4قتلى و15 مصابًا في ناهيا حصيلة الحملة الأمنية أمس.. وحالة من الغضب والاستياء العارم تسود القرية لم تدرك بعد الطفلة "جودي"، ذات الابتسامة البريئة، والتي لم يتجاوز عمرها العام الأول، أنها ودعت أباها إلى الأبد، وأنها من الآن فصاعدًا ستحمل لقب "يتيمة"، بعد أن توفي من كان يحنو عليها ويغدق عليها من أنهار حبه. لم يقترف الأب الشاب حمدي الصعيدي (23عامًا) ذنبًا، فهو ليس إرهابيًا يحمل السلاح، ولاحتى من المتظاهرين ضد النظام، حتى تكون نهايته هكذا، بسبب استنشاق الغاز الخانق الذي لم يقو على تحمله، لكون مريضًا بالحساسية في الصدر، عندما كانت قوات الأمن تداهم بالأمس قرية ناهيا بالجيزة. فالصعيدي كان يقف في محله الذي يعمل به عند محطة الأتوبيس بناهيا، ووجد نفسه محاصرًا كغيره من الذين تصادف مرورهم أو كانوا داخل منازلهم بسحابة من الدخان الكثيف الخانق الناجم عن إطلاق قنابل الغاز وطلقات الرصاص الحي والخرطوش التي كانت تصوب من كل جانب على كل شخص يسير في الشارع. أحد المقربين من الصعيدي يصفه بأنه كان من "أطيب الناس اللي في البلد.. دائمًا نروح عنده المحل اللي كان شغال فيه تلاقيه مبتسم وبيهزر مع أي حد ويضحك مع أي حد يعرفه أو ميعرفوش.. حمدي ملوش أي علاقة بالسياسة أو المسيرات واستشهد بسبب اختناقه بالغاز". الصعيدي هو واحد من أربعة أشخاص قتلهم رصاص وغاز الأمن الذي حول قرية ناهيا، المعروفة بمعارضتها للسلطة الحالية إلى ثكنة عسكرية، مساء أمس وحتى وقت متأخر من الليل، فرض خلالها حظر التجول، وشن اعتقالات عشوائية طالت كل من كان في طريقهم. أما خالد الرشيدي الشاب العشريني الذي لم يمض سوى شهور على انتهاء خدمته العسكرية، فقد تلقى رصاصة قاتلة في الرأس باءت معها بالفشل كل محاولات إنقاذه، بعد ساعات من نقله إلى مستشفى القصر العيني. ونعاه "التحالف الوطني لدعم الشرعية" بناهيا وحركة "6إبريل"، التي قالت إن الرشيدي كان عضوًا بها. وقالت الحركة إن "خالد الرشيدي في ذمة الله، بعد إصابته برصاصة في الرأس تسببت في نزيف داخلي حاد بالمخ علي يد قوات الشرطة إثر اقتحامهم قرية ناهيا بالأمس".
وأضافت إن "قوات الأمن استخدمت الرصاص والخرطوش، وقنابل الغاز في محاولة لإخلاء الشوارع بالقرية، والتي أصيب على أثرها الرشيدي بطلق في الرأس". أما الضحية الثالثة، فهو محمود حسني أبوكوع، والذي قتل على إثر إصابته برصاصة في الصدر، وقد تم نقله إلى بيته واستمر لساعات، لكن حالته تدهورت فتم نقله إلى مستشفى القصر العيني في الساعة السادسة صباحًا، وتوفي في وقت لاحق اليوم. الضحية الرابعة، الطفل محمد رجب، (16 سنة) وهو من مواليد محافظة الفيوم ويقيم منذ فترة كبيرة هو ووالده بناهيا، وقد توفي إثر تلقيه رصاصة قاتلة في البطن، هذا كما وقعت أكثر من 15 إصابة ما بين خرطوش ورصاص حي. لترتفع بذلك إلى 12 حصيلة القتلى في ناهيا منذ الثالث من يوليو 2013، والحصيلة قابلة للزيادة مع استمرار حملات الاقتحام والمداهمات الأمنية بشكل شبه يومي لقرية ناهيا، وفي ظل حالة من التحريض الإعلامي يقودها الإعلاميان وائل الإبراشي وأحمد موسى لممارسة القتل والتنكيل والاعتقال بأبناء ناهيا. كما اعتقلت قوات الأمن عددًا من أبناء ناهيا خلال حملتها أمس، وهم: سيد الحنفي، محمد المكاوي، أحمد جبيلي، محمد سعد شلباية، وليد مرسي، محمد سيد عبدالجليل، ثلاثة أشخاص كانوا داخل أحد الكافتيريات. وأصدر "التحالف الوطني لدعم الشرعية" بالجيزة بيانًا قال فيه إن "مايحدث في قرية ناهيا بمحافظة الجيزة من قتل بالرصاص الحي والخرطوش واستهداف للمواطنين واعتقالات عشوائية وإغلاق للمحلات هو استكمال للممارسات الإجرامية للنظام الانقلابي بحق المواطنين دون تفريق في الانتماء أو ذنب اقترفوه, إلا رغبة النظام في الانتقام من أحرار أبوا أن يسكتوا عن الظلم وطال هذا الانتقام في طريقه حتى المواطنون الذين يمارسون حياتهم الطبيعية" . وأضاف إنه "إذ يؤكد أن مايفعله النظام لن يوقف مسيرة الأحرار لنيل حريتهم, فإنه يؤكد كذلك أنه وكل الأحرار بهذا الوطن وبمحافظة الجيزة لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام إجرام قوات النظام واعتدائها على الأبرياء وقتل المصريين في شوارع وطنهم وإصابة العشرات وكأن الوطن يقع تحت يد سلطة احتلال لا تفكر في مواطن ولا تبحث عن عدل بل تنشر الخوف والدمار بأرض الوطن". وتابع التحالف قائلاً إنه "لن يقف هؤلاء صامتين أمام تخطي هذا النظام لكل الحدود واستهتاره بالأرواح وستكون عواقب مايحدث وبالاً على الظالمين القتلة".