مجلس الشيوخ يحيل عددا من تقارير اللجان النوعية للحكومة    نقيب البيطريين يناقش الأمور المالية والإدارية مع رؤساء النقابات الفرعية (تفاصيل)    تراجع سعر الدولار في البنوك خلال منتصف التعاملات.. كم يبلغ الآن؟    توقيع اتفاقية بين بنك القاهرة ومؤسسة التمويل الدولية بقيمة 100 مليون دولار    محافظ الجيزة: تطوير ورصف طرق 6 أكتوبر بأبو النمرس والمطبعة بالطالبية    شكري: توافق دولي حول عدم توسيع رقعة الأعمال العسكرية في رفح الفلسطينية    "الشيوخ" يعلن خلو مقعد النائب الراحل عبد الخالق عياد وإخطار الوطنية للانتخابات    وزارة الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية قصفت منطقة "بيلغورود" الروسية بصواريخ متعددة الأنواع    مبعوثة أمريكية تأسف لسقوط عدد كبير من الضحايا جراء الفيضانات في أفغانستان    الجزائر: الشعب الفلسطيني يواجه أشرس عدوان عرفته الإنسانية    إيلون ماسك: أقمار ستارلينك تتعرض لصدمة شمسية تؤثر على الشبكات لكنها صامدة    جوميز يحدد موعد تحرك الزمالك لملعب مباراة نهضة بركان    بايرن ميونخ يستهدف التعاقد مع مدرب "مفاجأة"    تعليق مفاجئ من تشافي حول خطة برشلونة في الميركاتو الصيفي    مجلس الشيوخ يبدأ مناقشة طلب خطط التوسع في المراكز الشبابية    إدارة الصف التعليمية تتفقد سير امتحانات النقل للمراحل المختلفة    تحرير 4085 محضرًا وغلق 63 منشأة خلال حملات تفتيشية على الأسواق بالإسكندرية    سقوط تشكيل عصابى تخصص في تزوير المحررات الرسمية بالسلام    السيطرة على حريق سيارة ملاكي أمام محطة وقود بأسوان    رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف: مسجد ومقام السيدة زينب مفتوح أمام كل الزوار    kingdom planet of the apes على قمة شباك تذاكر الأفلام الأجنبية في مصر (بالأرقام)    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان تسلم دليل تنفيذ الهوية البصرية    شمال سيناء: لا شكاوى في امتحانات صفوف النقل اليوم    بنك ناصر يطرح منتج "فاتحة خير" لتمويل المشروعات المتناهية الصغر    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 1445 هجريًا.. ومفاجأة للمواطنين بشأن الإجازة (تفاصيل)    بدءًا من اليوم.. عودة سير القطارات في الاتجاهين بين محطتي «الحمام والرويسات»    لاتفاقهم على تحديد الأسعار.. «حماية المنافسة» يحرك دعوى جنائية ضد 7 سماسرة في سوق الدواجن    تعرف على 11 شرطًا التقديم.. «الداخلية» تُعلن قبول الدفعة العاشرة ب معاهد معاوني الأمن 2024 (تفاصيل)    بالمجان.. متاحف مصر تحتفل باليوم العالمي وتفتح أبوابها للزائرين    "الأوقاف": تطوير مساجد آل البيت علامة مضيئة ومشرقة في تاريخ الدولة المصرية    الجزار يوجه بعدم التهاون مع المقاولين في معدلات التنفيذ وجودة تشطيبات وحدات سكن لكل المصريين    تراجع مؤشرات البورصة المصرية في منتصف تعاملات الأحد    وزيرة التخطيط: 10.6 مليار دولار استثماراتنا مع صندوق مصر السيادي خلال السنوات الماضية    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بمنطقة البدرشين    كاميرون: يجب تنفيذ وقف مؤقت للقتال في غزة    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل سائق «التوكتوك» وسرقته بالفيوم    حكم أخذ قرض لشراء سيارة؟.. أمين الفتوى يوضح    تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة من بطولة العالم للإسكواش    انتحار ربة منزل في غرفة نومها بسوهاج.. وأسرتها تكشف السبب    وزير التعليم العالي : 7 مستشفيات تابعة للجامعات الخاصة في مرحلة متقدمة من الإنشاء والتجهيز    خريطة دينية للارتقاء بحياة المواطن التربية على حب الغير أول مبادئ إعداد الأسرة اجتماعيا "2"    فى احتفالية خاصة تحت شعار «صوت الطفل».. المجلس القومى للطفولة والأمومة يطلق «برلمان الطفل المصرى»    فيلم Kingdom of the Planet of the Apes يتجاوز 22 مليون دولار في أول أيام عرضه    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بقرية زاوية العوامة بالضبعة.. غدًا    السيسي: أهل البيت عندما بحثوا عن أمان ومكان للاستقرار كانت وجهتهم مصر (فيديو)    اليوم.. «تضامن النواب» تناقش موازنة المركز القومي للبحوث الجنائية    ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال اليوم    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    «القاهرة الإخبارية»: القيادة المركزية الأمريكية تسقط 3 مسيرات جنوب البحر الأحمر    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    السادسة والنصف مساء اليوم.. أرسنال يصطدم ب مانشستر يونايتد فى صراع التتويج بالدوري الإنجليزي    مش هروحه تاني، باسم سمرة يروي قصة طريفة حدثت له بمهرجان شهير بالسويد (فيديو)    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    حظك اليوم برج العذراء الأحد 12-5-2024 مهنيا وعاطفيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل حسين أحمد عيسى عاشور مؤسس المختار الإسلامي بعد حياة حافلة بالعطاء والتضحية!
