجود في الشارع المصري، وبما استشعر معه الناس الخوف والفزع والذعر، وانتشرت البلطجة والسطو والعدوان علي الاموال والافراد، والتي تقع مسئولية مواجهتها وضبطها بالقوة، وإعادة الأمن للبلاد، علي الدولة بالدرجة الأولي، بل هي أولي مسئولياتها وسر وجودها في الأصل، لأنها الدولة الحارسة، خاصة بعد أن ذاع صيت ملفات الفساد وفزع الرأي العام مما سمع، وصار الحدث والضجيج عاليا بين الرأي العام حتي بلغ درجة العصيان!! وبعد ان عمت الفوضي في البلاد انتهازا لسماحة الدولة وحسن صنيعها واستجابتها للمطالب والاحتجاجات حتي بلغت اعادة تشكيل الحكومة ثلاث مرات فظن الناس فيها ضعفا أو هوانا، أو فقدانا لسلطة القانون.. فازدادت المطالب والاحتجاجات واتسعت دائرة العصيان حتي عمت الفوضي البلاد، فماذا عن غياب الشرطة حتي الآن؟! وماذا عن الحرائق لملفات ومقار جهاز أمن الدولة، في البلاد وفي وقت واحد؟! وماذا عن ظهور الفتن الطائفية بصورة لم يسبق لها مثيل، وماذا عن انتشار التدمير والتهديدات وإثارة الفزع بين الناس من الاخوة المسيحيين او ظهور السلفيين جهارا نهارا مطالبين بدولة دينية في البلاد؟! ثم ماذا عن قطاع الطرق وعصابات البلطجة في كل مكان؟! وماذا عن مظاهرات الجامعات؟! حتي طلبة المدارس وتلاميذ المراحل الابتدائية يحتجون ويتظاهرون؟! وماذا عن المظاهرات الفئوية في كل مكان؟! وماذا عن حريق الجهاز المركزي للمحاسبات؟! وماذا عن كل ذلك واكثر من ذلك مما نسمعه ونراه من قصص وبطولات اعلامية وترويج للبعض وشغل لمناصب أو تزكية للأشخاص ضد المباديء والاصول والاخلاقيات، حتي بدا الامر لايصدقه عقل، وصار واضحا وعلنا امام الناس فأثار الفتن والفزع والاستهجان وعطل المصالح في البلاد!! هذا هو الحال ايها السادة الذي ساد البلاد من ضعف وهوان.. وغيبة سيادة القانون.. حتي فقدت الناس الثقة.. وفقدت الدولة هيبتها، وفقد القانون سلطانه، والذي يتطلب معه حالا ان تستعيد الدولة قوتها وهيبتها ويزداد شأنها حتي تتمكن من حماية مباديء الثورة التي هي ملك الناس في البلاد وإلا ضاعت في الهواء!! ثم هل تسمح حالة الفوضي هذه بإجراء الاستفتاء بعد أيام علي التعديل لبعض مواد حاكمة في الدستورة؟! وهل يسمح ذلك باجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وهما سلطتان رئيسيتان في البلاد؟! وهل يسمح ذلك بإجراء حوارات وندوات علمية في غياب قوة القانون وهيبة الدولة، بعد ان انقلبت الدنيا وصارت الفوضي عارمة في كل مكان؟! وبدا الامر وكأن الساعة قد اقتربت لتتحقق لنا تلك النبوءة التي قالت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس منذ وقت قريب، عن قيام فوضي خلاقة في الشرق الأوسط.. عن طريق اصدقائها والنشطاء، وأنها ترحب بالتعاون مع القوي الشرعية أو غير الشرعية في البلاد، انها حقا حالة من الفوضي المدمرة التي سادت البلاد. ايها السادة.. المجلس الأعلي للقوات المسلحة المسئول عن ادارة شئون البلاد، وأيتها الحكومة المسئولة عن تصريف وتسيير الاعمال، لقد باتت الاولويات عاجلة وحاسمة ومطلوبة بقوة القانون وسلطان الدولة.. والناس.. كل الناس.. تتطلع وقبل الحديث عن تعديلات دستورية أو استفتاء علي المواد أو انتخابات ان يتحقق اولا سلطان القانون.. وان تستعيد الدولة قوتها وهيبتها لتحقيق الامن وادارة شئون البلاد في طمأنينة وأمان أولا وقبل كل شيء وإلا تشوهت مباديء الثورة وطمست معالمها.. واعتبار ذلك عاجلا وقبل فوات الاوان!!