أكثر شعب يتكلم، ويخشى الجميع أن يصارحه بالحقيقة، وأكثر وطن يتغنى فنانوه بحبه، ويتعرض كل لحظة للسرقة، ومن أكثر الشعوب، التى ترفض النظام والنظافة، وعلى الرغم من ذلك فإن وسائل الإعلام تنافق المشاهد، وترفض مصارحته بأخطائه. "معلش"، و"زى بعضه"، و"نهارك أبيض"، وغيرها من ألفاظ ومصطلحات صارت ثقافة تسيطر على الشارع المصرى، ومعها تضيع قيم الحق والنظام والانضباط، حتى باتت الثورة مجرد كلمة نتغنى بها وسط محاولات لتفريغها من مضمونها. إذا غضب الله على قوم أورثهم كثرة الكلام، وقلة العمل، وهو حالنا قبل وبعد الثورة، وعندما تتحدث مع شخص تجده يطالب بالحافز والمكافأة وزيادة الراتب وهو حق لا خلاف عليه، لكن عند معايشته لا تجده يقدم الكثير فى عمله، والإتقان لا يعرف إليه طريقا، ناهيك عن الإجازات التى يحصل عليها، وتأخيراته يوميًا عن موعد العمل، وانصرافه قبل موعده، وغيرها من السلوكيات التى أصبحت أحد معالم مصر الأثرية فى جهازها الإدارى. ووفقًا لتأكيدات الخبير الاقتصادى د. صلاح جودة فإن أيام العمل الرسمية فى السنة 250 يومًا، فى حين تبلغ عدد أيام الإجازات للأعياد والعطلات الرسمية والمواسم وبدل أيام الجمع 60 يومًا، بينما الإجازات التى من حق العامل 45 يومًا، ومن حق الموظف فى الحصول على إجازة مرضية يجب ألا تتعدى 60 يومًا، وبالتالى يتبقى 85 يومًا هى عدد أيام العمل الفعلية. وهناك دراسة حديثة عن أحوال الموظفين فى مصر، أجرتها الدكتورة "آية ماهر" أستاذ الموارد البشرية فى الجامعة الأمريكية، تقول إن الموظف المصرى يعمل لمدة نصف ساعة يومياً على الرغم من امتداد ساعات العمل الرسمية إلى 7 - 8 ساعات يومياً؛ وذلك رغم حصول 95% من الموظفين على امتياز فى تقاريرهم السرية. وقالت الدكتورة "آية": إن الدراسة تمّت على أساس المقارنة بين العمل فى المؤسسات البريطانية والمصرية على مدار 3 سنوات، وأظهرت أن الموظف المصرى يهتم بتقديره فى التقارير السرية السنوية حتى يحصل على راتبه وحوافزه بشكل كامل، ولذلك يكتب المدير فى تقارير الموظفين امتيازاً للجميع حتى لا يتم حرمانهم من دخلهم الذى يعتمدون عليه؛ وذلك بشكل ودّى بعيداً عن قواعد العمل. ووفقا لتقديرات رسمية فإن خسائر الاقتصاد المصرى بسبب انخفاض إنتاجية العامل تصل إلى نحو 1.4 تريليون جنيه، مع الأخذ فى الاعتبار أن متوسط إنتاج الفرد اليابانى يساوى إنتاج أربعين من المسلمين!!! بالله عليكم..ألسنا فى حاجة لثورة ثانية فى الأخلاق وإتقان العمل.