لدينا فى مصر نطاقات عديدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، فى الصناعة والزراعة والتمثيل التجارى، لا تحتاج لكى نحصل عبرها على عوائد سريعة ومعتبرة، إلا لبرامج هيكلية تكلفتها متدنية وعوائدها تصاحب بدايات تنفيذها. الرئيس كان وما زال فى احتياج إلى مائة مساعد على الأقل ولا أبالغ، نعم مائة من المساعدين على الأقل «بس مش أى مساعدين»، نعم مصر الواعدة تستوعب هؤلاء المائة وأكثر، وعوائدهم رائعة لمصر. ولكن الرئيس الآن إذا كان جاداً فى إدراك مصر ثم على المستوى السياسى الخاص إذا كان جاداً فى إدراك فصيله السياسى واستعادة شعبيته، هو فى احتياج شديد أولاً وقبل هؤلاء المساعدين، إلى رؤية استراتيچية شاملة، بعد مراجعة، ولن يقوم على هذه المراجعة ثم البلورة، إلا فريق صغير ولكن خبير. قلت فى مقالى السابق، رداً على منتقدى أداء الإخوان فى السلطة وقولهم «همه فاكرينها شركة أبوهم؟»، إننى أصمت ولا أرد، ولكنى أقول فى نفسى «يا ليتهم تعاملوا معها كشركة»، أى يا ليت الإخوان تعاطوا مع مصر وكأنها شركة، والآن أقول يا ليتكم تشرعوا الآن فى إدارة مصر وكأنها شركة، بل وكأنها مشروع، بل وكأنها فكرة مشروع، ولكن تبقى المشكلة الحقيقية البادية أمامنا، هى غياب «الأفكار»، الأفكار العظمى «الممكنة»، وإلا لكنا رأينا واحدة منها، ولكنا بدأنا جنى ثمارها، ولكنها سياسة «الطبطبة» التى استدرجتكم إليها قلة عاجزة ساذجة، والأخيب أنكم جلستم بجانبها وتركتم مصر التى كنا نظنها تنتظركم. مصر غنية بمبدعيها، لكن المشكلة فى «المكابرة»، وحتى لا أتجنى عليكم لأن السرائر لا يعلمها إلا الله، فقد تكون المشكلة فى «الانغلاق» الذى يسببه «الاستغراق». * من الأسئلة التى كانت تراودنى، بحثاً لها عن إجابات لا ينشغل بها الكثيرون، سؤالان: ما أفضل سبل الحصول على العملة الصعبة، غير تلك التى تخص: عوائد الصادرات، وتحويلات العاملين فى الخارج، وإيرادات قناة السويس، وكل الرسوم التى تفرض على الأجانب؟ أما الثانى، ما الأهداف غير المبررة اقتصادياً والتى لا تحتكم لمعايير الأمان المتعارف عليها، بشأن طبع الدولة لمزيد من البنكنوت، والتى رغم أنها أهداف لا تلتزم بما تقدم، إلا أنها الأقل أضراراً على الإطلاق، بل وتحقق فوائد فى المنظور؟ ووصلت إلى إجابات أزعمها طيبة كما أحسبها سهلة لدى من ينشغل بها، وربما بديهية، كما يمكن اختبارها نظرياً عبر حوار الخبراء، وعبر مزيد من التدقيق والتدبر، ولكن هل من مزيد لدى المبدعين؟ * علينا كإسلاميين أن نجتنب تماماً «30 يونيه» أقصد ألا نحتشد فى هذا اليوم، وفى المقابل علينا ببيان سياسى موجز ومركز وواضح: أولاً: حرية الرأى بل والاحتجاج مكفولة للمصريين كافة. ثانياً: نطالب وزارة الداخلية بحماية تظاهرة 30 يونيه، وأيضاً حراسة مقومات الوطن، وفى هذا الشأن ولتوقعنا الذى ندعو الله أن يخيب، أن العنف والتخريب كان نهج هؤلاء فى أغلب، إن لم يكن كل، مشاركاتهم الميدانية