لحظة إطلاق باكستان صواريخ على مواقع هندية ردا على العدوان الهندي (فيديو)    دوي انفجارات في مدينتي أمريتسار وجامو الهنديتين وسط تصاعد التوترات    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    بعد 12 ساعة، السيطرة على حريق شونة الكتان بشبراملس في الغربية، و20 صورة ترصد ما حدث    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    طحالب خضراء تسد الفجوة بنسبة 15%| «الكلوريلا».. مستقبل إنتاج الأعلاف    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    جيش الاحتلال يصيب فلسطينيين بالرصاص الحي بالضفة الغربية    طريقة عمل الخبيزة، أكلة شعبية لذيذة وسهلة التحضير    عقب الفوز على بيراميدز.. رئيس البنك الأهلي: نريد تأمين المركز الرابع    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر تراجع بمستهل تعاملات السبت 10 مايو 2025    الشقة ب5 جنيهات في الشهر| جراحة دقيقة بالبرلمان لتعديل قانون الإيجار القديم    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    العثور على جثة متفحمة داخل أرض زراعية بمنشأة القناطر    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    الترسانة يواجه «وي» في افتتاح مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    غدا انطلاق هاكاثون 17.. وحلول تكنولوجية لأهداف التنمية الاكثر الحاحا التعليم والصحة والطاقة والتنمية والمناخ    «غرفة السياحة» تجمع بيانات المعتمرين المتخلفين عن العودة    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية بالبنك المركزي المصري    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    أسخن 48 ساعة في مايو.. بيان مهم بشأن حالة الطقس: هجمة صيفية مبكرة    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    عميد تجارة عين شمس: دمج المناهج الحالية مع التقنيات الحديثة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وأين نحن غدا؟!!!

رزحت أمتنا العربية تحت الاحتلال قرابة مائتي عام، سواء أكان هذا الاحتلال مباشرا أو غير مباشر ( أي من خلال حكام موالين له ) وكانت تلك الفترة كفيلة بتدمير مقدراتنا الاقتصادية والعلمية والفكرية والعقدية والاجتماعية والخلقية ، حتى صارت جل بلادنا العربية تعاني نقصا حادا في موارد الغذاء بعد أن كانت تنتج أضعاف ما تحتاجه شعوبها ، وتقلصت مساحتها الزراعية بطريقة لم يعرف لها التاريخ مثيلا ، اللهم في أيام الكوارث الطبيعية ، وهُجّرت المصانع ، وتلاشت الورشات الحرفية ، وتقلص إنتاجنا الصناعي ، واضمحلت فنوننا الصناعية والحرفية التي عرفناها عبر التاريخ ، واختلت أسواقنا الجامعة التي كان يتم فيها تبادل منتجاتنا دون حاجة لجلبها من عند غيرنا ..
وتراجع المجال العلمي عندنا ، وصرنا نعتمد على الجامعات الغربية والشرقية حتى في مجال العلوم الإسلامية ، وما زلنا ننظر نظرة إعجاب لمن يحصل على درجة الدكتوراه في علوم التفسير أو الحديث الشريف أو اللغة العربية على أيدي غير العرب وغير المسلمين !!..
وتراجع مع تراجع المجال العلمي الجانب الفكري ، فلم نعد نرى في أمتنا أمثال الغزالي ولا ابن خلدون ولا ابن تيمية ولا بن سينا ولا الفرابي ولا الخوارزمي ولا ابن الهيثم ولا ابن حزم ولا السرخسي وغيرهم ..
وبتراجع المجال العلمي والفكري تراجع كنتيجة طبيعية لذلك الجانب العقدي والجانب الخلقي ، فغزت أمتنا كثير من المذاهب الضالة مع سيل من الأخلاق المنحرفة التي لم تعرف بها مجتمعاتنا من قبل لا في جاهلية ولا إسلام..
وقد حرص الاحتلال ومواليه على وأد كل حركة إصلاح تعرقل إفساده في بلادنا ، وكان سبيل مواليه الأوحد هو التنكيل بكل من يحاول أن يوقف سيل تدميرهم وتخريبهم ، وصار لسان حال الملتفين حول كل مصلح يردد مقولة أتباع موسى عليه السلام " أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا " وهو لا يملك غير أن يقول لهم :" عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ " [الأعراف/129]..
