الصحة تطلق برنامج «قادة الأزمات والكوارث» بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب    انطلاق فعاليات احتفالية الذكاء الاصطناعي والعلوم والابتكار بجامعة حلوان 2025    مكاتب الدفاع المصرى بالخارج تنظم عددًا من الاحتفاليات بمناسبة الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    رئيس الجمارك: تطبيق منظومة «ACI» جوًا في هذا الموعد    الاثنين 17 نوفمبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    إطلاق خدمة الاستعلام الائتمانى للأفراد عبر منصة مصر الرقمية    محافظ بورسعيد يشيد بافتتاح المحطات البحرية بشرق المحافظة.. ويؤكد: نقلة كبرى تعزز مكانة مصر اللوجستية عالميًا    الهلال الأحمر يعزز دعم أهالي غزة بمستلزمات شتوية وغذائية وبترولية (صور)    حماس: نحمل الاحتلال المسؤولية عن استمرار خروقاته لاتفاق إنهاء الحرب في غزة    الجيش السودانى يستعيد السيطرة على مدينة بارا بولاية شمال كردفان    بعد ساعات من السيطرة عليهما.. الجيش السوداني ينسحب من منطقتين بولاية كردفان    مدرب نيجيريا يتهم الكونغو الديمقراطية بأستخدام «السحر» خلال ركلات الترجيح    أمير سعيود يغيب عن مواجهة منتخب مصر الثاني    دوناروما عقب سقوط إيطاليا أمام النرويج: لم نلعب الشوط الثاني    موعد مباراة الزمالك وزيسكو والقناة الناقلة في الكونفدرالية    صفقة حامد حمدان تحدد مصير سيف فاروق جعفر فى نادى الزمالك    ضبط 947 مخالفة مرورية لقائدي الدراجات النارية    إصابة أسرة في انقلاب دراجة بخارية بكورنيش النيل ببني سويف    في ذكرى استشهاده .. كيف أسقط المقدم محمد مبروك مخطط التخابر؟    ضبط سائق ميكروباص بعد مصرع شخص فى حادث دهس بالقطامية    أزواج وقتلة.. سيدة الإسكندرية تنهي حياة شريك حياتها داخل غرفة النوم.. عروس كفر الشيخ من شهر العسل إلى المشرحة.. الإدمان والشك يقودان أسرة للمجهول بالدقهلية.. وخبراء: هذه الجرائم تحتاج إلى معالجة شاملة    في ذكرى رحيله.. عبد المنعم إبراهيم «سفير البهجة» الذي لا يغيب    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    وكيل صحة الفيوم تحيل الأطباء المتغيبين بالمستشفى العام للتحقيق    وزير الري يتابع تنفيذ مشروع إنشاء قاعدة معرفية للمنشآت الهيدروليكية فى مصر    أسعار الذهب في مصر اليوم الإثنين 17 نوفمبر 2025    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025    أبو الغيط: القمة الصينية العربية الثانية علامة فارقة في الشراكة الاستراتيجية مع الصين    طقس الإسكندرية اليوم.. تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة ودرجات الحرارة العظمى 25 درجة مئوية    منتخب مصر ايواجه الليلة كاب فيردي وغياب 11 لاعبا أبرزهم صلاح وزيزو    كلية دار العلوم تنظم ندوة بعنوان: "المتحف المصري الكبير: الخطاب والمخاطِب"    عرض "الجولة 13" لأول مرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمهرجان القاهرة السينمائي    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    نجمات فضلن الهدوء على الزفة: زيجات سرية بعيدا عن الأضواء    كلاكيت تاني مرة| منتخب مصر «الثاني» يواجه الجزائر وديًا اليوم    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل جديدة بقطاع الإنشاءات والبناء بالأردن..اعرف التفاصيل    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    التخصيب المتعدد الأبوى.. برازيلية تلد توأما من أبوين مختلفين    لمواجهة الصعوبة في النوم.. الموسيقى المثالية للتغلب على الأرق    مسؤول بحرس الحدود يشيد باعتقال مهاجرين في كارولينا الشمالية رغم اعتراضات محلية    نظر محاكمة 5 متهمين فى قضية "داعش الطالبية" اليوم    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    بعد صلاة الفجر.. كلمات تفتح لك أبواب الرحمة والسكينة    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    ياسمينا العبد: شخصيتي في ميدتيرم هي الأصعب.. مركبة من عدة شخصيات في آن واحد    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 17 نوفمبر 2025    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    ترامب يتوعد بعقوبات شديدة على الدول التي تتعامل تجاريا مع روسيا    #جزيرة_الوراق تتصدر مع تحوّلها لثكنة عسكرية .. ودعوات للتصدي بالثبات في الأرض    الدفاع الجوي الروسي يسقط 31 مسيرة أوكرانية خلال ساعات    مروة صبري تعتذر ل دينا الشربيني: "أنا غلطت وحقك عليا.. بحبك"    أحمد صالح: محمد صبري كان موهوبًا ويرفض المجاملة والواسطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسين عبدالرازق: الانفجار قادم
