يُحْكَى أن ملكًا نادى في بلاده: من سألني سؤالا أُخْطِئُ في إجابته أعطيته ملكي، وزوجته ابنتي. فجاء شاب خبيث أراد انتزاعَ الْمُلْكِ بصورة غير شريفة. فأحضر عصفورًا صغيرًا، وقبض عليه بيده، بحيث لا يظهر من العصفور لمن يراه إلا المنقار فقط. وقال في نفسه: أسأل الملك : هل هذا العصفور حي، أم ميت؟!. فإن قال: ميتًا. أطلقت العصفور، ليطير أمام الناس!. وإن قال: ميتًا. قبضت سريعًا على رقبة العصفور بيدي فمات العصفور، ثم بسطت يدي فيظهر أمام الناس أنه ميت!. وفي كلتا الحالتين يكون الملك مخطئًا، وآخذ الملك منه!. وطلب مقابلة الملك على مرأى، ومسمع من الناس حتى يتسنى له إحراج الملك، وإظهار ضعفه، وغبائه للجميع!. وبالفعل وافق الملك على المقابلة أمام الناس. واستوثق الشاب أولا من المَلِك: هل أنت متأكد أنك ستتنازل لي عن الملك إذا أخطأتَ في إجابة سؤالي؟. فبادره الملك مؤكدًا على ذلك. فتهلل الشاب فرحًا، وطرح سؤاله موقنًا من إعلانه ملكًا على البلاد في نهاية المجلس. فما إن طرح الشاب سؤاله الخبيث؛ حتى بادره الملك على الفور مجيبًا عليه: هذا العصفور هو في يدك الآن حيًا؛ ولكني: إن قلت لك: أنه حي. قبضتَ سريعًا على رقبة العصفور بيدك فمات العصفور، ثم تبسط يدك فيظهر أمام الناس أنه ميت!. وإن قلت لك: أنه ميت. أطلقت العصفور، ليطير أمام الناس!. وحينئذٍ :صاح الناس: عاش الملك! عاش الملك!. وازدادت ثقتهم بالملك، وذكائه، وقدراته الفذة!. بينما خرج الشاب الخبيث مطأطيء الرأس خذلان. وقد انفضح أمام الناس بخبثه، وحيله غير الشريفة. كنت قد نسيت هذه القصة التي قرأتها في طفولتي، حتى استدعتها تلك الأحداث الجارية. ولا يعني هذا لا سمح الله أني أشبه مفسدي اليوم بهذا الشاب الخبيث. معاذ الله!. فهذا الشاب الخبيث لم يتندس بما تندس به مفسدو اليوم. إذ هذا الشاب لم يتجاوز خبثه المغالطات الفكرية، والحصر القصري بين اختيارات خاطئة،لم ينج منها الملك إلا بخروجه عن الاختيارات الحصرية التي عرضها عليه الشاب. بينما مفسدو اليوم قد تجاوزوا في خصومتهم غير الشريفة الحوارات الماكرة، والشائعات الباطلة إلى مرحلة الإفساد في الأرض من القتل، والاغتصاب، والتخريب، والحرق، والتدمير، وبذل قصارى الجهد في رفع معاناة الناس. يساعدهم على كل هذه الخيانات العظمى مجموعة متكاملة من مختلف الأجهزة الحكومية التي لم تتطهر بعد من المفسدين في الأرض. وهو ما لم يذهب إليه ذهن الشاب الخبيث محدود الخبث. ثم يعرضون على الحاكم المصري حفظه الله عدة خيارات خاطئة. فأيُّ عرض من عروضهم يقع عليه اختيار الحاكم يشنعون به عليه، ويعدونه من دواعي مطالبتهم بإسقاطه!. وهنا لابد من التوكيد على أهم المسلمات، وأعظم الحقائق، وأخطر البديهيات ، ألا وهي: أن الحاكم لا قدرة له على تنفيذ خطته الإصلاحية إلا بجهاز تنفيذي ضخم يعمل معه في تناغم كامل، وتعاون مطلق، وانسجام تام. وهم يضعون خطتهم المركبة في خبثها من عدة مراحل. وتعتمد في كل هذه المراحل على نظام الخيارات القصرية، والتي لا يوصل أي خيار منها إلا لوصولهم للملك بإظهار فشل الحاكم. نستعين بالله على توضيحها. المرحلة الأولى من خطة الإسقاط/ عدم تنفيذ المشروع الإصلاحي للحاكم: عندما يأمر الحاكم الأجهزة التنفيذية بخطوات خطته الإصلاحية لا ينفذ الخونة إلا عكس الذي يأمرهم به. وهنا أمامه أمران: إما: أن يسكت على ذلك!. وحينئذٍ: يكون التشنيع بأنه لم ينفذ شيئًا