وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    داليا عبد الرحيم: الإخوان أسست حركات لإرهاب الشعب منذ ثورة 30 يونيو    الحكومة عن قطع الكهرباء: نعمل لإنهاء الوضع    يصل الأحد.. حكاية سائح يسافر من جنوب إفريقيا إلى القاهرة سيرا على الأقدام- صور    «عودة انقطاع الكهرباء».. وزير البترول الأسبق يوضح السبب    عودة انقطاع الكهرباء.. وزير البترول الأسبق يوضح السبب    خاص| رئيس بلدية رفح: القصف الإسرائيلي مستمر «دون توقف»    الجيش السوداني يحكم حصاره على قوات الدعم السريع بمصفاة الخرطوم    موكب نائب المستشار الألماني يمر بجوار عمود دخان بالقرب من أوديسا بعد هجوم روسي    الجزيري: مواجهة دريمز الغاني صعبة ..ونسعى لحسم الشوط الأول في القاهرة    «المصري توك».. قميص الزمالك في غزة يحدث تفاعلًا واسعًا    كرة سلة - الأهلي يفتتح حملة الدفاع عن BAL بالفوز على سيتي أويلرز الأوغندي    كرة يد - الأهلي يفتتح مشواره بالفوز على عين توته في كأس الكؤوس الإفريقية    "انطلق بالكرة من نصف ملعبه واحتفل قبل الهدف".. مرموش يصل لهدفه ال 11 في الدوري الألماني (فيديو)    قطعوا بعض.. إصابة 5 شباب في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في بورسعيد    المئات يشاركون في تشييع جثمان الطفل "أحمد" بشبرا الخيمة| صور    بالأسماء.. إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بصحراوي قنا    «مصر تستطيع» يتعاون مع «التربية والتعليم» لتقديم مراجعات الثانوية العامة    صفية العمري تنعى صديق عمرها صلاح السعدني    آمال ماهر تعود لجمهورها ب«أنا برده الأصل» في حفلها بالتجمع الخامس    عاجل.. عبير فؤاد تحذر 5 أبراج خلال ال10 أيام المقبلة.. «خلوا بالكم»    وزير الصحة يتفقد المركز الأفريقي لصحة المرأة.. ويوجه باستكمال فرشه    محافظ قنا: بدء استصلاح وزراعة 400 فدان جديد بفول الصويا    «القومي للمرأة» ينظم عرض أزياء لحرفة التلي.. 24 قطعة متنوعة    الأمم المتحدة: تقارير تشير لانتشار الأوبئة والأمراض بين الفلسطينيين في غزة    «التحالف الوطني» بالقليوبية يشارك في المرحلة ال6 من قوافل المساعدات لغزة    استشهاد امرأة فلسطينية إثر قصف طائرات إسرائيلية لرفح    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة صلاح السعدني.. مات على سريره داخل منزله    مصطفى بكري: تعديل وزاري يشمل 15 منصبًا قريبا .. وحركة المحافظين على الأبواب    أسرع طريقة لعمل الشيبسي في المنزل.. إليك سر القرمشة    حصل على بطاقة صفراء ثانية ولم يطرد.. مارتينيز يثير الجدل في موقعه ليل    افتتاح المؤتمر الدولي الثامن للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    شكوى من انقطاع المياه لمدة 3 أيام بقرية «خوالد أبوشوشة» بقنا    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 4 مجازر في غزة راح ضحيتها 42 شهيدا و63 مصابا    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى رحيل آخر المستشرقين
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 08 - 2018


د. عمرو الزنط
فى رحيل آخر المستشرقين
توفى برنارد لويس عن عمر يناهز 102 عام. كان آخر «مستشرق» من النوع الذى هاجمه إدوارد سعيد فى إطار نقده الشهير للاستشراق وارتباطاته بالاستعمار وبالتمهيد لتقبل الغرب للمشروع الصهيونى. بل دخل سعيد مع لويس فى سجال شخصى مرير.
فى حين أنه لا يمكن إنكار مساهمات «لويس» فى دعم وتبرير المشروع القومى اليهودى فى فلسطين، وتشجيع مغامرات التدخل الغربى فى العراق وغيره، فلا يمكن أيضا اختصار مشواره الفكرى الطويل فى كاريكاتير الناشط «إمبريالى صهيونى»، لأن إنتاج «لويس» الغزير يعكس اتساعا معرفيا نادرا، مصاحبا بملاحظات مهمة، بصرف النظر عن الغرض.
