يتواصل الجدل في مصر حول مشروع قانون محاربة الإرهاب، الذي من المنتظر أن يقره الرئيس السيسي بهدف تطبيقه. وقد أثارت المادة 33 من القانون غضب الصحفيين الذين يرون في ذلك محاولة من قبل النظام لخرق مبدأ حرية الصحافة. لازال الجدل قائما في مصر حول مشروع القانون الجديد للإرهاب الذي يصفه المنتقدون بأنه يمنح الشرطة حصانة للإفلات من العقاب ويفرض رقابة على الإعلام ويحد من الحريات. وقد تسببت خاصة المادة 33 من مشروع قانون الإرهاب، الذي أعدته الحكومة وتم رفعه للرئيس عبد الفتاح السيسي لاعتماده، في أزمة عاصفة بين الصحافة والحكومة ، حيث إنه يتضمن موادا تجيز حبس الصحفيين. المادة 33 تنص على أنه "يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن مدة سنتين، كل من تعمّد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن". ويأتي القانون في سياق رد فعل الدولة على التغطية الأخيرة لهجمات الفرع لتنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال سيناء مطلع الشهر الجاري. ووفقا للمادة 33 أصبح من الممكن للسلطات اتخاذ إجراءات قانونية ضد الصحفيين الذين ينشرون حصيلة "خاطئة" للقتلى من بين قوات الجيش في هجمات الجهاديين عند تناقضها مع حصيلة البيانات الرسمية. نقابة الصحفيين ترفض مشروع القانون وانتقدت نقابة الصحفيين المشروع الجديد في بيان أصدرته الأحد (السادس من يوليو 2015) قائلة بأنه "محاولة لتقويض حرية الصحافة بدعوى محاربة الإرهاب"، مضيفة بأنه "يفتح الباب لمصادرة حرية الصحافة، وإهدار كافة الضمانات التي كفلها القانون للصحفي". وأضافت النقابة المادة 33 من مشروع القانون "تجعل من السلطة التنفيذية رقيبا على الصحافة وحريتها، ومعيارا للحقيقة". وشددت على ان "محاربة الإرهاب لا تكون بمصادرة الحريات العامة، وفي القلب منها حرية الصحافة والإعلام"، داعية الى اجتماع طارىء "للتصدي للمواد المتعلقة بالصحافة" في مشروع قانون مكافحة الإرهاب. من جهتها، نقلت وكالة فرنس برس عن مسئولين مصريين لم تكشف عن هويتهم قولهم، بأن هذه المادة تتطلب وجود دليل على "تعمد" و"سوء نية" للتقارير الصحفية التي تتضمن أرقاما لقتلى الجيش متناقضة مع البيانات الرسمية. وفي سياق متصل، قال وزير العدل أحمد الزند في حديث مع وكالة فرنس برس "لا بد من أن تكون هناك ضوابط. الدولة تتحمل مسؤولية الدفاع عن المواطن حيال المعلومات الخاطئة". وأعرب الزند عن أمله في أن "لا يتم فهم ذلك على أنه تقييد لحرية الاعلام. نحن نتحدث عن الأرقام (في حصيلة القتلى)." وأفاد الزند أن التغطية الأخيرة لهجمات الفرع المصري لتنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال سيناء في مطلع تموز/يوليو ساهمت في تشريع هذا القانون. وكان المتحدث باسم الجيش المصري قد أعلن عن مقتل 21 جندي و100 من المسلحين في اشتباكات استمرت تقريبا طوال يوم الاربعاء الماضي. واتهمت الحكومة الإعلام الأجنبي الذي نشر حصيلة قتلى أعلى بالمبالغة في عدد ضحايا الجيش. وذكر وزير العدل بأن "يوم الهجوم في سيناء نشرت بعض المواقع 17 ثم 25 ثم 40 ثم 100"، معتبرا بأن ذلك يؤثر على "الروح المعنوية" للبلاد. الصحافة الألمانية: مشروع القانون تقييد لحرية الصحافة ومن المتوقع أن يوافق الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي توعد بتشديد القوانين وتحقيق عدالة ناجزه بعد اغتيال النائب العام هشام بركات الأسبوع الماضي، على مشروع القانون الذي سيطبق لمواجهة المسلحين الذين يهددون استقرار البلاد منذ إطاحة الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي في 2013. كما قوبل مشروع القانون بانتقادات من قبل الصحافة الألمانية، حيث كتبت مثلا مجلة دير شبيغل الألمانية قائلة: "بعبارة أخرى، فإن (مشروع القانون) يعني أن الصحفيين في مصر قد يواجهون عقوبة السجن إذا ما قاموا بنشر تحقيقاتهم المستقلة." كما كتبت زود دويتشه تسايتونغ قائلة: "حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي تريد فقط نشر رؤيتها للواقع." الجدير بالذكر أن مشروع القانون الجديد يمنح أيضا لرجال الشرطة المنخرطين في حملة القمع التي تشنها السلطة ضد الإسلاميين حماية أكبر من الملاحقة الأمنية. كما ينص على معاقبة كل من أنشأ ومول جماعات "إرهابية" ، حيث تم تعريفها بشكل مبهم، كما يعاقب مشروع القانون المروجين "للإرهاب" على مواقع التواصل الاجتماعية بالسجن لخمس سنوات. وكان المجلس الأعلى للقضاء قد طالب الحكومة المصرية بإعادة النظر في أجزاء من مشروع قانون، حيث اعترض على إنشاء محاكم مختصة بقضايا الإرهاب، معتبرا أنه من الممكن أن تنظر فيها محاكم الجنايات العادية. كما اعترض على نص يجيز حضور المحامين دون متهمين في جلسات المحاكمة . ولكنه وافق في الوقت نفسه على غالبية مواد مشروع القانون ومن بينها المادة 33 التي تجيز سجن صحفيين لنشرهم تقارير تعتبرها السلطة العسكرية مخالفة لوجهة نظرها.