مما وعد به، ولم ينصلح أي أمر من الأمور كما وعد. أو: أن يقوم بعملية استبدال، وليأتي بمن يعينونه على تنفيذ خطته الإصلاحية. وحينئذٍ: يكون التشنيع بالكلمة الشهيرة: ((لا لأخونة الدولة)). المرحلة الثانية من خطة الإسقاط/ الخروج على الحاكم تشنيعًا بموقفه من خطة تعجيزه : وبعد ذلك يأتي دور المرحلة الثانية من التصعيد: وهي مرحلة الخروج على الحاكم مشنعين بأحد الخيارين: إما بسبب العجز عن تحقيق أيِّ إنجازاتٍ على أرض الواقع. أو بسبب أخونةِ الدولة، وإقصاء الآخرين. وهنا تسود البلاد حالة من الفوضى، وتخرج الجماعة الإرهابية المسلحة المكونة من : (النصارى، والفلول، والشيوعيين، والعلمانيين). ويعم القتل، والاغتصاب، والحرق، والتخريب، والتدمير. وللمرة الثانية يتم حصر الحاكم بين خيارين كلاهما مرفوض منهم. إما: أن يدعو الجميع إلى الحب، والسلام، ومراعاة المصلحة العامة. إلى غير ذلك من الدعوات السامية التي لا جدوى من ورائها مع قومٍ أكل الحقدُ على الإسلام قلوبهم، وعمى طلبُ السلطة أبصارهم!. وحينئذٍ: يخرجون ساخرين، مستهزئين برجل يتكلم عن الحب، والسلام بين الجثث، والأشلاء!. مؤكدين بذلك على عجزه، وضعفه عن مواجهة الكوارث. أو الحل الآخر، وهو: إعلان حالة الطوارئ، وحظر التجول بصورة جزئية، ومدة مؤقتة حتى يهدأ الشرفاء. وينفصل المجرمون، ويتميز المفسدون في الأرض، فيسهل تتبعهم، والقضاء عليهم. وحينئذٍ: يقوم هؤلاء الخونة بالتشنيع عليه بأنه يعيد الديكتاتورية السابقة، ثم يعمدون إلى إحراجه من خلال التواجد في الميادين وقت الحظر للتجوال!. المرحلة الثالثة من خطة الإسقاط/ التحدي لمحاولات الحاكم في مقاومة الفساد، والتخريب: وهنا يأتي الإحراج للمرة الثالثة في التصعيد. فللمرة الثالثة يستعملون أسلوب الخيارات القصرية التي لا يؤدي أيٌّ منها إلا لوصولهم للحكم من خلال إحراج الحاكم. فإنه يصبح بين أمرين: إما أن ينفذ مقتضيات قانون الطوارئ، وحظر التجوال، ومعاقبة المخالفين. فحينئذٍ: يشنعون عليه بأنه يعيد الدكتاتوريات السابقة، ويدعون إلى ثورةٍ لتحرير البلاد من هذه الديكاتاتورية!. أو: أن يرفق الحاكم بالخارجين عليه، والعاصين لأحكامه، ويحاول أن يجابه الفساد بشيء من الرفق حتى لا تتسع عليه الأمور. فحينئذٍ: يقومون بالتشنيع عليه أنه عاجز عن تنفيذ أوامره، وأنه لا يملك القدرة على تسيير أمور البلاد. وفي كل هذه الأحوال فهو عاجز عن تحقيق الأمن، والاستقرار!. يدعمهم في هذا الإفك كل الأجهزة الحكومية الفاسدة برئاسة الإعلام الساحر المضلل. ومن المؤسف حقًا، والمزعج صدقًا أن الكثيرين من العامة قد انخدعوا بإفكهم، وانطلت عليهم حيلهم الخبيثة. وبدلا أن يوجهوا حربهم إلى المجرمين المفسدين ممن يسعون في القتل، والاغتصاب، والتخريب، والدمار، ومن يدعمهم في ذلك بمحاولاتهم كسر قانون الطوارئ، وحظر التجول!. إذا بهم ينتقدون الحاكم في موقفه من المفسدين!. وكان أولى بهم أن يناصروه، ويعاونون على محاربة الخونة من المفسدين والمحاربين. وهذا عين ما فعلوه في قضية : "مهراجان البراءة للجميع". أشعلوا البلاد زعمًا أنهم غاضبون لدماء الشهداء التي يريدون القصاص لها. فإذا أقر الحاكم هذا المهرجان حاشاه ذلك. اتهموه بالتواطؤ، وخرجوا عليه مشنعين عليه بصفقة عقدها مع الفلول المفرج عنهم. ولما قام الحاكم بواجبه من عزل النائب العام الذي عينه المخلوع، وأثبتت الأيام تواطؤه الفج مع كل قضايا