التى خلا منها الإسلاميين «حراس الوطن ومحبيه»، لذلك نناشد وزارة الداخلية بتعميم كاميرات المراقبة، لكى تسجل على هؤلاء أى خروج على القانون، لأننا نتوقع منهم أن يزعموا أن الداخلية هى البادئة فى استخدام العنف، وأن عنفهم كان يمثل رد فعل. ثالثاً: معلوم تماماً قدرات الإسلاميين على الاحتشاد السلمى، كما أنه معلومٌ تماماً قدراتهم على الدفاع عن الشرعية وصيانة مقومات الوطن والزود عنها، لذلك نهيب بقيادات هذه المعارضة أن تتحمل مسئوليتها فى الحفاظ على «السلمية»، وفى المقابل نهيب بالأمن المصرى أن يتحلى بضبط النفس وأيضاً أن يتحلى بالحسم والصرامة، إن اقتضى الأمر. إلى هنا، فنصيحتى للإسلاميين مرة أخرى، ألا تستهلكوا أنفسكم فى هذا اليوم، ولينظر العالم كله لهؤلاء وسلوكهم، أما أنتم فاحتفظوا بجهوزيتكم، فالجميع «كافة» على يقين بقدراتكم، وهيبتكم. * قلت لصديقى الإلكترونى المعارض، تعالى نتكلم خمسة جد، وعقل، وعلم: مشكلة المعارضة، أنها تتعلق بأوهام لتعويض النقص، وسأكتفى بدليلين موجزين، والأيام بيننا. 1 تجاهلهم لقدرة خصمهم السياسى، الذى يرفض خروجهم على الصندوق. 2 تجاهلهم، بأن لدينا الآن قدراً معتبراً من الناس، حقيقة غير راضٍ عن أداء مرسى، ولكنه أيضاً يرى فى المعارضة، بلطجة وتخريبًا وتعويقًا للبلد، ولهم مواقف صريحة وواضحة تماماً فى رموز هذه المعارضة. استخدمت تعبير (تجاهلهم)، بينما الحقيقة أن هذين البندين غائبان نهائياً عن ذهن هذه المعارضة العاجزة، أو أنها تغيبهما عن إدراكها ووجدانها إجمالاً، حتى تعيش فى وهم الأمانى الزائفة. صدقنى يا صديقى، أقصى ما يمكن أن يفعله هؤلاء فى 30 يونيه، هو التخريب والتعويق. وفى المقابل أنا ألوم مرسى والإخوان، أولاً لأنهم استدرجوا منذ إبريل 2011، ثم لأنهم لم يعملوا لمصر ما تستحقه. إلى هنا انتهت رسالتى لصديقى، وأضيف أن جمع التوقيعات عمل سياسى مشروع ومفيد، ولكن الفئة الداعمة له تستغرقها أوهام العجزة، فلا ترى خريطة الشعب المصرى، ومن ثم فلا تدرى أن أقصى ما يمكن أن تستقطبه فى الانتخابات البرلمانية مثلاً، لا يمكن أن يزيد عن الخمسة والعشرين فى المائة من التصويت الشعبى، لأنها لا تعى بأن من يتقاطع معها فى رفض أداء الرئيس مرسى، يرفضها هى كذلك، ولا يرى فيها طموحاته لمصر، وفى المقابل ففى إمكان الإخوان والإسلاميين استقطاب هذا القدر من الشعب مرة أخرى، إن أنجزوا ولو القليل من المحسوس المباشر للشعب، فما بالنا لو استمعوا للنصائح وانفتحوا على المخلصين، أقصد هنا الإخوان. إلى هنا وأضيف أيضاً، أننا فى احتياج الآن، لعملية فرز للنخب المصرية السياسية «كافة» وبدون استثناء، أما ما يعنينى مباشرة أن نجرى هذا الفرز لنخبنا الإسلامية، حتى نقدم إلى الأمام الصالح منها للعمل السياسى وللحديث الإعلامى، وأن ندخل الباقين الجراچ، جراچ إعادة التأهيل والتدريب كذلك. محسن صلاح عبدالرحمن عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.