نشر في المصريون يوم 10 - 06 - 2016

الدولة البوليسية تحكمنا.. وصراع الأجهزة الأمنية قائم
السيسى يأخذ خلافه مع الشباب على محمل "شخصى"
الرئيس منحاز إلى رجال الأعمال ويُحمّل الفقراء الفاتورة
الداخلية تتعامل مع "الصحفيين" بروح انتقامية
إقالة الوزير مطلب أساسى لحل أزمة "النقابة" و"الداخلية"
الهيمنة على النيابة العامة يؤثر على أحكام القضاء
الرئيس يحكم بدستور 71.. ومؤسسة الرئاسة غامضة
الحديث عن المؤامرة هروب من مواجهة النظام لأخطائه
تشويه المعارضين أحد أساليب الدولة البوليسية
قانون التظاهر يقيد الحريات ويمنع التجمهر ولا ينظمه

يسارى معارض، بدأ حياته السياسية منذ أن كان طالبًا فى الجامعة، وقت أن كانت الحركة الطلابية على تماس بالشأن السياسى، من خلال الكيانات التى أنشأتها السلطة الحاكمة فى تلك الفترة، وعلى الرغم من حبه للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إلا أن النزعة الناصرية لديه لم تمنعه من توجيه النقد البناء له، حيث يُأخذ عليه الكثير من المواقف لعل أبرزها تحميله مسئولية ركود الحياة السياسية فى البلاد بعد أن أصدر قرارًا بحل الأحزاب فى يناير 1953.
انضم لحزب التجمع بعد تأسيسه على يد خالد محيى الدين، بعد قرار الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1976 بعودة الأحزاب السياسية، ليبدأ بعدها الصدام بالأخير بعد محاولته، بحسب تصريحاته، لإنشاء أحزاب كارتونية، مما أدى إلى اعتقاله أكثر من مرة لعل أشهرها انتفاضة الخبز فى 18و19 يناير 1977، وعقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيونى عام 1978، وفى عصر الرئيس المخلوع حسنى مبارك، واصل دفاعه عن الطبقات المهمشة، ما جعله يتعرض لمضايقات كثيرة، دفاعًا عن أفكاره التى طالما آمن بها، وبعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، نجده لا يزال متمسكًا بمبادئه، معبرًا عنها بطريقة علنية دون خوف من دفع الفاتورة.
إنه حسين عبد الرازق، القيادى البارز بحزب التجمع، يحدثنا فى هذا الحوار عن رؤيته للوضع السياسى بالبلاد الآن، وتقييمه لأداء الرئيس عبد الفتاح السيسى وطريقة إدارته للبلاد، وأسباب العلاقة المتوترة بينه وبين الشباب؟ ولماذا يطلق على العهد الذى نحياه "الدولة البوليسية"؟ وما معالم هذه الدولة من وجهة نظره؟ وحقيقة الصراع القائم بين الأجهزة الأمنية، وتحيزات النظام الحاكم واختياراته فيما يخص العدالة الاجتماعية، وطريقة إدارة الحكومة لملف ارتفاع الأسعار، وتقييمه لسقف الحريات، والدور الذى تلعبه وزارة الداخلية فى بعض الأحداث الأخيرة ومدى تأثيرها على النظام، ولماذا يعتقد بأن هناك انفجارًا اجتماعيًا وسياسيًا قادم؟
فى البداية.. كيف ترى إدارة الحكومة لأزمة ارتفاع أسعار الكثير من السلع الأساسية فى الآونة الأخيرة؟
منذ قيام الحكومة عام 1974 بتطبيق روشتة صندوق النقد الدولى، بدأت الدولة تنسحب من كل شيء، وتركت رجال الأعمال والقطاع الخاص يتولون عملية التنمية، لنجد السوق الرأسمالية بآلياتها تحكم، وأصبحت يد الحكومة مغلولة عن التأثير الحقيقى فى الأسواق، مع خضوع الحكومات المتتالية لضغوط "رجال الأعمال" أو ما يسمى "الرأسمالية الطفيلية" التى تهدف إلى تحقيق أكبر ربح ممكن وتحويل أرباحها إلى الخارج، بينما الرأسمالية المنتجة محدودة، مع عدم وجود قوانين لمنع الاحتكار وتمنع المنافسة، وبالتطبيق على الوضع الحالى واستمرار الحكومات فى تطبيق نفس السياسات نجد تأثير الحكومة محدودًا وغير قادر على ضبط الأسعار.
