شهدت أزمة حزب الوفد المعارض أمس تصعيدا دمويا ، إثر قيام مجموعة موالية لرئيس حزب الوفد الدكتور نعمان جمعة باقتحام المقر الرئيسي للحزب ، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بينهم وبين أنصار جبهة الدكتور محمود أباظة المناوئة لجمعة ، استخدمت فيها الأعيرة النارية مما أدى إلى إصابة نحو 15 شخصا من بينهم شخص حالته حرجة للغاية ، فيما أصدر النائب العام أمرا بضبط وإحضار نعمان جمعة وعدد من أنصاره . وبدأت الأحداث بعد اقتحام الدكتور نعمان جمعة لمقر الحزب ومحاولتهم طرد الموظفين والصحفيين الموجودين بالمقر إلا أن هؤلاء قاوموا ورفضوا الخروج مما أدى إلى إطلاق الأعيرة النارية عليهم من قبل الدكتور جمعة وأنصاره ، وأسفرت المصادمات عن إصابة 15 شخصا ، بينهم عدد من الصحفيين العاملين بجريدة الوفد والموظفين بالحزب ، وقد أحاطت قوات الأمن بالمقر وأخمدت حريقا اندلع في حديقة حزب الوفد . وأخذت الأحداث تصعيدا شديدا ، بعد أن توافد على مقر الحزب العشرات من أعضاء الحزب المؤيدين لجبهة أباظة ، وصمموا على اقتحام الحزب مما أجبر الموالين لجمعة على مغادرة الحزب من الباب الخلفي وتركوا جمعة والعديد من أنصاره داخل مقر الحزب ، وذلك قبل قيام أنصار أباظة باقتحام المقر وإحكام سيطرتهم عليه مرة أخرى . في السياق ذاته ، حضرت قوات الأمن إلى مقر الحزب لتنفيذ قرار من النائب العام بضبط وإحضار الدكتور نعمان جمعة ، حيث قامت بنقله هو والعديد من أنصاره إلى مقر نيابة شمال الجيزة. من جانبها ، اعتبرت مصادر سياسية قرار القبض على جمعة وأنصاره بمثابة نهاية مؤسفة لمسيرته السياسية داخل حزب الوفد ، وأنه فقد آخر أوراقه في الصراع على رئاسة الحزب ، خاصة بعدما فشل في لقائه الأخير مع صفوت الشريف رئيس لجنة شئون الأحزاب في الحصول على تأييده ، وجدد الشريف التأكيد على موقفه بضرورة حسم النزاع داخل حزب الوفد إما رضاء أو قضاء. ورجحت المصادر أن يكون فشل اللقاء الذي جمع جمعة مع الشريف بمثابة الشرارة التي أشعلت الأحداث وأجبرت جمعة على اللجوء إلى خيار العنف لانتزاع مقر الحزب من مجموعة أباظة التي تسيطر عليه منذ أكثر من ثلاثة أشهر. ولم تستبعد المصادر أن تكون الأحداث الأخيرة قد أنهت مرحلة جمعة إلى الأبد حيث لم يعد من اللائق بعد هذه الأحداث وجود أي إمكانية لعودته إلى منصبه مرة أخرى خصوصا أن المواجهة قد أخذت شكلا دمويا غير مسبوق في تاريخ الحزب مما أسهم في تزايد الغضب على جمعة وانفضاض الأنصار من حوله. واعتبر محمد سرحان ، أحد أهم أعضاء مجموعة أباظة ، أن جمعة قد أنهى أي مستقبل له داخل حزب الوفد بعد لجوئه إلى سلاح البلطجية لحسم القضية لصالحه مما أسهم في رفض جميع الوفديين لما أقترفه جمعة وأنصاره. وشدد سرحان ل"المصريون" على أن مجموعة أباظة قد استعادت المقر ومعها الشرعية المتمثلة في الجمعية العمومية التي عقدت في العاشر من فبراير الماضي ، والتي اختارت المستشار مصطفى الطويل رئيسا للحزب لافتا إلى أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء وان جمعة قد تجاوزته الأحداث. من جانبه ، أبدى المهندس مجدي سراج الدين زعيم