وجدية «لويس» الفكرية- المنعكسة خاصة فى العقود الأولى من كتاباته- أنصفت العرب والمسلمين فى كثير من الأحيان. حتى فى 2008 كان له مقال يفند نهائيا أسطورة حرق العرب لمكتبة الإسكندرية القديمة. بل وحتى فى كتاب «ساميون ومعادون للسامية» (الذى نشر بالإنجليزية سنة 1986)، والذى اعتبر فيه أن معاداة العرب لإسرائيل تعكس نوعا من «المعاداة الجديدة للسامية»- لم يفته التوضيح بأن معاداة اليهود ليست متأصلة فى الفكر الإسلامى، وليست من نفس حدة النوعية التى انتشرت فى وسط وشرق أوروبا؛ بل تعبر أساسا عن استيراد لتراث الكراهية الأوروبى، الذى تكرس عربيا وإسلاميا فى ظل الصراع مع إسرائيل وتزايد تصرفاتها المستفزة (مثل احتلالها للبنان آنذاك)، مع تباعد أفق التسوية السلمية.. ورغم نعى «نتنياهو» له وتأبينه، فإن «لويس» كانت لديه كلمات قاسية تجاهه؛ فى طبعة 1996 من نفس الكتاب مثلا أشار «لويس» إلى أن تصرفات «التحالف المتشدد بقيادة الليكود» (ويعنى حكومة نتنياهو الأولى)، ساعدت على تأجيج مشاعر العرب المعادية لليهود.
وإذا كان «لويس» قد وقع أحيانا فى خطأ التعميم عبر الزمان والمكان فيما يتعلق بال«مسلمين» ونظرتهم للعالم وعلاقاتهم به- كما لاحظ «سعيد»- فذلك مكنه فى المقابل من فهم واستيعاب نهج حركات الإسلام السياسى، الذى يتجاهل بالفعل أهمية التطورات الحضارية التاريخية والحدود الجغرافية: فى مقال مهم نشره عام 1976 توقع تنامى وتمادى «الصحوة الإسلامية» وصعود الإسلام السياسى، بل تنبأ ضمنيا بصراعه المستقبلى مع القوى المؤمنة بالهوية الوطنية والمدافعة عنها فى بلاد مثل مصر. وفهم لويس مبكرا الطبيعة الرجعية الكارثية للثورة الإيرانية، فى حين هلل ل«روحانيتها السياسية» فيلسوف مؤثر مثل ميشيل فوكو.
أما بالنسبة لى، فسرده للشق الفكرى والمعرفى لانحدار حضارة العرب هو الأهم؛ بالذات ملاحظته (خاصة فى كتاب «اكتشاف المسلمين للغرب»، 1982)، إن المسلمين لم يهتموا كثيرا بمتابعة واستيعاب التطورات المتلاحقة فى أوروبا حتى نهاية القرن السابع عشر، وبعد هزائم عسكرية واضحة وفادحة، مثل التى صاحبت حصار العثمانيين لفيينا. ثم، بعد ذلك، ظل التطلع للتواصل مع الغرب مقتصرا لوقت طويل على نقل الطرق والتقنيات «العملية»، خاصة العلوم والتكنولوجيا العسكرية، مع تجاهل شبه تام للعلوم الأساسية والأدب والفنون.
الجدير بالملاحظة هنا أن عدم الالتفات للتداعيات الأوسع للثورة العلمية حدث رغم تزامن هزيمة فيينا تقريبا مع نشر نيوتن لل«برينسيبيا»، الذى أحدث انقلابا فى تاريخ الفكر الإنسانى.. على سبيل المقارنة، اهتم «بطرس الأكبر»- الذى كان يحقق انتصارات متكررة على العثمانيين آنذاك- بزيارة نيوتن، فى إطار محاولاته لتطوير تصوراته لمشروعه التحديثى لروسيا.
مناقشة الأسباب التى يقدمها «لويس» لشرح هذا التجاهل لأساسيات العلم والفكر والإبداع تحتاج لمقالات أخرى. لكن ما يتضح دون جدال أو لبس من سرده لتاريخ تلاحم العرب والعثمانيين مع الغرب هو أن النظرة المسيطرة عندنا حاليا- المؤثرة على الرأى العام وسياسات البحث العلمى- تلك النظرة التى تقر بإمكانية ملاحقة العالم تكنولوجيا واقتصاديا وعسكريا دون الالتفات لأهمية استيعاب لغة العلم النظرية، والمشاركة الفعالة فى إنتاج المعرفة وإثراء الفكر والثقافة، ليست وليدة اليوم، أو العقود الماضية، إنما مترسخة منذ قرون، رغم الفشل المتكرر وخروجنا المستمر من الحضارة المعاصرة رغم مساهمات العرب التاريخية فى بنائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.