* الكراهية هي الإناء الذي يجمع كل الأخلاق السيئة.. فالكاره كذاب. والكاره منافق. والكاره خائن. والكاره ظالم. والكاره فاسق. والكاره حسود.. ولك أن تعد ما شئت من الصفات الذميمة فلا تجدها إلا في إناء الكراهية.. والكراهية هي الوقود الذي يدير "موتور" المجتمع المصري الآن.. الكراهية أعيت مَن يداويها أكثر من الحماقة.. لا مكان ولا نجومية ولا شهرة ولا رفعة في بلدنا إلا للكارهين.. الكراهية تدير السياسة. والإعلام. والقانون. والصحافة. والشارع. والمقهي. وحركة المرور.. ولا يمكن أن يكون الكاره مؤمناً ولا مأموناً ولا عادلاً ولا منصفاً ولا صادقاً.. ولا يمكن أن يكون أصيلاً.. والكراهية هي المسئولة وحدها عن العنف والتطرف اللذين ضربا بلدنا في مقتل.. الكراهية مسئولة وحدها عن التخريب والتدمير والفوضي.. والناس في بلدي أوعية تنضح كراهية.. وكل منتمي إلي جماعة أو فرقة أو حزب أو تيار ليس محباً لما ينتمي إليه. وإنما هو كاره للفريق الآخر.. وكل من يشجع فريق الكرة لا يحب الفريق الذي يشجعه. وإنما يكره الفريق المنافس.. وأنا أحب هزيمتك أضعاف ما أحب انتصاري.. وأحب فشلك أضعاف ما أحب نجاحي.. وأحب خسارتك أضعاف ما أحب فوزي.. أنا لست مشغولاً بأن أصعد إلي القمة معك.. ولكني مشغول بأن أسقطك من قمتك إلي قاعي.. وقد قيل في تفسير الآية الكريمة من سورة الصف: "يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون.. كبُرَ مقتاً عند اللَّه أن تقولوا ما لا تفعلون".. إن من يخالف قوله فعله هو الكاره.. والكاره منافق.. وأصل النفاق الكراهية.. الكراهية أصل والنفاق فرع.. وكبُر مقتاً أي أن اللَّه تعالي يكره الكارهين.. ويحب المحبين.. وأعظم جهاد هو جهاد النفس.. وجهاد النفس أن تحملها علي ما تكره.. تحملها علي العدل مع من تكرهه.. تحملها علي القتال في سبيل اللَّه وهو كُره لها.. تحملها علي العشرة الطيبة مع زوج تكرهها.. "فإن كرهتموهن.. فعسي أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً".. وقد أقسم اللَّه عز وجل علي أن الذي يجد في نفسه كراهية وحرجاً من حكم اللَّه وقضائه ليس مؤمناً.. "فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً".. وقد بلغ من جهاد النفس أن أحد الصالحين قال: إذا وجدتني حائراً بين أمرين. فإنني أنظر أيهما أقرب إلي هواي فأخالفه. وأختار الآخر.. والهوي كراهية.. والهوي والنفس والشيطان حلفاء علي الإنسان. يزينون له سوء عمله فيراه حسناً.. والكاره يخفي ظلام قلبه بأنوار لسانه.. فهو أحسن الناس قولاً وأقبحهم فعلاً.. وهو دنيء لأن فضل القول علي الفعل أو زيادة القول علي الفعل دناءة.. وفضل أو زيادة الفعل علي القول مكرمة كما قال أكثم بن صيفي. كان رجل يكثر الثناء علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بلسان لا يوافقه القلب.. وقد ألح الرجل يوماً في الثناء علي أمير المؤمنين فقال له علي كرم الله وجهه : أنا دون ما تقول.. وفوق ما في قلبك.. لقد نزع الله من قلوبنا الرفق لأننا قوم كارهون.. والكاره ليس رفيقاً ولا رقيقاً ولا ليناً.. انظر إلي نداء الله عز وجل لموسي وهارون عليهما السلام: "اذهبا