الفساد النتن. وذلك لتورطه شخصيًا في قضايا الفساد. أشعلوا الدنيا، وقلبوا عليه الأمور، وطالبوه بالرجوع عن قراره. فإن أصر على قراره اتهموه بالعناد حتى وإن جلب عناده سفك الدماء، وإزهاق الأرواح. وإن تراجع عن القرار حقنًا للدماء، وحفظًا للأرواح. اتهموه بالضعف، والخور، والتذبذب، وعدم القدرة على تنفيذ قراراته. وقس على هذا في كل المواقف.... فإنهم يستعملون معه أسلوب الشاب الخبيث : "الحصر في الخيارات القصرية". والتي لا يقود كل خيار منها إلا إلى السقوط عياذًا بالله!. طبعًا بعد تطوير الخطة لجعلها أشد خبثًا، وأعظم مكرًا. إنني ألفت نظر سيادة الرئيس حفظه الله إلى كلمة غاية الخطورة: اعلم سددك الله وهداك لما فيه خير البلاد ، وصلاح العباد. أن الخطة التي يخرجنا الله بها من هذه الفتن لا وجود لها بين الخيارات المطروحة عليك من قبل المفسدين في الأرض الذين أعماهم حب السلطة، ودفعهم لركوب كل الخيانات تحقيقًا لمآربهم الخبيثة. إن أيًا من الخيارات التي يعرضها عليك المفسدون في الأرض لا يجلب علينا إلا الدمار في الدنيا، والعذاب في الآخرة. فهم لا يعرضون عليك خطة رشد أبدًا!. بل يعرضون عليك خطة تمكنهم من حكم البلاد عن طريق إحراجك وتحميلك مسئولية خياناتهم العظمى. وأما خطة النجاة الحقيقية فهي أبعد ما تكون عن كل هذه المؤامرات المطروحة. وعليك باستلهامها من الشريعة الإلهية مستفيدًا بالدروس التاريخية من خلال الحكماء الفضلاء. وليس عجيبًا أن يأتي أحد المشنعين الخونة صائحًا في وجهي: انظروا كيف يصفون المعارضين بالخونة والمفسدين!. لا أجيبكم أيها الخونة!. إذ لا حوار بيننا وبين الخونة والمفسدين في الأرض!. إنما أخاطب عامة الناس قائلا: أيها الأحبة: كيف أصف المعارضين بالخونة، والمفسدين وإنما أنا من أشد المعارضين!. قد تتساءلون : كيف تكون من المعارضين وكل كلمة من كلامك تدل على احترامك "لسيادة الرئيس" حفظه الله؟. وترفض المساس بأمن البلاد!؟. أيها الأحبة!. علم الله، ثم علم كل من يعرفني أني لم أكن يومًا من دهري إخوانيًا؛ بل وأخالفهم في الكثير من الأمور. ولكن هناك فرق بين المعارضة، والمحاربة. حتى المحاربة بين الخصوم؛ هناك فرق بين الخصوم الشرفاء، واللؤماء. فهناك خصوم شرفاء نبلاء. وهناك خصوم غدرة فجرة. والإخوان المسلمون هم إخوة لنا حتى وإن خالفونا في عدة أمور. فلهم علينا حقوق الأخوة الإسلامية كاملة. والمعارضون الشرفاء هم الذين يتمنون النهضة للبلاد حتى وإن لم تكن النهضة حادثةً على أيديهم. والمعارضون الشرفاء هم الذين يقولون عند وجود الخونة والمخربين الساعين بالفساد في الأرض: اعلم ياسيادة الرئيس سدد الله خطاك لخير البلاد، وصلاح العباد!. أننا وإن كنا نخالفكم في بعض الأمور السياسية!. وإنه مهما كان بيننا من خلافات؛ فإن مصلحة البلاد لم تكن أبدًا ضمن ما يجوز الخلاف عليه. ولذلك فإننا نعلن وبمنتهى الحزم والحسم أننا جميعًا؛ المعارضون قبل المؤيدين، والمخالفون قبل الموافقين نقاتل معكم بذور الفساد العفن، ونبتة الإرهاب القذرة. فسر قدمًا ياسيادة الرئيس لاجتثاثها من جذورها، واقتلاعها من أُسِّها. فلن تجد منا إلا خير معين لك بعد الله عز وجل. والله ياسيادة الرئيس!. لا نقول لك ما قالته بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون. ولكن نقول لك ما قاله خير الأصحاب لخير الرسل: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون. هكذا