معانا تامر من غمرة قالها المذيع كما لو أنه يقولها فى برنامج مقالب لنفاجأ بعد ذلك أن الكلام بحق وحقيق وبجد وجدانى أنه تامر من غمرة فعلاً... يا للهول وياللمصيبة ويا للعبكة..... تامر يتكلم الآن فى بث مباشر من غمرة مخاطبًا المواطنين فيما يشبه خطابًا أحادى الجانب إنه يخاطب جموع الشعب الثائر أرجوكم توقفوا عن الثورة أرجوكم إنقذونى أنا مش عارف أروح البيت أنا مش قادر أروح أنا خايف ومرعوب ومش حاسس بالأمان. قالت بعد ذلك إحدى المذيعات الثورجيات إن تامر لم يكن تامر وأنه ليس من غمرة وأنه أحد العاملين بالتليفزيون المصرى وكان يحاول بالاتفاق مع المذيع تضليل الشعب المصرى وذلك تنفيذًا لأوامر عليا من قيادات بالتليفزيون....... حدث ذلك أثناء الأيام الأولى للثورة المصرية التى بدأت رحاها فى الدوران بسرعة أكبر بعد مسلسل طويل من نفس النوعية من المكالمات التليفونية التى استضافت محللين متواطئين وفنانين ومضللين. مشهد من نفس المنبع عاد للظهور مرة أخرى على الشاشات ولكن من خلال تغيير بعض الأسماء والوجوه فالمرشح الرئاسى المنتمى للنظام السابق أحمد شفيق يحاول إيهام الشعب المصرى من خلال مؤتمر صحفى بأنه فائز بالانتخابات الرئاسية وأنه رئيس مصر القادم دون أى إثبات على ذلك.... هل يمكن تخيل ذلك..... لقد عقد الرجل مؤتمرًا صحفيًا ليقول إنه رئيس مصر القادم دون أن يكون لديه أى دليل... إنه لم يتذرع حتى برقم... أحمد شفيق الذى هو فى الأصل فريق يعقد مؤتمرًا صحفيًا ليقول فقط إنه الرئيس كده وخلاص... فات الفريق شفيق أن جملته الوحيدة سالفة الذكر لا تستدعى مؤتمرًا صحفيًا على الإطلاق ليقولها فقد كان يمكنه كتابتها على حساب الفيس بوك الخاص به بل إنها تبدو أصلح لتويتر فلو أن تلك الجملة موجودة على حسابه تويتر لكانت أكثر منطقية بل يمكن القول أن تويتر اخترع أساسًا من أجل مثل تلك الجمل.. من أجل التعبير عن تلك النوعية من المشاعر الحقيقة الوحيدة التى يمكن فهمها من هذا المشهد هى أن الفريق أحمد شفيق الذى يقول إنه رئيس الجمهورية القادم أقام مؤتمرًا صحفيًا من أجل تغريدة.... تغريدة وفقط.... تغريدة تقول.... أنا واثق أننى رئيس مصر القادم ..... طب إزاى يا ريس... أهو كده وخلاص فى مؤتمر (أهو كده وخلاص) تجلت كل معانى غياب المنطق إلى أقصى درجة فالمكان المنعقد فيه المؤتمر كان ضيقًا وصغيرًا لدرجة إثارة الضحك كما أن هناك فتاة جلست فى المقاعد الأمامية كان أداؤها رديئًا وتمثليًا لدرجة لا يمكن تصديقها... لقد قامت وجلست تسعين مرة... بالإضافة إلى أن الهتاف الذى أطلقه شباب حملة شفيق كان طفوليًا إلى درجة قصوى تجعل الرائى يتساءل أليس هناك ناضجون فى حملة شفيق.. هناك خطأ واضح أظهره المؤتمر وهو أن الفريق اعتمد فى حملته على الشباب زيادة عن اللزوم استجابة لدعاوى إعطاء الشباب فرصتهم لكن ما فاته هو أن هناك فارقًا كبيرًا بين الاعتماد على الشباب والاعتماد على المراهقين. كمية المراهقين الذين كانوا فى المؤتمر ممثلين لشفيق بالإضافة إلى الأجواء العامة للمؤتمر وعلى رأسها نبرة صوت الفريق وطريقة إلقائه جعلت المؤتمر يبدو أقرب إلى المؤتمرات الإعلانية التى تصاحب إطلاق سلعة جديدة فى السوق كتليفون محمول أو شاشة إلى سى دى لدرجة أننى تخيلت أنه سيتم تقديم سلعة ما فعلاً فى نهاية المؤتمر أو أن أحدًا من الفنانين أو لاعبى الكرة سيمتطى منصة القيادة. مضيفًا فقرته على أن تكون الجملة الإعلانية القائدة للحملة هى... الفريق شفيق رئيسًا للجمهورية. قفز فى ذهنى تامر من غمرة مرة أخرى عندما اقترب المؤتمر من نهايته ثم اكتشفت أن السبب هو أن الفريق أحمد شفيق يحاول فعل نفس ما كان يفعله تامر من غمرة ونفس ما يفعله كل الفلول وهو محاولة التكريس لحقيقة تفتقد تمامًا إلى الأدلة والبراهين.... حقيقة تفتقد تمامًا إلى المنطق بل إنها تناقض المنطق كليًا ثم إن الكارثة تتمثل فى أن الأداء الرائع لمروجها يسهم بشكل بارع فى التأسيس لمعتقدات هى بالضبط عكس ما يقول.