رداً على رسالة ثناء، أدعو الله أن أكون مستحقاً له، من صديقتنا الإلكترونية المهمومة بالشأن العام والشأن الإسلامى كذلك، والشهيرة باسم مطيعة طايع، قلت ما مفاده وبتصرف من باب تخفيف النقد للفصائل السياسية: كتر خيرك يا أستاذة، بس أنا موجوع جداً جداً.. من اللى بيحصل فى مصر، من الكذابين المخادعين المخربين وأتباعهم وأمثالهم فى كل مكان، ثم من الجانب الآخر موجوع وبدرجة أكبر بكتير جداً جداً.. من الذين ننتسب إليهم، لأنه كان بإمكانهم أن يفعلوا الكثير لمصر، ولكنهم لم يفعلوا لأنهم إما جهلة أو عشوائيون، الله أعلم، فلم أعد أدرى هل هذه أم تلك، إلا من رحم ربى منهم، وأخشى أن يكونوا مكابرين كذلك، فتبقى كارثة، ويارب احفظ مصر واهدِ المصريين جميعاً إلى ما فيه خيرها. إلى هنا انتهت رسالتى للصديقة الفاضلة، ولكن بقت دموعنا المحبوسة، وجعاً وكمداً، على مصر التى كانت منذ 11 فبراير 2011 ومازالت وستظل مستحقة منا، ما كان ومازال ممكناً أن نقدمه لها، رغم كل معوقات الأقلية المخربة، ولم نفعل. نعم رغم كل التعويق المستهدف من جماعات متنافرة ولكنها تقاطعت عند كرهها لأى إنجاز يمكن أن يقدمه الإسلاميون لمصر، حتى لو أدى هذا التعويق إلى سقوط مصر ذاتها، فذلك لا يعنيهم طالما سقط الإسلاميون معها، ولن يحدث ذلك بإذن الله وحفظه سبحانه وتعالى، للمحروسة. هل كان هذا التعويق مانعاً لنا عن أن نقدم لمصر ما تستحقه منا كإسلاميين ونحن نزعم أننا دعاة استقرارٍ وبناء؟ لا والله ما كان يمنعنا هذا التعويق عن أن نسعى، ومع ذلك لم نسعَ، والمسؤولية الأعظم فى ذلك تقع على عاتق الإخوان المسلمين، لاعتبارات بديهية غنى عن البيان تفصيلها. تحدثت كثيراً من قبل عن الفترة من 11 فبراير 2011 إلى خريف العام ذاته، لذلك سأتناول ما بعدها. حقق الإخوان المسلمون نجاحاً ملفتاً فى الانتخابات الپرلمانية خريف وشتاء 2011/2012، رغم كل الهجوم الإعلامى الكاذب والمضلل والذى نالته جماعة الإخوان من خصومها السياسيين، قبل وأثناء وبعد الانتخابات، ومع ذلك استمرت فى سياسة «الطبطبة» العبيطة والتى بدأتها أيام الثورة وكانت مبررة، ولكنها عمقتها وشعبتها بعد ذلك، وحتى اليوم، بينما الأمر كان يحتاج ومبكراً إلى «إعلان وتجاوز»، أما الإعلان فأن نقول لهذه الأقلية العاجزة، إن هذا ما عندنا، دستور يكرس العلم والإدارة فى ظلال من الديمقراطية وسيادة القانون والمساواة بين المصريين كافة والعدالة المجتمعية، دون إخلالٍ بهويتنا وشريعتنا الإسلامية، وأن لا وقت عندنا لنضيعه معكم فى صراعات سياسية إعلامية ساذجة، لأن مصر تنتظر منا ما تتوق إليه وشعبها من إنجازات، أما التجاوز فهو تجاوز هذه الأقلية الساذجة العاجزة المعوقة، عبر المضى قدماً إلى الأمام بفكرٍ وعلمٍ وانفتاحٍ على المجتمع الأهلى بمبدعيه، فى خدمة مصر. ولم تفعل جماعة الإخوان، بل وقعت فى فخ الاستدراج الساذج، وصنعت بنفسها معارضتها، نعم هذه الأقلية المخربة، هى صنيعة الإخوان المسلمين، نعم هى صنيعة الإخوان، رضعت فى حضانة «الطبطبة» كما كررت مراراً، وتشيطنت عندما استدرجت الإخوان بعيداً عن خدمة مصر واقتصادها وأهلها. ومع ذلك، فكان بإمكان جماعة الإخوان، أن تنجز فى مجالات عدة، ولكنها وعلى النقيض تماماً سلكت سبيلاً عشوائيًا فى إدارة مصر، كما بدت لنا وكأنها مكابرة، عندما لم تستمع إلى نصح الخبراء