لو سألت أي إسلامي يوم 11 فبراير 2011، بماذا نبدأ؟ لأجابك من فوره «بدستورٍ جديدٍ نبدأ»، ولكن عندما طالبت الأقلية السياسية بصياغة الدستور عبر جمعية تتشكل بالتوافق، فهذا «التوافق الغبي» هو ما دفعنا كإسلاميين كي نصوت بنعم في استفتاء مارس 2011، لأن التصويت بلا كان يعني من وجهة نظر المعارضة أن تتشكل هذه الجمعية بالتوافق، وكانت ترى هذه المعارضة أن الإخوان لا يعكسون أكثر من 15% من التصويت الشعبي، يعنى ذلك أن الجمعية التي كانت ستتشكل عبر ذلك «التوافق» والذي سيُناطُ إلى أعضائها صياغة ذلك الدستور، كانت الغلبة فيها ستكون للعلمانيين! ولأننا لم نجرِ من قبل في مصر، انتخابات حقيقية يمكن أن نستند إليها في الجهر بأن الإسلاميين يعكسون أكثر من 75% من التصويت الشعبي، فكان لابد لنا وقتها، أن نذهب إلى الصندوق، لنرجح الانتخابات أولًا، على الدستور. المهم أننا وضحنا ومنذ نهاية فبراير 2011، لماذا ننعت هذا التوافق بالغبي والساذج، وظللنا نصرح مرارًا بأن هذا «التوافق» الذى تريده هذه الأقلية العاجزة يُترجم إلى مطلبين ضمنيين صريحين: الأول: أن هذه الأقلية تريد أولًا من قادة العمل الإسلامي على غير رغبتهم وقسرًا، أن يتوافقوا مع مطالب هذه الأقلية فيما يخص مواد الدستور!.. الثاني: أن هذه الأقلية تريد من قادة العمل الإسلامي عند الاستفتاء على ذلك الدستور «التوافقي»، أن يوجهوا الجمهور الإسلامي، إلى التصويت على عكس ما يرغب هذا الجمهور!.. أما العجيب الآن، أنهم مازالوا يطالبون الرئيس، بأن يتعهد لهم بالضغط على الأغلبية الپرلمانية الإسلامية المتوقعة، لكى تعدل لهذه الأقلية العاجزة، الدستور!.. ومع كل هذا العجز وهذه السذاجة التي تتصف بها هذه الأقلية، لم نلمها يومًا لأنها وفي أدنى الأمور مراهقة، والمراهقة في الأعمار المتقدمة لا عشم فيها، ولكن كان لومنا الدائم وعلى مسمع من الجميع ومبكرًا جدًا، نوجهه ونكرره لمن ننتمي إليهم، أن كفوا عن سياسة «الطبطبة» واكشفوا أمام الشعب هذه الأقلية وافضحوا تعويقها للوطن، وانفضوا أيديكم منها، وأن امضوا قدمًا إلى الأمام، في خدمة مصر وأهلها. ولكن لم يستمع أحدٌ للنصح، أو لنقل لم يفحصه أحد ومن ثم لم يستشرف عواقب عدم الأخذ به. من أوضح العواقب العديدة المؤيدة لما كنا نحذر منه، الانتخابات الرئاسية بجولتيها. أما أخطرها على الإطلاق، فهو الإعاقة العمدية للوطن، وغياب هيبة الدولة، بل وكل ما نشاهده الآن أمامنا. أبدًا لم يكن وقتها مطلوبٌ منا قرارات سلطوية، وخاصة أن السلطة وقتها كانت ملكًا للمجلس العسكري، فقط كان مطلوبٌ منا «إعلان موقف نفض أيدينا من هؤلاء الوعي بأهمية المعلومات والأهم بتفهم ماهية المعلومات التي نجهلها ومن ثم اختراق الدولة العميقة برشاد وتوازنات التوجه إلى الشعب بالعمل والخدمة وابتداع الحلول الاقتصادية المبكرة»، وأشهد الله على اجتهادي في التقدير، أن ذلك كان ممكنًا، ولم ولن يتحقق اليوم وفقًا لآمالنا العريضة إلا عبر «المعلومات» أولًا. ومن العجيب أننا كنا نقول عند كل أزمة ناتجة عن عدم الانفتاح وعدم الأخذ بالنصيحة، كنا نقول «إن الحلول مازالت ممكنة، صدقوني». واليوم مازالت الحلول ممكنة بتوفيق الله: حديثٌ من «نوعٍ آخر» للرئيس إلى الشعب، حديثٌ علميٌ موجزٌ ومركزٌ، بعد أن يقوم الرئيس بتحقيق التالي: 1 أن تضمن لنا عدم احتمالية العوار الدستوري لقانون الانتخابات الپرلمانية الذي تم تشريعه، لأنك ومصر كذلك لن تتحملا تكلفة عوار ذلك، ثم عليك يا ريس وفقط أن توفر شفافية الإجراءات الانتخابية ونزاهتها، ورغم يقين المعارضة بأن مصر بعد الثورة لا يمكن أن تجرى بها انتخابات غير نزيهة، فمع ذلك فهو المطلب الوحيد العادل، الذي يصادف هذه المعارضة لأول مرة منذ عامين، ومن ثم فلا يمكن إغفاله. 