إلي فرعون إنه طغي. فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشي".. قول لين لفرعون ذلك الجبار الذي قال: أنا ربكم الأعلي.. ما أعظم هذا لقوم يعقلون.. الله تعالي يعلم أن فرعون لن يتذكر ولن يخشي ومع ذلك دعا موسي وهارون إلي أن يقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشي.. أين هذا من تطرفنا وعنفنا وسفالاتنا مع بعضنا نحن الذين يدعون أنهم متدينون؟!.. القاعدة التي وضعها رب العزة في الدعوة إليه هي القول اللين.. والقول اللين لا يخرج إلا من القلب اللين.. القول اللين لعل المدعو يتذكر أو يخشي.. المحب يدعوك وهو يتمني ويرجو أن تتذكر أو تخشي.. والكاره يدعوك وهو يتمني ألا تتذكر ولا تخشي. الكراهية هي التي تجعل المصالحة الوطنية في مصر بعيدة المنال.. وتجعل الحوار الوطني فاشلاً.. وتجعل الهدنة علي دخن. والجماعة علي أقذاء. وتجعل التحالفات هشة. وتجعل السلطة هي العشيقة اللعوب التي يطاردها الجميع.. وتجعل المتصارعين علي السلطة يريدون الفوز بها وعلي جثة الوطن.. الكراهية هي التي جعلتنا شيعاً وأحزاباً. كل حزب بما لديهم فرحون.. فتش عن الكراهية في الانهيار الاقتصادي والتخبط السياسي والتردي الأخلاقي والهوس الإعلامي. ومواسير مجاري التدين الزائف التي ضربت أرضنا كلها.. فتش عن الكراهية في أن تصبح مصر مقلوبة.. ويصير عاليها سافلها وسافلها عاليها.. فتش عن الكراهية في الجرائم الفظيعة والقتل الجماعي المجاني والاغتصاب الجماعي.. كل أفعال الشر في مصر الآن جماعية. لكن أفعال الخير فردية لقيطة يتيمة.. السرقة جماعية والاغتصاب جماعي. والقتل جماعي. واقتحام مكتب مدير الأمن جماعي من غير الأمناء.. والتخريب جماعي.. الناس في بلدي يتعاونون علي الإثم والعدوان. ولا يتعاونون علي البر والتقوي.. وكلام الشيخ السعودي "العريفي" عن مصر وعظمتها وأنها محروسة ومحمية. أرضاني واستمطر دموعي. ولكنه لم يقنعني.. لم ينزع من قلبي ومن عقلي الخوف من القادم.. والماضي العريق لا يكفي لصناعة حاضر زاهر ومستقبل مشرق.. شبح الكراهية يهدد الأخضر واليابس في بلدي وقصائد مدح مصر الماضي لا تسمن ولا تغني من جوع. ولا تؤمننا من خوف.. ولا تصمد أمام الآية الكريمة: "وإن من قرية إلا ونحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطوراً" ولا نصمد أمام الآية الكريمة الأخري: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً".. ولا نصمد أمام الآية الأخري: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".. والفتنة هي التي نسميها اليوم الثورة. "يعني كله رايح في داهية.. الظالم والمظلوم معاً".. الظالم بظلمه. والمظلوم بغفلته وحماقته وخنوعه وذله.. ودعاؤنا البليد: اللهم أهلك الظالمين بالظالمين. وأخرجنا من بينهم سالمين.. لا يُستجاب له.. لأن الظالمين والمظلومين هالكون.. والوطن هالك. * * * * يا أصدقائي الأحباء: أيمن جميل والمهندس إسماعيل العوضي وعبدالله حسن وأحمد صالح وتامر محمد فؤاد ورومير وأحمد العجيب وياسر مبارك وعيسي.. نحن في مصر نتنافس أينا يكره الآخر أكثر.. الحاكم يكره المحكوم. والمحكوم يكره الحاكم. والصحفي يكره