أكد الصحفي والكاتب الجزائري خالد عمر بن ققه أن الجيشين المصري والجزائري, على رغم خصوصية التجربة وبُعد المسافة, يشتركان في مسألة توحيد الدولة والحفاظ عليها. وفي مقال له نشرته صحيفة الحياة "اللندنية" في 8 سبتمبر, أضاف بن ققه" الشرعية في الدولتين أيضا كانت دائماً في يد الجيش، لم يأخذها قهراً ولا أجرى استفتاء أو تصويتاً شعبياً لأجلها، وإنما اكتسبها من دوره الفاعل في حماية الدولة، والشرعية هنا ليست في معناها الضيق وإنما هي رضى المواطنين هنا وهناك، وقبولهم دور الجيش في حياتهم المدنية طواعية". وتابع "الدليل على ذلك ما حدث خلال الأسابيع الماضية في مصر، إذ دعت جماهير الشعب هناك الجيش لحمايتها من تغوّل الإسلاميين, وخلال العقود الماضية ومنذ احتلال فلسطين وما تلاها من تحرير للدول العربية من الاستعمار كان الجيشان، ولا يزالان، في مقدمة الجيوش العربية المدافعة عن الحقوق والمناهضة للاستعمار، ولذلك كانت الحملات المتتالية ضدهما بالتشكيك تارة في مقدرتهما على المواجهة، أو بالطعن في دورهما لجهة تحريك الصراع بين ما هو وطني - قومي، وما هو إسلامي، وقد رأينا نتائجه في الجزائر، وما يحدث اليوم في مصر ليس منّا ببعيد". وأشار بن ققه إلى أنه بعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي, بدا أن أكثر العسكريين العرب تجاوباً مع قرار الجيش المصري هو وزير الدفاع الجزائري الأسبق الجنرال خالد نزار، حيث أكد، كما جاء في جريدة "الخبر" الجزائرية "أن الشعوب العربية بدأت تلفظ تيار الإسلام السياسي"، مستشهداً بما حدث أخيراً مع جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر والحراك السياسي القائم حالياً في تونس. وبالنسبة إلى السؤال هل من علاقة بين ما يحدث في مصر اليوم وذاك الذي حدث في الجزائر منذ واحد وعشرين عاماً عندما تم إلغاء نتائج الدورة الأولى من الانتخابات في يناير 1992، التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة في الجزائر, أجاب بن ققه " أجل، هناك علاقة تتجلى في محاولة دولية جادة لإحلال قوى سياسية جديدة في المنطقة، بدلاً من تلك التي تعتمد في حركتها تجاه القضايا المحلية والدولية على تاريخها النضالي والتحرري وعلى انتصاراتها, وهو ما تم إحباطه مبكرا من قبل الجيشين المصري والجزائري". وتابع "في سنوات الإرهاب والعنف تم تزوير التاريخ لمصلحة جماعات الإرهاب تحت شعار (من يقتل من في الجزائر؟)، في إيحاءٍ بمسئولية الجيش، لينتهي الأمر إلى نسبة كل الجرائم التي وقعت إليه، ومع أنه غير مبرأ من أخطاء وقعت، إلا أن وجوده حمى الجزائر من التقسيم والانهيار الكامل. السيناريو نفسه أعد في مصر لكن بما يتناسب مع طبيعة المجتمع المصري، خصوصاً بعد أن تمكّن الجيش من حماية ثورة 25 يناير، وتجنيب مصر حرباً أهلية، والانتصار لمصلحة الإرادة الشعبية من خلال إنشائه ما يعرف بالمجلس العسكري، والذي انتقد في وقت واحد ورفع شعار (لا لحكم العسكر)، وكانت النتيجة وصول الإسلاميين إلى السلطة، وتوتر العلاقة بين الشعب والجيش". واستطرد بن ققه "لذلك، يعتبر ما قام به الجيش المصري أخيراً بقيادة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي خطوة عملية مهمة، لا تكمن قوتها وصلاحيتها في إبعاد الإسلاميين من السلطة فحسب، وإنما الأهم هو عودة الثقة بين الجيش والشعب أولاً، وبين المؤسسات الأمنية والشعب ثانياً". وأضاف " الجيش المصري قدَّم – وهو يخدم مصر بالأساس – جميلاً للدول العربية حين أنهى دور الجماعات الدينية في المنبع ليتسنّى للمصب بعد ذلك التخلص من تبعات الفعل السياسي لتلك الجماعات، وتجفيف منابعها، وتأكيد فشل تجربتها". وكان وزير الخارجية المصري نبيل فهمى التقى في 2 سبتمبر نظيره الجزائري مراد مدلسى بالقاهرة على هامش مشاركتهما في اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب حول سوريا. وحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية, تناول الوزيران خلال اللقاء العلاقات الثنائية وسبل تدعمها، فضلاً عن تناول عدد من القضايا الإقليمية ذات الأهتمام المشترك بما فيها الأوضاع فى القارة الإفريقية وتطورات الأزمة السورية والملف الفلسطيني, الذى يعد أهم القضايا الإقليمية التى تهم الأمة العربية. كما تم الاتفاق بين الوزيرين على الإعداد الجيد للاجتماع القادم للجنة المشتركة بين البلدين بما يسهم فى إعطاء دفعة للعلاقات الثنائية فى مختلف القطاعات بما يعود بالنفع على شعبى البلدين الشقيقين. ويتوقع أن يزور رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال مصر قريباً، حسبما أعلن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي في ختام زيارته للقاهرة في 2 سبتمبر.