وزير خارجية إيران يدين تصريحات ترامب تجاه خامنئي ويصفها بالمهينة    فلسطين.. شهيدان و12 إصابة إثر قصف الاحتلال مدرسة شمال غربي مدينة غزة    استشهاد 11 فلسطينيا في قصف للاحتلال استهدف خيم النازحين بحى الرمال غربى غزة    موعد مباراة بالميراس ضد بوتافوجو والقنوات الناقلة مباشر في كأس العالم للأندية    «عنده ميزة واحدة».. أول رد من الزمالك بشأن مفاوضات محمد شريف    رافينيا يتحدث عن مفاوضات برشلونة مع نيكو ويليامز    حبس سائق السيارة 4 أيام وعمل تحليل مخدرات له    «كانت بتجمع عنب».. حزن في جامعة المنوفية لوفاة طالبة كلية الهندسة ب حادث الطريق الإقليمي    مصرع 3 من أسرة واحدة في انقلاب سيارة أعلى كوبري قويسنا ب المنوفية    شيماء ضحية حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية.. حكاية حلم لم يكتمل وفتاة اختارت الكرامة على الراحة    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    دون فلتر.. طريقة تنقية مياه الشرب داخل المنزل    ستوري نجوم كرة القدم.. مناسبة لإمام عاشور.. تهنئة شيكابالا لعضو إدارة الزمالك.. رسائل لعبدالشافي    «ملوش علاقة بأداء الأهلي في كأس العالم للأندية».. إكرامي يكشف مفاجأة عن ريبيرو    استمرار تدريبات خطة النشاط الصيفي بمراكز الشباب في سيناء    شيخ الأزهر ينعي فتيات «كفر السنابسة» ضحايا حادث الطريق الإقليمي    واشنطن تؤكد لمجلس الأمن: استهدفنا قدرات إيران النووية دفاعًا عن النفس    انتداب المعمل الجنائى لفحص حريق بمول شهير في العبور    قانون العمل الجديد يصدر تنظيمات صارمة لأجهزة السلامة والصحة المهنية    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    أحمد كريمة ينفعل بسبب روبوت يقوم بالحمل ورعاية الطفل خلال ال9 أشهر| فيديو    ماذا نقول عند قول المؤذن في أذان الفجر: «الصلاة خير من النوم»؟.. أمين الفتوى يجيب    عمرها 16 عاماً ووالديها منفصلين.. إحباط زواج قاصر في قنا    جامعة الازهر تشارك في المؤتمر الطبي الأفريقي Africa Health ExCon 2025    البحيرة تستعد للاحتفال باليوم العالمي للتبرع بالدم    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن عقب آخر تراجع ببداية تعاملات السبت 28 يونيو 2025    فصل الكهرباء عن قرية العلامية بكفر الشيخ وتوابعها اليوم لصيانة المُغذى    تريلات وقلابات الموت.. لماذا ندفع ثمن جشع سماسرة النقل الثقيل؟!    «الزراعة»: ملتزمون بالتعاون مع إفريقيا وأوروبا لبناء سلاسل أكثر كفاءة    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    عمرو أديب: الهلال السعودي شرَّف العرب بمونديال الأندية حقا وصدقا    نجم الزمالك السابق: الأهلي يرفع سقف طموحات الأندية المصرية    مصر تفوز بعضوية مجلس الإدارة ولجنة إدارة المواصفات بالمنظمة الأفريقية للتقييس ARSO    أمانة التجارة والصناعة ب«الجبهة الوطنية» تبحث خططًا لدعم الصناعة الوطنية وتعزيز التصدير    طفرة فى منظومة التعليم العالى خلال 11 عامًا    مدارس البترول 2025 بعد الإعدادية.. المصروفات والشروط والأوراق المطلوبة    التعليم تكشف تفاصيل جديدة بشأن امتحان الفيزياء بالثانوية العامة    مقتل شاب على يد ابن عمه بسبب الميراث    حزب الجبهة يقدّم 100 ألف جنيه لأسرة كل متوفى و50 ألفا لكل مصاب بحادث المنوفية    استمرار الأجواء الحارة والرطبة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم