مذيعو النصر: مراسلكم على الضفة الشرقية «حمدي الكنيسي» (فيديو)

بحركات بطيئة وهادئة يسير في طرقات منزله، يتجول وسط شهادات التقدير والأوسمة والميداليات المعلقة على الحوائط.
لا يبرح من ذاكرته أى من أحداث أكتوبر، ويحكي عن تفاصيل يوم 6 أكتوبر، ذهبت إلى استديو الهواء الساعة الثانية إلا ربع بدون سبب، حتى سألتني الزميلة ميرفت رجب عن سر قدومي، وأنه على غير المعتاد آتي إلى استديو الهواء، وفوجئت بعدها أنهم يأتون إليها بالبيان الأول للقوات المسلحة، وقتها شكت أنني كنت على علم، ولكني فعلا لم أكن أعلم شيئا.
روح الحماسة والانتقام التي كانت تملأ روح «الكنيسي» جعلته يقرر بدون تفكير أن يكون مراسلا حربيا، وفعلا سافر إلى مواقع الحرب يوم 7 أكتوبر بدون حتى أن يؤمن على حياته بعد موافقة وترحيب وزير الإعلام، ويقول «الكنيسي» بمجرد وصولي الجبهة قبًلت تراب الأرض.
من شدة حب «الكنيسي» لعمله وإحساسه بضرورة أن يعطيه كل وقته، طلب من عمه أن يصطحب زوجته وأولاده إليه حتي يتفرغ للعمل.
يذهب كل يوم مع طلوع الشمس ويرجع عند غروبها، يسجل لقاءات بجهاز تسجيل، يسمى «النجرة»، وهو جهاز كبير وثقيل، يرجع للاستديو يبدأ بعمل المونتاج لبرنامجيه الشهيرين «صوت المعركة»، و«يوميات مراسل حربي».
بعد انتهائه من المونتاج يصعد إلى الدور الثالث في الاستديو إلى مكتب الراحل وجدي الحكيم، ليجد عددا من الفنانين شبه مقيمين في ماسبيرو، وعملهم تطوعي نابع من حب الوطن، يبدأ معهم الحكايات، ويقول دائما عبدالحليم حافظ كان يسألني: «إيه مفيش أخبار جديدة محدش يعرفها غيرك؟».
بليغ حمدي طلب مني أن أدخل مع وردة أثناء تسجيلها أغنية «على الربابة»، بهيأتي وبالرمل الموجود على ملابسي حتي تستوحي مني روح الجبهة لتغني بحماس.
لا ينسى «الكنيسي» لجنة «إجرانات»، التي أقامتها إسرائيل بعد الحرب، التي كان من شأنها معرفة وتحليل أسباب الهزيمة التي لحقت بجيشهم، ومن ضمن لجانها الفرعية لجنة تدرس أسباب انتشار البرنامج المصري المعادي «صوت المعركة» بين الإسرائيليين الذين يعرفون اللغة العربية والفلسطينيين، ولهذا السبب اتصل الرئيس الراحل أنور السادات بوزير الإعلام جمال العطيفي، وطلب منه تكريمي، لأنه «قالب دماغ الإسرائيليين».
يظل «الكنيسي» يشكر ويمدح في الجيش المصري، ويرى أنه لم يجد بسالة وشجاعة مثلما رآها في الحرب، ويتمني أن يتغير الاحتفال بأكتوبر ولا يقتصر على برنامج أو سهرة أو مقال في جريدة.