يعتبر سوق الجمعة من أكبر الأسواق فى مصر ويقام شرق القاهرة، حيث يمتد بضعة كيلومترات، تبدأ من منطقة السيدة عائشة مرورًا بالبساتين وسط المقابر وحتى أطراف حي المعادى لمدة يوم واحد من كل أسبوع وهو يوم الجمعة. ويتميز هذا السوق باحتوائه على كل ما يمكن شراؤه من السلع والمنتجات، حيث تجد فيه أي شيء تبتغيه، بالسعر الذي يناسب حالة جيبك، ففي قلب سوق الجمعة في القاهرة حيثما وليت وجهك تجد ما تبحث عنه فكل شيء متوفر سواء أكان ما تبحث عنه دواء أم جهاز كهربائي أم حتى حيوان أليف. وفي ظل العديد من التساؤلات حول مصدر هذه البضاعة وخطورتها يختلط الحابل في النابل، فيباع المسروق تحت بند المستعمل حتى علب البرشام المخدر، حيث ينتشر الباعة الجائلون في أرجاء المقابر لينادوا على بضائعهم الجديدة والمستعملة مجهولة المصدر، ورغم ذلك من الصعب أن تخرج من السوق دون أن تشترى أي نوع من البضائع خاصة مع تدني الأسعار لدرجة تدعوك للشك. فإذا كنت تريد أن ترتدي أفخم الملابس بأقل الأسعار، أو كنت تريد شراء جهاز تليفون أو تلفاز أو غسالة أو ثلاجة أو حتى كمبيوتر أو طابعة، كذلك إن كانت لديك مشكلة في العثور على قطعة غيار معينة، وإذا كان هناك عروسة تريد تجهيز نفسها من الألف إلى الياء دون أن تتعب في البحث واللف والدوران في أماكن عدة، وإذا كنت من هواة الطيور والحيوانات الأليفة أو حتى غير الأليفة، تريد عقربًا أو ثعبانًا أو حتى نسرًا أو صقرًا طلبك موجود في سوق الجمعة. وعند تجولك في هذه السوق لا تجد اختلافًا كبيرًا بين حال البائع والمشتري فكلاهما تجمعهما ظروف معيشية صعبة أجبرتهما على الوجود في هذا المكان، بائع يبحث عن مصدر رزقه وقوت يومه، ومشتري لن يجد بضاعته إلا في هذا المكان بالسعر الذي يناسبه. وفي هذا الإطار ذلك رصدت "المصريون" أجواء البيع والشراء داخل السوق. فيبدأ وليد حسن الذي يفترش الأرض ببعض العطور والكريمات والمساحيق الذي يبيع عطور وأدوات تجميل تحمل ماركات عالمية شهيرة تبدأ أسعارها من جنيه واحد إلى 10 جنيهات، وهذه الأسعار أقل بكثير من أسعارها في المحلات، لكن الغريب فيها أن مصدرها غير معروف وهو يرى أن ذلك هو السبب في رخص ثمنها وموجهة نظره أن الزبون لا يهتم بمصدر العطر، وإنما يهتم بالرائحة الطيبة والشكل الجذاب والسعر الرخيص. وعن سعر البضائع المتدني فيتعجب إبراهيم السيد بائع متجول أن الناس تشتكي من الأسعار وغلائها ولا تجد ضالتها ومع ذلك يتشكك البعض في صحة بضائعنا، مضيفًا أن الأسعار في هذا السوق أقل بكثير من مثيلاتها في المحلات والأسواق الأخرى وقد تصل إلى نسبة 50% وأكثر مبررًا الازدحام الشديد الذي يشهده السوق بانخفاض سعر السلع والبضائع بصورة تناسب قطاع عريض من البسطاء والفقراء واستدرك أنه على الرغم من انخفاض أسعار البضائع، إلا أن الزبائن يفاصلون فيها ليأخذوها بأسعار أقل نظرًا لتشكيكهم في البضاعة. أما الحاج مصطفي البان 54 سنة يقول مادحًا في السوق الذي يتاجر في هذا السوق كل شيء متوفر للبيع من الإبرة إلى الصاروخ، أو كما يقول كل شيء للبيع إلا البني آدم والسيارات يباع فيه كل ما يخطر على بال الإنسان، بدءًا من الملابس والأحذية والأجهزة التقنية والمنزلية والأثاث، والعطور والحقائب والأدوات الطبية والحيوانات والحشرات وأسماك الزينة والطيور حتى قطع الآثار ولكن لا تسأل عن شيء إلا سعر البضاعة أو السلعة فقط، وتأكد أنك ستحصل على طلبك وبالسعر الذي تريده فهذا هو القانون الذي يحكم السوق. ويؤكد عبده إبراهيم، بائع ساعات قديمة 25 سنة، أنه ليس كل ما يباع بالسوق مسروق عنها طواعية هناك تجار في السوق يعتمدون في توريد بضاعتهم على اللصوص، لكن هذه القاعدة ليست عامة، فهناك بضائع قد يستغنى أصحابها. مضيفًا أنه يبيع ساعات قديمة وجديدة فأنا أشتري الساعات القديمة من بعض بائعي الخردة وأقوم بتصليحها وتلميعها فأنا لا أعمل في المسروقات وأشتهر بسمعة طيبة في السوق ومثلي الكثير الذي يرضي بالقليل ولا يقبل بالمال الحرام رغم قصر اليد والفقر.