القارئ والقارئ يكره الصحفي. والرؤساء يكرهون المرءوسين. والمرءوسين يكرهون الرؤساء. والعامل يكره عمله. والموظف يكره وظيفته.. وكل منا ينظر في طبق أخيه ويري الطعام فيه أكثر من طبقه.. "عيني طالعة علي طبقك. وعينك طالعة علي طبقي".. والكاره طماع ونصاب. ونمام ودساس.. الكاره شيطان رجيم.. والكراهية الشيطانية أخرجتنا من الجنة. وستدخلنا النار.. وستخرب بيوتنا وأوطاننا.. والحل هو الحب.. قد يظن البعض أنها دعوة رومانسية. وأن الأمر أعقد من ذلك بكثير.. لكن الحب هو الخلاص.. ليس ذلك الحب بين الرجال والنساء الذي ملأ الدنيا وخربها أيضاً.. ولكنه توطين النفس علي حب ما تكره. هذه الوجوه العابسة المكفهرة والألسنة "الزفرة" التي تملأ الدنيا من حولنا لا تبشر بخير ولا بحب حتي إذا تكلمت بالقرآن والسُنَّة. وتحدثت عن الحب في الله. والإخوة. وأبدت الغيرة علي الدين.. يخادعون الله والذين آمنوا. وما يخدعون إلا أنفسهم.. ويقول زهير بن أبي سلمي: ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفَي علي الناس تُعْلَم ويقول الشاعر الآخر: عيناك قد دلتا عيني منك علي أشياء لولاهما ما كنت أدريها تظل في نفسك البغضاء كامنة والقلب يضمرها والعين تبديها والعين تعرف من عيني محدثها إن كان من حزبها أو من أعاديها والحب رياضة يتقنها المرء بالتدريب الشاق.. وقد قيل: تحببوا حتي تحبوا. وتباكوا حتي تبكوا. وتصَبَّروا حتي تصبروا. وتعلَّموا حتي تعلموا. وتعففوا حتي تَعِفُّوا. وتحاملوا حتي تحملوا.. وخالفوا الهوي حتي يصبح عبدكم لا إلهكم.. والإنسان خلقه الله في كَبَدْ.. والكبد هو المعاناة.. وهو المحاولة. وقد يموت المرء وهو يحاول ويفشل. ولكنه يدخل الجنة بمحاولة فعل الخير. لا بفعل الخير نفسه.. وليس في الشر محاولة. ولا كَبَد. لأن من أراد الشر فعله.. لكن المحاولة والكبد في الخير والحب بدليل أن الناس يجتمعون في بلدي علي الشر بدعوة علي الفيس بوك.. ولا يلبي أحد نداء الخير. ولو دعوته لسنة كاملة.. ولأننا كارهون فإننا لا نقدم تنازلات لنلتقي في منتصف الطريق.. ولكننا نقدم شروطاً وعقبات لنزداد تباعداً.. وكل فريق يدعو الآخر إلي الحوار وهو يتمني أن يرفض.. والوطن لا وجود له في رءوس وقلوب الكارهين. الكراهية قلبت مصر وجعلت عاليها سافلها. وهدمت مؤسساتها حتي لم يبق وتد يحمي خيمة الوطن سوي وتد الجيش.. ولعله يبقي.. فقد ضاع وتد الشرطة. ووتد القضاء. ووتد الإعلام. ووتد السياسة والأحزاب. ووتد الحكومة والحاكم.. فصارت خيمة الوطن الضخمة مستندة علي وتد واحد وسط العواصف العاتية.. وقد كنا زمان نشكو نفاق الأدني للأعلي.. نفاق المحكوم للحاكم. والمرءوس للرئيس. والموظف للمدير. والضباط والجنود والأمناء لمدير الأمن.. وليت هذا النفاق دام. فهو أقل خطراً مما نحن فيه الآن.. النفاق لم تستأصله الفتنة التي نسميها ثورة. ولكنها قلبته ونقلته إلي الدرجة الأخطر. وهي درجة نفاق الأعلي للأدني.. الدولة الآن تتملق الشعب وتنافقه.. وزير الداخلية ومساعده ينافقون ويتملقون الجنود والأمناء والصف والضباط.. الحكومة والحاكم يتملقان الرعية.. ضاعت هيبة الدولة.. وصارت الهيبة خيبة "بالويبة".. وحاميها تحول إلي حراميها.. والمسئولون عن الانضباط صاروا قدوة في البلطجة والانفلات.. انفرطت حبات العقد وصارت كل حبة في بلد بعيد. أو فوق جبل شاهق.. وليس بمقدور أحد أن يجمع حبات العقد من جديد وينظمها في خيطها.. سقطت الصخرة العملاقة التي كانت تحبس تحتها العقارب والأفاعي والجراد والقمل والعناكب. وانتشرت هذه الحشرات كلها في طول البلاد وعرضها.. وقد نستطيع أن نبني ونقيم صخرة عملاقة أخري. وربما أكبر وأعظم من الصخرة التي سقطت. لكن مَن ذا الذي بمقدوره أن يجمع الحشرات الهاربة في كل اتجاه ويعيد حبسها تحت الصخرة الجديدة؟!!!.... ربما نستطيع أن نقيم دولة. ونعيد بناء مؤسساتها. ولكن لا أحد بمقدوره أن يعيد بناء الهيبة التي هوت وتكسرت "اللي انكسر عمره ما يتصلح".. ربما نستطيع أن نسن مليون قانون. ونكتب ألف دستور. ولكن "ابقي قابلني لو حد طبق حاجة"!! * * * * نحن نزهو بأن الفتنة التي نسميها ثورة أسقطت جدار الخوف.. وهذا أمر لو كنا نعقل.. يجب ألا يثير الزهو.. بل يجب أن يثير الرعب. فالمجتمعات لا تنجح إدارتها إلا بالخوف.. الخوف من الله. والخوف من القانون. والخوف من الفوضي. والخوف علي عمري وعلي أولادي. وعلي لقمة عيشي. والخوف علي وطني. والخوف من عدوي. والخوف من العقاب.. فإذا أمن الناس مكر الله واستهانوا بالقانون وتعايشوا مع الفوضي "وضربوها صرمة" فإن المصير كارثي.. والناس في مصر مقبلون علي المصير الكارثي لأنهم لا يخافون الله ولا يخافون العقاب ولا يخافون علي الوطن.. ويستهينون بالقانون ويبهدلون رجال الشرطة.. والناس في مصر يحترمون المرء اتقاءً لشره لا طمعاً في خيره.. لذلك يبدو البلطجية وقطاع الطرق وفتوات الإعلام والدعوة الدينية. أكثر هيبة واحتراماً من الدولة.. وعندما يصبح الشارع أقوي من الدولة فترحموا علي الهيبة. واعلموا أن الدولة لن تقوم لها قائمة وأنها صارت مباني بلا معان.. وحبراً علي ورق.. مصر لم تعد وطناً ولا دولة.. أصبحت عدة أوطان وعدة دول.. وتقسيم أي دولة يبدأ أولاً فكرياً وسياسياً وعاطفياً وطائفياً. وتنتشر الكراهية بين أبنائها حتي يصبح التقسيم الجغرافي هو الحل.. تقسيم أي دولة جغرافياً يبدأ أولاً بتجذير الكراهية والطائفية حتي لا يكون هناك مفر من التقسيم الجغرافي.. لذلك لن تكون مصر واحدة في الزمن المنظور.. وصار تقسيم سوريا جغرافياً أمراً حتمياً سواء بقي بشار أو رحل.. وبدأ التقسيم ببناء جبال الدم والكراهية بين السوريين.. كما أصبح تقسيم العراق مسألة وقت.. وليبيا واليمن والسودان.. الخريطة الجديدة لما كان يسمي العالم العربي سترسمها الكراهية وترسم حدودها.. ومصر لن تنجو لأن جبال الكراهية فيها تزداد ارتفاعاً.. ولم يعد الصراع بين الفرقاء في مصر خلاف رأي أو اختلاف رؤي ولكنه صار صراعاً بين أعداء كل منهم يريد وطناً علي مزاجه وعلي مقاسه.. وعندما يكون الصراع علي السلطة فإن الحل هو أن تكون هناك أكثر من سلطة وأكثر من دولة وأكثر من كرسي حكم.. وكل فريق يريد أن يكون صاحب سلطة ولو في وطن مقسم.. ولا يريد أن يكون رعية ومرءوساً في وطن موحد. وما يحدث في مصر والدول العربية الأخري يذكرك بمحنة الأندلس.. فقد أدت جبال الكراهية والدم وصراع السلطة إلي التقسيم الجغرافي.. فصار الأندلس عدة ممالك عربية متصارعة.. مثل غرناطة.. وقرطبة واستعانت كل مملكة بالأجانب ضد أختها وفي النهاية سقط الجميع وضاع الأندلس.. التاريخ العربي السييء والغبي يعيد نفسه..