ولماذا لم تتغير سياسة تلك الحكومات بعد قيام ثورتين؟
لأنه مازال هناك وهم بأن التنمية لن يحققها إلا القطاع الخاص المحلى والأجنبى، وأصبح لدينا ما يسمى "فوبيا" ضد دور الدولة فى التنمية والاستثمار والخدمات الأساسية، على الرغم من أن ذلك ليس له علاقة بالنظام الاشتراكى أو الرأسمالى؛ لأنه بالأساس هو دور الدولة المنوط بها أن تلعبه فى أى نظام اقتصادى كان، من منطلق مسئوليتها فى حماية جميع فئات الشعب وتوفير الخدمات الأساسية ويتم تطبيقها بطرق مختلفة، لكن فى مصر هناك فهم خاطئ لحرية السوق والقطاع الخاص.
بصراحة.. ما رأيك فى تحيزات النظام الحاكم واختياراته.. وهل تعتقد أنها سبب رئيس فى الأزمة الاقتصادية؟
جميعنا راهن على أن السيسى بعد 30 يونيو سيأتى لتطبيق أهداف ثورة 25 يناير، والتى كان من مطالبها "عيش - حرية - عدالة اجتماعية"، ولاسيما أنه جاء بعد دستور 2014 الذى حوّل هذه الشعارات إلى نصوص فى الدستور، فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية، مع وجود عدد كبير من القوانين التى تحولت إليها وأصبحت معبرة عنها، لكن ما نجده هو أن بنود الدستور لا تطبق ولا تتحول إلى سياسات، وكنا نراهن على أن السيسى سيتبنى تطبيق هذه السياسات على الأقل التزامًا بالدستور، ولكن لم يحدث أى تغيير حقيقى فى السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وعندما صدرت بعض القوانين التى كانت تمثل خطوة فى تطبيق هذه السياسات مثل الضرائب على أرباح البورصة، ولكن فوجئنا تحت ضغوط رجال الأعمال بالتراجع عنها.
نحن نمر بأزمة حقيقية ملخصها أننا نعيش نفس السياسات الاقتصادية الاجتماعية القديمة وفى بعض الأحيان تكون أسوأ، والرئيس ينحاز إلى رجال الأعمال فى تصور منه أنهم سيحققون التنمية على الرغم من أن "عواطف السيسى" تظهر بأنه إلى جانب الفقراء لكن المسألة ليست عواطف إنما سياسات.
ولكن استمرار تحميل فاتورة ما يسمى ب"الإصلاح" لفقراء الشعب.. فى رأيك إلى أين سيأخذ البلاد؟
هناك أزمة اقتصادية عالمية منعكسة على الوضع فى البلاد، وبالتالى نحن لدينا أزمة اقتصادية خاصة بعد الثورة والتى تأثرت بها بعض القطاعات وحدث لها ركود، ومن المفترض أن يكون هناك سياسات مختلفة لمعالجة هذه الأمور، وبما أن الدولة منحازة إلى رجال الأعمال فهى تتبنى السياسات التى تتحمل فيها الطبقة الوسطى والشعبية العبء بدلاً من أن يتحملها الأغنياء.
