الجدل الدائر في الشارع السياسي اليوم هو أخونة الدولة أو أخونة بعض الوزارات، وحيث إني لست ضد الإخوان المسلمين ولست معهم على وجه الإطلاق ولكني مع أهل الكفاءة والجدارة والتخصص في تولي وإسناد المسئوليات الجسام، ذلك أننا عانينا ستين عامًا من سوء إدارة أهل الثقة المقربين للسلطة الحاكمة المستبدة، هذه الإدارة السياسية غير العلمية التي فسدت وأفسدت جميع القطاعات المنوطة بها إلى أن (توجت) بهزيمتي 1956م، 1967م إن الإسلام – كمنهج حياة حضارية، قبل أن يكون شعائر تعبدية وعبادات ركنية – أشاد مؤكدًا بعلم التخصص والخبرة العلمية والعملية منذ أربعة عشر قرنًا، يقول الحق تبارك وتعالي في كتابه العزيز "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" النحل (43)، ويقول أستاذ البشرية جمعاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في واقعة تأبير (تلقيح النخل الشهيرة "أنتم أعلم أو أدري بشئون دنياكم" وعملًا بمبدأ الاختصاص والتفرد والتميز اتجه العلم الإسلامي المستقى من الكتاب والسنة مناحى ومدارس شتى من تفسير وحديث وفقه العبادات والمعاملات والنحو واللغة والبلاغة وغيرها من العلوم. وإن الحديث النبوي المشار إليه آنفًا استخدمه الفكر العلماني محرفًا مقصده الخاص كما سبق بيانه إلى معنى يخدم ثقافته الإلحادية وهي عزل وفصل الدين عن التدخل في الشأن الحياتي الإنساني، وليس المقام هنا مقام دحض وإبطال هذا الفكر الكذوب. والآن عن دور أهل الثقة في هزيمة 1967م الوليد الشرعي لهزيمة 1956م نعم هزيمة 1956م التي لم تنسحب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء إلا بعد أن استولت على الأرض المصرية (أم الرشراش) ميناء إيلات الإسرائيلي حاليًا الذي يطل على خليج العقبة كممر ملاحي لسفن إسرائيل من بعد هذه الحرب، وفي شهر مايو 1967م أغلق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية بقرار رئاسي في هذه السنوات الإحدى عشرة عين كثيرون من القيادات العسكرية (اللواءات) رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الاقتصادية وبعضهم محافظون للقاهرة والجيزة وعواصم الأقاليم والبعض الآخر وزراء مدنيون واستبقى في المراكز العليا العسكرية أهل الثقة والخطوة والزلفى، وإن كانوا دون المستوي المطلوب في الاستراتيجية والخطط العسكرية. ثم بدأت إسرائيل بالعدوان يوم 5 يونيه 67 على مصر وسوريا والأردن وفي ستة أيام بل ست ساعات انتهت المعركة باحتلال العدو سيناء والجولان والضفة الغربية، إن المسئولية مسئولية هذه الهزيمة يقع على عاتق القيادة السياسية التي خولت لعديمي الكفاءة والجدارة إدارة المعركة أما جيشنا المصري خير أجناد الأرض كما وصفهم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يشهد ببسالة الجيش المصري وبطولته الفدائية ما كتبه الأستاذ نجيب محفوظ في الأهرام كما جاءت في كتاب الأستاذ والمؤرخ الكبير حسين مؤنس "باشوات وسوبر باشوات/ ص313 تحت عنوان الجيش الذي هزمه قواده، وما كتبه نجيب محفوظ "إن جيشنا المصري لم ينهزم في حرب 67 وإنما قد تلقي أمرًا بالهزيمة فانهزم وفي كتاب د. حسين مؤنس بعض تجارب الضابط عصام دراز يقول "كانت هذه المواقع (مواقعنا) تقاتل طائرات العدو اشتعل اشتباك في القتال الحماسي في كل جنود وضباط المنطقة، كنّا نراقب معارك مع الطائرات في إعجاب شديد وسط هذه الروح القتالية العالية غير المتكافئة فالعدو مسلح بالطائرات القاذفة وجيشنا لا يملك إلا الدفاعات الأرضية، وعلى الرغم من ذلك هناك إصرار وعزيمة جبارة لمواصلة القتال والتضحية والفداء ثم فوجئ أبطالنا بقرار الانسحاب المفاجئ فكان وقعه كالصاعقة في قلوبهم ظهر ذلك من حوارهم مع بعض. ضابط: قد يكون هناك واجب آخر سنكلف به.. آخر: مؤكد أن هناك خطة ما.. وقال آخر بصوت يائس: لا يمكن أن نهزم بقرار.