پأهل الأندلس استبعدوا السقوط.. ونحن الآن نستبعد السقوط الواقع لا محالة.. فالمتصارعون في مصر يفضلون سلطة بلا وطن علي وطن بلا سلطة.. والمتصارعون يستقوون بالأجنبي ويستعينون به.. فالعدو الخارجي صار صديقاً معيناً علي عدو داخلي.. الآن "أنا والغريب علي أخويا وابن عمي.. علشان كده سوف أضيع أنا وأخويا وابن عمي ويفوز الغريب".. كل الممالك الإسلامية والعربية أسقطتها الكراهية.. الكراهية أسقطت الأمويين والعباسيين والأندلسيين.. والمؤامرات التي نتهم بها أعداء الخارج هي في الحقيقة مؤامرات داخلية.. وسقوط الدولة وضياع هيبتها هما بداية النهاية.. وفكرة الوطن باهتة ولا قيمة لها في رأي الفرقاء.. فالإسلاميون يرون أن الأرض أرض الله. وهي سداح مداح لكل مسلم.. والليبراليون يريدون دولة مدنية ليس لها أي هوية مصرية.. مصر الوطن لا وجود لها عند الفريقين.. ولا قيمة لها أيضاً.. وهناك فراغ يريد كل طرف أن يملأه.. فهيبة الدولة سقطت ولن تقوم لها قائمة وقد كانت الدولة زمان نسراً وسط عصافير الشعب.. واليوم صارت الدولة عصفوراً وسط نسور الشعب.. وعندما تفترس النسور العصفور فإنها سوف تأكل بعضها.. الكراهية تحرقنا وتحرق وطننا.. وتفرقنا وتفرق وطننا.. والهوة بيننا تزداد اتساعا والتناقضات تزداد عمقاً.. لا خير في إسلامي أو ليبرالي.. لا تصدق دينيا أو مدنيا.. لا تصدقني أنا شخصياً.. أعد النظر وتأمل وحدك واستفت قلبك.. فقافلة الكراهية والسقوط تسير وكلابنا تعوي وتنبح بلا جدوي.. واسأل قلبك.. فإن عجز فاسأل كلبك.. وستجد جواب القلب والكلب واحداً: كراهية كما هي "واحنا رايحين في داهية"!!! نظرة قال أعرابي: السفلة من لا يضعه القَدْح ولا يرفعه المدح.. وقال آخر: السفلة هو الذي لا يعيبه ما يصنع من سوء.. وقال معاوية بن أبي سفيان: السفلة من ليس له فعل موصوف ولا نسب معروف.. وقال: السفلة من لا يستحي من فعل الشر ولا يحب أن يكون من أهل الخير.. وقال الأصمعي: السفلة من لا يبالي بما قال أو قيل له.. وسمع الأحنف بن قيس رجلاً يقول: لا أبالي مدحوني أو ذموني.. فقال: يا هذا لقد أراحك ما يتعب الكرام.. والإعاقة قد تكون عقلية أو قلبية.. وهي أخطر ألف مرة من الإعاقة الجسدية.. فالمعاق جسدياً إذا كان متزناً نفسياً وعقلياً فإنه سَوِّيْ.. والمعاق عقلياً وقلبياً إذا كان أجمل الناس وأكملهم جسداً فهو معاق.. ولا توجد أجهزة تعويضية للإعاقة القلبية والعقلية.. والسواء ما خلقه الله فيك والإعاقة ما خلقته أنت لنفسك زيادة علي خلق الله.. فالحمد لله أن خلق لي رجلين وعينين وشفتين ويدين وأذنين.. فذلك السواء.. أما الإعاقة فهي أن أكون بلسانين "وبوشين".. أعوذ بالله من ذلك.. فإذا الوجهين ليس عند الله وجيهاً. وأكثر من تلقي يسرك قوله.. ولكن قليل من يسرك فعله وقد كان حسن الظن بعض مذاهبي.. فأدبني هذا الزمان وأهله!!