ونحن دولة من المفترض أنها رأسمالية، والضرائب فى المجتمع الرأسمالى تعالج مشاكل الفروق بين الطبقات وعلاج الأزمات الاقتصادية، لكن لم يتم طرق هذا الباب، وأذكر عندما كنت عضوًا بلجنة الدستور، أخذت المادة الخاصة بالضرائب صراعًا داخل اللجنة، وظلت هذه المادة حتى الدقيقة الأخيرة فى الاجتماع، إلى أن تم التوصل إلى صياغة تتبنى فرض ضرائب تصاعدية حقيقية تلعب دورًا فى توفير قدر من العدالة الاجتماعية، لكن هذه المادة لازالت كما هى فى الدستور ولم تنعكس على أى قوانين قائمة، وهذه هى المعركة الحقيقة الآن وهى كيف نحوّل بنود الدستور إلى قوانين وسياسات.
هل تتوقع قيام ما يسمى ب"الثورة الثالثة"؟
نحن بالفعل ماضون بسرعة فى اتجاه أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية، وهذه الأزمة تستفحل يومًا بعد يوم، ولا يوجد علاج حقيقى لها، وأخشى أن أقول إننا متجهون نحو انفجار اجتماعى وصدام سياسى حاد خصوصًا مع الأحكام التى تصدر وفقًا لقانون التظاهر وعودة الدولة البوليسية بشكل غير مسبوق وهيمنة هذه الدولة على النيابة العامة، وبالتالى تأثيرها على القضاء، ولا أستطيع أن أتنبأ بالشكل الذى يمكن أن يظهر عليه هذا الانفجار، لأن الشعب المصرى دائما ما يفاجئنا، وأذكر فى 25 يناير عندما تمت الدعوة للتظاهر ضد قمع الشرطة لم أكن أتوقع أن تكون بداية ثورة وتخوفت من فشلها، وبعد نزول الناس فى 28 يناير والتعامل الذى تم مع المتظاهرين، زاد ذلك من تصعيد الموقف، وبالتالى كل الحسابات التى كانت موضوعة خرجت عن التوقعات، وقياسًا على ذلك من الصعب أن نحدد شكل الانفجار لكنه قادم، خصوصًا أن القوى السياسية المنظمة ليست الفاعل الرئيس فى هذا الأمر.
بذكر القوى السياسية المنظمة.. لماذا هذه الفجوة بين الأحزاب السياسية والشارع المصرى؟
هى ليست بعيدة، لكن فكرة الأحزاب تم تلويثها فى مصر منذ ثورة 23 يوليو، وظلت طوال 23 عامًا غائبة منذ 1952 حتى 1976، وطوال هذه الفترة كان جهاز الإعلام الرسمى يصور الأحزاب السياسية على أنها رجس من عمل الشيطان، فتمت تعبئة الشعب ضدها، وعندما جاء السادات وأعاد الأحزاب السياسية، بدأت ب3 أحزاب يمين ووسط ويسار، وعندما صدق الأخير وتعامل على أنه حزب اصطدم بالسادات وتعرض حزب التجمع والأحزاب السياسة لهجوم كبير وحملة اعتقالات، فضلاً عما تم مع بعض العاملين المنضمين للأحزاب من حبس وفصل ونقل، ما جعل الكثير يحجم عن الانضمام للأحزاب، بالإضافة إلى القانون الذى قام من خلاله بمنع الاجتماع بالناس فى المصانع والشركات والجامعات، فتكونت ثقافة معادية للأحزاب.
ما تقييمك لسقف الحريات فى البلاد؟
هناك قدر من الحريات تمتع بها المصريون من عصر مبارك وحتى الآن وهو حرية الصحافة، ولكن هذا القدر أصبح مهددًا بشدة، ونلاحظ على الجانب الآخر من حرية التعبير السلمى عن الرأى فى الشارع أصبحت مقيدة من خلال قانون التظاهر، وعلى الرغم من وجود قوانين تنظم التظاهر فى كل أنحاء العالم، إلا أن القانون لدينا يتميز بأنه يقيد حق التظاهر عمليًا، إلا إذا كانت على هوى وزارة الداخلية، مما يعد قيدًا حقيقيًا على حرية التعبير والرأى، فضلا عن أن الصحافة والقنوات الفضائية يتم تهديدها وحصارها بطريقة غير مباشرة من الدولة وأصحاب هذه القنوات والصحف وحتى الصحف القومية، والغريب أنه بالجرائد القومية يأتون برؤساء مجالس إدارة أسوأ من أيام "الرقيب"، وما هو موجود هو التهديد الدائم الموجود على ملاك الصحف.
