العصافير تلعب ولا تستمع لنصائح ماما ولا يوجد عندى أدنى شك فى ذلك. أتصور حواراً كهذا وقع بين العصفورة الأم وابنها العصفور الصغير: «لقد كبرت الآن ويمكنك الاعتماد على نفسك فى جلب الطعام. عهد الدلع انتهى. حكاية أن أدوخ أنا السبع دوخات لأحصل على نصيب اثنين من الحبوب والأرز خلاص. وكنت تأكل طعامى يا ندل وتتركنى على لحم بطنى. وغد كأبيك النذل الذى تركنى وراح يتصرمح مع العصفورات الصايعات. المهم أن تعرف أننا - جنس العصافير- نحتاج إلى الطعام باستمرار فمعدل الهضم عندنا عال جداً، ذلك أننا نطير باستمرار وبسرعة خاطفة ولذلك فلا وقت لدينا للهو. أفهمت؟ وقت الزقزقة انتهى. عهد الروقان خلاص. مفهوم؟ لقد علّمتك الطيران فى الأسبوع الماضى ولكن تذكر، لست بارعاً إلى الحد الذى تظنه. فليكن طيرانك بالقرب من الأشجار ولا داعى للطيران فى مساحة مكشوفة طويلة. تمام؟ حينما تحلق فى السماء ستفتنك زرقة السماء وطهر السحاب وبهجة الضياء، ستشعر بأنك فهمت الكون وملكت الصباح والمساء. ستشعر بأنك جميل كالحلم، طاهر كالفل، خفيف كالهواء. مع ذلك - اسمع كلامى - لا تغامر بالصعود أكثر من اللازم فهناك الشمس الحارقة، وهناك طيور جارحة طعامها العصافير الصغيرة التى لا تسمع نصائح ماما. لا تقترب أيضا من الأرض فهناك كائنات مزعجة يسمونها (الصبيان)، أصواتهم عالية جدا، ويضربون بعضهم البعض دون سبب ثم يتصافحون بعد ذلك فى ود، يأكلون كالخراتيت ويخربون كل شىء، ويحملون أشياء مؤذية جداً. إذا رأيت ماسورة طويلة وصبى ينظر نحوك من خلالها بعين واحدة فلتهرب بجلدك وكأن الجحيم يطاردك، لا تحاول التظاهر بالشجاعة أو الوقار. فاهم؟ انسحب بطريقة مهينة وإلا ستجد فى مؤخرتك شيئا فى حجم حبة الأرز ولكنها مؤلمة وقاتلة، يسمونها (الرصاص)». والآن يا عزيزى العصفور اذهب إلى حال سبيلك والسماء تحرسك.هكذا كان وداع العصفورة ماما لابنها مؤثرا، تعانقا وصوصوا ورفرفا بأجنحتهما ثم طار العصفور الصغير مبتعدا. الحقيقة التى لم تعلمها الأم أن العصفور الصغير لم يستمع - كالعادة - لكلمة واحدة من وصايا ماما، لقد كاد يجن من الفرحة بسبب أنه سيطير كالكبار. راح يفكر فى المرح المقبل، ويقول لنفسه: ماما خوافة جداً، الطيران لذيذ ولا أتعب منه أبدا، واللهو ممتع والرز بالهبل. أنا فرحان لأنى صرت أعتمد على نفسى كالعصافير الكبار. والحمد لله أنه لا توجد عندنا مدرسة، والكل يحبنى جداً خصوصاً الصبيان الصغار. ياه! شكلهم بيحبونى بشكل! هذا طبيعى جدا لأنى رائع وجميل وأجنن. حاضر يا حبايبى أنا جاى. يا سلام! لابد أنهم معجبون بى جدا وإلا فلماذا يصوبون نحوى تلك الماسورة الطويلة المليئة بالأرز. حقاً يا لى من محظوظ!!