استوقفنى مشهد رجل معاق من سكان الضاحية التى أقطن بها، وقد بترت قدماه منذ عدة سنوات قريبة بسبب مرض السكر، وهو يجلس كالمعتاد على كرسيه المتحرك الذى اعتدنا أن نرى معظم المعاقين أو المصابين يجلسون عليه، ويستطيعون تحريكه فى أى اتجاه بمساعدة أيديهم إن لم يكن معهم من يقوم بدفعهم للاتجاه الذى يريدون! وحقيقةً ما استوقفنى هو تذكرى لنفس الرجل منذ فترة وهو يجلس على كرسى آخر غيره يستخدم كدراجة بمحرك يدوى يمكنه كمعاق بشكل أيسر بكثير من التنقل بشكل أفضل دون الحاجة لمساعدة من يدفعه خارج منزله! والذى رآه البعض يستخدمه فقط لعدة أيام!! الأمر الذى أثار فضولى الصحفى لأذهب إليه وأسأله عن تلك الدراجة الأخرى وما قصتها؟! حيث كانت صدمتى عندما علمت أن أحد الأشخاص الوهميين قد تبرع له بها من خلال أحد البرامج التليفزيونية التى تبث عبر الشاشات الفضائية! حيث قام مقدم البرنامج بالتعاون مع فريق العمل بتصوير الرجل وهو يتسلم الكرسى الدراجة، وبالفعل تركوه له عدة أيام ثم عادوا وأخذوه منه بحجة أن البرنامج فقط يسمح له باستخدامه مدة أسبوعين لا أكثر! ليذهبوا بالطبع به إلى معاق آخر ويقومون بتصويره أيضًا لزوم الشو الإعلامي! وأنا لا أشكك فى كل البرامج الخيرية التى تقدم عبر الفضائيات، ولكن من خلال مهنتى كإعلامية أستطيع أن أؤكد أن هناك العديد منها مزيف ومفبرك ويستخدم للنصب على المواطنين البسطاء الذين هم بالفعل بحاجة إلى المساعدات المادية!! ومن هنا أنوه محذرة مرارًا وتكرارًا من تلك البرامج، وعلى كل متابع لهذه البرامج أن يتحرى الدقة قبل الإقدام على التبرع لتلك الجهات، فكثيرًا منها تكون مشبوهة وبعضها لأشباه إعلاميين، والبعض الآخر لشخصيات من المفترض أنها إعلامية أو فنية، إلا من رحم ربي.. وحسبنا الله ونعم الوكيل فيمن يتلاعب بظروف الناس الصحية والمادية.