الأحكام الصادرة على شباب الثورة بموجب قانون التظاهر.. هل تحمل طابعًا سياسيًا؟
كثير من الأحزاب والقوى السياسية وحتى المنظمات المفترض أن تكون تابعة للدولة مثل المجلس القومى لحقوق الإنسان وغيره، ترى أن هذه الأحكام مبالغ فيها، وتؤدى إلى خلق مناخ من الخوف فى المجتمع، إضافة إلى تأثيرها على سمعة مصر فى الخارج، لاسيما أن النيابة العامة تلجأ إلى شيء بالغ السوء وهو ليس تقديم المتهم بتهمة خرق قانون التظاهر فقط إنما تهم أخرى منها محاولة قلب نظام الحكم وغيرها، مما يعد انتهاكًا لاستقلال القضاء.
كيف ترى مفارقة أن شباب الثورة داخل السجون فى الوقت الذى يتواجد فيه رجال مبارك خارجه؟
مبارك لم تتم محاكمته فى القضايا الحقيقية، لأن القانون المصرى لا يعرف الجريمة السياسية، وجريمة مبارك ليست السرقة، إنما أنه طبق سياسات أدت إلى الكوارث التى تعيشها مصر، ولا يوجد لدينا قانون يحاسب على تلك الجريمة، فنحن لسنا أمام وضع يتم فيه المجاملة، أما الشباب الذى تتم محاكمته فهو وفقًا لقوانين قمعية تعطى أحكامًا تصل إلى المؤبد، ولا بد من تغيير تلك القوانين.
ملف الشباب المعتقلين.. لماذا لا يفتحه الرئيس ويفرج عنهم؟
أعتقد أن الرئيس يأخذ منهم موقفًا، وقيل له إنهم يهتفون ضده ويكتبون أشياءً لا تليق عنه، وكان لا بد له مهما كان الأمر ألا يأخذ الأمور على هذا النحو خاصة أنه الرئيس، فهو يأخذ الأمر بشكل شخصى بالإضافة إلى أنه يؤمن بالدولة البوليسية رغم كل كلامه.
ذكرت أننا نحيا فى عصر ما يُسمى ب"الدولة البوليسية".. ما معالم تلك الدولة؟
دولة يتم اتخاذ القرارات فيها استنادًا إلى الموقف الأمنى وليس السياسة؛ بمعنى أنه لا يمكن تعيين أى موظف بأى موقع إلا بعد أن يرد تقرير الأمن، وكذلك عند تعيين المحافظين، وعلى الرغم من أنه قرار سياسى بالأساس نجد أنه لا بد من إرسال أسمائهم للرقابة الإدارية ومباحث أمن الدولة والأمن القومى حتى تبدى رأيها ويقولون "هل يصلح الشخص أم لا؟"، وكذلك عند تعيين رئيس الجمهورية لنسبة من أعضاء البرلمان يتم تأخير القرار وانعقاد البرلمان؛ لأن الأسماء المرشحة يتم إرسالها إلى الجهات الأمنية حتى ترسل تقريرها النهائى، فكل هذه الأمور تعد الدولة البوليسية فى أعلى تجلياتها الحقيقية.
وهل تتفق مع الرأى الذى يقول بأننا نشهد صراعًا للأجهزة الأمنية على طريقة مراكز القوى؟
دائمًا فى أى بلد غير ديمقراطى يكون هناك صراع بين مَن يحكمون، ولأننا فى عصر تحكم أجهزة الأمن لا بد أن يتواجد الصراع، وأذكر فى عام 1981 قام جهاز أمنى بتولى قضية لمجموعة من الشيوعيين بدءًا من المراقبة إلى أن تم القبض على المتهمين، دون القيام بإجراء طبيعى فى هذه الأمور وهو التفتيش، وانتهى الأمر بفشل القضية، وكان متعمدًا، لأن القضية لم تكن قضية الجهاز الذى قام بالقبض عليهم، وبالتالى نستطيع أن نطلق على ذلك صراع أجهزة، فهو موجود منذ زمن ولكن فى ظل بلد ديمقراطى تكون الأمور علنية، عكس الدولة التى نعيش فيها يكون كل شيء بها مخفيًا ومن الممكن فى ظل هذا الصراع أن تضيع ضحايا.
