طن التقاوى يصل إلى 26 ألف جنيه.. واستغاثات الفلاحين للحكومة: "ارحمونا من الحيتان" أزمة وراء أزمة، يعانى منها الفلاحون فى محافظة القليوبية، وغيرها من الكوارث منها تلف التقاوى، والتى أدت هذه الأزمات إلى ارتفاع جنونى فى أسعار البطاطس، حيث أصبحت عائقًا بين الفلاح وبين استكمال مشواره الطويل فى الزراعة، وسط تجاهل المسئولين لدوره المهم، والذى يتمادى يوماً بعد يوم، حتى وصل إلى حصار الفلاحين وخراب بيوتهم، وتركهم فريسة لجشع التجار دون تدخل المسئولين فى وزارة الزراعة. "المصريون" ترصد معانات الفلاحين الذين أصبحوا فريسة سهلة لجشع التجار بعد أن تخلى عنهم المسئولون. فى البداية يقول عبدالعزيز عبدالمجيد 52 سنة، أحد المزارعين من قرية طحلة مركز بنها بمحافظة القليوبية، إن الزراعة هى المهنة الأساسية التى يعتمد عليها أهالى القرية وأن معظم الفلاحين لا يمتلكون أراض ولكن يقومون باستئجارها حيث وصل سعر تأجير الأرض الزراعية فى القرية إلى لأكثر 650 جنيه للقيراط الواحد. وأضاف، أنهم فوجئوا بارتفاع سعر طن تقاوى البطاطس من 13000 جنيه إلى أكثر من 26000 جنيه، مما ينذر بكارثة فى ارتفاع أسعار البطاطس لعدم زراعتها لأنهم لا يملكون المال لشراء التقاوى بهذا السعر المرتفع. وأشار إلى أن التقاوى كان من المفترض أن توجد بالجمعية الزراعية فى أول شهر ديسمبر، ولكنها لم تأت فى الميعاد المحدد لها حيث تم تأخير التقاوى على المزارعين حتى الآن وأصبحت الأرض بورًا وغير مزروعة، وكل ذلك لصالح التجار حتى يتمكنوا من بيع التقاوى بالأسعار المرتفعة. وتابع قائلاً: إن الجمعية حتى الآن لم تعلن عن سعر التقاوى لأنها غير موجودة فى بها، وأصبحنا فى حيرة من أمرنا لأننا جميعًا فى القرية نعتمد فى دخلنا الأساسى على زراعة البطاطس والجميع سواء فلاحًا أو غير فلاح يكتسب رزقه فى موسم حصد البطاطس. بينما أكد فوزى عليوة فلاح 48 سنة، من قرية طحلة، أننا نقوم بزرع 10 أفدنة، وهناك وكلاء استيراد يحتكرون تقاوى البطاطس، وهم من يحددون الدول المصدرة؛ كهولندا وألمانيا وإنجلترا وفرنسا، وهم كذلك من يحددون السعر، مشيرًا إلى أن الجمعية الزراعية كانت قديمًا هى مستورد التقاوى على مستوى الجمهورية، ولأنها جهة شبه حكومية وغير هادفة للربح كانت تبيع التقاوى بأسعار مخفضة للفلاحين، قبل أن يتضاءل دورها بعد سياسات الخصخصة، ليرفع وكلاء الاستيراد أسعار التقاوى بعد تحرير سعر الصرف ليصل إلى ما بين 26 و35 ألف جنيه للطن. وأشار إلى أنه نتيجة عدم صلاحية البطاطس المحلية كتقاوى لأسباب تتعلق بالمناخ، يضطر الفلاحون إما لشراء المستورد، أو زراعة محاصيل أخرى أقل تكلفة. وأضاف فوزى، أن جميع الفلاحين لا توجد لديهم سيولة لشراء التقاوى، ويتم الحصول عليها بالتقسيط، حيث يتم إضافة 200 جنيه زيادة على كل "شكارة" والتى تزن 50 كيلو ليصبح ثمن الشيكارة الواحدة 1500 جنيه، بالإضافة إلى إيجار الأرض ووصل سعر إيجار القيراط إلى 700 جنيه، بالإضافة إلى السماد والكيماوى والعمالة والرى وجميع مستلزمات الزراعة، كل ذلك أعباء مادية كبيرة على الفلاح وزراعة أى محصول آخر غير البطاطس فلن يغطى تكلفته. فيما يقول سامى أبو سلامة 47 سنة فلاح، إنه يقوم بزراعة 25 فدانًا من بالبطاطس وهذا المحصول الوحيد الذى يدر عليهم الربح، ويقوم جميع أهالى القرية بكسب رزقهم من زراعة البطاطس، مؤكدًا أنهم يقومون بتخزين البطاطس على رأس الأرض بقش الأرز لأنهم لا يستطيعون دفع تكلفة تخزينها فى الثلاجات، مما يدفعهم إلى بيع المحصول بأسعار بخسة، لا تتجاوز3000 جنيه للطن الواحد، أما مع ارتفاع أسعار