استيقظنا من حلمنا كمصريين، على عجز «الجميع»، وهذه هي الحقيقة السياسية المؤكدة أمامنا الآن، والتي لا أستطيع أن أهرب منها، أن الجميع عجزة، وأضف من عندك كل ما تريده من نعوتٍ أخرى. والعجيب أن الخصمين الرئيسين فى المشهد أمامنا الآن وعلى عجزهما فقد ساهما متبادلين في صنع كل منهما للآخر. فهذه الأقلية المعوقة للوطن الكارهة له ولنفسها، هي صنيعة جماعة الإخوان المسلمين، نعم هي صنيعة الإخوان، رضعت في حضانة «الطبطبة» حولين كاملين ويزيد، وتشيطنت عندما استدرجت الجماعة ونحتها بعيدًا عن خدمة مصر واقتصادها وأهلها، فصنعت بذلك وبدورها، عجز الإخوان المسلمين، ولا عجب في ذلك حين تكتشف أن الإدارة العلمية التى كنا نأملها كنهجٍ للإخوان، لم تكن موجودة لدى الجماعة على الإطلاق، ومن يعترض على ما أراه، فليظهر لي أمارة واحدة فقط، تهدم رأيي. وهاهي أمامنا الآن أقصد عصبة القيادة لتلك الأقلية، وقد دفعت أمام أعينا طوال الأسابيع بل الشهور بل العامين الماضيين، الصبية والبلطجية ليخربوا الوطن، بينما هذه العصبة قاعدة حول المدفأة، لا تبالي بدماء صبية دفعتهم إلى مصارعهم، ولا تبالي بوطن تخربه بدمٍ باردٍ وبقلبٍ حاقدٍ، وكأنها تقول طظ في مصر وأبو مصر، فلا يعنيني إلا تعويق مرسي وجماعته عن خدمة مصر وأهلها، وأن أمنع الإسلاميين عامةً من الوصول إلى سدة الحكم. أليس هذا وبإيجاز، ما نشاهده أمامنا الآن، بغض النظر مؤقتًا عن منطلقاته ومقدماته؟ بغض النظر عن كون جماعة الإخوان قد ربطت مبكرًا وبسذاجة متناهية، رباط حذائها برباط حذاء هذه الأقلية، ومن ثم فهي من صنعت مشكلتها بوقوعها فى فخٍ ساذج حذرنا منه مرارًا، فأضاعت على مصر عامين، ومن ثم فلا يمكن لنا أن ندافع عن الإخوان فيما يخص هذا الاستحقاق المصرى الذى ضاع، ولا عن الفرص السياسية التى أضاعتها الجماعة وآخرها وأفضلها تمثلت في فرصة تحرير هذه الأقلية من تلكيكاتها، وسحب البساط من تحت أرجلها، حال أن وافقت الجماعة على إعادة تشكيل جمعية وطنية لصياغة الدستور، عبر الانتخاب المباشر من الشعب كما نصحنا بذلك، على أن يختار الناخب من بين القوائم، القائمة التى يميل إليها، حيث كل قائمة تضم مائة عضو كمرشح أساسي، وخمسين احتياطيًا، وفي النهاية ستتشكل القائمة النهائية نسبيًا، وكانت ستخرج هذه الأقلية منكسرة ذليلة، لكن أراد الله سبحانه وتعالى أن يعاقب جماعة الإخوان وأن يعاقبنا معها، وإنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين. ثم ومن الجانب الآخر وبغض النظر عن أحقية «الأقلية» في ضمانات إجراء انتخابات نزيهة، وهو حق ولكن أبدًا لا يجعلنا نتسامح فى جريمتها العظمى، تخريب الوطن. ذلك هو المشهد المصري المحزن الذي صنعناه جميعًا، أقلية كارهة لفشلها، فاتجهت إلى البلطجة السياسية تعويضًا عن فشلها، فاستقطب ما فعلته الصبية والمجرمون، والنتائج مشهودة أمامكم، وفى الجانب الآخر جماعة انتخب ممثليها الشعبُ، ثم خيبت آمال هذا الشعب الذى انتخبها، عندما اُكتشف خواؤها الإداري، وقلة حيلتها أمام خصم ساذج. فما الحل؟ أمامنا حل من ثلاثة: الأول مناظرة لا يشارك فيها الرئيس ولكن من يمثله، ليس بوصفه رئيسًا للجمهورية، ولكن يمثله بوصفه الطرف الإسلامي، ويواجه عبر هذه المناظرة وفى آنٍ واحدٍ، موسى والبرادعى وصباحي، على مسمعٍ ومرأى من جموع المصريين، ومشكلتنا كإسلاميين فى هذا الحل، هو جدارة ذلك الشخص الذى سيمثل الرئيس، أو لنقل الذي سيمثلنا كإسلاميين، رغم سهولة مناظرة هؤلاء. الثانى، أن تشرع على الفور، مجموعة من خبراء أنصار التيار الإسلامي، في ابتداع حلول اقتصادية والبدء الفوري في ترجمتها، وعلى التوازي البحث عن البديل السياسي الإسلامي للإخوان، من التيار العريض الأشمل، والذي لا يستثنى الإخوان كأفراد في التكوين الجديد، وتصديره في المشهد السياسي وتسويقه لدى الشعب، استعدادًا لأي سباق سياسي قادم، ومشكلة هذا الحل أنه لا يشارك بكيفية مباشرة فى الحل السياسى العاجل والمطلوب، وأنه ينفض يده من الإخوان، ولكن من إيجابياته العديدة، أنه سيقدم شيئًا معتبرًا إلى الشعب في النطاق الاقتصادي، وسيستقطب دعاة الاستقرار والبناء، الرافضين لما يحدث الآن من تخريب. الثالث، أن تشرع مجموعتان من المخلصين لهذا البلد، «لا تزيد عضوية المجموعة الواحدة على ثلاثة أفراد» واحدة من التيار الليبرالي وتذهب لاستخلاص الحد الأدنى لمطالب جبهة الخراب، والأخرى من التيار الإسلامي وتذهب إلى الرئيس لاستخلاص الحد الأقصى من التنازلات، ثم يجلس أعضاء المجموعتين سويًا لبلورة حل يُفرض، وعندما أقول يُفرض بضم الياء، فأنا أقصد ذلك، وهو ممكن، من سلبيات هذا الحل أنك رضخت للبلطجة السياسية للأقلية العاجزة، ومن إيجابياته أنك ستعريها بإذن الله عند أول انتخابات قادمة، شريطة أن يعمل أنصار التيار الإسلامي من الآن، في الحل الثاني بعيدًا عن الضجيج. أنا شخصيًا، أميل إلى الحل الأول، ولكنى لا أضمن من يمثلنا فيه، فضلًا عما وصلت إليه «تعقيدات» المشهد والحالة المصرية عمومًا، وهو ما يستلزم ربما، ضفيرة أو سبيكة حلولية. يبقى أن أكرر أن «موضوع» الحل الثاني، مستحقٌ في جميع الأحوال وبغض النظر عن الحل المختار من بين الثلاثة المطروحة بما فيها الثاني، وخاصة أن خدمة مصر وأهلها، استحقاقٌ تأخر كثيرًا. [email protected]