وما رأيك فى الطريقة التى خرج بها بعض أنصار النظام الحاكم من المشهد السياسى ولاسيما من كانت لهم صلات وثيقة بأجهزة الأمن؟
النظام البوليسى بطبيعته لا يقبل الاستقلال، وخاصة من رجاله، بمعنى لا يجوز لهم أن يتصرفوا دون معرفته، ويكون العقاب إما "قرص ودن" أو "ذبح"، وفقًا لحجم التجاوز من وجهة نظر النظام.
والنظام يحميهم طالما هم ملتزمون، ولكن فى حال حاولوا التصرف دون مشورتهم حتى لو كانت فى صالحهم يكون العقاب؛ لأن الفكرة بالأساس هى أن يتلقوا التعليمات وينفذوها، وهم وضعوا أنفسهم فى هذا الموقف وعليهم أن يتحملوا النتائج.
أداء وزارة الداخلية.. كيف تراه بعد اتهام البعض لها بالعودة لممارسات ما قبل 25 يناير؟
العقيدة الشرطية التى تحدد دورهم وهدفهم فى مصر لم تتغير، ومنذ فترة والشرطة عقيدتها أنها متواجدة لحماية الحاكم وليس لحماية المواطنين، وبالتالى هذا ما يحركها، وعند الحديث عن إعادة هيكلة الشرطة لا بد من أن تتغير هذه العقيدة وتتم تربية الضابط والجندى على أن هدفه هو حماية المواطن، ومن المؤسف أن الشرطة عادت لممارسات قبل الثورة بروح انتقامية لأنها لم تنس ما حدث لها فى 25يناير، وبالتالى عندما سنحت لها الفرصة عادت للآليات القديمة.
اقتحام وزارة الداخلية لنقابة الصحفيين.. بم تفسره؟
هى تنتقم من نقابة الصحفيين لأنها لعبت دورًا كبيرًا فى الهجوم عليها وكشفها، ومجلس النقابة انتبه مبكرًا لهدف وزارة الداخلية والذى كان تأديب النقابة والصحفيين، والذى نجح المجلس فى التصدى له من خلال نجاحه فى حشد الصحفيين وراءه، مما أدى إلى محاولة الداخلية لعمل انشقاقات مستفيدة من علاقتها برؤساء التحرير ومجالس الإدارات فى اجتماع الأهرام فى محاولة فاشلة لشق الصف، ولكنهم فى الحقيقة كشفوا عن خيبة كبيرة لهم.
كيف يمكن حل الأزمة بينهما الفترة القادمة؟
رئيس الجمهورية عليه أن يتحمل المسئولية ويقيل وزير الداخلية، وهذه ليست المرة الأولى التى تصطدم نقابة الصحفيين بالداخلية، ففى عام 2005 وقت الاستفتاء على تعديل الدستور، كانت هناك وقفة أمام النقابة دعا إليها بعض الأحزاب والحركات وكان يتواجد بها عدد من الصحفيين والصحفيات، والشرطة قامت بإغلاق شارع ثروت وأتت ببعض البلطجية من الرجال والسيدات وتركتهم كى يقوموا بضرب الصحفيين، وكانت هناك محاولة شهيرة لتعرية زميلة صحفية على الرغم من أنها لم تكن فى الوقفة من الأساس، بل كان لديها تدريب داخل النقابة، وأصدرت النقابة بعدها بيانًا روت فيه تفاصيل ما حدث وطالبت بإقالة وزير الداخلية حبيب العادلى، وبالطبع لم يُقل وقتها.
كيف ترى إدارة الرئيس السيسى للبلاد؟
هناك نقطة أساسية وهو أنه غير ملتزم بالدستور، على الرغم من أنه حدد للرئيس سلطات واسعة وكثيرة ولكن الواقع العملى أن الرئيس يكاد يكون يحكم بدستور 1971، والذى كان الرئيس به يمتلك كل السلطات ويصدر جميع القرارات ومهيمن على السلطة التشريعية، وكذلك التنفيذية بحكم أنه رئيسها، ويتدخل فى القضاء من خلال النيابة العامة التى تتصرف طبقًا لرؤية سياسية معينة، وتصرفاتها بها خضوع للسلطة التنفيذية، بالإضافة إلى انحياز الرئيس فى السياسات الاقتصادية والاجتماعية لرجال الأعمال، وكذلك الإجراءات التى تضيق الحريات وحقوق الإنسان، وفكرة المشروعات القومية تذكرنى بمقولة خالد محيى الدين "لا يمكن أن يأتى رئيس أو حكومة ولا يقومان بإنجازات، لأنه ليس من المنطقى أن يجلس دون أن يقوم بأى مشروعات وأسوأ الحكومات تقوم بذلك".