المخلصين، والذين حذروها وبكيفية شبه يومية، عند كل أخطائها شبه اليومية أيضاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله. واليوم ونحن على أبواب استحقاقٍ ديمقراطىٍّ جديد، وهو الانتخابات البرلمانية، والتى لا أظن أنها يمكن أن تبدأ قبل سبتمبر القادم فى شقها الأول وهو مجلس النواب، ثم فى شتاء 2013/2014 وهو مجلس الشورى، أو هكذا «أنصح» اليوم، بألا تبدأ قبل سبتمبر المقبل، لأن جماعة الإخوان بالذات دون بقية الفصائل الإسلامية، غير جاهزة لهذا الاستحقاق الآن، وبالمناسبة فأنصح بقية الفصائل الإسلامية ألا تطالب بقائمة إسلامية واحدة، لأنها ستكرس «التكامل السلبى» للأسف، بمعنى أن الإخوان الآن يعانون بالفعل، وبعض الفصائل الإسلامية لديها بعض السلبيات ولكنها من نوع آخر، ومن ثم فالقائمة الموحدة تمثل ضرراً سياسياً، ولكن ما أنصح به وأشدد عليه، هو التنسيق «المخلص» فى الدوائر الفردية. حزب البناء والتنمية لديه فرص طيبة بإذن الله، ولكن بعض التصريحات لبعض أعضاء الجماعة الإسلامية وحزبها، يجب أن تتوقف تماماً، بل والأهم بشدة، هو الاحتياج السريع إلى «نيو لوك». حزب الوسط، لديه فرصة واعدة بإذن الله، ولن يحتاج إلا إلى أمرين، الأول إعادة فحص التجربة الانتخابية السابقة، الثانى هو بلورة رؤى اقتصادية لمصر، لا يعلنها الحزب إلا فى الأسبوع الأخير قبل الانتخابات، أما الآن فعناوين موجزة جاذبة: تحالف أبو إسماعيل فرصته ضيقة، أى تكاد لا تتخطى الأنصار من الشباب، بينما قبل الانتخابات الرئاسية ربيع 2012، كان بالإمكان مخاطبة قطاع ليس بالقليل من الجمهور الإسلامى، بل ومن غير الإسلامى أيضاً واستقطابه لأبو إسماعيل، عبر الأفكار الاقتصادية، وهو ما حققه حزب الإخوان فى نسخته الأولى «2011» أى استقطاب غير الإسلاميين للتصويت له، وما يمكن أن يحققه بشيء من الإبداع حزب الوسط «2013»، ومن هنا فانضمام الجماعة الإسلامية لتحالف أبو إسماعيل الانتخابى، سيحقق خسارة لحزبها «البناء والتنمية»، كما لن يفيد أبو إسماعيل، فتغيير الصورة الذهنية التى ساهمت فى صنعها تركيبة من المعالجات الذاتية غير الموفقة مضفرة مع أخرى قام بها إعلامٌ مضلل، تجاه أبو إسماعيل، فذلك يلزمه عملاً فوق التقليدى بل يصل إلى سحاب المعجزات، وللأسف ليس لدىَّ من الملكات فى هذا الشأن الصعب يمكن أن أنصح به، ولكن يبقى دور الشيخ اليوم وغداً فى دعم المشروع الأسمى ونصرته، فغيرته وقوته فى الحق والتى يعوزها فقط بعض الترشيد، لا نظير لها، أو هكذا تحسبها بإذن الله، عند تحقق هذا الرشاد. أما مشاكل حزبى النور والوطن، فلا تختلف فى تأثيرها السلبى كثيراً عن مشاكل الحرية والعدالة، وأتمنى بحكم انتمائى للتيار العريض، دون انتسابٍ تنظيمىِ لأى حزب أو جماعة، أن أصل بجهدى المتواضع إلى الجميع، أى إلى فصائل التيار العريض كله ومن ثم الخوض فى تفاصيل كل ما تقدم بالمقال، ولكن إلى ذلك الحين على هذه الأحزاب الثلاثة تحديداً، أن يتدارسوا، أسباب الفرق بين نتائج الانتخابات البرلمانية، والأخرى الرئاسية، وتدارس نهجهم السياسى طوال العامين المنصرمين، لأن ذلك هو المنطلق لهذه الأحزاب الثلاثة، لتدارك السلبيات العظمى، والتى وضعت ثلاثتهم أمام التحدى الأكبر فى الانتخابات البرلمانية القادمة، مقارنةً بحزبى الوسط والبناء والتنمية مثلاً، أعانهم الله جميعاً. [email protected]