قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية, إن مصر شهدت في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا في نوعية التعليم الحكومي, وإن عمليات الغش الجماعي خلال الامتحانات هي أبرز دليل على هذا الأمر الخطير. وأضافت الصحيفة في تقرير على موقعها الإلكتروني في 19 يونيو، أن امتحانات الثانوية العامة, التي تحدد القبول في الجامعات والمعاهد الحكومية، سلطت الضوء من جديد على هذه الأزمة, خاصة بعد تسريب الامتحانات هذا العام على نطاق واسع. وأشارت إلى أن امتحانات الثانوية العامة تكتسب أهمية كبيرة للغاية لتحديد مستقبل معظم الشباب المصري, خاصة أن المصاعب الاقتصادية في البلاد جعلت الكليات الخاصة بعيدا عن متناول كثيرين منهم. وخلصت الصحيفة إلى القول إن هناك ثلاثة أسباب واضحة تقف وراء أزمة التعليم الحكومي في مصر, هي الامتحانات القائمة على أساس الحفظ, وازدحام الفصول الدراسية, والمعلمين غير المدربين جيدا. وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية, قالت أيضا إن أزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة في مصر, لن تجد حلا سريعا على الأرجح, في ظل تفاقم مشكلات المنظومة التعليمية في البلاد, حسب تعبيرها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها , أن ما يزيد الأمر سوءا أن صفحة "شاومينج" على موقع "فيسبوك", التي تبنت تسريب الامتحانات, أعلنت أنها لن تتوقف عن هذا الأمر. وتابعت " هذا الإعلان يشكل تحديا كبيرا للسلطات المصرية وللنظام التعليمي بأكمله, ومن شأنه أن يزيد من الاستياء الشعبي في البلاد, خاصة في ظل تصريحات حكومية أن إصلاح مشكلات المنظومة التعليمية يحتاج حوالي عشر سنوات". واستغربت "يديعوت أحرونوت" قيام السلطات المصرية بإلغاء امتحان التربية الدينية عقب تسريبه, وعدم تكرار هذه الخطوة مع مادتي اللغة الإنجليزية والعربية, رغم تسريبهما. وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن إسرائيل تعاني من حين لآخر من مشكلة تسريب الامتحانات, إلا أنها ليست بحجم وخطورة ما يحدث في مصر, التي تشهد أزمة تسريبات على نطاق واسع للغاية. وبدأ مسلسل تسريب امتحانات الثانوية العامة في مصر بتسريب مادتي الدين واللغة الغربية، على مواقع التواصل الاجتماعي, ليس هذا فقط، بل تحدى قراصنة الغش مسئولي "التربية والتعليم" في مادة اللغة الإنجليزية وأعلنوا نشر أسئلة الامتحانات الخاصة بها قبيل موعد بدء الامتحان ب3 ساعات وهو ما نفته وزارة التربية والتعليم يومها، ليفاجئ الجميع يومها بنشر أسئلة الامتحانات وأجوبتها, ولم يتم إلغاء الامتحان، ما أثار استياء الطلاب وأولياء الأمور الذين طالبوا بإقالة وزير التربية والتعليم، ومعاقبة المتسببين في تسريب الامتحانات لتسببه في ضياع مجهود أولادهم. وواصل قراصنة الغش تحديهم لأجهزة الدولة, رغم تغليظ عقوبة الغش في امتحانات الثانوية لتصل إلى سنة سجن وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف جنيه من أجل مكافحة الغش في الامتحانات. وأصبح تسريب الامتحانات تحديا كبيرا للمنظومة التعليمية في مصر، ودفع أولياء الأمور للشكوى. وتبنت التسريبات صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تطلق على نفسها "شاومينج بيغشش ثانوية عامة", تم إنشاؤها منذ نحو أربع سنوات. وقد هددت المجموعة المسئولة عن الصفحة باستمرار تسريب الامتحانات ما لم تنفذ الحكومة عددا من المطالب أبرزها إعطاء المعلم حقه ماديا واجتماعيا وثقافيا، وإلغاء نظام تنسيق الجامعات، وهو النظام الذي يعتمد فقط على الدرجات بغض النظر عن قدرات ومواهب الطلبة. وتطالب الصفحة أيضا بتحديث مناهج التعليم قبل الجامعي للقضاء على التبلد الفكري، حسب وصف القائمين عليها، وأخيرا طالبت بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في التعليم. وبدأت الصفحة نشر أسئلة الامتحانات المسربة وأجوبتها النموذجية، وكانت البداية بامتحانات التربية الدينية واللغة العربية واللغة الإنجليزية، مما دفع وزارة التربية والتعليم لإعادة اختبار التربية الدينية, والتعهد بإعادة أي امتحان آخر قد يثبت تسريبه. وفي 20 يونيو, أكد بشير حسن، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم المصرية، أن "الوزارة اكتشفت تسريب الامتحانات وأبلغت الجهات المسئولة عن العناصر المتورطة". وأضاف "حسن" خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "يوم بيوم" على فضائية "النهار اليوم", أن "وزارة التربية والتعليم كان لديها إرادة للتصدى للفساد، والتسريب جاء من مراكز توزيع الامتحانات". وتابع "12 شخصا تم تسليمهم إلى النيابة منهم رئيس قسم المطبعة السرية". وبدورها, كشفت مصادر قضائية أن النيابة العامة أوشكت على الانتهاء من التحقيقات التى تجريها مع رئيس قسم بالمطبعة السرية التابعة لوزارة التربية والتعليم وزوجته و 7 آخرين، فى اتهامهم بواقعة تسريب ونشر صور أسئلة امتحان مادتى اللغة العربية والتربية الدينية لطلاب الثانوية العامة وإجاباتها قبل أداء الامتحانات. ونسبت وسائل إعلام مصرية إلى المصادر ذاتها القول إن المتهمين سيحالون إلى المحاكمة العاجلة بعد تحديد مسئولية كل منهم فى الواقعة، وانتهاء خبراء المعمل الجنائى من فحص أجهزة الحاسب الآلى والهواتف المحملة التى تم ضبطها معهم، مشيرة الى أن هذة الواقعة تمثل خطرا على مستقبل طلاب الثانوية العامة وهى قضية أمن قومى. وتوقعت المصادر إحالة المتهمين للمحاكمة بتهم اختلاس أوراق وتلقى رشوة، وهى الجريمة التى تعاقب عليها المادة "103" من قانون العقوبات، حيث تنص على أنه "كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيرة أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء أعمال وظيفته يعد مرتشياً، ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به، فضلا عن المادة 112 من قانون العقوبات والتى تنص على ان " كل موظف عام اختلس أموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت في حيازته بسبب وظيفته يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة".