"إن حرب السادس من أكتوبر عام 1973 هى معجزة عسكرية على اى مقياس عسكرى" هذه هى كلمات أنور السادات فى 16 أكتوبر 1973 ...نعم كانت هذه الحرب معجزة عسكرية ومعنوية لشعب عربى ومصرى فالمدقق الحقيقى لحرب السادس من اكتوبر يجد أن السادات ورجاله جميعا أحمد إسماعيل القائد العام ، سعد الشاذلى رئيس الاركان وجميع من أشترك فى هذه الحرب من القائد الأعلى حتى أصغر جندى تحملوا عبئ الحرب فى ظروف شديدة الفقر من الناحية الأقتصادية للبلاد أو من الناحية العسكرية للقوات المسلحة المصرية فظروف مصر بأى حال من الاحوال لم تكن لتسمح بحرب جديدة بعد هزيمة 1967 والابادة التى حاقت بالجيش المصرى فى تلك الحرب، أن ما قام به هؤلاء جميعا هى معجزة عسكرية يجب ان نقوم برفع قبعاتنا إجلالا لهم. • حرب 1973 * عبرت 220 طائرة مصرية الساعة 2.05 ظهرا يوم السادس من اكتوبر قناة السويس على ارتفاع منخفض لضرب الأهداف الإسرائيلية بسيناء وقد حققت هذه الضربة هدفها بنجاح وخسرت مصر 11 طائرة فقط منها طائرة بقيادة عاطف السادات أخو الرئيس الراحل أنور السادات. الضربة الجوية الأولى الطائرات المصرية يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته (ففى الساعة الثانية بعد ظهر ذلك اليوم السادس من أكتوبر عبرت الطائرات المصرية خط جبهة قناة السويس متجهة إلى عدة أهداف إسرائيلية محددة فى سيناء . وأحدث عبور قواتنا الجوية خط القناة بهذا الحشد الكبير، وهى تطير على ارتفاع منخفض جدا ، أثره الكبير على قواتنا البرية بالجبهة وعلى قوات العدو . فقد التهبت مشاعر قوات الجبهة بالحماس والثقة بينما دب الذعر والهلع فى نفوس أفراد العدو. هاجمت طائراتنا ثلاث قواعد ومطارات ، وعشرة مواقع صواريخ مضادة للطائرات من طراز هوك ، وثلاثة مراكز قيادة ، وعدد من محطات الرادار ومرابض المدفعية بعيدة المدى . وكانت مهاجمة جميع الأهداف المعادية فى سيناء تتم فى وقت واحد ، بعد أن أقلعت الطائرات من المطارات والقواعد الجوية المختلفة وتطير على ارتفاعات منخفضة جدا فى خطوط طيران مختلفة لتصل كلها إلى أهدافها فى الوقت المحدد لها تماما. كانت قلوبنا فى مركز عمليات القوات المسلحة تتجه إلى القوات الجوية ننتظر منها نتائج الضربة الجوية الأولى ، وننتظر عودة الطائرات إلى قواعدها لتكون مستعدة للمهام التالية . كما كان دعاؤنا للطيارين بالتوفيق ، وان تكون خسائرهم أقل ما يمكن ، أن مثل هذه الضربة الجوية بهذا العدد الكبير من الطائرات ضد أهداف هامة للعدو تحت حماية الدفاع الجوى المعادى ، ينتظر ان يترتب عليها خسائر كثيرة فى الطيارين والطائرات يصعب تعويضها). جمال حماد: المعارك الحربية على الجبهة المصرية ويقول المؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد فى كتابه المعارك الحربية على الجبهة المصرية ( وفى الساعة التاسعة والنصف صباح يوم 6 أكتوبر دعا اللواء محمد حسنى مبارك قادة القوات الجوية إلى اجتماع عاجل فى مقر قيادته وألقى عليهم التلقين النهائى لمهمة الطيران المصرى ، وطلب منهم التوجه إلى مركز العمليات الرئيسى كى يأخذ كل منهم مكانه هناك استعداد لتنفيذ الضربة الجوية المنتظرة التى كان نجاحها يعنى نجاح خطة المفاجأة المصرية وبدء معركة التحرير . وفى الساعة الثانية من بعد ظهر السادس من أكتوبر أنطلقت أكثر من 200 طائرة مصرية من 20 مطارا وقاعدة جوية فى مختلف أرجاء انحاء الجمهورية . وعن طريق الترتيبات الدقيقة والحسابات المحكمة التى أجرتها قيادة القوات الجوية تم لهذا العدد الضخم من الطائرات عبور خط المواجهة على القناة فى لحظة واحدة على ارتفاعات منخفضة جدا ، وكانت أسراب المقاتلات القاذفة والقاذفات المتوسطة تطير فى حماية أسراب المقاتلات ، وقد استخدمت فى الضربة التى تركزت على الأهداف الإسرائيلية الحيوية فى عمق سيناء طائرات طراز ميج 17 وميج 21 وسوخوى 7 وسوخوى 20 ، وفى الساعة الثانية وعشرين دقيقة عادت الطائرات المصرية بعد أداء مهمتها خلال ممرات جوية محددة تم الأتفاق عليها بين قيادة القوات الجوية وقيادة الدفاع الجوى من حيث الوقت والإرتفاع. هذا وقد نجحت الضربة الجوية فى تحقيق أهدافها بنسبة 90 % ولم تزد الخسائر على 5 طائرات مصرية ، وكانت نتائج الضربة وفقا لما ورد فى المراجع الموثوق بصدقها هى شل ثلاثة ممرات رئيسية فى مطارى المليز وبير تمادا بالأضافة إلى ثلاث ممرات فرعية وإسكات حوالى 10 مواقع بطاريات صواريخ أرض جو من طراز هوك وموقعى مدفعية ميدان ، وتدمير مركز القيادة الرئيسى فى أم مرجم ومركز الأعاقة والشوشرة فى أم خشيب وتدمير إسكات عدد من مراكز الإرسال الرئيسية ومواقع الرادار. وقد أشتركت بعض القاذفات التكتيكية ( إل 28 ) فى الضربة الجوية وركزت قصفها على حصن بودابست الإسرائيلى ( من حصون بارليف ، ويقع على الضفة الرملية شرق مدينة بور فؤاد) وكان من المقرر القيام بضربة جوية ثانية ضد العدو يوم السادس من أكتوبر قبل الغروب ، ولكن نظرا لنجاح الضربة الأولى فى تحقيق كل المهام التى أسندت إلى القوات الجوية لذا قررت القيادة العامة إلغاء الضربة الثانية. وقد اضطرت القيادة الإسرائيلية الجنوبية فى سيناء إلى استخدام مركز القيادة الخلفى بعد ضرب المركز الرئيسى فى أم مرجم ، كما أصبح مركز الأعاقة والشوشرة فى العريش هو المركز الوحيد المتبقى لإسرائيل فى سيناء بعد تدمير مركز الإعاقة والشوشرة فى أم خشيب). ويقول كل من اللواء : حسن البدرى ، وطه المجدوب و عميد أركان حرب ضياء الدين زهدى فى كتابهم حرب رمضان ( وقامت تشكيلاتنا الجوية بالإنطلاق شرقا فى توقيت واحد . نحو اهدافها المنتخبة بحذق ومهارة بالغة .. لكل تشكيل جوى هدفه الذى يتعين عليه أن يدمره . وأهدافه التبادلية للطوارىء ولكل تشكيل جوى وجهته المحددة ، وسرعته وارتفاعه. مطارات المليز وتمادا ورأس نصرانى تحولت إلى حطام عشرة مواقع صواريخ أرض جو طراز هوك صارت هباء مواقع مدفعية بعيدة المدى حاق بهم الدمار ثلاثة مواقع رادار ومراكز توجيه وإنذار صمتت إلى الأبد محطتا ام خشيب وأم مرجم للأعاقة والشوشرة فى سيناء أمستا شعلة نيران ثلاثة مناطق شئون إدارية راحت على العدو النقطة القوية شرق بور فؤاد سحقها طيارونا البواسل الاتفاق على الخطة ويقول الرئيس محمد حسنى مبارك رئيس الجمهورية الحالى وقائد الطيران خلال حرب 1973 فى حوار مع التليفزيون المصرى ببرنامج صباح الخير يا مصر والذى تم نشره بجريدة الأهرام بتاريخ 17 أكتوبر 1998 بمناسبة مرور 25 عاما على نصر أكتوبر ( سؤال من مقدم البرنامج التلفزيونى : ما هى ذكرياتك عن مركز القيادة الرئيسى للقوات الجوية والذى أدرت منه الضربة الجوية الأولى وعمليات القوات الجوية خلال الحرب. يقول الرئيس محمد حسنى مبارك: دخلت غرفة العمليات الساعة 12 ظهرا يوم السادس من أكتوبر . كنت قد استيقظت فى الموعد المعتاد وحرصت على آلا أقوم بشىء غير عادى .. أننى عادة ما أغادر منزلى 7.15 أو 7.30 صباحا لأكون مبكرا فى مكتبى .. يومها تعمدت أحضر إلى المكتب الساعة 8 صباحا ووقفت أمام المكتب مع رئيس الأركان اللواء نبيل المسيرى ورئيس شعبة العمليات صلاح المناوى وكنا نتحدث خارج الغرف .. وكان من المفروض ان يتجه اللواء المسيرى إلى إنشاص لكى يشرف على حماية الطائرات المقاتلة القاذفة بواسطة الميج 21 الموجودة فى مطار أنشاص . . وأما اللواء المناوى فقد حضر لكى يتابع التحركات ويتابع الأنشطة وتعمدت الأ أذهب مبكرا إلى مركز القيادة فجئت إليه الساعة 12 ظهرا ... ولماذا فى هذا التوقيت؟ ذلك لأن الطلعات الجوية ستبدأ الساعة 1.20 خاصة القادمة من مكان بعيد ( قاذفة الصواريخ ) جئت فى ذلك الموعد لكى أتعرف على الموقف على الخريطة .. ما هو النشاط الجوى الذى عندنا والذى عندهم .. والحقيقة أننى عندما حضرت لم اجد نشاطا عندنا فى الطيران وطبعا خشيت من ذلك . وقلت لو لم تكن هناك الان طلعات للطيران فقد يكون تسرب لإسرائيل أن مصر ستعمل شيئا ... والواقع أنى تشاجرت مع قادة التشكيلات وطلبت أن يطلع الطيران لعمل أى نشاط كل طيار يجهز طائرته من أجل الطلعة الجوية وفعلا كل قائد جوى طلع طيارتين بعد 10 دقائق فى الجو .. وهكذا بقيت متابعا حتى الساعة 1.15 تقريبا وكان فيه نشاط للإسرائيليين ( طيارة تطلع تدور وتهبط ) وفى الساعة 1.20 بدأت الطائرات القاذفة طلعاتها. وجرى تأمين هذه التحركات وفقا لما هو متبع لدينا وكان ذلك بترتيب دقيق مع كل الأسلحة الأخرى (الصواريخ والمدفعيات المضادة) وتابع اللواء صلاح المناوى هذا الوضع وجميع الطائرات طلعت بدون ادنى اتصال لاسلكى لتجنب اى تصنت وبالاتفاق على اشارات معينة وفى الساعة 2 ظهرا كانت الطائرات تعبر القنال وبدأت العمليات .. ومن هذا المكان تابعت بداية الطلعات وشعرت بقلق بالطبع فى أول الأمر وعادت الطائرات من مهامها وكان يهمنى آنذاك معرفة نتيجة الموقف وأخبرونى من القواعد أن وقتها 11 طيارة أصيبت على ما اتذكر وبدأت اشعر بثقة متزايدة ... يومها اتصلت تليفونيا بمركز عمليات القوات المسلحة حيث كان الرئيس السادات والمشير أحمد إسماعيل يرحمهما الله وكذلك رئيس اركان العمليات ولم تكن المعلومات وصلتهم بالطبع لأنها تأتى أساسا منا ، وأبلغت المشير بما حدث وبالخسائر وكان من الذين استشهدوا شقيق الرئيس السادات (عاطف السادات) وطلبت من المشير آلا يبلغ الرئيس السادات بخبر استشهاد اخيه وهنئنى ووافقنى على الا يخبر السادات بنبأ استشهاد شقيقه وأبلغوا السادات بأن الضربة نجحت وشعرت أنهم فرحوا بصورة غير معقولة وقال السادات : مبروك يا أولاد حننتصر. سؤال : هل كنتم متوقعين نسبة إصابة معينة فى الطائرات؟ يقول الرئيس حسنى مبارك : كان الروس قد حسبوها لنا وقالوا لن تكفى الضربة الأولى وسنخسر 25 % فيها أى حوالى 60 طائرة وأنه فى الضربة الثانية سيكون الدفاع الجوى الإسرائيلى قد استيقظ ومن ثم سنخسر 33 % ومعنى هذا لن يتبقى لدينا طيران نهاجم به ولكن ما حدث أن الضربة الأولى أدت المهمة ولم تكن هناك أهداف أخرى بعدها يتعين ضربها. فى نفس الوقت قام أكثر من 2000 مدفع من مختلف الأعيرة على طول الجبهة بقصف مواقع الجيش الاسرائيلى على الجبهة الشرقية لقناة السويس سيناء واستمر القصف 53 دقيقة. القصف المدفعى يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته ( فى نفس الوقت الذى كانت قواتنا الجوية تهاجم أهدافها فى عمق سيناء ، كان هناك أكثر من 2000 مدفع على طول جبهة القناة من مختلف الأعيرة ومجموعة من الصواريخ التكتيكية أرض أرض تفتح نيرانها ضد الأهداف الإسرائيلية فى حصون بارليف وما خلف هذا الخط من مواقع دفاعية ومواقع المدفعية ، واستمر القصف لمدة 53 دقيقة وكان معدل قصف النيران شديدا بحيث سقط على المواقع الإسرائيلية فى الدقيقة الأولى 10500 دانة مدفعية بمعدل 175 دانة فى الثانية الواحدة). ويقول المؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد فى كتابه المعارك الحربية على الجبهة المصرية ( وفى الساعة الثانية وخمس دقائق بدأت 2000 قطعة مدفعية وهاون ولواء صواريخ تكتيكية أرض أرض التمهيد النيرانى الذى يعد واحدا من أكبر عمليات التمهيد النيرانى فى التاريخ وقد قام بالتخطيط له اللواء محمد سعيد الماحى قائد المدفعية ، وأشتركت فيه 135 كتيبة مدفعية وعدة مئات من مدافع الضرب المباشر ، كانت تتبع العميد محمد عبد الحليم أبو غزالة قائد مدفعية الجيش الثانى والعميد منير شاش قائد مدفعية الجيش الثالث .... وفى الساعة الثانية وعشرين دقيقة كانت المدفعية المصرية قد اتمت القصفة الأولى من التمهيد النيرانى التى استغرقت 15 دقيقة والتى تركزت على جميع الأهداف المعادية التى على الشاطىء الشرقى للقناة إلى عمق يتراوح بين كيلومتر واحد وكيلو متر ونصف فى اتجاه الشرق وفى اللحظة التى تم فيها رفع نيران المدفعية لتبدأ القصفة الثانية لمدة 22 دقيقة على الأهداف المعادية إلى عمق يترواح ما بين 1.5 و 3 كم من الشاطىء الشرقى للقناة ، فى هذه اللحظة بدأ عبور الموجات الأولى فى القوارب الخشبية والمطاطية). ويقول كل من اللواء : حسن البدرى ، وطه المجدوب و عميد أركان حرب ضياء الدين زهدى فى كتابهم حرب رمضان ( وتوالت البلاغات عن مدى تأثير النيران ، والخسائر التى أحدثتها بالعدو ، وعن نجاح المدفعية فى فتح جميع الثغرات المخططة فى موانع الأسلاك الشائكة والألغام ، على الميل الأمامى للساتر الترابى وحول النقط القوية والحصون والقلاع المعادية. وفى الساعة 1420 بدأت الموجة الأولى لقواتنا فى عبور القناة ، ومعها أسلحتها الخفيفة .. ورافق المشاة فى اقتحامها ضباط ملاحظة المدفعية ووحدات الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وفى نفس اللحظة كانت صواريخنا التكتيكية تشق عنان السماء بأمر مركزى من مدير المدفعية لتصيب أهدافها فى عمق سيناء وتحيلها إلى دمار ... وكانت تلك أول ضربة بالصواريخ التكتيكية فى تاريخ الشرق الأوسط لقد نفذ التمهيد النيرانى كما خطط له بالضبط .. وكانت نتائجه أكثر مما نأمل .... إلى درجة أنه لم تتمكن دبابة معادية واحدة من صعود الساتر الترابى واحتلال المصاطب المجهزة به لتوقف عبور قواتنا واستمرت نيران المدفعية تزحف أمام القوات الأخرى التى تابعت توسيع رؤس الكبارى ، وذلك بفضل ضباط ملاحظة المدفعية الذين عبروا مع الموجات الأولى لقواتنا ، وكذا جماعات ملاحظة المدفعية التى كانت تعمل خلف خطوط العدو والتى انتشرت مع بداية المعركة على طول مواجهة وعمق العدو ، لإدارة نيران المدفعية على أبعد مدى ممكن) كتاب حرب رمضان. فى نفس الوقت ايضا قامت قوات الجيش الثانى المصرى بقيادة اللواء سعد الدين مأمون وقوات الجيش الثالث بقيادة اللواء عبد المنعم واصل بعبور القناة على دفعات متتالية على أنواع مختلفة من الزوارق المطاطية والخشبية. عبور الجيش المصرى قناة السويس عبرنا القناة ورفعنا العلم ويقول كل من اللواء : حسن البدرى ، وطه المجدوب و عميد أركان حرب ضياء الدين زهدى فى كتابهم حرب رمضان ( وفى الساعة 1420 بدأت الموجات الأولى لخمس فرق مشاة وقوات قطاع بورسعيد فى اقتحام قناة السويس ، مستخدمة حوالى ألف