التقاوى الجديدة فسوف تتكلف زراعة الفدان الواحد اكثر من 65000 جنيه بعد أن كانت تكلفته 35000 جنيه العام الماضى. من جانبه يقول السيد محمد حجاج 45 سنة فلاح، إن المبيدات المغشوشة تغزو الأسواق مما تؤثر على انتاجية المحصول، بالإضافة إلى عدم وجود أسعار مدونة على المبيدات مما يؤدى إلى بيعها بأكثر من سعرها وحسب مزاج كل تاجر. وطالب، الجمعية الزراعية بأن تتولى بيع تلك المبيدات حتى لا يتم غشها وبيعها بأكثر من سعرها، مؤكدًا أن وزارة الزراعة قديمًا هى التى كانت توفر التقاوى والمبيدات بدلاً ما ما يتم حاليًا والتحكم فى الفلاحين من قبل التجار، بعد أن تخلت عنهم وزارة الزراعة وأصبحت عبئًا على الفلاح فى تحصيل الإتاوات منهم. فيما يقول خالد إبراهيم 46 سنة – فلاح، "أنا بزرع 5 أفدنة وكنا بنجيب التقاوى من الجمعية الزراعية بنظام المديونية أو سلفة من البنك لحين حصد المحصول وكانت الإجراءات تنتهى فى أول شهر 12 حتى يستطيع الفلاح اقتراض المبلغ على ذمة محصول البطاطس، أما حاليًا بتوصل الإجراءات إلى شهر يناير دون صرف القرض مما يؤدى إلى تأخر زراعة المحصول من كل عام، واحنا كمان مفيش معانا فلوس نشترى وخاصة بعد ارتفاع أسعار التقاوى". وعن مشاكل الرى يقول مجدى عبدالغنى 53 سنة – فلاح، "إن عدم توافر مياه الرى فى الترع، ودورة المياه لو جاءت فى الترعة بتيجى على مسافة حوالى 20 كيلو مترًا واللى أرضه فى الأول بيلحق يروى أما اللى أرضه فى الآخر مش بيلحق والمسئولين فى الرى بيقولوا لنا هو ده النظام بتعنا". وأضاف، أن تكلفة رى الفدان حاليًا أصبحت 120 جنيهًا فى الساعة بدل ما كانت 60 جنيهًا لأننا بنروى بمياه جوفية، حيث نقوم بسحبها وووضعها فى الترعة ثم نقوم بأخذها من الترعة مرة آخرى لأنها بعيدة عن أرضنا مما يؤدى إلى ارتفاع تكلفة الزراعة على الفلاحين. وتابع قائلاً: "جميع أهل القرية يعتمدون اعتمادًا أساسيًا على محصول البطاطس ومنها المرأة المعيلة التى تنتظر موسم حصاد البطاطس لتجهيز ابنتها المقبلة على الزواج، حيث يصل يوميتها 110 جنيهات بالاضافة إلى يومية ابنائها، ولكن الآن لن نستطيع أن نزرع البطاطس بسبب عدم توافر التقاوى فى الجمعيات الزراعية وارتفاع أسعارها فى السوق الحرة والتى أصبحت تتحكم فى الفلاح وفى السوق المصرى، وسوف تصبح الأرض بورًا وتركها بدون زراعة وتشريد مئات الفلاحيين وآلاف الأسر التى تعتمد على زراعة البطاطس" . وأشار شعبان غنام فلاح، ولديه المعدات اللازمة لزراعة وحصد البطاطس، إلى أن التجارة الأساسية فى منطقة "التوفيقية وكفر الزيات ودمنهور" وهى دى المحطة الرئيسية، وأن التقاوى التى تأتى لنا هى درجة خامسة أى أردأ انواع التقاوى بعدما يقوم التجار ببيع التقاوى الدرجة الأولى والثانية والجيدة لمن يدفع أكثر ومن لديهم آلاف الأفدنة". وأكد، أننا فى مصر لم نتوصل بعد لكيفية إنتاج التقاوى من البطاطس مثل التى نستورها من الخارج ولا أعلم لماذا لم نتوصل لحل تلك المشكلة والتى نعانى منها كل عام؟". وطالب الفلاحون، بأن تكون وزارة الزراعة هى المستورد بدلاً من مافيا التجار، متسائلين: لماذا لا تقوم وزارة الزراعة باستيراد تقاوى البطاطس وتوزيعها على الفلاحين من خلال الجمعيات الزراعية بدلاً من مافيا التجار، وعودة الأرباح للدولة؟. كما أكد الفلاحون، أنهم سوف يتقدمون باستغاثة للرقابة الإدارية ورئيس مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية بسبب عدم توافر تقاوى البطاطس وارتفاع أسعارها بشكل جنونى مما يؤدى الى خسائر فادحة وضياع الموسم الزراعى وارتفاع سعر البطاطس ليصل الكيلو إلى 20 جنيهًا.