وفي أحايين كثيرة كانت تلك العبارة الموحاة من الله عز وجل تعجز عن إزالة اليأس من قلوبنا ، وخاصة في العقود الأخيرة التي خلّف فيها الاحتلال أعوانه من بني جلدتنا علينا ، وسهّل لهم كل أساليب القهر والبطش بكل من يفكر في الخروج على طاعتهم ، وذلك بكتائب مدججة بأعتى أنواع الأسلحة التي خصصت لتخويف الناس وترويعهم ، مع وسائل تعذيب شيطانية ابتكرها شرذمة من الآلهة المزورة ( ضباط أمن الدولة الذين كانوا يدعون زورا وبهتانا أن الله عز وجل في السماء وهم في الأرض ، أي لهم مثل ما له من السلطان ) وزاد من الأمر طول عمر الحكام الأشقياء الذين استعملوهم ، فمنهم من عمّر في ملكه أكثر من 40 سنة ، ومنهم من عمّر أكثر من 30 سنة ، وكانوا يطمعون في المزيد والمزيد ...
ولكن هيهات فإن لله عز وجل سننا يدبر بها الكون غير الأسباب التي نتعامل بها في الدنيا ، ومن تلك السنن الأخذ الأليم لكل من يتجاوز حدوده في البغي والعدوان " وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ " [هود/102] ..
ومنها أيضا المنة ( الإعطاء دون مقدمات أو أسباب ) على المستضعفين على أيدي هؤلاء الجبابرة ، كما قال عز وجل :" وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ " [القصص/5]..
نعم مَنّ الله عز وجل علينا وخلص أمتنا العربية في شهور معدودة من شر ثلاثة من العتاة قساة القلب ، هم حاكم تونس وحاكم مصر وحاكم ليبيا ، بعد أن ظن كل منا ألا أمل في الخلاص منهم ، وظنوا هم أنهم مانعتهم جيوشهم وزبانيتهم وعتادهم وحصونهم وأموالهم ومن يقف وراءهم من كفرة ومردة الأرض كلها ، فأتاهم الله عز وجل من حيث لم يحتسبوا بأن سلط عليهم الشباب الذين حسبوا أنهم أسكروهم وخنّعوهم ومسخوهم من خلال وسائل إعلامهم المضلة ..
شباب صنعهم الله على عينه لتكون نهايتهم على أيديهم ، كما كانت نهاية فرعون وقومه على يد موسى عليه السلام بعد أن حالوا بينهم وبين المصلحين ، حيث أُغلقت أمامهم كل منافذ التربية والإصلاح ، ففتح الله سبحانه وتعالى لهم باب السماء ، وأنار أبصارهم للحق ، وأنزل عليهم السكينة ، وأيدهم بجند من عنده ، وقذف في قلوب أعدائهم الرعب وضرب على سمعهم وأبصارهم فلم يجدوا لنجاتهم سبيلا ..
والبقية في الطريق ولن تمر إن شاء الله إلا أشهر أو سنوات معدودة حتى ننعم بتحرر باقي البلاد العربية والإسلامية من العتاة الجبابرة ومخلفات الاحتلال الذي جثم على أنفاسنا قرابة مائتي سنة كما ذكرت من قبل..
ولكن أين نحن غدا ؟ وماذا نحن فاعلون بعد تلك المنة العظيمة من الله عز وجل ؟!! وكيف سنستفيد من تلك النعمة التي أنعم وسينعم بها علينا ؟!!..
وقبل أن ينشغل ذهنك أيها القارئ الكريم والقارئة بالإجابة على هذا التساؤل أذكركما بأن التاريخ يسرد علينا حادثين مشابهين لتلك التجربة التي نمر بها الآن ، تجربة سقوط الطغاة العتاة البغاة أمام المستضعفين ..
أما الحادثة الأولى فهي حادثة سقوط فرعون وملأه أمام موسى عليه السلام ومن آمن معه بسنن إلهية خارقة لا يمكن لقوة البشر أن تضارعها ، حيث استدركه المولى عز وجل حتى خرج بكل حاشيته وجنوده من شتى أرجاء مصر ، تاركين أموالهم وأولادهم ونساءهم يتمتع بها عبيدهم ، ليغرقهم جميعا في اليم وهم في حالة من الغرور والكبرياء جعلتهم لا يلقون بالا بقدرة الله عز وجل التي شقّت البحر ورفعت مياهه وأمواجه كالجبال وأبقتها شاهقة لا تسيل منها قطرة واحدة كأنها بنيان محكم سميك ، وقد صور الله عز وجل ذلك في كثير من مقاطع القرآن الكريم ، منها قوله تعالى : " فأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ" [الشعراء/57، 58] وقوله تعالى : " وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ "[يونس/90-92] وقوله تعالى : " فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ" [الأعراف/136، 137]...
