يخطىء من يتصور أن مجلس النواب بلا صلاحيات او أنه لا يملك أدوات رقابية تمكنه من ممارسة دوره التشريعى والرقابى على أعمال الحكومة . فقد منح دستور مصر الصادر فى عام 2014 مجلس النواب الذى يمثل السلطة التشريعية الكثير من الصلاحيات التى لو أحسن استغلالها لتغيرت الصورة الذهنية السلبية للبرلمان لدى الرأى العام . فقد نصت المادة 129 على أن " لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، أسئلة في أي موضوع يدخل في اختصاصاتهم، وعليهم الإجابة عن هذه الأسئلة في دور الانعقاد ذاته. ويجوز للعضو سحب السؤال في أي وقت، ولا يجوز تحويل السؤال إلى استجواب في الجلسة ذاتها " . أما المادة 130 فقد تضمنت النص على أنه " لكل عضو في مجلس النواب توجيه استجواب لرئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، لمحاسبتهم عن الشئون التي تدخل في اختصاصاتهم . ويناقش المجلس الاستجواب بعد سبعة أيام على الأقل من تاريخ تقديمه، وبحد أقصى ستون يومًا، إلا في حالات الاستعجال التي يراها، وبعد موافقة الحكومة " . بينما نصت المادة 131على أن " لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم. ولا يجوز عرض طلب سحب الثقة إلا بعد استجواب، وبناء على اقتراح عُشر أعضاء المجلس على الأقل، ويصدر المجلس قراره عقب مناقشة الاستجواب، ويكون سحب الثقة بأغلبية الأعضاء. وفى كل الأحوال، لا يجوز طلب سحب الثقة في موضوع سبق للمجلس أن فصل فيه في دور الانعقاد ذاته .وإذا قرر المجلس سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو من أحد نوابه أو أحد الوزراء، أو نوابهم، وأعلنت الحكومة تضامنها معه قبل التصويت، وجب أن تقدم الحكومة استقالتها، وإذا كان قرار سحب الثقة متعلقًا بأحد أعضاء الحكومة، وجبت استقالته ". أما المادة 132 فقد أوضحت أنه " يجوز لعشرين عضوًا من مجلس النواب على الأقل طلب مناقشة موضوع عام لاستيضاح سياسة الحكومة بشأنه ". فيما نصت المادة 133 على أن " لكل عضو من أعضاء مجلس النواب إبداء اقتراح برغبة في موضوع عام إلى رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم " . أما المادة 134 فقد نصت على أن " لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن يقدم طلب إحاطة أو بيانًا عاجلًا، إلى رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، في الأمور العامة العاجلة ذات الأهمية " . بينما نصت المادة 135 على أن " لمجلس النواب أن يشكل لجنة خاصة، أو يكلف لجنة من لجانه بتقصي الحقائق في موضوع عام، أو بفحص نشاط إحدى الجهات الإدارية، أو الهيئات العامة، أو المشروعات العامة، وذلك من أجل تقصى الحقائق في موضوع معين، وإبلاغ المجلس بحقيقة الأوضاع المالية، أو الإدارية، أو الاقتصادية، أو إجراء تحقيقات في أي موضوع يتعلق بعمل من الأعمال السابقة أو غيرها، ويقرر المجلس ما يراه مناسبًا في هذا الشأن.وللجنة في سبيل القيام بمهمتها أن تجمع ما تراه من أدلة، وأن تطلب سماع من ترى سماع أقواله، وعلى جميع الجهات أن تستجيب إلى طلبها، وأن تضع تحت تصرفها ما تطلبه من وثائق أو مستندات أو غير ذلك. وفى جميع الأحوال لكل عضو في مجلس النواب الحق في الحصول على أية بيانات أو معلومات من السلطة التنفيذية تتعلق بأداء عمله في المجلس ". هذه بعض وليست كل الصلاحيات التى منحها الدستور الذى يعد أبو القوانين فى مصر للبرلمان , وهنا نتساءل : هل يفعل البرلمان ونوابه هذه الأدوات الرقابية ؟ وهل يقوم البرلمان بدوره الرقابى على الوجه المطلوب ؟ وهل يملك مجلس النواب القدرة على محاسبة الحكومة ووزرائها ؟ . وللإجابة عن هذه التساؤلات يؤسفنى القول أن المجلس النيابى الذى مضى على بدايته قرابة ال 15 عشر شهراً لم يستغل تلك الصلاحيات ويفعلها على أرض الواقع بالشكل المطلوب . كما أن النواب يتعاملون بنظرية " العدد فى الليمون " حيث يتقدمون بالكثير من الأسئلة وطلبات الإحاطة والبيانات العاجلة ولكن دون أن يكون لها تأثير أو مردود حقيقى على أرض الواقع . ومن المؤسف أيضاً القول إن هناك الكثير من القضايا الساخنة الموجودة على أجندة مجلس النواب ولجانه النوعية التى تمثل (المطبخ ) الحقيقى لأعمال البرلمان , إلا أن هذه القضايا والملفات الشائكة لا تنال حظها الكافى من المتابعة والمناقشة والتوصل مع الحكومة لنتائج فعليه خاصة بها .