نشر في الشعب يوم 12 - 03 - 2017

في ظهيرة الجمعة الحادي عشر من جمادى الآخرة 1438ه = العاشر من مارس 2017م، رحل عن دنيانا الحاج حسين أحمد عيسى عاشور، مؤسس مجلة المختار الإسلامي ودارها للنشر والتوزيع، بعد حياة تقرب من ثمانين عاما حافلة بالجهاد من أجل الفكرة الإسلامية, والتضحية دفاعا عن الأمة الإسلامية ووجودها ودينها وكرامتها وعزتها.
في أواخر السبعينيات من القرن الماضي رحبت على صفحات "الاعتصام " بالشقيقة الجديدة " المختار الإسلامي" التي وُلدت في حقل الصحافة الإسلامية بقطع مميز ومنهج مغاير للصحف الإسلامية القليلة التي كانت قائمة في ذلك الوقت، ربما كانت تريد السير – في طموح شبابي إسلامي جديد - على نهج المجلة الشهيرة آنئذ ريدرذ دايجست التي كانت تصدر طبعتها العربية أخبار اليوم، وكانت تخاطب الشباب بالدرجة الأولى وتقترب من قضاياهم وأفكارهم .
كان حسين عاشور يومئذ في عنفوان نشاطه الإنساني والفكري، وخاض تجربة الصحافة الإسلامية بجوار مجلة الاعتصام العريقة التي أسسها والده في ثلاثينيات القرن العشرين (1934)، وأداها شقيقه الأكبر حسن ، ورأس تحريرها شقيقه الدكتور محمد، وحملت لواء التصحيح للمفاهيم الإسلامية، ومعارضة الطغيان في العهدين الملكي والعسكري، ومع تواضع الاعتصام طباعة وشكلا وتوزيعا حيث كانت توزع في البداية على أبواب المساجد، إلا إنها كانت تمثل قلقا للسلطات المستبدة، وإزعاجا للطغاة الذين لا يحبون أن يقترب أحد من ذواتهم بكلمة ناقدة أو صرخة غاضبة .
وكان الوالد المؤسس للاعتصام الشيخ أحمد عيسى عاشور – رحمه الله – الذي تخرج في الأزهر ، ولم يعمل في الحكومة ليكون مستقلا في كلمته ورأيه، قد جعل من الاعتصام ميدانا لفرسان الكلمة من علماء الأزهر والكتاب الثوار الذين لا يبغون غير وجه الله ولا يخافون في الحق لومة لائم ولا يسعون إلى شهرة زائفة أو غاية دنيوية رخيصة. أثر ذلك في وجدان الراحل الكريم حسين وملأ كيانه بالرغبة في نهضة البلاد وخدمة الإسلام، لا سيما أنه رأى الاعتصام بقيادة شقيقيه محمد وحسن عاشور وخاصة في عهد السادات تقود المعارضة الحقيقية، وتقفز قفزة جديدة في ميدان التطور الفني والتقني؛ فقد أخذت تطبع في مطابع الأهرام بعد أن كانت تطبع في مطبعة يدوية، وبدأت تعرف الألوان، وراح التحرير يأخذ صورة عصرية جديدة تهتم بالإخراج والعناوين والحروف، لدرجة أن بعض المتابعين أطلقوا عليها اسم روز اليوسف في عهدها الذهبي.
تجربة المختار الإسلامي جذبت الشباب في الجامعات والمدارس، كما طرحت رؤية صحفية مغايرة في الميدان الدعوي الإسلامي، واستقطبت عديدا من الكتاب المميزين، وأخذ توزيعها يزداد وينتشر داخليا وخارجيا، وفي الوقت ذاته كانت دار النشر التي أنشئت بجانبها تقوم بدور فعال في نشر الكتب التي تتناول الفكرة الإسلامية تاريخا وواقعا ومستقبلا وتلقى استجابة من القراء والمكتبات، وخاصة أنها اتبعت طريقة بسيطة ميسرة تعتمد على نشر سلاسل الكتب على هيئة رسائل محدودة الصفحات في حجم الجيب، رخيصة الثمن مما يسهل على الناشئة والشباب الحصول على الفكرة واستيعابها. كما قامت بخطوة مهمة وهي تقديم الكتّاب من العالم الإسلامي والغرب، فعرفنا كتبا للمسلم الهندي وحيد الدين خان، والأسرة الندوية هناك، واحتفت بكتابات المستشرقين الذين أسلموا، ونشرت وثائق مهمة تتعلق بالتاريخ الحديث ساعد في الحصول عيها كتّاب مصريون وعرب يعيشون في بلاد الغرب .
