من كل بستان زهرة، جمعتها وقطرتها وسقت رحيقها المصفي لزهرتها النامية في ظل خيالها كانت ألوان الزهرة مبهرة تأتلق أشعة الشمس بكل ألوان الطيف متماوجة متمازجة في تجانس ساحر. أسميتها زهرة الحب، وحرصت علي حمايتها من أعين المتطفلين وكانت ترويها أحلاماً وأشعاراً وأماني حلوة بريئة حتى تفتحت الزهرة النادرة وفاح عطرها وصارت فتنة للناظرين. وأخيراً أهدتها لزوجها في ليلة العمر وبدأت معه مرحلة جديدة من حياتها بنية صافية وروح شفافة تنثر بذور السعادة من حولها. بدأت الحياة تثقل كاهلها بمسئوليات ومطالب لم تكن تعرفها وبدأت تري الوجه الآخر للحلم ، إنه الواقع بكل جديته وماديته ووجدت نفسها تلهث منذ الصباح الباكر وهي تجري يميناً ويساراً لتتمكن من أداء متطلبات يومها فإذا جاء الليل اختطفها النوم وقبل أن تحلم يحين وقت الاستيقاظ للمزيد والمزيد من المسئوليات والأعباء هل تخلت عنها أحلامها أم هي التي أولتها ظهرها، ومرت سنوات وكبر الأبناء وارتسمت الجدية علي وجهها واتخذ صوتها إيقاعا صارما وأصبحت حياتها مبرمجة علي أداء مهام متشعبة حتى أنها لم تعد تعرف الفرق بين الأيام والفصول والليل والنهار، حتى جاءت فجأة ليلة زفاف ابنتها فتذكرت زهرة خيالها التي أهملتها كل تلك السنين ولكنها لدهشتها البالغة حين بحثت عنها وجدتها مازالت هناك رائعة مزدهرة، هل كانت ترتوي طوال تلك السنوات بحبات العرق وحصيلة الجهد وآلام مكابدة الحياة؟ زهرة الحب لا تموت أبداً في الأرض الخصبة وهي قادرة علي الانتقال من ظل المساء الساجي إلي ضوء الشمس الساطع، وكما تنبت وتنمو تزدهر وهي ترتوي من تهاويم الخيال وأحلام الصبا فإنها تزدهر وتزداد صلابة عندما يكون غذاؤها عرقاً وجهداً ، المهم أن نبحث عنها بين الحين والآخر ولا نهملها طويلاً فهي تضفي رونقها البهيج علي الحياة وتعطر أجواءها بعبيرها النادر.