وفى هذا السياق أشير إلى عدد من القضايا الخطيرة جداً والتى تم إدراجها على جدول أعمال اللجان النوعية خلال الأسبوع الحالى , ففى لجنة الزراعة والرى والأمن الغذائى تمت مناقشة طلبات الإحاطة المقدمة من الأعضاء هشام الشعيني، ورائف تمراز، وهيثم الحريري، وأشرف عمارة، وتامر عبدالقادر، بشأن زيادة أسعار الأسمدة ونقص المعروض منها وسوء توزيعها في الجمعيات الزراعية المختلفة، وكذلك تداول بعض الأصناف المغشوشة منها في الأسواق لما له من تأثير سلبي على اقتصاديات الإنتاج الزراعي. وفى تصورى الخاص أن هذه القضية خطيرة جداً لأنها تتعلق بحياة ومعيشة الملايين من المزارعين وأسرهم ,كما أنها تتعلق بإنتاج مصر من المزاد الغذائية سواء التى يتم استهلاكها محليا أو تصديرها للخارج , حيث أنها تؤثر بالسلب على انتاجية المحاصيل كما وكيفا ويجب أن تكون هناك محاسبة للمتورطين فى جرائم المبيدات المغشوشة التى تدمر صحة المصريين وتؤدى لتلف أوعدم نمو المحاصيل . أما لجنة الصحة فقد كان لها نصيب كبير فى فتح العديد من الملفات خلال الأيام الماضية ومنها طلب الإحاطة المقدم من العضو محمد الكومي، بشأن المخالفات في بعض شركات الأدوية التي تخضع لقطاعات الدولة لاستخدام مواد غير صالحة في تصنيع الدواء. وكذلك طلب الإحاطة المقدم من النائب محمد أحمد فؤاد، بشأن انتشار بعض الأدوية التي يتم استخدامها كنوع بديل للمخدرات. علاوة على طلب الإحاطة المقدم من السيد العضو أحمد همام، بشأن حقن بعض المرضى بالمستشفى الجامعي التابعة لجامعة الأزهر بتركيبة قام بها أحد الأطباء دون التصريح بذلك. كما أن من بين الملفات المهمة التى فتحتها لجنة الشئون الصحية مناقشة دور جهاز حماية المستهلك وفقاً لما ورد بتقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان حول ارتفاع أسعار بعض السلع واختفاء بعض الأدوية من الأسواق على حساب ظهور عقارات بديلة بزيادة وصلت إلى 27 ضعفاً وهو ما يعد انتهاكاً لحقوق المستهلك . وكما نرى فإن كل هذه الملفات مهمة للغاية وتتعلق بحياة وصحة ومستقبل الملايين من المصريين , ولكن من المؤسف أنه رغم سخونة هذه القضايا وخطورتها فإنه لا يتم التعامل معها بالإهتمام المطلوب حيث يتم الإستماع لبيان مكتوب من الوزير المختص أو من يكلفه بحضور إجتماع اللجنة , وينتهى الإجتماع بدون وضع حلول وضوابط محددة للتعامل مع القضية التى يتم طرحها للنقاش .