تكون المعارضة الشريفة!. أحبتي في الله!....... إننا نريد أن نؤكد على مفهوم المعارضة الصحيحة: إن السباب، والشتائم، والاتهام بالزور والبهتان، والمطالبة برحيل رئيس شرعي جاء بانتخابات صحيحة، وبيعة شرعية، والمطالبة بوظائف في الدولة نظير عدم إحراق البلاد، وتعطيل المرافق، والاعتصامات، والمظاهرات، كل هذه الجرائم البشعة هي خيانة عظمى، وليست معارضة شريفة!. أقول لكم أحبتي في الله!. لو قامت معركة في شارع بين طرفين لا يمكن أن تعمل المحلات الموجودة في الشارع إلا بعد انتهاء المعركة!. فلابد لنا أن ندع فرصة ليعمل الرئيس وحكومته خلال الفترة الرئاسية حتى تتحقق النهضة التي يرجوها كل الشرفاء الأنقياء . ولابد أن يتهيأ المناخ الملائم للاستقرار بدون اعتصامات، أو مظاهرات!. وأما عن المعارضة الشريفة، فيجب على كل فصيل من الفصائل الشريفة أن يقوم بتلخيص تصوره للإصلاح في عمل تنظيري معتبر. ثم يقوم بإعداد الأفراد، والكفاءات التي تستطيع القيام بتطبيق هذا المشروع. ثم يقوم بعرض تصوره، وأفراده على جموع الشعب. فإذا حالت الحكومة بينك وبين تكوين حزبك فمن حقك حينئذٍ أن تعمل ثورة!. وإذا حالت الحكومة بينك وبين الترشح للانتخابات الرئاسية، أو البرلمانية فمن حقك حينئذٍ أن تعمل ثورة!. وإذا منعتك الحكومة من مراقبة جميع مراحل الانتخابات من التصويت، والفرز تمهيدًا للتزوير فمن حقك حينئذٍ أن تعمل ثورة!. أما إذا أتاحت لك الحكومة تكوين الحزب، ثم الترشح لجميع الانتخابات، ثم مراقبة جميع مراحل الانتخابات من التصويت، والفرز!. ولكن الشعب بعد كل ذلك رفض حزبك، وأفراده، وتصوره!. فالأمانة والشرف يقتضيان أن نهنئ الحائزين على ثقة الشعب، وفي الوقت نفسه نحرص على عدة أمور، أهمها: 1/ أن نبتهل إلى الله تعالى أن يكتب لهم التوفيق، والسداد، وأن يعينهم على خير البلاد، وصلاح العباد. وألا نساومهم على أي منصب، ولا نطلب منهم أي وظيفة. 2/ أن نراجع دراسة تصوراتنا لنرى مدى صحتها. 3/ مواصلة العرض النزية لتصوراتنا على الشعب. 4/ عند أي تحفظ على أحد تصرفات الرئيس حفظه الله يجب طرحه بمنتهى الأدب، والاحترام [ما لم يندرج هذا التصرف لحد الخيانة]. فنقول: ياسيادة رئيس!. لسيادتكم علينا حق المشورة. ومشورتنا لكم على النحو التالي: [.......]. ولسيادة الرئيس حفظه الله أن يأخذ بهذه المشورة كما هي. وله أن يأخذها بصورة جزئية، أو مرحلية، أو مُرْجَأَة. وله أن يأخذ بغيرها من المشورات الأخرى المتناقضة مع مشورتنا له. فمنا المشورة، وله الرأي، والأمر، والقرار وحده لا غير. فهو ولي أمرنا حتى إذا أخطأ من وجهة نظرنا!. بل هو ولي أمرنا حتى إذا أخطأ خطأ حقيقيًا!. وهو مثاب مأجور من الله تعالى في كل أمره أصاب، أم أخطأ كما في الْحَدِيْثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» . طبعًا ما لم يكن خطؤه مصادمًا لشرع الله تعالى مصادمةً غيرَ قابلةٍ للتأويل. فهو مأجور من الله تعالى مثاب ما دام متبعًا للسبل المشروعة في الاجتهاد، لم يتجاوزها بهواه، ورأيه. وفي كل الأحوال ليس أمامنا، ولا أمام أي معارض شريف إلا تقديم المشورة، والخضوع لاجتهاد الحاكم حتى وإن كان مخالفًا لرؤيتنا الخاصة للأمور. فالحاكم هو ولي الأمر ليس في شريعتنا فقط؛ بل عند كل العقلاء. وهذه بلقيس عندما جاءها خطاب سليمان عليه الصلاة والسلام؛ جمعت كبار رجال الدولة، وقال