2 أن تفند في خطابك بقية الطلبات غير المشروعة والساذجة للمعارضة، وأن تكشف عجزهم، وأعظم ما يبرز هذا العجز وأفضحه لهم، هو مطلبهم مقدمًا ومن الآن، بأن تضغط على الأغلبية الپرلمانية المتوقعة، من أجل تعديل الدستور، وهو ما يعنى اعترافًا صريحًا منهم بأنهم أقلية وأن لا حظوظ لهم لدى الشعب، ومع ذلك يريدون تمرير طلبات تأباها أغلبية الشعب!.. ملاحظة من عندي غير مطلوب ذكرها بالتأكيد من الرئيس وهي «أي سذاجة تلك وعجز وضعف كذلك ثم وأي جهل هذا تتحلى به المعارضة حين تطالب بذلك؟!.. »، ثم ملاحظة أخرى للإسلاميين «ألم يكن من اليسير عليكم بدلًا من سياسة الطبطبة على هذه الأقلية طوال عامين للأسف، أن تفضحوها أمام الشعب بتعرية أكاذيبها وأضاليلها الساذجة، ثم تفضحوا هروبها من الصندوق الانتخابي، الذي ستظهر نتائجه، الفارق بين الإرادة الشعبية والبلطجة السياسية!..». 3 الإعلان عن مشروعات اقتصادية «ممكنة» في المنظور. وبالمناسبة وهي لا علاقة لها بهذا الخطاب، هو عبقريٌُ عندي من يستطيع أن يبيع حق إدارة آثار مصر داخل مصر لمدة خمس سنوات بالرقم الذي لا أصدقه «200 مليار دولار»، ولكن هي خيبة المعارضة التي تهاجم هذا العرض الذي لم نتيقن من صدقيته، وأتمنى أن يكون حقيقيًا ويُنفذ، ولو كان أتى به معارض من الفشلة، لرفعنا له جميعًا القبعة، ولنعتناه بالمسوق الاقتصادي البارع والمبدع، ولرجوناه فقط أن يُضمِّن العقد تسعيرة مخفضة للمصريين. 4 أن تخبر الشعب بأن إحساسه بالأمن سيتحقق قريبًا، وأن البداية بأكشاك ثابتة لنقاط أمنية للشرطة بالأحياء وبالميادين الرئيسية، وبالقرى كذلك، وأخرى راكبة متحركة في عموم الوطن. 5 وهي نصيحة كررناها طوال العامين بصور شتى، أن تمكنك يا ريس مما تقدم ومن أركان وعمق دولتك كذلك، لن يتحقق إلا بشيء من السياسة والتوازنات والحسم كذلك عند الاستحقاق، فالمشكلة الأولى لرئيس مصر المنتخب منذ ولايته حتى الآن، هي «المعلومات» بعمقها، بعمقها يا ريس وبتشعباتها، والمهم هنا والذي قد يبدو لغزًا، أن ماهية المعلومات التي نجهلها، ولم ترد على ذهننا إطلاقًا.. 6 وقبل هذا الخطاب، عليك يا سيادة الرئيس، أن تضع خطًا فاصلًا قاطعًا، بين عوار الإدارة في المرحلة السابقة، وبين ما يجب أن تكون عليه الإدارة الآن وفي قادم الأوان. بالتأكيد هذا الأمر، يحتاج إلى فكر أولًا ومن ثم «المعلومات» التي سأظل ألح عليها، فرؤية، وإلى هيكل مؤسسي بآليات وأدوات، وإلى نهج، وبالتأكيد إلى كوادر، فاستشر يا ريس. ربنا سبحانه وتعالى منحنا إشارات وتحذيرات عديدة، منها الصغير ومنها الكبير، فألم يكن الله سبحانه وتعالى بقادرٍ على أن يجعلك تطل علينا فى حوارك مع الليثى يا سيادة الرئيس، فى الثامنة مساءً بالتمام، وبدون مونتاچ، وبدون ردود أفعال سلبية من المترصدين؟ بلا هو القادر سبحانه وتعالى على كل شيء. المؤمنُ فطنٌ كيسٌ، ومنفتح، وصدره رحب للنصيحة كذلك، ونحسبك على خير بإذن الله، يا ريس. * النادى الأهلى أكبر الخاسرين من الفترة الطويلة التي عطلت فيها مسابقات الكرة المحلية، فالرياضة بهذا النادي مؤسسة، فضلًا عن أنها قيمية فهي اقتصادية ناجحة كذلك، ولكنها فقدت منذ زمن، مدرسة الكرة الحقيقة في الأعمار السنية المختلفة، وعندما غابت «الفلوس» انكشف العوار الإدارى الوحيد ولكنه عظيم، أقصد «التفريخ» من الداخل. [email protected]