إلى جانب أنواع الاستبداد السياسي وقمع الحريات وسحق الكرامة كانت المعاناة الاقتصادية للملايين من المواطنين العرب من بين أبرز الأسباب التي دعت شعوب تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن إلى الثورة على أنظمة تتهمها هذه الشعوب بنهب الثروات وتهريب عشرات بل مئات المليارات من الدولارات إلى خارج حدود الوطن حيث كان من شأنها إنقاذ الملايين من براثن الفقر. حلقة السبت (1/11/2014) من برنامج "الواقع العربي" سلطت الضوء على قضية الأموال العربية المنهوبة، وآليات استعادتها من الخارج، والفرص الضائعة على عملية التنمية في البلدان التي تضررت جراء تهريب المليارات إلى الخارج. رئيس تحرير الملف الاقتصادي بصحيفة العربي الجديد مصطفى عبد السلام قال إن الحكومات العربية لن تظهر رغبة حقيقية في استرداد الأموال المنهوبة، موضحا في الوقت نفسه أن البنوك الغربية ليس من صالحها إعادة هذه الأموال حيث يمكنها وضع يديها عليها مستقبلا. وأضاف عبد السلام أنه "لا توجد إرادة سياسية لدى الحكومات التي أتى بها الربيع العربي لاسترداد الأموال المنهوبة". واستنكر عدم صدور أحكام قضائية نهائية تمكن دول الربيع العربي من استرداد أموالها المهربة للخارج، مؤكدا وجود علامات استفهام حول سبب عدم صدور أحكام نهائية في هذا الصدد. وأفاد عبد السلام بعدم وجود أرقام رسمية للأموال المنهوبة المهربة إلى الخارج، لكنه ذكر أن التقديرات تتراوح بين ثلاثمائة وخمسمائة مليار دولار، منها اعتراف رسمي ليبي بتهريب العقيد معمر القذافي نحو مائتي مليار دولار. وأوضح عبد السلام أن مصر هربت منها عشرات المليارات من الدولارات للخارج، وكذلك اليمن الذي تشير التقديرات إلى تهريب سبعين مليار دولار إلى خارج البلاد، في حين تأتي تونس بالمرتبة الأخيرة من حيث حجم الأموال المنهوبة المهربة للخارج. تقصير : وفي نفس السياق ، قال محمد الفاضل السائحي مستشار وزير العدل التونسي السابق إن جهد بلاده على هذا الصعيد لم يكن على المستوى، والتقصير في عملية استرداد الأموال ليس من الدول المستضيفة للأموال المهربة. وأكد السائحي أن "عملية الاسترداد شاقة وتستدعي حشدا ودعما سياسيا وعدم التعويل على السبيل القضائي فقط." وبحكم عمله في هذا الملف، أقر المستشار التونسي بوجود صعوبة في تحديد الأموال المهربة للتقدم بطلب لتجميدها تمهيدا لاسترجاعها في نهاية المطاف. وشدد على أهمية الضغط على الدول المستضيفة للأموال وإشراك منظمات المجتمع المدني في هذا الملف واستغلال علاقاته بالمنظمات الدولية لممارسة هذا الضغط.