إنها مصر التي استبقاها الخالق العظيم وسط العواصف شامخة.. إنها مصر الكنانة التي اختصها الله تعالى بخصائص فريدة لم تكن لغيرها.. إن المتأمل في مظاهر تكريم الله تعالى لها يرى أن مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر في القرآن الكريم خمس مرات صراحة.. ويكفينا شرفا قوله تعالى "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين". وفي "إنجيل متى: الإصحاح الثانى" نقرأ وصف رحلة العائلة المقدسة إلى مصر: "إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم قائلاً: قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه (14) فقام وأخذ الصبى وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر". فعندما هربت السيدة العذراء مريم والطفل يسوع المسيح ومعهم يوسف النجار من بطش الملك هيرودس في فلسطين، وجدوا في مصر ملاذًا آمنًا. نعم.. مصر بلد الأمن والأمان، وزارة الداخلية المصرية رجالها هم عيون مصر الساهرة، على قلب رجل واحد هدفهم تحقيق أقصى درجات الأمن للمواطن، وفي السنوات الماضية تغيرت الأحوال وصارت الجمهورية الجديدة جمهورية الأمن والأمان، فمنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم كان الملف الأمنى على رأس أولوياته، خصوصا في سيناء، والتي وضع لها بالتنسيق مع القيادة العامة خطة محكمة ومنظمة للقضاء على البؤر الإرهابية، تأكيدًا لمبدأ أنه بدون أمن واستقرار لن تكون هناك تنمية حقيقة على أرض الواقع. الدعم الذي قدمه الرئيس عبد الفتاح السيسي لوزارة الداخلية كان سببًا فيما تحقق من الإنجاز الضخم والعظيم لحماة الوطن وعيونه الساهرة.. في حربهم الشرسة ضد الخونة وبائعي الأوطان من الإرهابيين والتكفيريين.. من الإخوان وداعش وأنصار بيت المقدس في سيناء.. وجميع محافظات مصر المحروسة، وبعد الضربات الاستباقية الأمنية وتصفية قيادات الإرهاب، وهو ما كان له أبلغ الأثر الإيجابي على حالة الاستقرار والأمان التي تعيشها مصر وبالتالي انعكس أثره أيضًا على الاستثمار والتنمية.. وكان الثمن الذي تدفعه مصر لهذا الإنجاز.. سقوط الشهداء والمصابين من رجال الجيش والشرطة والمواطنين الأبرياء. ومن أبرز إنجازات الرئيس السيسي داخل وزارة الداخلية تتمثل في تحقيق العدل والإنصاف، حيث عمق بداخلها مبدأ حقوق الإنسان، وجعل جهاز الشرطة "شرطة الشعب". تعمل من أجل التيسير على المواطن.. والحفاظ على حقوقه الإنسانية والاجتماعية. من الفوضى إلى الاستقرار شتان ما بين المشهدين، مصر الآن، وقبل 12 سنة، حيث كانت التفجيرات بعد 30 يونيو هنا وهناك، وأعمال التخريب تتواصل من الجماعة الإرهابية، التى حاولت تحويل البلاد لساحة اقتتال وفوضى، من خلال أعمال إرهابية متواصلة، لكن الله سخر لهذه البلاد رجالا تحميها، وأبطالا قدموا أرواحهم فى سبيل صون هذا الوطن والحفاظ عليه، لتشهد البلاد خلال هذا العام اختفاء تاما للحوادث الإرهابية، بفضل الضربات الأمنية الاستباقية وضبط فلول الإرهابية، ما ساهم فى اختفاء الأعمال التخريبية من المشهد، وعودة الهدوء للبلاد، لا سيما فى ظل الضربات المتلاحقة من جهاز الأمن الوطنى. مصر دفعت ثمنًا غاليًا من دماء أبنائها في مواجهة التنظيمات الإرهابية عقب عام 2013، لكنها رغم ذلك نجحت في القضاء على الإرهاب وتحقيق الأمن الكامل في ربوع البلاد، بينما تعاني دول أخرى من انقسامات وصراعات مدمرة. و بالتوازي مع النجاحات التي حققتها مصر في مجال مكافحة الإرهاب، حققت الشرطة المصرية نجاحات كبيرة في ضبط الأمن الداخلي وإرساء الاستقرار في البلاد، إذ تمكنت أجهزة وزارة الداخلية من مواجهة وضبط عدد كبير من الجرائم، مثل جرائم المخدرات، وجرائم التهرب الضريبي والجمرك، وجرائم الأموال العامة، وجرائم المصنفات، والهجرة غير الشرعية، فضلا عن جهود مكافحة التعدي على ممتلكات الدولة، وجهود ضبط الأسواق، والحفاظ على صحة المواطنين. ووضعت الوزارة آليات أمنية لمواجهة ظاهرة نمو الاقتصاد الموازي، وتأمين قوميات الاستثمار، حفاظا على قدرات الدولة، ونجحَت مسيرة التنمية ودعم الاستثمار في التصدي لجرائم الفساد والرشوة، واستغلال النفوذ، والاختلاس، والإضرار بالمال العام، وجرائم التزييف والتزوير، وكل ما من شأنه الإخلال بالأمن الاقتصادي. الأجهزة الأمنية في مصر اعتمدت خلال السنوات الماضية على تطوير شامل في