لهم: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } [النمل: 29 - 32]. فأجابوها بقولهم: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}. [النمل: 33]. فقدموا مشورتهم بقولهم: ((نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ)). ثم ردوا الأمر إليها بقولهم: ((وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ)). فهم يقدمون المشورة، ثم ينتظرون الأمر من ولي الأمر. ولا تستقيم الحياةُ إلا بجعل القرار في يد شخص موثوق به، وإلا غرقت السفينة ذاتُ الرئيسين كما هو شائع بين العامة. والخلاصة: اجعل لنفسك وقتًا أسبوعيًا نجلس فيها سويًا نتناقش بحب، وأدب، وأخلاق الإسلام الحنيف بعيدًا عن السب، والشتم، والقذف وأخلاق الرعاع السفلة من رذالة الخلق. ولنكون معارضة شريفة تبني لا تهدم، تعمر لا تخرب، تصلح لا تفسد، تزرع لا تقلع، تطفئ لا تحرق، تنصح بلا سِبَاب، توجه بلا قذف، تشير بلا افتئات. ترجو أن يعم الخير على يدها، فإن قام به غيرها سعدت لذلك. وهكذا تكون المعارضة الشريفة. وإنني أعلنها على الملأ: ائتوني بقوم راشدين لديهم رؤية واضحة لنهضة البلاد، ولديهم منهجية صريحة لمحاربة الفساد، وتلاشي الأخطاء المأخوذة على إخواننا من الإخوان المسلمين حفظهم الله. ولديهم خُطَّةٌ محكمةٌ متوافقةٌ مع الشريعةِ الإلهيةِ، فتحل ما أحلَّ الله، وتحرم ما حرم الله، وتبني ما أمر الله أن يُبْنَى، وتهدِم ما أمر الله أن يهدم. فإن لم أكن خادمًا لهم تابعًا لسيرهم في التغيير الموافق للشريعة بناءً على الأسلوب المتحضر في التغيير، والإصلاح. فحينئذٍ تعلنون كذبي، وتثبتون افترائي!. أعوذ بالله العظيم من الكذب، والافتراء!. وإلا ... فمن العار كل العار... أن نعيب قومًا لديهم خطة إصلاحية يسيرون عليها مهما قلت نسبة الإصلاح... بينما من ينتقدونهم لا يملكون إلا القتل، والاغتصاب، والتخريب، والدمار!. وأخيرًا!. إياك، ثم إياك، ثم إياك ياسيادة الرئيس سدد الله خطاك!. أن تنحصر في ما حصورك فيه من اختيارات قصرية، لا يزيدك أيٌّ منها إلا خبالا عياذًا بالله. بل إياك، ثم إياك، ثم إياك ياسيادة الرئيس سدد الله خطاك!. أن يشغلوك بثرثرتهم المقيتة التي يريدون بها إعاقتك!. فإياك أن تنسى أنك مسئول عن بلاد شاسعة لا تتوقف أهميتها أنها تتكون من مليون كيلو متر مربع، ويسكنها أكثر من تسعين مليون نسمة. بل هي فوق هذا وذاك تاج البشرية، ودرة الأمم، وأم العرب، وحمى الإسلام. فهم ليسوا مثلك، فهم كعجائز الفرح لا وظيفة لهم إلا التخريب، ولا عمل لهم إلا الفساد!. فإياك، وإياهم. إياك أن يشغلوك بثرثرتهم عن واجبك نحو رعيتك، وأمتك!. الله الله في من يتعلقون برقبتك غدًا!. استعن بربك ثم بمن يعينك على الخير. وكن كهذا الملك الناصح الذي علم كيف يخرج من الاختيارات القصرية التي عرضها الشاب الخبيث. إذ علم أن مخرجه بعيدًا عن الاختيارات المعروضة عليه!. لأن أيًا من هذه الخيارات لا يؤدي إلا للهلاك، والضياع!. نعوذ بالله من الهلاك والضياع!. اللهم وَفِّقْ عبدَك محمد بن مرسي لخير البلاد، وصلاح العباد!. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ , سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ , أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ, أَسْتَغْفِرُكَ, وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. *باحث شرعي. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]