الوفديين الأحرار مخاوفه الشديدة على مستقبل حزب الوفد ، الذي تحول إلى ساحة لتصفية الحسابات والبلطجية ، مشيرا إلى أن أحدا لم يضع مصلحة الحزب نصب عينيه. وحذر سراج الدين في تصريحات ل"المصريون" من إمكانية دخول الحزب إلى إطار التجميد بعد أن شهد معارك دموية غير مسبوقة في تاريخ الحزب بعد رفض جميع الأطراف لكافة الوساطات التي تدعو إلى لم الشمل. واعتبر محمد علوان مساعد رئيس الحزب أن ما فعله نعمان جمعة وأنصاره هو بلطجة ضد رغبة جميع الوفديين الذين يؤيدون الإصلاحيات التي بدأتها جبهة الإصلاحيين ، منتقدا ما فعله جمعة وهو رجل قانون وكان عميدا سابقا لكلية الحقوق ، وكان الأولي به أن يحترم رغبة الغالبية العظمي من أعضاء الحزب التي اختارت الإصلاح ورفض ديكتاتورية جمعة وتصرفاته السابقة. وقال علوان ل"المصريون" إن اقتحام جمعة للمقر بهذا الشكل يعني حالة الهوس وفقدان العقل وشعوره بأنه لم يعد له أي أمل في تولي منصب قيادي في أعرق الأحزاب المصرية ، مشددا على أن المجموعة الإصلاحية مستمرة في إجراء الإصلاحيات والتعديلات لإعادة الحزب لسابق عهده وإعادته أقوي من ذي قبل . جديرا بالذكر أن قائمة المصابين بطلقات نارية ، شملت الصحفي خالد إدريس ، الذي أصيب بطلق ناري في قدمه ، والصحفي سيد القصاص وأصيب بطلق في قدمه ، إضافة إلى عادل صبري وعبد العزيز النحاس ومحمد علي وعبد الغني غزال مسئول قسم الأرشيف في القسم الرياضي وفتوح محمد (عامل بوفيه) بالحزب وهو في الرعاية المركزية حيث أصيب بطلق ناري في جانبه الأيسر ومصطفي شعبان الساعي والذي أصيب بطلق ناري في البطن. من جانبها ، أدانت نقابة الصحفيين وقائع اقتحام جريدة الوفد أمس باستعمال العنف واستخدام الأسلحة النارية الأمر الذي أدى إلى إصابة عدد من الزملاء الصحفيين الذين تواجدوا في مقر الصحيفة بالحزب . وطالبت النقابة ، في بيان لها ، السلطات المعنية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالقبض على الجناة ومحاسبتهم كما طالبت بتأمين مقر الصحيفة لكي يتمكن الصحفيون العاملون بالجريدة من أداء عملهم . وأكدت النقابة تمسكها بالاتفاق الذي تم التوصل إليه منذ عدة أسابيع مع كافة الأطراف المعنية لضمان صدور الصحيفة بعيدا عن الصراع الحزبي وضمان حقوق الزملاء ، كما أكدت النقابة أن الوضع لم يعد يحتمل عدم الحسم لما يجرى وضرورة تطبيق الشرعية واحترام القانون . من جانبه ، أدان مركز "ماعت " للدراسات الحقوقية والدستورية ما فعله الدكتور نعمان جمعة مؤكدا ، في بيان حصلت " المصريون " على نسخة منه ، أن المركز إذا كان يرفض استخدام العنف من المواطنين فإنه يرفضه ويشجبه أيضا من رجال القانون الذين يعلمون طلاب كليات الحقوق الشرعية واحترام القانون. وطالب المركز النائب العام بفتح باب التحقيق ومحاسبة ومعاقبة من شارك أو حرض على هذا الجرم ، مشيرا إلى أن ما يحدث في حزب الوفد وغيره من الأحزاب السياسية ليس شأنا داخليا ولكنه شأنا لكل المصريون وأن ما حدث في حزب الوفد هو ناقوس يدق أجراس الخطر حيث تنادي قيادات هذه الأحزاب بتداول السلطة في مؤسسات الدولة وترفضه داخل مؤسساتها الحزبية.