يا شعب مصر الطيب.. دعونا نتصارح قبل أن تنتخبوني رئيساً، وتضعوا صوري على حوائط المقاهي من الإسكندرية الى أسوان، دعونا نتفق أولاً حتى لا ينقلب حبكم نقمة.. وتأييدكم ندماً.. ويتحوّل هتافكم الى «يسقط.. يسقط الرئيس القادم»!! شعب مصر الطيب.. لنتفق. أنه في مثل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المحروسة.. لو جمعنا مينا موحد القطرين وتحتمس طارد الهكسوس وصلاح الدين محرر القدس ومحمد علي باني الدولة الحديثة، وسعد زغلول مفجّر ثورة 1919، وناصر مؤمم القناة وباني السد العالي، والسادات بطل الحرب والسلام، لو جمعناهم في مجلس إدارة لحكم مصر.. لما رضيتم أو قنعتم! شعب مصر الطيب.. لنتفق. أن ثورتكم على حكم الدولة البوليسية والفقر والجهل والمرض والفساد والديكتاتورية قد انحرفت عن مسارها.. ثم اختطفت.. ثم يتنازع أطرافها كل أصحابها!! وما لم تعد الى مسارها القويم.. فستظل «متنيلة على عينها» مستمرة.. ولا توجد دولة تعيش كدولة.. وهي في حالة ثورة مستمرة!! شعب مصر الطيب.. لنتفق. أن الفساد قد عشش في النفوس والعقول، قبل أن يفسد السلوك، وأن استئصاله يحتاج لصبر أيوب، وحكمة سليمان، ووصايا موسى، وبطش هولاكو والحجاج مجتمعين، لمواجهة الرؤوس المفسدة والأعوان الفاسدة،.. و«تقويم» كل من استمرأ الفساد وعاشه وتعايش معه، حتى أصبح من الصعب عليه العيش بدونه! شعب مصر الطيب.. لنتفق. ان 3 سنوات مرت دون إنتاج أو عمل، أُغلقت فيها المصانع وتشرّد العمال، ودُمّر قطاع السياحة وانتشر الباعة الجائلون في كل ميادين وشوارع مصر، وارتفع معدل الفقر ليصل الى %26.3 من إجمالي السكان، ووصل معدل الفقر «المدقع» الى %4.4 حسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء. شعب مصر الطيب.. لنتفق. أن الوضع الاقتصادي في الحضيص وأن عجز الموازنة بلغ %13.8 من الناتج المحلي بما يعادل 270 مليار جنيه (38.57 مليار دولار أمريكي)، وان المديونية العامة بلغت %100 من الناتج المحلي (حسب وزير التجارة)،.. وأن أكثر من 500 مليار جنيه من أموال التأمينات الاجتماعية، الخاصة بأصحاب المعاشات والمؤمّن عليهم تم استخدام جزء منها لسد عجز الموازنة في عهد المخلوع، والباقي لا يعلم سره ولا مكانه إلا الله عز وجل، و«المقدس» يوسف غالي «المتسكع» في شوارع لندن. .. شعب مصر الطيب.. لنتفق. اننا نحتاج حوالي 250 مليار جنيه لتطوير العشوائيات (حسب وزارة التخطيط والوكالة الألمانية للتعاون الفني)، حيث سيصل عدد سكان هذه المناطق غير الآدمية الى 28 مليون مصري عام 2025، وان الأمراض الوبائية استشرت وتوطّنت، حتى أدخلتنا موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكثر شعب يعاني من التهاب الكبد الوبائي (%12)، وأكثر من 18 مليون مصاب بالبلهارسيا، وضعف النسبة العالمية لمرضى الفشل الكلوي، ما دفعنا لتخصيص 23.8 مليار جنيه لقطاع الصحة في الموازنة. .. شعب مصر الطيب.. لنتفق. أن جيش مصر وشعبها يخوضان حرباً لمكافحة الإرهاب انتقلت من سيناء الى «باب الخلق».. قلب قاهرة المعز.. وهناك بين ظهرانينا من يؤيد التطرف، ويتعاطف مع الإرهابيين، وهناك دول «شقيقة وصديقة» تموّل وتساند وتدعم وتحتضن.. كل ما يخرّب مصر. شعب مصر الطيب.. لنتفق. إنني – أو غيري – لن نحقق أي تقدم يذكر ما لم يقتنع الشعب نفسه بأن {الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}.. ويبدأ التغيير فوراً.. بالنفس.. والأسرة.. والمنزل.. والحارة.. والشارع.. والمدينة.. وأن يقاوم الفساد والإفساد، ويكافح كل ما يعتقد أنه خطأ.. ويُرَشِّد إنفاقه.. ويضغط مصروفاته.. ويسعى لأن يأكل ويلبس ويستهلك مما ينتج فقط.. فيقلّ استيراده.. عند ذلك.. فقط.. نتفق.. سواء حكمتكم أو حكمكم غيري، ولتعلموا أن السنوات المقبلة لن تأتي باللبن والعسل، بل ستكون سنين عجافاً، لابد أن نتجرع مرارتها جميعاً، حتى نعيد بناء بلدنا المحروسة بإذن الله بسواعدنا،.. ونروي أرضها بعرق جباهنا، ليبارك الله فيها وفينا. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66