قارب اقتحام مطاط ، وبعد عدة دقائق وضع ثمانية آلاف جندى أقدامهم على الضفة الشرقية وهم يهللون بملء حناجرهم .. الله أكبر .. وبدأوا فى تسلق الساتر الترابى المرتفع ، واقتحام دفاعات العدو الحصينة ، وهم يحملون أسلحتهم الشخصية ، والأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات وفى اقل من ست ساعات .. وبالدقة فى الساعة 1930 أتمت الفرق الخمس مشاة وقوات قطاع بورسعيد أقتحام قناة السويس على مواجهة 170 كيلومترا ، بقوة 80 ألف جندى من أعز ابناء مصر وذلك باستخدام قوارب الاقتحام المطاط ، ووسائل العبور والاقتحام الأخرى فى 12 موجة متتالية .. واتمت الاستيلاء على 15 نقطة قوية للعدو ، واكملت حصار باقى النقط القوية ، كما تمكنت قواتنا من الاستيلاء على رءوس الكبارى بعمق 2 إلى 4 كيلومتر، وهكذا دمرت قواتنا المسلحة فى أقل من ست ساعات خط بارليف الدفاعى وحطمت حصونه التى استمر العدو يتغنى بها كل السنوات الماضية. وقبل آخر ضوء كانت أعداد كبيرة من طائرات الهليوكوبتر قد أفرغت حمولتها من رجال الصاعقة فى عمق سيناء شمالا وجنوبا ...... ففى الشمال قاتل رجال الصاعقة فى مواجهة الجيشين الثانى والثالث فى عمق سيناء قتالا مستميمتا على الطرق والمضايق ضد مدرعات العدو التى حاولت الاقتراب لاجهاض عملية عبور قواتنا ... بل وألقوا بانفسهم فى طريق تقدم العدو ، وعلى ظهورهم الألغام المضادة للدبابات كى تنفجر فوق أجسامهم مدرعات العدو ... ونستبق الحوادث قليلا لنذكر كيف أن وحدة من الصاعقة ظلت تتمسك بمضيق سدر من يوم 6 إلى يوم 22 اكتوبر فحرمت بذلك العدو من اجتياز هذا المضيق لمدة 16 يوما، حتى جاءها الأمر بالارتداد فعادت لتنضم إلى باقى قوات الجيش الثالث). يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته ( ومن الملامح البارزة فى قتال هذا اليوم وطول مدة الحرب أن القادة كانوا يضربون القدوة والمثل لرجالهم ، يتقدمون جنودهم ، ويقاتلون معهم فى الخطوط الأمامية ، ويستشهدون بينهم، ويكفى أن نعلم أن الضباط قادة الفصائل والسرايا عبروا فى الدقائق الأولى ، وأن قادة الكتائب قد عبروا خلال 15 دقيقة من بدء القتال ، وعبر قادة اللوءات خلال 45 دقيقة ، وقادة الفرق خلال ساعة ونصف من بدء الحرب . ولذلك كانت نسبة الخسائر فى الضباط والقادة عالية عن المعدل ، إلا أن الأصرار على تنفيذ المهام كان يتطلب منهم ذلك وفى سبيل النصر وتحرير الأرض تهون الأرواح. كان من أصعب المواقف التى تواجه المشاة ، هى الفترة الحرجة التى كان عليهم أن يقاتلوا دبابات العدو لمدة 6 إلى 8 ساعات حتى تنضم إليهم الإسلحة الثقيلة من الدبابات والأسلحة الأخرى بعد عبورها على المعديات والكبارى وقد تطول المدة إذا تاخر انشاء بعض المعابر او تعطل تشغيلها. إن قتال المشاة ضد الدبابات هو قتال غير تقليدى يتطلب مهارة وشجاعة كبيرة وكان امام المشاة بعد ظهر ذلك اليوم بالجبهة 300 دبابة إسرائيلية موزعة على طول الجبهة .... وقد تمكنت قوات المشاة والصاعقة من تدمير 100 دبابة بمعاونة من نيران المدفعية الموجودة على الضفة الغربية للقناة) مذكرات الجمسى ويقول المؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد فى كتابه المعارك الحربية على الجبهة المصرية ( وفى الساعة الثانية وخمس وثلاثين دقيقة قامت طلائع القوات التى عبرت القناة برفع أعلام جمهورية مصر العربية على الشاطىء الشرقى للقناة معلنة بدء تحرير الأرض السليبة ، واستمر تدفق الموجات عبر القناة بانتظام بفاصل حوالى 15 دقيقة بين كل موجة واخرى حتى الموجة الرابعة حيث بدأ تناقص معدل التدفق نتيجة لإرهاق الأطقم المخصصة للتجديف فى القوارب ولحدوث بعض الأعطال فيها وتسرب المياه بداخلها، وقد أدى عدم انتظام تدفق موجات العبور إلى اللجوء إلى المرونة وعدم التقيد بتسلسل العبور، ولذا اعطيت الأسبقية لعبور الأفراد والأسلحة المضادة للدبابات والمعدات التى تؤثر على سير القتال .. مع استخدام بعض الناقلات البرمائية من طراز كيه 61 حمولة 3 أطنان لنقل الألغام. وحتى الساعة الرابعة والنصف مساء تم عبور 8 موجات من المشاة ... واشتد ضغط أفراد المشاة المصريين على حصون خط بارليف ونقطه القوية وكان الحصن المقام عند علامة الكيلومتر 19 جنوب بورسعيد حصن لاهتزانيت هو أول الحصون التى سقطت وكان ذلك فى الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر ، وتوالى بعد ذلك سقوط باقى الحصون. وفى حوالى الساعة الخامسة والنصف مساء أى قبل الغروب تم ابرار 4 كتائب صاعقة بواسطة الهيليكوبتر التى كانت تطير على ارتفاع منخفض فى عمق العدو فى أماكن متفرقة داخل سيناء . ونظرا لخروج هذه الطائرات عن نطاق مظلة الصواريخ المصرية غرب القناة فقد استطاع العدو اسقاط عدد منها بحمولتها البشرية). نجح سلاح المهندسين المصرى بعمل أول كوبرى ثقيل فى حوالى الساعة الثامنة مساء وبعد 8 ساعات اى حوالى الساعة 10.30 قاموا بعمل 60 ممر بالساتر الترابى على طول الجبهة وإنشاء 8 كبارى ثقيلة ، و4 كبارى خفيفة ، وتشغيل 30 معدية. المهندسون العسكريون المصريون ويقول كل من اللواء : حسن البدرى ، وطه المجدوب و عميد أركان حرب ضياء الدين زهدى فى كتابهم حرب رمضان ( ففى الساعة 1420 من السادس من اكتوبر عبرت الموجة الأولى من القوات المهاجمة قناة السويس ومعها عناصر من المهندسين العسكريين لتأمين مرور المترجلين فى حقول الألغام المعادية ، ثم عادت القوارب لتنقل الموجات التالية. وجدير بالذكر أنه خلال ساعتين من انطلاق الشرارة الأولى كان حجم قوات المهندسين العسكريين التى عبرت القناة ، والتى راحت تعمل فوق سطح الساتر الترابى وفوق صفحة القناة قد تجاوز الخمسة عشر ألف مقاتل من المهندسيين العسكريين من مختلف التخصصات. وفى الموجة الثانية عبرت ثمانون وحدة هندسية فى قواربهم الخشبية بالأفراد والمضخات والخراطيم وخلافها من مهمات فتح الممرات فى الساتر الترابى. وبعد ساعات قليلة بدأت البلاغات تتوالى عن انتهاء المضخات من ازالة الساتر التراب ، وبدأت عملية تثبيت أرضيات الممرات التى تحولت إلى وحل لأعماق كبيرة تجاوزت المتر فى بعض المناطق . وقد استخدمت فى تنفيذ هذه المهمة مواد مختلفة طبقا لطبيعة التربة من أخشاب وقضبان وحجارة وشكاير مملوءة بالرمل وألواح من الصلب وشباك معدنية وغير ذلك من المواد ...... وكانت عملية التثبيت ضرورية حتى تتمكن آلات الجرف من الخروج من المعديات إلى الممرات لتقوم بازاحة الطبقة الموحلة من الأرض وتصل إلى القشرة الجافة التى يمكن للدبابات والمركبات أن تسير عليها دون تعثر. رغم محاولات العدو منع انشاء وتشغيل الكبارى والمعديات ومنع فتح الممرات فى الساتر الترابى ، بالقصف المستمر من الأرض والجو على مناطق تمركز وحدات العبور وطرق تحركها ومناطق الإسقاط والممرات فقد اكتمل العمل العظيم واتم المهندسون انشاء الكبارى والمعديات فى الجيش الثانى فى فترة من ست إلى تسع ساعات مثلما كان مخططا تماما. أما فى قطاع الجيش الثالث فقد اصطدمت عملية فتح الممرات فى الساتر الترابى بجميع العوامل المعوقة من .... قصف مركز من طائرات ومدفعية العدو ..... صلابة تربة الساتر الترابى .... تغيرات مناسيب مياه القناة بفعل المد والجزر ... حقيقة أن معظم هذه العوامل المعوقة كانت متوقعة إلا أن تكاتفها جميعا فى نفس الوقت ادى إلى إنشاء الكبارى فى نطاق الجيش الثالث فى نحو ست عشرة ساعة بخسارة زمنية قدرها سبع ساعات عن التخطيط الموضوع. جدير بالذكر أن معظم الكبارى أصيب واعيد أصلاحها اكثر من خمس مرات) كتاب حرب رمضان يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته ( كان رجال المهندسين يعملون تحت تهديد نيران العدو ، بينما وجوههم واجسامهم مغطاة بالطين ، والمضخات التى سُميت مدافع المياه فى أيديهم يشقون الساتر الترابى . لقد أستخدموا 350 مضخة مياه فى مواجهة الجيشين ( الثانى والثالث ) للقيام بهذا العمل ، وكلما سقط شهيد او جريح منهم حل محله مقاتل آخر فورا واستمر العمل. تمكن هؤلاء الرجال من فتح اكثر من ثلاثين ممرا خلال عدة ساعات منذ بدء القتال ، يتهايل من كل ممر فتحة 1500 متر مكعب من الرمال ، واستمروا فى عملهم حتى فتحوا باقى الممرات المطلوبة وعندما وصل عدد الممرات التى تم إنجاز العمل فيها إلى ستين ممرا ، كان المهندسون قد قاموا بتجريف 90 ألف متر مكعب من الرمال. وبدأ رجال المهندسين فى إنشاء الكبارى فى المواقع المحددة لها على القناة وكما كان النجاح فى فتح الممرات فى الساتر الترابى أمرا ضروريا لتشغيل المعديات وإنشاء الكبارى ، فقد كان إنشاء الكبارى امرا محتما لنجاح العملية الهجومية ومن هنا عمل وحدا ت المهندسين سواء لفتح الممرات إو إنشاء الكبارى من أهم وأخطر مراحل الاقتحام والهجوم. لم يقتصر الامر على إنشاء الكبارى الثقيلة بل أقام المهندسون طبقا للخطة عددا مماثلا من الكبارى الخفيفة لعبور العربات الخفيفة عليها وفى نفس الوقت تجذب نيران مدفعية العدو وقنابل وصواريخ طائراته بعيدا عن الكبارى الثقيلة ..... نجح رجال المهندسين فى إنشاء أول كوبرى ثقيل فى حوالى الساعة الثامنة والنصف مساء أى بعد حوالى ست ساعات من بدء الاقتحام . وفى حوالى الساعة العاشرة والنصف أى بعد ثمانى ساعات من بدء الاقتحام كان المهندسون قد اتمموا انشاء ثمانية كبارى ثقيلة وأربعة كبارى خفيفة ، كما قاموا ببناء وتشغيل ثلاثين معدية وأصبحت