كانت القاصمة التي قصمت ظهر المسلمين في مصر والعالم العرب وبالتبعية الصحافة الإسلامية؛ معاهدة كامب ديفيد التي فرضت سياسة المقايضة بين الإسلام والسلام، ففرضت سياسة تجفيف المنابع- أي محاربة الإسلام واستئصاله (لم تكتف بإقصائه). والتقى خبراء يهود وصليبيون من أميركا ومصر لتنفيذ هذه السياسة، وكان في مقدمة أهداف السياسة أو الخطة: الصحافة الإسلامية، ومع عملية التنكيل بالمعارضين في سبتمبر 1981 واعتقال قيادات المعارضة البارزين، كان القرار الأهم إغلاق الصحف الإسلامية ( الاعتصام، الدعوة، المختار الإسلامي ...) وبالطبع اعتقال القائمين عليها، وأفلت حسين عاشور من الاعتقال حتى ظهر بعد أن تغيّرت الأحوال عقب مصرع السادات في السادس من أكتوبر 1981م، وإن كان شقيقه الأكبر حسن قد عانى ويلات السجن ( الذي كانوا يسمونه تحفظا) حتى تم الإفراج عن المعتقلين.
المشكل الأخطر هو القانون الذي صاغه ترزية القوانين لإكمال خطة استئصال الصحافة الإسلامية صوت الإسلام ولسانه الناطق حيث ربط استمرار رخصة الإصدار الإسلامي بحياة صاحبه. فقد لاحظ الأصدقاء الجدد لدولة الكيان النازي اليهودي أن معظم أصحاب الرخص من كبار السن، وأن الأجل قد اقترب، وبهذا يكون سقوط الرخصة مسألة عادية، أما الحصول على رخصة جديدة فدونها خرط القتاد، وأذكر أن الإخوان المسلمين في عهد الأستاذ عمر التلمساني تقدموا بطلب رخصة لإصدار الدعوة من جديد وفقا للشروط التعسفية التي وضعها ترزية النظام، وحتى اليوم ( ما يقرب من أربعين عاما ) لم تصدر الرخصة ولن تصدر في ظل الهيمنة اليهودية على العالم العربي!
ومع أن الاعتصام والمختار صدرتا مرة أخرى في أوائل عهد مبارك إلا أن الأزمات أخذت تلاحقهما بسبب التضييق ومشكلات التمويل وعدم انتظام الصدور، وتوقفت الاعتصام بعد رحيل الوالد المؤسس أحمد عيسى عاشور عام 1987، ولم تسمح السلطة بصدور العدد الأخير الوداعى الذي يرثي الرجل ويذكر مناقبه .
أما المختار فقد تعرضت لصدمات عديدة غير الأزمة المالية التي عصفت بدار النشر ومطابعها، وكانت وفاة النجل الوحيد لحسين عاشور وهو شاب في مقتبل العمر تاركا وراءه طفلة رضيعة صدمة عنيفة، ولكنه تجاوزها بفضل الله أولا ، ثم بإيمان الواثق وصبر المؤمن على الابتلاء فبارك الله في ابنته التي ساندت أباها، واستمرت مسيرة المختار الإسلامي متعثرة في مناخ معاد تماما للحرية والعقل فضلا عن الإسلام .
حسين غصن في شجرة آل عاشور التي وهبت نفسها للإسلام دفاعا عنه ودعوة إليه، ولقيت مثلما لقي المسلمون المخلصون متاعب عديدة احتسبتها عند الله سبحانه الذي يبتلي ويكافئ. كانت بقية الأغصان تنمو وتتفتح في ميدان النشر وخدمة الناس بالإسهام في شتى ميادين التكافل الاجتماعي والرعاية الصحية ومساعدة الضعفاء والمحتاجين، وما زال الأشقاء يواصلون العمل في ظل الحصار والتضييق ومطاردة كل صوت إسلامي حقيقي، لا يساوم على الدين ولا يبيع نفسه في سوق النخاسة الدولي البشع الذي يستقطب المنافقين والخائنين وأبناء كل العصور!
رحم الله حسين عاشور ، وأنزله منازل الأبرار والصالحين ، وعوض الأمة والإسلام عنه خيرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.