والشبورة صباحًا    بعنوان "الحكمة تنادي".. تنظيم لقاء للمرأة في التعليم اللاهوتي 8 يوليو المقبل    عماد الدين حسين: إيران وحدها من تملك الحقيقة الكاملة بشأن ضرب المنشآت النووية    عمرو أديب عن حادث المنوفية: «فقدوا أرواحهم بسبب 130 جنيه يا جدعان» (فيديو)    ستجد نفسك في قلب الأحداث.. توقعات برج الجدي اليوم 28 يونيو    الصحف المصرية: قانون الإيجار القديم يصل إلى محطته الأخيرة أمام «النواب»    لحظة إيثار النفس    «زي النهارده».. وفاة الشاعر محمد عفيفي مطر 28 يونيو 2010    قصة صراع بين الحرية والقيود| ريشة في مهب التغيير.. الفن التشكيلي بإيران بين زمنين    أمانة الحماية الاجتماعية ب«الجبهة الوطنية»: خطة شاملة بأفكار لتعزيز العدالة الاجتماعية والتمكين الاقتصادي    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    الأردن يعزي مصر في ضحايا حادث الطريق الإقليمي    لماذا صامه النبي؟.. تعرف على قصة يوم عاشوراء    أمطار غزيرة تضرب باكستان وتتسبب في سقوط ضحايا ومفقودين    ترامب: من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بغزة خلال أسبوع    أسعار الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض في الأسواق اليوم السبت 28 يونيو 2025    فنانة شهيرة تصاب ب انقطاع في شبكية العين.. أعراض وأسباب مرض قد ينتهي ب العمى    اعرف فوائد الكركم وطرق إضافتة إلي الطعام    تعرف على موعد وفضل صيام يوم عاشوراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى رحيل آخر المستشرقين
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 08 - 2018


د. عمرو الزنط
فى رحيل آخر المستشرقين
توفى برنارد لويس عن عمر يناهز 102 عام. كان آخر «مستشرق» من النوع الذى هاجمه إدوارد سعيد فى إطار نقده الشهير للاستشراق وارتباطاته بالاستعمار وبالتمهيد لتقبل الغرب للمشروع الصهيونى. بل دخل سعيد مع لويس فى سجال شخصى مرير.
فى حين أنه لا يمكن إنكار مساهمات «لويس» فى دعم وتبرير المشروع القومى اليهودى فى فلسطين، وتشجيع مغامرات التدخل الغربى فى العراق وغيره، فلا يمكن أيضا اختصار مشواره الفكرى الطويل فى كاريكاتير الناشط «إمبريالى صهيونى»، لأن إنتاج «لويس» الغزير يعكس اتساعا معرفيا نادرا، مصاحبا بملاحظات مهمة، بصرف النظر عن الغرض.
وجدية «لويس» الفكرية- المنعكسة خاصة فى العقود الأولى من كتاباته- أنصفت العرب والمسلمين فى كثير من الأحيان. حتى فى 2008 كان له مقال يفند نهائيا أسطورة حرق العرب لمكتبة الإسكندرية القديمة. بل وحتى فى كتاب «ساميون ومعادون للسامية» (الذى نشر بالإنجليزية سنة 1986)، والذى اعتبر فيه أن معاداة العرب لإسرائيل تعكس نوعا من «المعاداة الجديدة للسامية»- لم يفته التوضيح بأن معاداة اليهود ليست متأصلة فى الفكر الإسلامى، وليست من نفس حدة النوعية التى انتشرت فى وسط وشرق أوروبا؛ بل تعبر أساسا عن استيراد لتراث الكراهية الأوروبى، الذى تكرس عربيا وإسلاميا فى ظل الصراع مع إسرائيل وتزايد تصرفاتها المستفزة (مثل احتلالها للبنان آنذاك)، مع تباعد أفق التسوية السلمية.. ورغم نعى «نتنياهو» له وتأبينه، فإن «لويس» كانت لديه كلمات قاسية تجاهه؛ فى طبعة 1996 من نفس الكتاب مثلا أشار «لويس» إلى أن تصرفات «التحالف المتشدد بقيادة الليكود» (ويعنى حكومة نتنياهو الأولى)، ساعدت على تأجيج مشاعر العرب المعادية لليهود.
