الاحصائية التي جاءت علي لسان نائب رئيس غرفة الصناعات الغذائية من 80% من المصابين بالفشل الكلوي والسرطان يأتي من تناولهم للأغذية الفاسدة والملوثة المنتجة من المصانع العشوائية فتحت من جديد ملف هذه الصناعة التي تحولت الي مصدر للتلوث بدلاً من ان تكون مصدراً آمناً للغذاء. "المساء الأسبوعية" ناقشت القضية مع المتخصصين فأكدوا ان الدراسات أكدت ان ما يتراوح من 70 إلي 80% من الصناعات الغذائية عشوائية ما يجعلنا نعيش كارثة صحية والكل صامت رغم الاخطار التي نعيشها حيث طغت السياسة علي كل شيء ولا أحد يهتم أو يتحرك للحفاظ علي أرواح المواطنين. قالوا انه لا علاج بدون تقنين حقيقي للمصانع العشوائية وتقديم الاغراءات المناسبة التي تشجعهم علي الاندماج في المنظومة الرسمية وأيضا الابتعاد عن ملاحقتهم أمنياً. أشاروا إلي ضرورة تفعيل دور الجهات الرقابية وانشاء هيئة سلامة الغذاء لكي تتولي ادارة المنظومة بالكامل. * المهندس محمد فرج عامر- رئيس جمعية مستثمري برج العرب قال ان العشوائيات ضربت الصناعات الغذائية بصفة عامة وانتشر فيها الغش بصورة غير مسبوقة ومخيفة تمثل كارثة صحية وخاصة بعد ثورة يناير حيث اختفت المتابعة والمراقبة تماماً بعد ان كانت ضعيفة بعض الشيء.. والأمر لا يقتصر علي صناعة بعينها بل يشمل كل الصناعات الغذائية بلا استثناء. أضاف الكارثة ان الرقابة فقط علي المصانع الكبري رغم ان انتاجها يصدر للخارج وبالتالي هو يراعي ويلتزم بالمواصفات القياسية سواء المصرية أو الدولة وأهملت الجهات الرقابية تماماً ما يعرف بمصانع بير السلم أو المصانع الصغيرة. أكد أنه اكتشف في أحد الممرات قيام أحد الأشخاص بجمع زجاجات الفوارغ لمنتجاته واعادة تعبئتها من جديد بمشروبات أخري غير معلومة المصدر ومليئة بالملوثات مما يؤثر علي صحة المواطن ويسيء في نفس الوقت الي المنتج الأصلي. أشار الي ان الصناع الكبار والغرفة ليسوا ضد المصانع الصغيرة أو غير المقننة ولكنهم ضد المنتج الرديء غير المطابق للمواصفات الذي يزيد من الاصابة بالأمراض الفتاكة بداية من الاسهال علي سبيل المثال وانتهاء بالفشل الكلوي والسرطان الذي يكلف الدولة مليارات الجنيهات سنوياً. أوضح ان المشكلة ليست وليدة اليوم ولكنها في تزايد مخيف ونحن كصناع نحاول البحث عن حل مع الوزير المسئول دون ان يتحرك ونحن في نفس الوقت كغرفة ليس لنا صلاحية العقاب أو تقنين أوضاع ولكن دورنا تقديم المقترحات والتوصيات التي تذهب هباء رغم الجهد الذي يبذل فيها ولكن في النهاية صانع القرار لا يحرك ساكناً. أشار إلي ان منظومة الرقابة لابد ان تتغير تماماً كجهة مثل الرقابة الصناعية ليس لها أي سلطة علي المنتجات أو المنتجين بدليل امتلاء السوق بمنتجات مجهولة المصدر وغير مدون علي العبوة أي بيانات. وضع كارثي * د. حسين منصور- رئيس وحدة سلامة الغذاء بوزارة الصناعة وصف الوضع بزنه كارثي قائلاً: منذ 7 سنوات ونحن نحذر من انتشاغر