من مؤسسات الدولة العميقة التى نادت الثورة بإعادة هيكلتها ومن ثم تطهيرها، والتى انشغلت بها على المستوى الشخصى، مؤسسات كانت معضلتها الراسخة فى وجدانى منذ العقدين الأخيرين، أنها ليست فقط فى فسادها ولكن فى تقاطعها السياسى فى أغلبها مع الأقلية السياسية العلمانية، ومن ثم فكان أمر الفساد فيها يسيراً فى نظرى على معالجته بعد الثورة، أما الأخطر بالنسبة لى فكان ما يتعلق بأنها مسيسة ومناهضة للوجدان الشعبى بأغلبيته، فالخطورة حين يستدعى أعضاؤها توجهاتهم فتتقاطع مع توجهات الأقلية فى الصراع السياسى أو حتى الأغلبية، فيختل دورهم، فتُهدر الأمانة العظمى. والمحزن أنه لم يسمعنى أحد، عندما كنت أناقض التسطيح فى النظرة والرؤية لدى كل من كان يتصدى بالرأى والطرح فى شأن إعادة هيكلتها ومن ثم تطهيرها، الذى يستلزمه فكر وتستلزمه حكمة فحنكة سياسية. رائع أن تخلص الرئيس من كبار القادة فى الجيش، ولا أدرى إن كان استطاع أم لا، أن يُخَلِّص جهة أخرى سيادية من مؤرقات هامة، ولكن بدا لنا عن بعد، أنه تفاهم معها، ولا أستطيع أن أحكم بأكثر من ذلك، فمثلى تعوزه معلومات. لكن لم يعِ أحدٌ أو ربما هون للأسف، بما قصدته بالنسبة لجهتين أخريين، القضاء تحديداً والشرطة كذلك، وقد كتبت فى ذلك مبكراً وكثيراً، بل وسعيت أن تصل رؤيتى لدى النافذين فى جماعة الإخوان، وقد وصلتهم فى حينها، ولا تسألنى عن نتيجةٍ أو أثر!.. أدعو الله سبحانه وتعالى أن يُثَبِّتَ الدكتور مرسى وأن يوفقه إلى مبتغاه الذى هو مبتغى أغلبية المصريين، ولكن الأمر جد صعب علينا، ولكنه عند الله يسير بإذن الله. ذلك كان ما كتبته على حسابى فى "فيس بوك" فى بدايات الأزمة، ثم علقت بقولى: أقليته فاسدة، وأغلبيته علمانية، وعند الأخيرة كانت أزمتنا الأخيرة ومعضلتنا الباقية، إلى أن يأذن الله بمددٍ من عنده وبصيرة فنصر بإذن الله. ويوم الأربعاء عند الإعلان عن مليونية للإخوان «السبت» قلت ثم كتبت على حسابى: لسنا فى حاجة لإبراز أغلبيتنا الشعبية كإسلاميين، فهى يقيناً معلومة للكافة ومنها الأقلية العاجزة، رغم سذاجة تصريحات البعض منها التى تهون من تلك الأغلبية الشعبية، لذلك أنا أدعو إلى تأجيل هذه المليونية لحين يتطلب الأمر الاحتشاد، وأتمنى أن تنتهى هذه الزوبعة دون الحاجة إليها بإذن الله. نعود إلى «الموضوع» فأقول، إذا خُيرت بين «نعم أم لا» على الإعلان الدستورى وليس لى خيار إلا فى واحدة ودون الإفصاح عن ملاحظاتى وتحفظاتى، لتوجه هواى مسرعاً نحو نعم، أما إذا سُمح لى أن أعقب فأقول، سيكون أداؤنا وستكون مخرجاتنا أقيم وأفضل حين نفكر قبل أن نتحرك، نفكر كما ينبغى للمبدع أن يفكر، لا تأسره هواجس ولا تغشاه أمانى خادعة، ويؤطره منهاج علمى فى التفكير، وتضبط فكره رؤية ويستشرف مقدماً حال تحققها آثارها الجانبية المحتملة، ويأتنس فى كل شأن وكل وقت بصحبة إستراتيچية مبدعة تحاوره وتشير عليه. الإسلاميون لا يخسرون لغياب الإخلاص الذى أحسبهم عليه بإذن الله، ولكن خسارتهم تتحقق لغياب الأسباب التى حضنا الله سبحانه وتعالى على الأخذ بها. الله سبحانه وتعالى يبتلينا، لأننا لم نعتمد ديننا بشموله. [email protected]