بذكر المشروعات الكبرى.. البعض حمل الرئيس جزءًا من مسئولية الأزمة الاقتصادية.. ما رأيك؟
يوجد خلاف على عدد من المشروعات منها قناة السويس الجديدة، والذى يبدو أنه أفضل مشروعاته، لكن هناك وجهة نظر تقول بأن إصرار الرئيس على إتمام المشروع فى عام وليس 3 أعوام ضاعف تكاليف إنشاء المشروع عدة مرات، حيث فقدنا الكثير من ميزات المشروع فى هذه المرحلة، فضلا عن أن الحركة العالمية تعانى أزمة وركودًا.
شعبية الرئيس.. تراجعت أم كما هى؟
السيسى أتى بشعبية غير مسبوقة لم يحصل عليها رئيس منذ جمال عبد الناصر، لكن من الطبيعى أن أى رئيس يأتى ويكون الشعب مراهنًا على أشياء معينة ولا تحدث يصاب بالإحباط، لكن المشكلة الحقيقية هى تراجع الشعبية بمعدل أكبر من العادى، نتيجة الصدمة التى يعانى منها الناس بعد سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وجعلهم يتساءلون عن الفرق.
صناعة القرار فى يد مَن؟
لأول مرة نحن لا نعلم مَن هم مستشارو الرئيس ومن يرجع لهم، ومن المفترض أن تكون الحكومة مستشارة له، لكن هذا الأمر ليس صحيحًا، ويبدو أن هناك مستشارين لا نعرفهم لذا يبدو لى الرئيس غامضًا ومؤسسة الرئاسة نفسها غامضة، وتبدو كالسر المغلق.
ملف حقوق الإنسان.. كيف ترى تأثيره على سمعة النظام بالخارج؟
دائمًا هناك حديث عن مؤامرة، ولكن عندما نرى تقرير منظمة العفو الدولية نجد أن هناك حديثًا أيضًا عن أوضاع حقوق الإنسان فى تركيا وإسرائيل، وبالتالى لا يجدى الحديث عن مؤامرة دولية، لأن هذه التقارير تأتى من الشكاوى الموجودة، وتقارير لجنة حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة.
والحديث الدائم عن المؤامرة يكون للهروب من مواجهة الحقيقة والأخطاء، لأن ذلك يستدعى أن هناك عدوًا خارجيًا لا بد من مواجهته من خلال التوحد بدلاً من المصارحة بأن هناك عيوبًا ما من أجل طرح طرق علاجها.
كيف ترى الحملة الشرسة التى تواجه المعارضين فى الداخل خاصة فى الإعلام؟
أحد أساليب الدولة البوليسية هو عدم الرد على المعارض، إنما استخدام أسلوب التشويه والبحث عن ذلة حتى يتم التغاضى عن القضية الأصلية، وهذا أسلوب اعتدنا عليه.
قضية صنافير وتيران... كيف ترى تأثيرها على النظام؟
المشكلة هى أن تتم مفاجئة الرأى العام بأن أرضًا من المعروف للجميع طوال سنوات طويلة أنها مصرية، ونجد حديثًا بين ليلة وضحاها عن أنها سعودية، بدون أى مقدمات، فضلا عن أن توقيت إعلان الأمر كان غريبًا خاصة أنه لم يتم التمهيد للشعب بمراحل المفاوضات وكيفية إداراتها.
حادث تجريد سيدة مسنة مسيحية بأبوقرقاص.. ما رأيك فى طريقة التعامل السياسى مع الواقعة؟
هو حادث يعبر عن انهيار أخلاقى فى المجتمع يجب معالجته بأساليب مختلفة، والأحداث الطائفية لدينا تكون من خلال حادثة عادية تتطور لتتحول إلى فتنة بين المسيحيين والمسلمين، سببها أننا باستمرار لا نواجه مثل هذه الأحداث كما يجب عن طريق تطبيق القانون، وليس بالحلول العرفية، ولكن هناك شيئًا ما فى العلاقة بين المسلمين والأقباط يجب مواجهته بجميع الوسائل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.