العشوائية في مصانع الغذاء بكافة أشكالها بداية من اللحوم ومروراً بالألبان وانتهاء بالجبن والأخطر ان الزمر ليس مقصوراً علي المصانع بل ان منظومة تداول المنتجاتالغذائية منذ زراعتها وجمعها ونقلها وقبل تغليفها تتسم بالعشوائية الشديدة. أضاف لقد قمنا كوحدة سلامة الغذاء بتجميع تجارب الدول سواء العربية أو الأجنبية في الحفاظ علي سلامة الغذاء ووضعناها أمام المسئولين لعلاج الخلل الموجود لدينا ولكن بكل أسف الأحداث السياسية طغت علي الأحداث بشكل غير مسبوق ولا أحد يهتم بما يمكن ان يقع من كوارث بسبب اهمال هذا الجانب الهام. أوضح ان الخسارة من وراء هذه الظاهرة مباشرة وغير مباشرة والمباشرة تتمثل في التكلفة الباهظة عن علاج الامراض الناتجة عن تلوث الغذاء ولا تستطيع ميزانية الدولة تحملها مع الزيادة المضطردة فيها بشكل كبير وغير مباشر في ان هذه الامراض الخطيرة تصيب أفراداً في سن الشباب يمثلون طاقة انتاجية هامة تتعطل بسبب الاصابة بالمرض ويتحولون من عائل لأسرهم ليصبحوا عبئاً عليهم وعلي الدولة حيث ان 40% من ميزانية وزارة الصحة تذهب لعلاجهم. أشار إلي أنه أجريت دراسات عديدة في هذا المجال وأثبتت أن أنواع الملوثات الغذائية متعددة وأخطرها يؤثر علي أجهزة الجسم الحيوية مثل الكلي والكبد والمخ وهو ما يستدعي الانتباه جيداً لهذا الخطر والتصدي له بكل حزم دون تهاون. أضاف ان الأمر لا يقتصر علي مصانع بير السلم والمصانع العشوائية فقد أظهرت الدراسات ان 80% من الغذاء المتداول بصفة عامة مصاب بالبكتريا والملوثات التي تنمو في درجة حرارة تتراوح من 6 إلي 60 درجة مئوية خاصة وأننا لا نهتم بمنظومة النقل والتداول والحفظ ومن ثم يصبح من السهل ان تسلل البكتريا الي الغذاء لتصيب الجميع بالامراض وتتسبب في خسائر لا حصر لها. واقع الصناعة * المهندس أيمن قره- عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات قال ان المشكلة الاساسية ان 70% من حجم الصناعات الغذائية غير مرخص وبعيد عن منظومة الاقتصاد الرسمي وبالتالي داخل هذه النسبة عدد من المصانع لا يستهان به انتاجها ملوث ونحن حتي لا نعرف عدد هذه المصانع لأنه من الاساس يوجد تضارب في الحصر الكامل لهذه المصانع ونحن كغرفة ليس لدينا احصائية نهائية في هذا المجال. أضاف ان القضية الرئيسية ليست الغش رغم خطورته القاتلة ولكن طالما لا يوجد تقنين للمصانع العشوائية وتطوير منظومة ستظل المشاكلة قائمة ولن نستطيع مهما اتخذنا من اجراءات محاصرتها. أوضح ان العلاج يجب ان يشمل الحد من الجهات التي تتعامل معها المصانع فلا يعقل ان يوجد عندنا 28 جهة لاعطاء موافقات علي العمل فهذا يمثل تضارباً ينعكس سلبياً علي قطاع الصناعات الغذائية بصفة عامة وهو ليس له مثيل في أي دولة من دول العالم فقد راجعنا كل التشريعات في هذا المجال وتبين ان النظام الأمثل هو وجود جهة رقابية واحدة مسئولة عن ادارة المنظومة من اعطاء الرخص والرقابة