وإذا كان «لويس» قد وقع أحيانا فى خطأ التعميم عبر الزمان والمكان فيما يتعلق بال«مسلمين» ونظرتهم للعالم وعلاقاتهم به- كما لاحظ «سعيد»- فذلك مكنه فى المقابل من فهم واستيعاب نهج حركات الإسلام السياسى، الذى يتجاهل بالفعل أهمية التطورات الحضارية التاريخية والحدود الجغرافية: فى مقال مهم نشره عام 1976 توقع تنامى وتمادى «الصحوة الإسلامية» وصعود الإسلام السياسى، بل تنبأ ضمنيا بصراعه المستقبلى مع القوى المؤمنة بالهوية الوطنية والمدافعة عنها فى بلاد مثل مصر. وفهم لويس مبكرا الطبيعة الرجعية الكارثية للثورة الإيرانية، فى حين هلل ل«روحانيتها السياسية» فيلسوف مؤثر مثل ميشيل فوكو.
أما بالنسبة لى، فسرده للشق الفكرى والمعرفى لانحدار حضارة العرب هو الأهم؛ بالذات ملاحظته (خاصة فى كتاب «اكتشاف المسلمين للغرب»، 1982)، إن المسلمين لم يهتموا كثيرا بمتابعة واستيعاب التطورات المتلاحقة فى أوروبا حتى نهاية القرن السابع عشر، وبعد هزائم عسكرية واضحة وفادحة، مثل التى صاحبت حصار العثمانيين لفيينا. ثم، بعد ذلك، ظل التطلع للتواصل مع الغرب مقتصرا لوقت طويل على نقل الطرق والتقنيات «العملية»، خاصة العلوم والتكنولوجيا العسكرية، مع تجاهل شبه تام للعلوم الأساسية والأدب والفنون.
الجدير بالملاحظة هنا أن عدم الالتفات للتداعيات الأوسع للثورة العلمية حدث رغم تزامن هزيمة فيينا تقريبا مع نشر نيوتن لل«برينسيبيا»، الذى أحدث انقلابا فى تاريخ الفكر الإنسانى.. على سبيل المقارنة، اهتم «بطرس الأكبر»- الذى كان يحقق انتصارات متكررة على العثمانيين آنذاك- بزيارة نيوتن، فى إطار محاولاته لتطوير تصوراته لمشروعه التحديثى لروسيا.
مناقشة الأسباب التى يقدمها «لويس» لشرح هذا التجاهل لأساسيات العلم والفكر والإبداع تحتاج لمقالات أخرى. لكن ما يتضح دون جدال أو لبس من سرده لتاريخ تلاحم العرب والعثمانيين مع الغرب هو أن النظرة المسيطرة عندنا حاليا- المؤثرة على الرأى العام وسياسات البحث العلمى- تلك النظرة التى تقر بإمكانية ملاحقة العالم تكنولوجيا واقتصاديا وعسكريا دون الالتفات لأهمية استيعاب لغة العلم النظرية، والمشاركة الفعالة فى إنتاج المعرفة وإثراء الفكر والثقافة، ليست وليدة اليوم، أو العقود الماضية، إنما مترسخة منذ قرون، رغم الفشل المتكرر وخروجنا المستمر من الحضارة المعاصرة رغم مساهمات العرب التاريخية فى بنائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.