فى ظل هذا المناخ المتقلب والوضع المضطرب والمشاعر المتأججة، والجراح الساخنة باستمرار، ومواصلة الشحن بسبب وبدون من بعض القوى، تبدو سحابة قاتمة قادمة بقوة ستغطى على كل ذلك، وقد تطال زخاتها لو أمطرت ببلاويها الجميع ولن ترحم أحدًا فكلنا تحت مظلتها سواء، ووسط كل هذا "العك" تتصاعد بقوة نبرة المناداة بالعصيان المدنى الكامل فى كافة أرجاء مصر هكذا دون الاكتراث لما سيقع بعد ذلك من مآسٍ وما يجره ذلك العبث من كوارث سنجد البعض وقتها ينادى بمحاكمة عاجلة للمتسبب فيما آلت إليه الأوضاع محمّلاً الرئيس مرسى مسؤولية الخراب والدمار الذى حل، وذلك من قبل الفئة التى وصلت لمرحلة اللعب مع النظام بطريقة "فيها لا أخفيها" مهما كانت العواقب.. فلا يوجد أى شعب فى العالم يفتح فاه يريد طعاماً محملاً النظام مسؤولية هذا الجوع، وهو الساعى باستمرار لدفع نفسه للتهلكة بما يرتكبه من أفعال، ونجد البعض ينادى فى ذات الوقت بالعمل على هدم كل أركان الدولة وتعطيل آلياتها على كافة الأصعدة بحجة المطالبة بالحقوق والمساواة، والتشديد بعدم أخونة الدولة، بما يشبه مصارعة الثيران لا مفر أمام المصارع سوى قتل الثور مهما كلفه ذلك من استنزاف لقواه، وهو ما يشغل بال تلك الفئة التى لا تريد أن تنصاع ولو مرة متخلية عن عنادها فى سبيل مصلحة الوطن، على العكس تزيد من النفخ فى الكير بإشعال النيران أكثر والتى ستحرقها حتمًا فى القريب العاجل، غير ملتفتة بالمرة لخسائر الوطن الاقتصادية اليومية، جراء تلك الممارسات من أفعال البعض بالعصيان وقطع الطرق وترويع الشعب بكامله بتعطيل كل مرافق الدولة، وهو أمر غير مقبول بالمرة، لأنه لن يؤتى ثماره الفعلية سوى بالسلب على رجل الشارع العادي، المنادى فى الأساس برفع ما يثقل كاهله مطالبًا الحكومة أن تنقذه مما يعانيه من إحباط، وأبناؤه هم مَن يعطلون فى الوقت ذاته وصوله إلى المرفأ الآمن، ولا يتركون فرصة واحدة لتستقر الأمور.. وعلى الرغم من الوضع المتفاقم بشكل مخيف لم يلتفت أحد أن الشعب لم ولن يتعرض للسرقة مرة أخرى كما جرى فى السابق بنهب ثرواته وخيراته عن طريق "المحتل الداخلي" مبارك ونظامه وحاشيته الفاسدة، وبتوقف السرقات سيكون ذلك ضماناً بالتأكيد أن آليات السوق ستعمل فى ظل وجود مال الشعب الذى تم استباحته بشكل أو بآخر على مدار 30 سنة ماضية، بضخ هذه الأموال فى مشاريع عدة وانعكاساتها على المدين القريب والبعيد على رجل الشارع وما يعانيه من آلام زادت حدتها بعد الثورة وأن هذا مرتبط بحالة الاستقرار أو العكس، ومع ذلك لا يدعون أحدًا لاستغلال الفرصة وانتهازها بعدما أوجدتها ثورة 25 يناير، ووضعتها على طاولة الجميع، لنبدأ بداية فعلية فى المساعدة والهرولة بدخول الوطن حقبة جديدة، إلا أن السعى لذلك لم يكن بقدر السعى لاختطاف الوطن أياً كان التيار الذى آلت إليه أمور الحكم وإدارته للدولة، فكلنا فى الوطن شركاء، ووصل الحال بنا إلى ما نراه الآن وبعدما كان الحلم سهلا أن يصبح حقيقة بدا يتبدد مع أخطاء كارثية للنظام يقابلها تهليل ومباركة وسعادة غامرة من خصومه لمجرد إثبات للشعب بأنهم فاشلون ويفشلون فى إدارة الدولة، ولم ينتبه أحد من تلك الفئة أنه ربما يصبح يومًا فى القريب العاجل ممسكًا بكل الأمور، وسيقف فى نفس الخندق، وحالة إخفاقه سيجد نفسه تحت ضغوط لن يتحملها، ومتهما من هؤلاء بفشله هو الآخر، فليست المعارضة هكذا أو بمثل ما نراه، بل المعارضة عليها أن تساعد مساعدة فعلية، بالتعاون مع النظام بشكل أو بآخر وترك كل التخوفات والتوجسات التى تعيشها، خوفاً ووجلاً من أخونة الدولة، هاهى الدولة أمامكم ماذا أنتم فاعلون لها؟، منذ قيام الثورة، لا شيء بالمرة.!، هل لو تولى أحدكم الحكم أو قدر له أن يكون رئيسًا سواء الهارب أو الموجودين كانوا سيقدمون أداء أفضل مما نراه، نشك فى ذلك..!،بل ربما سيكون الوضع أسوأ بكثير مما نراه، فالكثيرون وصولوا إلى درجة الكفر باليوم الذى نادوا به بالديمقراطية، والتى تأكدوا أنها لا قيمة لها فى ظل العيش دون استقرار وتقدم ملحوظ على صعيد معيشة الفرد العادي، والحقيقة أن ما دفع بنا جميعاً إلى هذا الوضع قد يكون فى المقام الأول نحن لا غيرنا بعدم رؤيتنا الواضحة للأحداث التى ستتولد من ورائها المخاطر وعدم التحامنا سوياً، وسارعنا للتخوين لحظة تولى الدكتور محمد مرسى رئاسة الدولة، والتكالب بشكل مفضوح بالعمل على إسقاطه، مفسرين الديمقراطية على مزاجنا بخروج بعض المظاهرات تنادى برحيله فعليه أن يرحل دون التفكير بما يجب عمله بعد ذلك ومن سيخلفه وهل ستصمت القوى الأخرى..؟! وأسئلة كثيرة، لا يفكر فى إجابتها المنادون بتنحى مرسي، وكأنه جاء من على قهوة وليس رئيسًا منتخبًا انتخابًا شرعيًا وقانونيًا.