قواتنا تتدفق عليها شرقا ، بينما تعمل وحدات إنشاء الكبارى باقصى طاقتها ، إلى ان أصبح لدينا فيما بعد عشرة كبارى ثقيلة وعشرة كبارى خفيفة وكان إنجازا عظيما لوحدات المهندسين يوم 6 أكتوبر بعد أن حققوا حتى الساعة العاشرة والنصف مساء : فتح 60 فتحة ( ممر ) فى الساتر الترابى إتمام انشاء 8 كبارى ثقيلة اتمام بناء 4 كبارى خفيفة بناء وتشغيل 30 معدية) ويقول المؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد فى كتابه المعارك الحربية على الجبهة المصرية : إن العبور العظيم الذى تم فى يوم 6 اكتوبر عام 1973 والذى عبر به العرب من مذلة الهزيمة إلى قمة النصر كان فى مرحلته الأولى عملية مهندسين بحتة ، ولولا فتح الثغرات فى الساتر الترابى على الضفة الشرقية وتركيب الكبارى الثقيلة والخفيفة لعبور المدرعات والمركبات ، وإقامة كبارى الاقتحام لعبور المشاة وتجهيز وتشغيل المعديات لنقل الدبابات والأسلحة الثقيلة وتشغيل آلاف القوارب التى حملت الألوف من أفراد المشاة إلى الشاطىء الشرقى للقناة لولا كل هذه المهام التى قام بها المهندسون فى وقت واحد تقريبا وتحت سيل منهمر من نيران وقذائف وصورايخ العدو من البر والجو لما أمكن لملحمة العبور أن تتم ، ولما تيسر اقتحام قناة السويس أصعب مانع مائى فى العالم خلال ساعات معدودة وعلى طول القناة بقوة خمس فرق مشاة تتكون من 80 ألف جندى بكامل معداتهم وأسلحتهم ومركباتهم فى 12 موجة متتالية، مستخدمين المعابر والتجهيزات التى أعدها المهندسون لهم لعبور القناة ، ولتعزيز مواقعهم على الشاطىء الشرقى لها فور وصولهم ، وكان الذين هيئوا للقوات المصرية فرصة إحراز ذلك النصر العظيم هم ضباط وجنود 35 كتيبة مهندسين من مختلف التخصصات قاموا بعمل خارق كان أشبه بالمعجزات. وقد ظل المهندسون العسكريون المصريون اكثر من خمس سنوات يبذلون جهودهم الجبارة ومحاولاتهم المتواصلة لإيجاد الحلول السليمة لمشاكل العبور الصعبة ، وقبل حلول 6 اكتوبر 1973 كانت جميع المشاكل قد حلت ، وجميع المصاعب قد ذللت وكانت أهم هذا المشكلات واعقدها ما يلى : فتح الثغرات فى الساتر الترابى : كان من واجب المهندسين الاهتداء إلى أسلوب عملى لفتح الثغرات فى الساتر الترابى الهائل الذى يمتد على طول الشاطىء الشرقى للقناة ... وقد اجريت من أجل التوصل إلى الحل المطلوب مئات التجارب واستحدثت شتى الوسائل والأساليب التى كان من ضمنها : النسف بالمفرقعات ، استعمال البلدوزرات ، القصف بالطيران ، الرمى بالمدفعية والصورايخ إلا أن كل هذه التجارب فشلت فى تحقيق النتائج المطلوبة. وكانت مجموعات من الضباط المهندسين برئاسة مدير السلاح قد انهمكت فى البحث عن وسيلة عملية أخرى لحل هذه المشكلة المستعصية التى كانت تهدد عملية اقتحام قناة السويس بالتوقف التام ، وفى يونيو 1971 تقدم مدير السلاح باقتراح جديد للقيادة ، وهو استخدام طريقة التجريف بالمياه بواسطة طلمبات لفتح الثغرات فى الساتر الترابى .. وقد سبق لبعض المهندسين العسكريين مشاهدتها أثناء عملهم فى مشروع السد العالى باسوان ، إذ تمكن المهندسون السوفيت بهذه الوسيلة من إزاحة جبل رملى من متخلفات الحفر .... ولكن الطلمبات السوفيتية لم تكن لتصلح للاستخدام فى مسرح العمليات بالقناة لضخامة حجمها وثقل وزنها وتعذر نقلها إلى الشاطىء الآخر ، لذا نبتت فكرة استخدام طلمبات مياه خفيفة الوزن قوية الدفع وقام المهندسون بعمل تجربة لاختبار الأسلوب الجديد الذى اقترحوه واستخدموا فيه ثلاث مضخات مياة صغيرة إنجليزية الصنع ، وكللت التجربة بالنجاح ، وكان واضحا انه كلما زاد ضغط المياه زاد تهايل الرمال وبالتالى سرعة فتح الثغرة ، وبعد عدة تجارب اتضح أن كل متر مكعب من المياه يزيح مترا مكعبا من الرمال وأن العدد المثالى لكل ثغرة هو خمس مضخات. وبناء على ذلك تقرر منذ منتصف عام 1971 أن يكون أسلوب المهندسين فى فتح الثغرات فى الساتر الترابى هو أسلوب التجريف وتقرر على أثر ذلك شراء 300 مضخة مياه إنجليزية الصنع ..... وصلت عامى 1971 ، 1972 .... وفى أوائل عام 1972 تقرر شراء 150 مضخة أخرى ألمانية الصنع من شركة ألمانية بجوار مدينة كولون بألمانيا الغربية نظرا لأنها أكثر قوة من المضخة الأنجليزية ، وبتخصيص ثلاث مضخات إنجليزية ومضختين ألمانيتين لكل ثغرة ، ثبت أنه من الممكن إزاحة 1500 متر مكعب من الأتربة خلال ساعتين وبعدد من الأفراد يتراوح ما بين 10 15 فردا. وكان ذلك حلا عمليا وسهلا وتم عن طريقه تلافى جميع عيوب الطرق السابقة وما يثير الدهشة أنه رغم إجراء عشرات التجارب على أسلوب فتح الثغرات بطريقة التجريف فإن الأسرائيليين لم يفطنوا إلى أن المهندسين المصريين قد توصلوا