80% من السلع الغذائية المطروحة في الأسواق مجهولة المصدر.. تلك هي الحقيقة التي أعلنها مؤخرا صفوان ثابت عضو مجلس إدارة الغرفة وعكستها تأكيدات عدد كبير من الصناع وخبراء الطب والتغذية ممن يجزمون بأن جزءا كبيرا جدا من السلع والمواد الغذائية التي يتم تداولها بالأسواق ويتعامل معها يوميا الآلاف من المواطنين، هي سلع يتم تصنيعها بواسطة مصانع أقل ما توصف به أنها مصانع "تحت بير السلم" لا تمتلك شهادات صحية أو مواصفات للجودة، ولا يمارس عليها أي نوع من أنواع الرقابة، ومن ثم تصبح منتجاته مشبعة بسموم وأمراض قاتلة، فضلا عن أن تلك المصانع. لا تتحمل أية أعباء أو التزامات خاصة بمسئوليتها تجاه الدولة والمجتمع من حيث تسديد ضرائب وتأمينات وجمارك وما شابه. ومصانع بير السلام مشكلة قديمة جديدة تفاقمت خطورتها في السنوات الأخيرة وخاصة تلك المنتجة للسلع الغذائية، حيث يغلب علي معظمها الغش التجاري وعدم الالتزام بالاشتراطات الصحية لضمان سلامة الأغذية المنتجة وبالرغم من عدم وجود احصاءات دقيقة لعددها فإن بعض الأرقام غير الرسمية تشير إلي أن ما بين 70% إلي 80% من المنتجات الغذائية المطروحة في الأسواق من إنتاج بير السلم، ومعظمها من الألبان ومنتجاته والصابون والمياه الغازية والمعدنية واللحوم المصنعة. ويرجع هذا التنامي في المصانع العشوائية إلي ضعف الرقابة علي الأسواق واصرار المستهلك المصري علي شراء السلع الرخيصة بغض النظر عن صحتها، وهو ما يعرضه للمخاطر الصحية ويؤثر علي الاقتصاد القومي والصناعة المحلية. غير أن إنشاء هيئة سلامة الغذاء واعتزام الحكومة إصدار قانون جديد لسلامة الغذاء سيكون إحدي مهامه الأساسية مقاومة السلع المغشوشة وغير المطابقة للمواصفات والمنتجة في مصانع بير السلم قد تعد أولي خطوات القضاء علي هذه المشكلة الخطيرة. وقد حذرت غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات مرارا من انتشار ظاهرة المصانع العشوائية التي تعمل تحت بير السلم وتستخدم النماذج الصناعية والعلامات التجارية المملوكة للغير بدون إذن وخداعا للمستهلكين، حيث يشرع القائمون عليها في تعبئة واستخدام العبوات المستعملة وطرحها بالأسواق مرة أخري، مما يعرض المستهلكين للمخاطر الصحية، وهو أمر يعد في حكم الغش والتدليس ويعاقب عليه القانون، إلي جانب الإساءة لسمعة منتجات الشركات والمصانع المسجلة نتيجة استغلال اسم وعلامتها التجارية في منتج رديء. ويقول مختار الجمل عضو الغرفة إن مصنع بير السلم نتاج مجتمعي لنظام قائم يعني خللا في منظومة الرقابة والقوانين جعلت الكثير من أصحاب هذه المصانع يلجأون للصناعات غير المراقبة، هربا من الرقابة والتي هي في الحقيقة غير فاعلة، مضيفا أننا نمر بفترة مرحلية تستلزم عدة إجراءات مهمة وهي إعادة صياغة القوانين وتكوين منظومة رقابية جديدة تتولي قضايا الغذاء، ويتسع دورها لتصبح منظومة تنموية ترفع من مستوي المصانع والصناعات. ومن الضروري كذلك وجود حملات لتوعية المستهلك بنوعية الأغذية الموجودة، علي أن يتزامن ذلك كله مع تطوير قطاع التجارة الداخلية. ويتساءل أعضاء غرفة الصناعات الغذائية عن سبب تأخر إصدار قانون هيئة سلامة الغذاء بعد كم المناقشات التي تمت لصياغته. وعبر بعضهم عن دهشتهم من أن تأخر دور القانون يرجع لخلافات إدارية حول تبعية الهيئة مستقبلا، هل ستكون تابعة لوزارة التجارة والصناعة، أم لوزارة الصحة، أم ستوكل مسئوليتها لرئاسة الوزراء مباشرة. وإلي جانب القانون فإن من أهم وسائل مواجهة مصانع بير السلم هي تحديد تلك المنشآت المنتجة لهذه السلع تمهيدا لتفعيل وردها وتحويلها إلي قيمة مضافة للاقتصاد القومي، من خلال تدريب عمالة بير السلم علي الأساليب والطرق المثلي في التصنيع، وكذلك توفير البيئة المناسبة للإنتاج حتي تكون جاهزة للدخول في منظومة العمل الرسمي ويتم اخضاعها للرقابة والمتابعة إن كانت غير مطابقة للمواصفات فيتم سحب المنتجات من الأسواق، ولكن إذا كانت غير صالحة للاستخدام فيتم اخضاعها لإجراءات أخري، وتتم معاقبة الموزع والمنتج للمستلزمات الفاسدة، بنص المادة رقم 67 لسنة 2006 والتي تلزم المنتج والعارض إبلاغ الجهاز عن المنتجات المعيبة واضرارها المحتملة، ويعلن عن توقفه عن التعامل بشأنها وتحذير المستهلكين من استخدامها. وطلب من المواطنين أن يكون لهم دور في محاربة جميع أشكال الغش التجاري والصناعي في الأسواق وذلك باخطار الجهاز بأي نوعيات غش يتعرضون لها، مشددا علي أن الغذاء المصري وللأسف الشديد تسيطر عليه العشوائيات والجهات الرقابية غير الفاعلة، والثمن يدفعه المواطن العادي من صحته والمصنع أو المنتج الشريف والملتزم من ماله.