تواصلت رحى الحرب التي تخوضها الأحزاب والقوى المدنية ضد حزب "النور" السلفي، والتي ترمي إلى إبعاده من المشهد السياسي، وسط مخاوف من تكرار الحزب لفوزه اللافت في أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 25يناير 2011، والذي وضعه خلف "الإخوان المسلمين" كثاني أكبر كتلة برلمانية، قبل أن تصدر المحكمة الدستورية حكمًا ببطلان البرلمان في عام 2012. كانت البداية مع إطلاق صابر عمار عضو لجنة الإصلاح التشريعي المعينة من رئيس الجمهورية تصريحات تطالب بضرورة تأجيل انتخابات مجلس النواب القادم باعتبار أن "إجراءها في هذا التوقيت سيقدم البرلمان على طبق من ذهب لحزب النور ويعيد سيناريو هيمنة جماعة الإخوان". ورد الحزب ببيان اتهم فيه عمار بافتقاد الحيدة التي تفرضها عليه عضويته في لجنة الإصلاح التشريعي، مطالبًا باستبعاده من عضويتها والتشديد على أعضائها بعدم تبني أي طروحات سياسية أو إظهار انحياز لأي فصيل سياسي أي كانت خلفيته. فيما تم تجاهل دعوة حزب "النور" إلى الاجتماع الذي عقده المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الخميس الماضي مع رؤساء وقيادات الأحزاب السياسية، ما اعتبر نوعًا من الدعم الحكومي غير المباشر للقوى مسماة بالمدنية التي لا تخفي عداءها للحزب وسعيها لتهميش دوره. إلا أن الحزب لم يترك الأمر يمر مرور الكرام؛ إذ انتقد رئيسه الدكتور يونس مخيون، تأخر رئاسة الوزراء في توجيه الدعوة للحزب لحضور الحوار مع محلب، مؤكدًا أنه سيقاطع الحوار حال عدم معاملته على قدم المساواة مع جميع الأحزاب المشاركة فيه. وقال شعبان عبد العليم عضو الهيئة العليا لحزب "النور"، إن عدم حضور ممثل عن الحزب اجتماع الأحزاب مع رئيس الوزراء يرجع إلى عدم وصول دعوة للحضور، "لكن الحزب جاهز لحضور الجلسات المقبلة، التي قد تصل إلى 5جلسات". واعترض حزب "المصريين الأحرار" على حضور حزب "النور" لاجتماع رئيس الوزراء. وقال شهاب وجيه المتحدث باسم الحزب، إنه يرفض مشاركة حزبي "النور" السلفي و"مصر القوية" في الحوار مع المهندس إبراهيم محلب، لأنهما يحاولان فرض أجندة محددة على اللجنة بطلب تعديل جميع قوانين الانتخابات لتطويل فترة التأجيل، مشيرًا إلى ضرورة تقنين أوضاع "النور" للابتعاد عن شبهة تأسيسه على أساس ديني. ورد عبدالعليم قائلاً: "حزب المصريين الأحرار لا يملك أن يحضر الاجتماع حتى يعترض على حضور حزبه"، واعتبر أن الدعوة "تكشف عن النزعة الإقصائية للحزب والقوى الليبرالية، ورغبتها في الهيمنة علي الساحة السياسية بشكل يفوق ممارسات جماعة "الإخوان المسلمين" خلال عام من حكم الرئيس المعزول محمد مرسي. وعبر عبدالعليم عن سخريته من دعوة حزب "المصريين الأحرار": متسائلاً: "مَن أنتم حتى تطالبوا بإقصاء الحزب من الحوار الوطني الذي كان يشكل الكتلة البرلمانية الثانية خلال مجلس الشعب السابق بل هو مؤهل للتحول للكتلة البرلمانية الأكثر أهمية داخل مجلس النواب"، مطالبًا القوى الليبرالية بالانتشار في صفوف الجماهير وتوفير حلول لمشاكلها بدلاً من التركيز على إقصاء الآخر". وقال المهندس صلاح عبدالمعبود، عضو المجلس الرئاسي لحزب "النور": "لقد وجهت رئاسة مجلس الوزراء الدعوة للحزب للمشاركة في الحوار المجتمعي المقرر عقده الثلاثاء القادم". وتابع "الحزب سيشارك بقوة في الحوار المجتمعي عبر رئيس الحزب الدكتور يونس مخيون؛ حيث سيعرض الحزب وجهة نظره كاملة في جميع القوانين الخاصة بالعملية الانتخابية سواء قانون الانتخابات أو مباشرة الحقوق السياسية أو قانون تقسيم الدوائر الذي أثار ضجة بعد رفضه من قبل المحكمة الدستورية". واستطرد قائلاً: "سنتقدم بحزمة من السيناريوهات، منها تقسيم البرلمان القادم، بنسبة 50%للفردي أو 50 للقوائم ومقترح آخر ب40%للفردي 40% للقوائم، فيما تخصص 20% للفئات المهمشة لضمان الدستورية، فضلاً عن تصور بمعالجة الأزمة حول الدوائر بدون زيادة المقاعد المخصصة للفردي أو زيادتها بنسبة 10مقاعد فقط". ورفض عبدالمعبود مقترحًا بعض القوى السياسية بزيادة عدد المقاعد الفردية بنسبة 30مقعدًا لتصبح 450بدلاً من 420 وفقًا للقانون الحالي، مشددًا على دعم "النور" لوجود توازن في الساحة السياسية بين الفردي والقوائم بشكل يصقل تجربة الحياة السياسية ولا يجعله خاضعًا لسلطان المال السياسي أو يعيد رموز الحزب "الوطني" للمشهد مجددًا. ورأى الدكتور طارق السهري، رئيس الهيئة العليا لحزب "النور"، أن حملات التحريض على الحزب وتحذير الدولة من هيمنته على البرلمان القادم لن تؤثر على شعبية الحزب في أوساط الجماهير، مؤكدًا أن العامل الأهم في هذا السياق هو مدى التصاق الحزب بالجماهير والخدمات التي يقدمها ليس الاكتفاء بالظهور الإعلامي. وشدد على أن "الحزب لن يعبأ بمثل هذه التصريحات والمواقف العدائية وسيستمر في الانتشار في أوساط الجماهير وتقديم حلول خلاقة لمشاكلهم ونقلها إلى الدولة"، مطالبًا القوى السياسية بأن تحذو حذو النور بدلاً من تحريض الدولة وأجهزتها على الحزب. وأشار إلى أن جهود الحزب للتحول لرقم مهم داخل البرلمان القادم لن تتوقف ولن تؤثر فيه حملات التشويه، مطالبًا القوى السياسية بالتوقف عن إثارة قضية تشكيل الحزب على أساس ديني بعد أن أغلق القضاء هذا الملف.