إلى هذا الأسلوب الجديد فى فتح الثغرات ، وفوجئوا به مفاجأة تامة يوم 6 أكتوبر 1973. إنشاء المعديات والكبارى قوات المشاة تستعد لعبور القناة لم يكن لدى سلاح المهندسين عقب حرب يونيو 1967 سوى عدد محدود من الكبارى السوفيتية الصنع وهى الكبارى الثقيلة من طراز تى بى بى لعبور الدبابات وجرارات المدافع والصورايخ والكبارى الخفيفة ال بى بى لعبور المركبات الخفيفة الحركة ، وكانت هذه الكبارى بنوعيها من الطراز القديم الذى سبق استخدامه فى الحرب العالمية الثانية والتى يستغرق تركيبها ما لا يقل عن خمس ساعات ، ولم يحاول السوفيت إمداد سلاح المهندسين بالكبارى البرمائية الحديثة التى لا يستغرق تركيبها أكثر من ساعة ونصف الساعة ولم تكن كمية الكبارى التى فى حوزة سلاح المهندسين تزيد على نصف الكمية اللازمة لعبور الجيشين الثانى والثالث.. ولكن مخازنه كانت تضم عددا من الكبارى الإنجليزية الصنع من طراز بيلى سبق الاستيلاء عليها من مخازن القاعدة البريطانية بقناة السويس عقب العدوان الثلاثى عام 1956 ونظر لأنها كانت مصممة للاستخدام فى الخطوط الخلفية وكان تركيب الكوبرى الواحد منها يستغرق 24 ساعة لذلك لم يكن فى الإمكان من الناحية التكتيكية استخدامها فى عملية عبور القناة. وعلى أثر دراسات تمت على أعلى مستوى من الفكر الهندسى أمكن تحويل كبارى البيلى الإنجليزية الثقيلة إلى كبارى اقتحام لا يستغرق تركيبها أكثر من بضع ساعات، ونتيجة لذلك أصبحت الكبارى التى يمتلكها سلاح المهندسين يتكون ثلثها من طراز سوفيتى الصنع ، وثلثها من طراز إنجليزى الصنع ، فى حين كان الثلث الآخر صناعة مصرية خالصة. وكانت المعديات مصممة للانتقال ما بين الشاطئين عن طريق جرها باللنشات .. وكانت المعديات مخصصة كى تستخدم فى نقل الدبابات والأسلحة الثقيلة ذات الأسبقية الأولى إلى الشاطىء الشرقى للقناة بعد اتمام فتح الثغرات فى الساتر الترابى وقبل ساعتين من موعد البدء فى تشغيل الكبارى ، وبعد اتمام تشغيل الكبارى كانت المعديات مصممة كوسيلة معاونة تبادلية لها. تجهيزات إشعال القناة بالنابالم فى خلال شهر يوينو 71 أى بعد ثلاثة أشهر فقط من إجراء التجربة الإسرائيلية فى حصن الدفرسوار لإشعال مياة القناة أجرى المهندسون المصريون عدة تجارب للاهتداء إلى الطريقة العملية لمقاومة النيران المشتعلة ، وذلك فى المكان المحدد لاجراء التجارب فى فرع دمياط ، وقد استخدمت طريقة مقاومة جزر النيران المشتعلة فى المياه بضربها بسعف النخيل لتقسيمها إلى عدة جزر صغيرة ، وتتكرر العملية عدة مرات حتى يتلاشى اللهب من القناة ، وعندما اتضح فشل هذا الأسلوب تقدم أحد المهندسين باقتراح جديد وهو استبدال القوارب التى تقترب من النيران والقابلة للاشتعال بمركبات برمائية ، وأن يستبدل سعف النخيل بمواد كيمائية يمكن إطفاء الحريق. ولكن هذا الأسلوب لم توافق عليه القيادة العامة وكان الحل الذى وافق عليه الفريق أول احمد إسماعيل القائد العام للقوات المسلحة هو ضرورة إغلاق فتحات الخراطيم التى تصب السائل الملتهب فى القناة قبل بدء العمليات سدا محكما ، وضرب الخزانات المليئة بالنابلم خلف الساتر الترابى بنيران المدفعية أثناء فترة تحضيرات المدفعية .... وقد استمرت الجيوش الميدانية المصرية نحو عامين فى مراقبة هذا النظام الإشعالى بدقة وانتظام ، ودفعت لهذا الغرض عشرات من دوريات الاستطلاع إلى الشاطىء الشرقى للقناة ووفقا للمراجع الإسرائيلية وتقارير المخابرات المصرية لم يكن قد انشىء من هذه التجهيزات سوى مجموعتين فقط فى حصون بارليف إحداهما فى النقطة القوية التى اسمها الكودى هيزايون فى منطقة الفردان والثانية فى النقطة القوية التى اسمها الكودى متسميد فى منطقة الدفرسوار. وعندما بدأت المعركة وفوجىء الإسرائيليين بالهجوم المصرى إلى الحد الذى جعل احد المهندسيين الإسرائيليين شيمون تال الذى ارسل لإصلاح تجهيزات إشعال اللهب فى القناة يفاجأ بقصف المدفعية ثم برجال الصاعقة المصريين يقفون فوق راسه حيث وقع فى الأسر. سقوط خط بارليف وتحرير مدينة القنطرة شرق ومعارك دامية بين الجيش المصرى والاسرائيلى على طول الجبهة شرق القناة سيناء خلال أيام 6 ، 7 ، 8 أكتوبر. فرقتى شارون وآدان تتحرك لمعاونة فرقة مندلر ومعارك دامية على الجبهة تدمير 11 طائرة للعدو يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته ( كان لإسرائيل ظهر يوم السبت 6 اكتوبر فى شمال سيناء مجموعة العمليات رقم 252 بقيادة الجنرال مندلر وهى مكونة من ثلاث لواءات دبابات بها حوالى 350 دبابة ولواء ميكانيكى ولواء مشاة. وفى صباح اليوم التالى 7 أكتوبر كانت قواتنا قد نجحت فى الهجوم والعبور مع اقتحام أعقد مانع