المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يملك الخروج على أحكام المادة 60 من الإعلان الدستورى، والتى تنص على أن "يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلس شعب وشورى فى اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال 6 أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من 100 عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيله"). هذا ليس كلامى أو رأيى الشخصى بل حقيقة أكدتها تصريحات المستشار الدكتور محمد أحمد عطية النائب الأول لرئيس مجلس الدولة ورئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع ردا على مطالبات الكثير من القوى والأحزاب السياسية بوضع الدستور الجديد لمصر أولا ثم إجراء الإنتخابات البرلمانية وبعدها الرئاسية بحجة إعطاء الأحزاب والقوى السياسية مزيدا من الوقت لعرض برامجها والتواصل مع المواطنين . ورغم أن هذه الفتوى السياسية والدستورية الرسمية والصادرة عن مسئول كبير وحالى بمجلس الدولة والذى طلبت –ما تسمى – بالقوى السياسية الإحتكام اليه من جانب المجلس العسكرى الذى يدير البلاد حاليا لبحث إمكانية إجراء المجلس العسكرى تعديلاً تكميلياً على أحكام المادة 60 من الإعلان الدستورى بما يسمح بإجراء التعديلات الدستورية قبل الانتخابات البرلمانية..ورغم وضوح الرؤية الخاصة بإستحالة الإلتفاف على نتيجة الاستفتاء الأخير الذى أجرى فى شهر مارس الماضى، والمسفر عن موافقة الشعب على إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً قبل التعديلات الدستورية, إلا أن العديد من قيادات تلك الأحزاب والقوى السياسية رفضت الإنصياع لهذا الرأى الدستورى والقانونى الذى لا يقبل الشك أو التأويل ، وأكدوا تمسكهم بالسير فى الطريق الذى بدأوه نحو المطالبة بإجراء التعديل الدستورى أولاً قبل الانتخابات وأشاروا الى أن رأى المستشار عطية ليس الا رأى شخصى ولا يمثل مجلس الدولة . فى هذا السياق أرجو أن تسمح لى قيادات تلك الأحزاب والقوى الساسية أن أوجه اليهم بعض التساؤلات والتى أرجو أن تتسع صدورهم لها فى إطار الحوار المجتمعى الذى تشهده مصر حاليا : ألا تعلمون أيها السادة أن أبجديات الديمقراطية تنص على أن الرأى للجميع والقرار للأغلبية فإذا كان الشعب قد وافق فى الإستفتاء الذى تم فى التاسع عشر من مارس الماضى على إجراء انتخابات البرلمان أولا فلماذا تجادلون الأن فى قضية حسمها الدستور والقانون ورأى الشعب بأغلبيته التى وصلت فى الإستفتاء المشار اليه الى 77 \ ؟ وبهذه المناسبة إسمحوا ياقادة الأحزاب والقوى السياسية التى أعلنت مؤخرا عن إطلاق حملة اليكترونية لجمع (15) مليون توقيع للمطالبة بوضع الدستور أولا أن اسألكم : إذا كنتم بالفعل قوى سياسية –كما تتوهمون – فلماذا لم تظهروا هذه القوة فى الإستفتاء على التعديلات الدستورية الذى أجرى منذ أسابيع لإقناع الشعب برفض تلك التعديلات بدلا من أن تدخلونا فى نقاشات عقيمة لن يستفيد منها إلا فلول النظام السابق والمحركون لما تسمى بالثورة المضادة و الذين لا يريدون التقدم لمصر حاضرا ومستقبلا ؟والسؤال الأهم هو : لماذا تتحدثون عن رغبتكم فى الحصول على مزيد من الوقت للتواصل مع الجماهير.. فهل يحتاج حزب مثل الوفد الذى تأسس منذ (92) عاما وأعيد تاسيسة مرة أخرى منذ (33) عاما الى وقت أطول للتواصل مع الشارع المصرى ؟وكذلك الحال ينطبق على أحزاب أخرى مثل التجمع والأحرار والعمل (35 )عاما والناصرى (18) عاما وأحزاب أخرى كثيرة فهل ترون أن كل تلك السنوات غير كافية ؟ وإذا كانت حجتكم أن النظام السابق كان يضيق الخناق عليكم فقد ذهب بكل رموزه الى غير رجعه كما أن لديكم الأن عشرات الوسائل لتحقيق التواصل مع الجماهير وتقديم برامجكم اليها مثل برامج التليفزيون المصرى الرسمى والفضائيات المصرية والعربية وكذلك الصحف والإذاعة والإنترنت والفيس بوك والتويتر والمؤتمرات الجماهيرية التى لم تعد هناك أية محظورات عليها حاليا ؟ ولماذا يا قادة تلك الأحزاب والقوى الوهمية – وليست السياسية – تتحدثون من جديد عن إجراء استفتاء جديدأ.. ألا تعلمون أن ذلك غير جائز قانونياً، لأنه لا يستفتى الشعب على إرادته، لأن الاستفتاء الجديد يعد اتهام الشعب لنفسه بأنه فاقد الإرادة وهذا غير صحيح، لأن إرادة الشعب تعلو ولا يعلو عليها أحد- وفقا لما أكده خبراء قانونيون -. وفى النهاية أقول لهذه القيادات العاشقة للظهور الإعلامى والظهور فى صورة المعارضين بمناسبة وبدون مناسبة : دعكم من هذا الجدل السفسطائى العقيم الذى لن نجنى من وراءه إلا الخلاف والشقاق فى وقت نحن فى أشد الحاجة فيه الى التكاتف لنبنى مصر من جديد حتى لا يفرح فينا النظام السابق وأنصاره الذين دمروا مصر ويريدون لها أن تظل دولة متخلفة الى الأبد .