\r\n \r\n فبعد أن طالب أحد كبار المسؤولين التشاديين الأممالمتحدة بنقل اللاجئين إلى أماكن أخرى، قام وفد مُشكَّل من مسؤولين في المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، وبرنامج الغذاء العالمي، فضلاً عن وكالة اللاجئين التشادية بزيارة بعض المواقع وسط تشاد لتقييم مدى قدرتها على إيواء اللاجئين واحتمال نقلهم من المخيمات القريبة إلى الحدود السودانية. ووفقاً لتقديرات \"كورت جوسيم\"، نائب المدير الإقليمي للجنة الإنقاذ الدولية في أفريقيا الشرقية تتراوح تكلفة نقل اللاجئين من أماكنهم الحالية إلى مواقع أخرى بين 900 ألف و1.8 مليون دولار. \r\n \r\n بيد أن المشكلة الأساسية، حسب المراقبين، لا تكمن في التكلفة الباهظة لعملية إعادة الإيواء، التي تسعى إلى تنفيذها الأممالمتحدة وبقية المنظمات العاملة في المنطقة، بل تكمن في الصعوبات اللوجستية المرتبطة بهذه العملية، لاسيما وأنها تأتي في وقت تشهد فيه تشاد موجة متصاعدة من العنف، فضلاً عن امتناع اللاجئين أنفسهم عن الانتقال إلى أماكن أخرى وسط البلاد. وقد أوضح \"جوسيم\" هذه النقطة بقوله \"ليس هناك أصعب من نقل أشخاص من مكان إلى آخر، إذا لم يكونوا راغبين في ذلك، فالصعوبة الكبرى، تكمن في رفض اللاجئين الرحيل من المخيمات إلى مواقع أكثر أمناً\". ويتوقع أن يناقش \"أنطونيو جوتيريس\"، المسؤول في المفوضية العليا للاجئين المشكلة مع مسؤولين حكوميين في تشاد، فضلاً عن عمال الإغاثة خلال زيارته إلى المنطقة التي تمتد على مدى يومين. لكن جل اللقاءات التي عقدها المسؤولون مع اللاجئين في المناطق الحدودية تؤكد شيئاً واحداً يتمثل في رفضهم الانتقال إلى أماكن أخرى. وفي هذا السياق يقول \"عبد الله داهيلي\"، وهو أحد اللاجئين في المنطقة القريبة من الحدود السودانية: \"إنني أريد أن أظل في هذا المكان لأن السودان وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى تعج بالمشكلات والعنف\". ويضيف أحد قادة اللاجئين موضحاً وجهة نظره إنه يفضل هذا المكان: \"لأنه يسهل علي الهرب إلى جبال السودان ووديانه في حال نشوب العنف على الجبهة التشادية\". \r\n \r\n ويبدي المسؤولون في المفوضية العليا للاجئين انشغالاً عميقاً بمخيم \"أور كاسوني\" للاجئين الواقع على الحدود السودانية، والذي يضم أكثر من 26 ألف شخص بسبب قربه من مناطق القتال، فضلاً عن اختراقه من قبل أعضاء بعض الجماعات السودانية المتمردة. ويخشى المسؤولون على وجه التحديد من أن تنظر الحكومة السودانية إلى مخيمات اللاجئين القريبة من حدودها على أنها أماكن تؤوي الجماعات المتمردة التي تحاربها، ومن ثم التعامل معها كأهداف عسكرية مشروعة. وفي هذا الصدد صرح \"أحمد العلمي\"، وزير الخارجية التشادي في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة نجامينا نهاية شهر نوفمبر المنصرم، بأن نقل اللاجئين من المناطق الحدودية من شأنه أن يبدد المزاعم السودانية بأن المتمردين يستغلون الأراضي التشادية المتاخمة كقواعد لشن هجماتهم على قواتها الحكومية. لذا حث وزير الخارجية التشادي على ضرورة إعادة إيواء اللاجئين في المخيمات الإثني عشرة القريبة من الحدود السودانية لنزع فتيل الصراع، ووضع حد للاتهامات المتبادلة بين الحكومتين التشادية والسودانية. \r\n \r\n وسعياً منها إلى تحسين الظروف الأمنية في المنطقة، تقوم الولاياتالمتحدة بالضغط على السودان للموافقة في نهاية السنة الجارية على استقبال قوات دولية في المنطقة، حيث وجهت يوم الأربعاء الماضي تهديداً إلى السودان بهذا الخصوص. وتراوحت الخيارات في حال أصرت الخرطوم على عدم الاستجابة للمطالب الدولية بين فرض حظر السفر على المسؤولين السودانيين، وتجميد الأموال، فضلاً عن فرض مناطق حظر الطيران في دارفور. وفي زيارتهم الأخيرة إلى تشاد اطلع مسؤولو الإغاثة والمفوضية العليا للاجئين على العديد من المناطق الآمنة وسط تشاد التي يمكنها إيواء اللاجئين بعد نقلهم من المخيمات القريبة من السودان، لاسيما وأنها بعيدة عن الحدود بأكثر من 300 ميل، مما يجعلها في منأى عن هجمات \"الجنجويد\". \r\n \r\n ولا يعد المكان مهيأً لاستقبال اللاجئين إلا إذا لبى مجموعة من الشروط والمقاييس التي تضعها المفوضية العليا للاجئين، مثل توفير الماء الصالح للشرب للأهالي، والتوفر على بنية تحتية تساعد على إنشاء مستشفى. والأهم من ذلك تركِّز المفوضية العليا للاجئين على مواقع تسمح تركيبتها الإثنية باستقبال النازحين الجدد، وتضمن التعايش المشترك دون توتير العلاقات بين الجماعات العرقية المتباينة. وفي هذا الإطار أكد فريق الأممالمتحدة الذي يقوم بزيارة إلى تشاد أنه رصد أربعة مواقع تستجيب لهذه المقاييس، وتضمن إيواء اللاجئين دون مشاكل. بيد أن التحدي يبقى دائماً، حسب المسؤولين، في رفض اللاجئين الانتقال من مخيماتهم الحالية القريبة من الحدود السودانية إلى مناطق وسط تشاد. ومع ذلك يعتقد المسؤولون أن المستقبل قد يحمل تغيراً في تلك المواقف، لاسيما إذا تعرضت المخيمات لهجوم القوات الحكومية السودانية، أو الميلشيا التابعة لها. وقد أكدت \"هيلين كو\"، المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين أنه \"ما أن توافق المجموعة الأولى من اللاجئين على الانتقال حتى يتبعها الباقي\". \r\n \r\n لكن إلى حد الآن، لا يبدو أن اللاجئين في المناطق الحدودية مع السودان مستعدون لترك مخيماتهم وهو ما يعقِّد من مهام الفريق الأممي في المنطقة. وتخشى الأممالمتحدة وباقي منظمات الإغاثة الدولية من أن يؤدي اندلاع المعارك على نطاق واسع في المنطقة بين الأطراف المختلفة إلى التسبب في كارثة إنسانية جديدة يروح ضحيتها الآلاف من اللاجئين العُزَّل. \r\n \r\n ريتش شابيرو \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في تشاد \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n