قبِل الإسلاميون بالديمقراطية وانخرطوا فى الحراك السلمى، بينما دعاة الديمقراطية كفروا بها. استعداء هذا التيار الإسلامى المصرى الجارف، لهو من الخطورة البالغة التى لا تعيها هذه القلة النخبوية الساذجة العاجزة، التى تدفع بالصبية والمجرمين أصحاب السوابق إلى الشارع، وستهرب هى، حين تقع الواقعة لا قدر الله. الديمقراطية وفق مفهوم هذه الأقلية هى الاحتكام للشعب أو كما يقولون السيادة للشعب، والمضحك أو لنقل الفاضح لهم، أنهم يهربون من الشعب مكتفين بضجيج طفولى فى الشوارع، وها هى مصر وقد احتكمت للشعب أربع مرات منذ قيام الثورة وتحديداً منذ استفتاء 19 مارس 2011 مروراً بانتخابات الشعب ثم الشورى وحتى الاستفتاء الأخير الذى بدأ السبت الخامس عشر من ديسمبر 2012 مؤطراً بضجيج نخبة عاجزة بآلتها الإعلامية الزنانة الكاذبة، ومع ذلك نتمنى من الله سبحانه وتعالى رغم هذه التأثيرات السلبية، أن يكون هذا الاحتكام الأخير إلى الشعب أيضاً، استفتاءً كاشفاً فارزاً بإذن الله. حتى بعد مغرب السبت وقبل قليل من إرسالى المقال للجريدة، ورغم الإعلان عن مد التصويت إلى الساعة التاسعة فالطوابير الطويلة لم تنقطع طوال اليوم، سواء أمام اللجان الاستفتائية أو داخلها وهى حالة جديدة إيجابية مقارنة بما سبق، يعنى الأوقات كلها كانت أوقات «ذروة»، أما الدور الإيجابى الرائع للمرأة المصرية منذ قيام الثورة وحتى اللحظة فلم ينقطع، كما لم يكن هناك أثر للدعوة بالمقاطعة، ومن ثم وبغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، فالتحية واجبة للمواطن المصرى أياً كان انتماؤه السياسى. وفى المقابل، ألم يأنِ لقادة العمل الإسلامى أن يدركوا أنهم أساتذة فى تضييع الفرص الإلهية والمنح، وأن عليهم أن يلتحقوا بمدارس التعليم الابتدائى فى علوم الإدارة وفنون السياسة، حتى يرتقوا إلى التعليم العالى فى كيفية الإبداع واختصار المسافات الزمنية لتحقيق الإنجازات الكبرى، التى تعوض المصريين عما أضاعه عليهم نخبة عاجزة وقادتهم الإسلاميين كذلك، طوال ما يقرب من عامين كاملين؟ وهل سيدرك القادة الإسلاميون، أن سياسة «الطبطبة» من جانب، ثم من الجانب الآخر فإن عدم تأسيس إعلام جاذب يفند أكاذيب المعارضة، قد أثر بالسلب وحقق خسائر سياسية معتبرة؟ هبْ أن بلداً ما قامت فيه ثورة مثل ثورتنا وبه فصائل سياسية مثل فصائلنا وبتنوعها بالضبط، وهبْ أن القضاء هناك به أقلية فاسدة من القضاة وأكثرية مسيسة تميل بحدة ناحية الأقلية السياسية العلمانية، فتجمع الفسدة مع العلمانيين من القضاة معاً ضد الحاكم، عبر تعويق مسيرة هذا البلد، فماذا يفعل القائم على حكم هذا البلد فى مثالنا هذا؟ أولاً، الإجراءات الآنية: 1 أن يضبط أعصابه ويصبر ويدقق فى قراراته قبل إصدارها، بحيث يمنع «تلكيكات» هؤلاء القضاة، وعلى التوازى يتواصل مع الشرفاء داخل هذه الهيئات القضائية ويستشيرهم، على كيفية التحكم فى مفاصل القضاء ورؤوسه، وفى التفتيش القضائى كذلك مع تطوير دوره وفق «كود» محكم، دقيق وحاسم ومؤثر، فى المتابعة والرقابة، والضبط الموثق للفساد القضائى. 2 أن يبحث عن سبل لتطعيم عاجل «سنة تقريباً» للقضاء والنيابة، بكوادر شريفة من هيئات قضائية موازية، تحت عنوان «تغطية بطء التقاضى» بل ولتحقيق ذلك بالفعل، كما تمثل هذه الكوادر الشريفة مع الشرفاء الموجودين فى الأساس، احتياطياً إستراتيچياً حال إضرابات الفسدة والمسيسين. الإجراءات المتوسطة الأجل: 1 يشرع على الفور فى تأسيس أكاديمية لإعداد القضاة والنهوض بمهنيتهم وللبحوث والدراسات العليا، كما أنها تستقبل المتفوقين من الخريجين الجدد من كليات الحقوق لمدة ستة أشهر، لتأهيلهم مهنياً وسلوكياً وتوعيتهم بالدور الجديد للتفتيش القضائى الذى يضبط أى مخالفة. 2 القائمون على هذه الأكاديمية يتم اختيارهم بعناية، من القضاة الأكفاء الشرفاء والأكاديميين الخبراء الأمناء. 3 إنضمام الخريجين الجدد لهذه الأكاديمية، يكون وفق درجاتهم وفقط، حتى يتقى الحاكم «التلكيكات» الخاصة بما يسمى ب «الأخونة»، حيث دولة حلمبوشة بها فصيل إخوانى كذلك، يتبع التنظيم العالمى للإخوان. إلى هنا، ففى مقال قادم بإذن الله، سنتحدث عن هيئات أخرى هامة جداً فى دولة حلمبوشة، تستأهل إعادة الهيكلة ومن ثم التطهير. رجل الاقتصاد الذى سينقل مصر نقلة معتبرة إلى الأمام، هو بالضرورة يجب أن يكون ملماً بعلوم الاقتصاد، لكن الأهم أن يكون فى حراكه التطبيقى كرجل الأعمال «المدير» الخبير، يتخير أولوياته من بين الأعلى مردوداً والأكثر تأثيراً إيجابياً على عموم الحالة المصرية، وهذا ما نفتقده فى حكوماتنا المصرية عبر عقودٍ مضت، فلا يكفى أن تأتى برجال أعمال لتمنحهم الحقائب الوزارية، ولكن يجب أن تأتى بالمخلصين منهم، وأن تكون أنت أصلاً واعياً بالنهج المطلوب، حتى تراقب اختياراتهم للسياسات، وبرامجها التطبيقية كذلك. وهذا النهج الذى قصدته فى الاختيار للحقائب الوزارية، لا يقتصر فقط على الفريق الوزارى الاقتصادى، بل يجب أن يمتد لكل الوزارات، حتى يتحول الوزير فى مصر من منفذ تستهلكه أعباءٌ غبية وفقاً للتراث المصرى الغبى فى هذا الشأن، إلى رجل «استراتيچيات» ثم موجهاً ومراقباً، ومقوماً إن استلزم الأمر التقويم بعد التقييم، بعد أن نعيد إلى هياكلنا، وكيل الوزارة الأوحد، القائم على دولاب العمل اليومى. أما الانفتاح على المجتمع الأهلى بمبدعيه، فهو العمود المكمل لرفع الأداء الاقتصادى والأداء الحكومى العام عموماً. كما أن المشروعات الاقتصادية الكبرى، هى تلك الولادة وهى تلك أيضاً التى تحمل فى طياتها أدوات وآليات جذب تمويلها، وصدقونى وكما أكرر دائماً، مصر فى هذا الشأن بكرٌ، بكرٌ تنتظر ابناً خبيراً مبدعاً. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]