"مصر متهمة بشن اعتداء وحشي على حرية التعبير، بعد إعداد قانون يجرم نشر أي إحصائيات تتعلق بالإرهاب تختلف عن البيانات الحكومية"، هكذا علقت صحيفة "الجاريان" على المادة 33 من قانون مكافحة الإرهاب. وأفاد التقرير، الذي أعده المراسل باتريك كينجسلي، الاثنين، أنَّ "قانون الإرهاب الجديد، الذي ينتظر فقط موافقة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يحتوي على مادة تقضي بحبس الصحفيين عامين على الأقل إذا نشروا أرقامًا تتناقض مع إحصائيات المؤسسات الحكومية، مثل التي ينشرها الجيش". المادة المذكورة تحظر على الإعلام الدولي كذلك "نشر أخبار أو بيانات زائفة عن أي عمليات إرهابية تتناقض مع البيانات الرسمية التي تنشرها السلطات المعنية"، حسب الصحفية. وتأتي الخطوة، والكلام للصحيفة، في أعقاب "الهجمات المميتة" الأخيرة في سيناء، التي شنها ما يُعرف ب"ولاية سيناء"، التنظيم المؤيد لتنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميًّا ب"داعش"، الذي "فشل بشق الأنفس في الاستيلاء على مدينة الشيخ زويد في سيناء، بعد أن قتلوا عددًا من الجنود المصريين". من جهته، نفى الجيش أن يكون عدد الخسائر البشرية جراء هجمات سيناء الأخيرة بين صفوفه قد تجاوز 17 جنديًّا، ووجَّه انتقادات لوسائل الإعلام الأجنبية جرَّاء نشر تقارير تتضمن أعدادًا أكبر ومضت تقول: "استند المسؤولون على تلك الانتقادات في صياغة القانون الجديد، طويل المحتوى، والذي يتألف من نص طويل يتضمن توسيعًا لنطاق العقوبات على الاتهامات الأخرى المتعلقة بالإرهاب". من جانبه، أدان جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، القانون مشبهًا إياه ب"الممارسات النازية". وعلق عيد قائلاً: "نحن نواجه مادة تحول الإعلام إلى جوبلز (وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر وألمانيا النازية)، حيث الرأي الواحد، والرواية الواحدة. الأمر الذي يقف ضد حرية الصحافة، لا سيما تلك التي تلتزم بالمعايير النقدية والمهنية". ونقلت وكالة فرانس برس عن وزير العدل المستشار أحمد الزند قوله: "لا يوجد خيار إلا فرض بعض المعايير. واجب الحكومة حماية مواطنيها من المعلومات الخاطئة، آمل ألا يفسر أي أحد ذلك باعتباره تقييدًا على حرية الصحافة، الأمر فقط يتعلق بالأرقام". واستطرد التقرير: "القانون الجديد هو أحد مظاهر الصدام بين الحكومة التي تتزايد درجة استبدادها، وما يتبقى من المجتمع المدني المستقل، منذ أن عزل الجيش الرئيس الإخواني محمد مرسي من السلطة، قبل عامين، حيث دأبت الحكومة على استخدام ذريعة محاربة موجة من التمرد أسفرت عن قتل المئات من العناصر الأمنية والعسكرية لإطلاق العنان لموجة من التشريعات يصفها خبراء القانون بأنها الأكثر تقييدا منذ خمسينيات القرن المنصرم". وعلاوةً على ذلك، والكلام للصحيفة، ألقت الشرطة القبض على الآلاف، أغلبهم من أعضاء المعارضة الإسلامية، كما قتلت أكثر من 1000 محتج، وقلصت أنشطة منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية. وتابعت: "بعد اغتيال النائب العام الأسبوع الماضي، وعد السيسي بالحد من حق الاستئناف، وهو التعهد الذي وصفه البعض بأنه محاولة جادة لتسريع وتيرة عقاب الإرهابيين، لكنه نال إدانة من حقوقيين، حيث اعتبروه محاولة مستترة لتقليص الحقوق القانونية الأساسية" ونوَّه كينجسلي إلى تأييد نسبة كبيرة من الإعلام الحكومي والخاص للحكومة، واستدرك: "لكن الصحفيين الذين يناقشون يتعرضون للاستهداف في إطار الحملة القمعية، ثمة 18 صحفيًّا على الأقل يقبعون في السجون المصرية، وفق لجنة حماية الصحفيين. والشهر الماضي، بحسب الجارديان، اضطر مراسل صحيفة "الباييس" الإسبانية ريكارد جونزاليس إلى الهروب من مصر، وعزى ذلك إلى تلقيه تحذيرات من دبلوماسيين أسبان، بأنَّه يواجه خطر الاعتقال في مصر. ومنذ أن تقلد السيسي سدة الحكم، دأب المسؤولون على توجيه انتقادات للصحفيين الأجانب، لنقل تقارير تخالف تلك التي تصدرها الحكومة. وفي أحدث مثال على ذلك، انتقدت وزارة الخارجية المصطلحات التي يستخدمها المراسلون في وصف "داعش"، واقترحت استخدام نعوت مثل "الجزارين، والجلادين، والسفاحين، وسافكي الدماء، المدمرين".