البنية التكنولوجية والأدوات الميدانية، حيث تم تزويد الأكمنة الأمنية بالأنظمة الذكية، وتوسيع نطاق كاميرات المراقبة، وتدريب ضباط البحث الجنائي على أحدث أساليب التحليل المعلوماتي دون انتهاك لحقوق الإنسان، وهي الإجراءات التي أدت إلى تحقيق معدلات ضبط غير مسبوقة وانخفاض نوعي في الجرائم الجنائية الكبرى. وعلى سبيل المثال فإن منظومة الأمن الجنائي في مصر تعمل اليوم بتناغم كامل، بدءًا من إدارات البحث في المديريات، مرورًا بالشرطة المتخصصة مثل مباحث الأموال العامة والتهرب الضريبي والآداب والأحداث، وصولا إلى غرف العمليات الأمنية المركزية. وهنا نتذكر كلمة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، والتي ألقاها خلال الاحتفالية التي نظمتها وزارة الداخلية، بمناسبة الاحتفال بالذكرى 73 لعيد الشرطة مطلع هذا العام، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكبار رجال الدولة.. حيث أكد أن الإحصائيات تشير إلى انخفاض معدلات ارتكاب الجرائم الجنائية خلال العام الماضى بنسبة بلغت 14.2% عن العام الذى سبقه، مشيرًا إلى أن ذلك محصلة للجهود الأمنية إلى جانب جهود الدولة فى تنفيذ البرامج الاجتماعية والتطوير الحضارى للمناطق التى كانت تشكل بيئة خصبة لتنامى السلوك الإجرامى. وأضاف أن وزارة الداخلية، أولت الوزارة اهتمامًا كبيرًا لمواجهة الجرائم الإلكترونية بمختلف أنواعها عبر تحقيق التكامل بين مهارات العنصر البشرى ووسائل التكنولوجيا الحديثة بالتوازى مع استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى إدارة العمل الأمنى عبر مركز العمليات الأمنية المستحدث، وبما يحقق منظومة أمنية تكنولوجية متكاملة قادرة على مواكبة التطور المتسارع فى أساليب إرتكاب تلك الجرائم. وكشف وزير الداخلية، عن أن الفترة الماضية نشطت عصابات تهريب المهاجرين على المستويين الإقليمى والدولى والتى اتخذت فى نشاطها أنماطًا جديدة لتجنب الرصد الأمنى، مؤكدًا أن الجهود الأمنية من تقويض الهجرة غير الشرعية انطلاقا من البلاد وضبط القائمين عليها مما لاقى إشادة دولية. إشادة دولية وفق بيانات منصة "ماكرو ترندز" البحثية الأمريكية، شهدت مصر انخفاضًا واضحًا في معدل جرائم القتل بين الأعوام 2015 و2017، حيث وصل المعدل إلى 1.34 لكل مئة ألف نسمة في 2017، بانخفاض نحو 13 بالمئة عن 2016، وتقول الحكومة البريطانية في نصائح السفر لمواطنيها إلى مصر إن "معدل الجريمة منخفض بشكل عام". وتحولت أنظار العالم إلى مصر الأسبوع الماضي حين قال الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" خلال لقاء ثنائي مع سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي على هامش أعمال قمة شرم الشيخ للسلام بأنه: "في مصر لديهم معدل جريمة منخفض على عكس أمريكا لدينا معدل جرائم مرتفع لأنه لدينا حكام ولايات لا يعرفون ماذا يفعلون".. هذه التصريحات لاقت ردود فعل عالمية، وإشادة دولية وإقليمية ومحلية. وقد علق الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء على تصريحات ترامب قائلا: " مجرد إن رئيس أكبر دولة في العالم بيشيد بانخفاض معدلات الجريمة في مصر وإن مصر تتمتع بأعلى معدلات الأمان وربنا يديمها علينا ويحفظها من أي تهديد، ده في حد ذاته دعاية كبيرة جدا لا تقدر بثمن، للأوضاع في مصر". وفي السياق ذاته.. فقد شهدت الأجهزة الأمنية المصرية تعاونًا واسعًا مع وكالات الأمن العالمية في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتبادل المعلومات، مما أسهم في إحباط العديد من المخططات العابرة للحدود، وفي الوقت نفسه عزز صورة مصر كدولة مستقرة وآمنة قادرة على حماية مواطنيها وضيوفها. كما وقعت وزارة الداخلية المصرية عدة بروتوكلات واتفاقيات أمنية مع العديد من الدول، منها على سبيل المثال ما تم في مطلع شهر سبتمبر الماضي، حيث وقعت وزارة الداخلية مُمثلة فى "قطاع حقوق الإنسان"، ومكتب منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونسيف" بروتوكول تعاون، وذلك لتعزيز قدرات جهات إنفاذ القانون فى حماية الأطفال من العنف، وتحسين البيئة وجودة الرعاية للأطفال بمراكز الإصلاح والتأهيل، من خلال دعم التعلم المُبكر وتنمية الطفولة وتعزيز ممارسات الرعاية الداعمة للأطفال المُقيمين مع أمهاتهم النزيلات وتعزيز الممارسات