في نفس الوقت وهي تقوم بواجبها علي أكمل وجه مما يؤدي الي تطور الصناعات الغذائية في كل الدول سواء العربية أو الأجنبية. أضاف أننا كمسئولين بالغرف الصناعية تقدمنا أكثر من مرة برغبتنا لانشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء لتكون مسئولة عن المنظومة بالكل ولكن للاسف لم يستمع أو يستجيب أحد رغم ان التأخير يعني المزيد من الخسائر وتراجع هذا القطاع. قضية عشوائية * د. محمود عيسي- وزير الصناعة الأسبق يؤكد أن قضية عشوائية الصناعة لها العديد من الاسباب منها علي سبيل المثال غياب الرقابة الفاعلة والزهم هو عدم محاولة استيعاب الصناعات الغذائية غير المقننة والاعتماد علي الاسلوب البوليس والمحاصرة فالتجربة أثبتت عدم جدوي هذا الاسلوب. أضاف لقد حاولت أثناء توليتي مسئولية معهد الجودة قبل الوزارة التصدي لهذه الظاهرة من خلال الاتصال باصحاب هذه الصناعات وقمنا بالفعل بعقد مجموعة من اللقاءات في منطقة شهيرة بهذه الصناعات وهي منطقة باسوس بالقليوبية ووجدنا رغبة لدي الكثيرين في تقنين أوضاعهم والخضوع للمنظومة الرسمية والاندماج فيها بشرط ان يشعروا أولاً بالامان وعدم مطاردتهم دون تقديم البديل لهم. أوضح ان معظم طلبات هؤلاء تمثلت في تسهيل الاجراءات من خلال ما يعرف بالشباك الواحد بحيث ينهي صاحب المنشأة التراخيص في مكان واحد وكذلك تخفيض رسوم استخراج التراخيص ورسوم التشغيل بحيث لاتتحول الي عبئاً عليهم. أيضاً طالبوا بان يتم اعفاؤهم من الضرائب المتأخرة أو علي الأقل تقسيطها حتي يستطيعوا سدادها وبذلك نضمن ان يمثلوا دخلاً للدولة بدلاً من ان يكونوا مصدراً للعشوائية والامراض من خلال المنتجات الملوثة التي يطرحونها في الاسواق ولا تخضع لأي معايير أو ضوابط. أزمة كبري * د. محمد الحسيني عبدالسلام- استشاري الصناعات الغذائية والاستاذ بالمركز القومي للبحوث قال اننا نعيش في مصر أزمة كبري تتمثل في تضارب الأرقام فالدراسات لا تعبر بصدق عن واقع المشكلة التي نعيشها خاصة في مجال الصناعات الغذائية.. كذلك نعاني من تضارب التصريحات حتي داخل الجهة الواحدة مما يخلق البلبلة لدي المصنعين. أضاف المؤكد ان هناك مصانع عديدة تعرف بما يطلق عليه بير السلم ولكننا لانمتلك حصراً كاملاً ودقيقاً لها فلم نسمع يوماً عن أرقام واضحة من الجهات الرقابية المسئولة ولا يقدمون لنا الأنسب مثل أن العشوائية في صناعات الأغذية تتراوح من 70 إلي 80% كما ان حجم الانتاج لهذه المصانع غير معروف. أوضح المشكلة الرئيسية ان هذه المصانع تنتج لنا يومياً الاف الاطنان من مختلف المنتجات الغذائية التي يتناولها ملايين البشر يومياً ويتحولون الي مرض تتحمل الدولة مليارات الجنيهات لعلاجها.. وطالب بتوحيد الجهات الرقابية ومساعدة الصناعات العشوائية علي تقنين أوضاعها ثم بعد ذلك عدم السماح بأي مخالفة من البداية حتي لو كانت بسيطة حتي لا تستفحل وتصل الي ظاهرة كما هو حادث الان.