مهوى الأثرياء أما سوق الطيور فهو يضم أنواعًا نادرة من الصقور والحمام والنسور والقرود وحتى التماسيح الصغيرة والزواحف، وغيرها من الحيوانات الأليفة غير المألوفة، إضافة إلى أسماك الزينة المستوردة من الخارج وتجد أكثر زبائن هؤلاء الأنواع من الأثرياء فقط. تقول أم هلال، بائعة طيور، إن سوق الطيور يحتوي على كل ما يصنف طائر إلا أن المترددين على هذا القسم هم الأثرياء وأصحاب الهواية في اقتناء الطيور النادرة، مشيرة إلى أن السلاحف أكثر أنواع الحيوانات مبيعًا بالسوق وتبدأ أسعارها من 65 جنيهًا للواحد لتصل إلى 120 جنيهًا كحد أقصى بحسب نوعها وعمرها وحجمها أما الببغاوات الأسترالية فتتراوح أسعار بين 70 و150 جنيهًا، أما الببغاوات الفيشر والأرقى فتبدأ من 60 جنيهًا حتى 240 جنيهًا والسمان الزوج منه ب 10 جنيهات. أما عم مرسي، بائع "كتاكيت"، فيقول إنه يبيع كل أنواع الكتاكيت وأن زوج كتاكيت الدواجن ب2 جنيه أما كتاكيت البط فيباع الواحد ب5 جنيهات، وتباع أطعمة الكتاكيت والدواجن بمتوسط 3.5 جنيه لكيلو الذرة، وكيلو العلف ب2.5 جنيه أيضًا، وعلى الرغم من سعر بضاعته الرخيصة إلا أنه يؤكد أن رواج بضاعته ينخفض يومًا بعد يوم ومع ذلك فهذا أفضل له من التسول فمبلغ زهيد يغنيه عن سؤال الناس. البضائع المسروقة أما هذا القسم تجد فيه التليفون الجوال ويعد من أكثر الأقسام التي تلقى رواجًا كبيرًا بين الزبائن الذين يترددون على السوق لاستبدال أجهزتهم القديمة بالأجهزة الأحدث وينشط في هذا السوق التليفونات المسروقة بشكل كبير.
الأغذية الفاسدة شيء أخر شديد الرواج وزبائنه كثيرة وهو الأغذية المعلبة كالمربى والتونة والسالمون وزيوت الطعام والسمن بأسعار تقل كثيرًا عن السوق بعضها معلوم المصدر وتاريخ الإنتاج والصلاحية وبعضها الآخر غير معلوم وهو ما يثير شكوك حول سلامة هذه السلع وأثرها على صحة المواطنين، وبالرغم من ذلك تشهد رواجًا كبيرًا. فيقول عم بدوي خليل بائع معلبات إن بضائعه سلع مستوردة من الخارج ومطلوبة وتباع كما أن الزبائن يتداولون منتجات منتهية الصلاحية في السوق إلا أنها عديمة الأثر صحيًا، مشيرًا إلى أنه بائع في هذا السوق منذ أكثر من 5 سنوات ولم يشتك مرة واحدة أي زبون من بضاعته.
ملاذ الغلابة ويضيف رأفت سامح، أحد الزبائن ساخرًا: الغلابة يأكلون أي شيء ويأتون كل جمعة إلى السوق لشراء المعلبات لمنزلة وأولاده ولولا معرفته بسلامتها لما أقدم على شرائها لأولاده، مشيرًا إلى أنه لا علاقة بين ثمنها الرخيص وجودتها مؤكدًا أن رخص ثمنها في السوق هو ما يميزها عن الأسواق الأخرى. وبالقرب من سوق التليفون الجوال يوجد سوق الأثاث الذي يحتوي على العديد من الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية المستعملة وأدوات الطبخ وغيرها من مستلزمات العرائس من الإبرة إلى الصاروخ. فتقول السيدة هناء أحمد، التي كانت تتجول في السوق، إن لديها ثلاث بنات وزوجها يعمل موظف بسيط ومرتبه لا يكفي لتجهيز البنات للزواج وسوق الجمعة هو الحل الوحيد لأزمتها الكبيرة وتقول: "فهنا وجدا كل ما نحتاجه بأسعار تناسب ظروفنا فأسعار الأقمشة ومستلزمات المطبخ والصيني وغيرها بنصف ثمن الأسواق الأخرى حتى الوكالة". وأضافت ابنتها مروة إبراهيم، 22 سنة، أنه على الرغم سمعة سوق الجمعة إلا أنها تجد ما تتمناه وترغب فيه بالأسعار المناسبة.
أدوية منتهية الصلاحية والمثير للدهشة في هذا السوق هو انتشار الأدوية، فأقراص وزجاجات الدواء تفترش الأرض بشكل عشوائي، وعلى الراغب في دواء معين البحث عنه وسط أكوام من العلب التي تكون معظمها منتهية الصلاحية، ويكون الباقي منها معرضًا للتلف نتيجة سوء التخزين، فبالقرب من مسجد حسن بك فهمي أحد أكبر المساجد المعروفة في السوق يصبح الوضع أشبه بصيدلية شعبية من الأدوية بكافة أنواعها حتى الأنسولين يقوم الباعة بتخزينه في ثلاجات الأسماك بالمنطقة، والأخطر من ذلك كله، تباع منتجات أخرى سرية بداية من المنشطات الجنسية وانتهاءً بالمخدرات، وقد لاحظنا انتشار زبائن المنشطات وأدوية تأخر الإنجاب والعقم، وكما تباع أيضًا كريمات الوجه والشعر والشامبوهات.