وأما الحادث الثانية فهي فتح مكة التي كانت مركزا لعتاة المشركين العرب وعلى رأسهم زعماء قريش الذين وقفوا لدعوة الإسلام بالمرصاد ، وأذاقوا المستضعفين من المؤمنين سوء العذاب ، وألهبوا ظهورهم بالسياط والنيران والرمال والصخور الحارقة ؛ حتى اضطروا جميع المسلمين وعلى رأسهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم للخروج من مكة ، تاركين أموالهم وديارهم، ، ولكن لم تمض على هؤلاء العتاة عشر سنوات حتى انهارت قوتهم ، ودخل عليهم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون فاتحين ، فصار كل جبار عنيد منهم ذليلا لا يجد في الأرض كلها ما يحتمي به إلا من كُتبت له الهداية منهم، وصار صاحب الجاه والسلطان لا يجرؤ على أن يخرج من مزرعته التي اختفى فيها عند دخول الجيش الغازي ليعود إلى داره إلا برفقة واحد من أولئك المسلمين الذين كانوا مستضعفين من قبل !!..
وإذا كان موقف الفرقتين ( المؤمنون مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبنو إسرائيل مع موسى عليه السلام ) متشابها من حيث وقوع الاضطهاد عليهما من القوى الباغية ، ومن حيث تدخل العناية الإلهية لنصرتهما ، فإن موقفهما اختلف تماما تجاه تلك العناية الإلهية التي تدخلت لنصرتهما ، ومستقبل كل منهما ، فبينما لم يمر على الطائفة الثانية ( بني إسرائيل ) ساعات أو أيام حتى انقلبوا على موسى عليه السلام وأشركوا بربهم الذي أنجاهم من بطش فرعون ، كما قال المولى عز وجل :" وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ " [الأعراف/138] ثم رفضوا أن يدخلوا بيت المقدس ليؤدوا رسالتهم فيه ويعبدوا الله وهم آمنون حين أمرهم موسى عليه السلام قائلا : " يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ" [المائدة/22].. فكانت النتيجة الطبيعية لذلك أنهم لم يستفيدوا شيئا من زوال طغيان فرعون وملأه ، فلا هم بقوا في مصر يأكلون من خيراتها بعد زوال المستعبدين لهم ، ولا هم دخلوا بيت المقدس فتكون لهم به السيادة والمجد ، وإنما ضرب الله عليهم التيه في الصحراء 40 سنة ؛ جزاء عصيانهم وفسقهم ، كما قال الله عز وجل :" قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ "[المائدة/26] ..
أما المؤمنون مع النبي محمد صلى الله عليهم وسلم فقد ازدادوا إيمانا على إيمانهم لما رءوا موعود الله سبحانه لهم ، فأتم الله عليهم فتح ما وراء مكة حتى دانت لهم الجزيرة العربية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لتمتد مساحة دولتهم خلال قرن واحد إلى أعماق بلاد الروم والفرس والترك والصين والهند ..
وهنا أعيد سؤالي الذي طرحته من قبل : ماذا نحن فاعلون وبعد أن رأينا التجربتين التاريخيتين المتشابهتين في المقدمات مع نعمة النصر والتمكين التي بدأت روائحها تهل علينا ؟!!
هل سنختار التجربة الأولى ( تجربة بني إسرائيل مع موسى عليه السلام ) فتفشل ثوراتنا نتيجة اختلافنا على أنفسنا ودخولنا في صراعات جوفاء وجدال عقيم وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فننتقل لحالة قد لا تقل سوءا عن الحالة التي كنا عليها زمن الطغيان ؟ !! أم سنختار التجربة الثانية ( تجربة المسلمين مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة ) فنتعاون على البر والتقوى ، ونجعل مصلحة البلاد والعباد فوق مصالحنا الشخصية ، ونتفانى من أجل النهوض بأمتنا وتعمير بلادنا والرقي بها ؛ حتى يعمها الرخاء ورغد العيش والعدل والمساوة والألفة والحب مهما اختلفت انتماءاتنا.
والسؤال مطروح للجميع !!
*مدير موقع التاريخ الالكتروني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.