الملائمة للنساء والأطفال فى مراكز الإصلاح والتأهيل. على الصعيد الدولي أيضا، توسع التعاون الأمني بين مصر ووكالات الأمن العالمية، خاصة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ما أسهم في إحباط العديد من المخططات العابرة للحدود وتعزيز مكانة مصر كدولة آمنة ومستقرة. و بحسب مؤشر الأمن والسلامة لعام 2025 الصادر عن موقع "نامبيو" - الذي يعد واحدا من أكبر قواعد البيانات في العالم، جاءت القاهرة ضمن أكثر العواصم أمانا في الشرق الأوسط. السلام والأمن وضمن رؤية مصر 2030 وهي أجندة وطنية أُطلقت في فبراير 2016 تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الدولة المصرية المختلفة. كان الهدف السابع ضمن أهداف أجندة التنمية المستدامة " السلام والأمن المصري".. حيث تضع الدولة أولوية قصوى للأمن بمفهومه الشامل على المستويين الوطني والإقليمي كضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ عليها ويتضمن ذلك ضمان الأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة المستدام والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي والأمن المعلوماتي (السيبراني) وتأمين الحدود المصرية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. كما أطلقت الوزارة مشروع "المدينة الآمنة" الذي يعتمد على أنظمة المراقبة الذكية بالكاميرات في المدن الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية وشرم الشيخ، ما ساعد على منع الجرائم قبل وقوعها. وهذا التوجه عزز الثقة بين المواطن ورجل الشرطة، ورسخ مفهوم أن الأمن لا يقوم على الردع فقط، بل على الشراكة المجتمعية والوقاية، ما أدى إلى زيادة الإبلاغ عن الجرائم وسرعة التعامل معها. اعتمدت وزارة الداخلية نهجا وقائيا بالتعاون مع وزارات التضامن الاجتماعي والتنمية المحلية عبر مبادرات تستهدف الشباب والفئات المعرضة للانحراف، من خلال توفير فرص عمل ودعم نفسي واجتماعي، ما أسهم في خفض معدلات الجرائم المرتبطة بالبطالة والإدمان. إن استعادة توازن القوات وتشكيل قدرات شرطية جديدة تحقق في 2013 وكان انطلاقة قوية للشرطة المصرية، والتي أخذت على عاتقها تغيير الوضع الأمني إلى الأفضل والأكثر استقرارًا فمعدل العمليات الإرهابية في مصر انخفض من مئات العمليات عام 2013 إلى صفريات خلال 2020 و2021 نتيجة ترابط المنظومة الأمنية مع الأجهزة المعلوماتية واستخبارات الدولة. اقرأ أيضا: مصدر أمني ينفي مزاعم مقتل شخص على يد أمين شرطة بالمنوفية كما أن الاستقرار المعلوماتي والأمني الداخلي شكلا عاملين حاسمين في تحقيق النجاح في مواجهة الإرهاب العابر للحدود مما يؤكد أهمية التنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة. إن الحالة الأمنية التي تشهدها مصر حاليا تمثل نموذجًا يحتذى به، حيث باتت الشوارع أكثر أمنا وهدوءًا، مع التزام وزارة الداخلية بتطبيق أعلى معايير حقوق الإنسان خلال تنفيذ المهام الأمنية، بما يعكس صورة إيجابية عن الشرطة المصرية داخليا وخارجيا. حيث أصبحت تجربة مصر في تحقيق الأمن الداخلي محط أنظار العالم، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتنامي التحديات الأمنية التي تواجه العديد من الدول. ومما هو جدير بالذكر أن ختيار القيادات داخل وزارة الداخلية يأخذ في الاعتبار القدرة على مواجهة أحد أخطر التحديات التي تواجه الدولة، وهو سيل المعلومات والأخبار المضللة، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج صور ومقاطع فيديو يصعب على غير المتخصصين تمييزها عن الحقيقة، إلى جانب النشر الممنهج عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وهذه التحديات تستدعي قيادات أمنية متمكنة تكنولوجيا، وقادرة على التعامل مع هذا الواقع الجديد. فجماعة الإخوان الإرهابية تبث عدد لا حصر له من المعلومات المضللة، بعدما فقدت قدرتها على التحرك الميداني، ولم تعد قادرة على تنظيم التظاهرات، فيما قضت أجهزة الأمن المصرية على التنظيمات والعناصر المسلحة التي كانت تراهن عليها الجماعة لاستعادة السلطة التي فقدتها في 30 يونيو 2013. إن تصدي الأجهزة الأمنية لهذا الخطر، بالتوازي مع إصدار الوزارة للبيانات والمعلومات الدقيقة، وبناء الثقة مع المواطنين، يشكل حائط صد حقيقيا أمام محاولات التأثير والاختراق مهما كان حجمها.