مائى ، وحطمت خطا دفاعيا محصنا .. وأنشات خمسة رءوس كبارى فى سيناء بواسطة خمس فرق مشاة وقوات قطاع بورسعيد بعمق 6 - 8 كيلو مترات بعد خمس معارك هجومية ناجحة ، ورفعت الأعلام المصرية على أرض سيناء. لقد تحقق هذا الإنجاز بأقل خسائر ممكنة ، فقد بلغت خسائرنا 5 طائرات ، 20 دبابة ، 280 شهيد ويمثل ذلك 2 ونصف فى المائة من الطائرات و 2% فى الدبابات و 3 % فى الرجال وهى خسائر قليلة بالنسبة للأعداد التى أشتركت فى القتال. وفى نفس الوقت خسر العدو 25 طائرة و120 دبابة وعدة مئات من القتلى مع خسارة المعارك التى خاضها وسقط خط بارليف الذى كان يمثل الأمن والمناعة لإسرائيل ، وهزيمة الجيش الإسرائيلى الذى رددوا عنه أنه غير قابل للهزيمة. فقد سقط منها 15 حصنا تمثل عدد حصون خط بارليف وأصبحت الحصون الباقية تحت الحصار، وكان فى تقديرنا وتقدير القيادة الإسرائيلية أن خط بارليف فقد قيمته العسكرية بعد أن سقط نصف عدد الحصون وفقد حوالى 100 دبابة تمثل ثلث دبابتهم التى تقاتل فى الخط الأمامى. تحرك إلى سيناء يوم 7 أكتوبر فرقتان مدرعتان .. إحداهما بقيادة الجنرال ابراهام أدان على المحور الشمالى فى اتجاه القنطرة والفرقة الأخرى بقيادة الجنرال اريل شارون على المحور الأوسط فى اتجاه الإسماعيلية بالإضافة لفرقة مدرعة كانت موجودة فى الجبهة منذ بداية الحرب بقيادة الجنرال مندلر وبذلك أصبح لدى إسرائيل حوالى 950 دبابة بالجبهة مشكلة فى ثلاث فرق مدرعة تحت قيادة ثلاثة من القادة البارزين فى الجيش الإسرائيلى. وبينما كان حشد الاحتياطى الإسرائيلى يتم خلال 7 أكتوبر ( فرقة أدان وفرقة شارون) .. طار ديان إلى قيادة الجبهة الجنوبية سيناء حيث استعرض الموقف مع قائدها الجنرال جونين . ولا شك أن ديان أصبح على علم تام بالموقف المتدهور على الجبهة والخسائر التى لحقت بالفرقة المدرعة التى يقودها مندلر والتى وصلت خسائرها إلى مائتى دبابة أى ثلثى عدد دباباته وضياع فاعلية حصون خط بارليف والفشل فى إنقاذ الأفراد الإسرائيليين المحاصرين فيها. معركة القنطرة شرق الجندى يأخذ التعليمات لقد كانت الحصون التى بناها العدو فى قطاع القنطرة شرق من أقوى حصون خط بارليف وصل عددها إلى سبعة حصون ، كما أن القتال داخل المدينة يحتاج إلى جهد لأن القتال فى المدن يختلف عن القتال فى الصحراء ، ولذلك استمر القتال شديدا خلال هذا اليوم .. واستمر ليلة 7 / 8 أكتوبر استخدم فيه السلاح الأبيض لتطهير المدينة من الجنود الإسرائيليين وتمكنت قوات الفرقة 18 بقيادة العميد فؤاد عزيز غالى فى نهاية يوم 7 أكتوبر من حصار المدينة والسيطرة عليها تمهيدا لتحريرها. وجاء يوم الاثنين 8 اكتوبر وتمكنت الفرقة 18 مشاة بقيادة العميد فؤاد عزيز غالى من تحرير مدينة القنطرة شرق بعد أن حاصرتها داخليا وخارجيا ثم اقتحامها ، ودار القتال فى شوارعها وداخل مبانيها حتى انهارت القوات المعادية واستولت الفرقة على كمية من أسلحة ومعدات العدو بينها عدد من الدبابات وتم اسر ثلاثين فردا للعدو هم كل من بقى فى المدينة واذيع فى التاسعة والنصف من مساء اليوم 8 أكتوبر من إذاعة القاهرة تحرير المدينة الأمر الذى كان له تأثير طيب فى نفوس الجميع. معركة عيون موسى وفى قطاع الجيش الثالث كانت القوات تقاتل على عمق 8 إلى 11 كيلو مترا شرق القناة وكان أبرز قتال هذا اليوم هو نجاح الفرقة 19 مشاة بقيادة العميد يوسف عفيفيى فى احتلال عيون موسى كما قامت نفس الفرقة باحتلال مواقع العدو الإسرائيلى المحصنة على الضفة الشرقية التى يتمركز فيها ستة مدافع 155 مم. هذه المدافع كان يستخدمها العدو الإسرائيليى فى قصف مدينة السويس خلال حرب الاستنزاف ، ولم نتمكن من إسكاتها فى ذلك الوقت برغم توجيه قصفات نيران ضدها بكل أنواع دانات المدفعية المتيسرة وقتئذ لصلابة التحصينات التى عملت لها بواسطة القوات الإسرائيلية. معركة الفردان أعاد العدو تنظيم قواته وحاول أدان فرقة ابراهام ادان المكونة من ثلاث لواءات مدرعة حوالى 300 دبابة مرة أخرى الهجوم بلواءين مدرعين ضد فرقة حسن أبو سعدة واللواء الثالث ضد الفرقة 16 بقيادة العميد عبد رب النبى فى قطاع شرق الإسماعيلية ( الجيش الثانى ) ودارت معركة الفردان بين فرقة أدان وفرقة حسن أبو سعدة. فرقة شارون لم تتعاون مع اى منهما كانت أنظارنا تتجه وترقب فرقة شارون ، حيث كان فى تقديرنا أن هذه الفرقة سيتم اقحامها فى المعركة لمعونة آدان فى هجوم فرقته ، ولكن ذلك لم يحدث. وحوالى الظهر 8 اكتوبر تحركت فرقة شارون فى اتجاه شرق السويس حيث كانت فرقة مندلر تقاتل ضد قوات الجيش الثالث لمحاولة اختراق مواقعه وكان واضحا أن فرقة شارون ستتعاون مع مندلر على امل تحقيق الضربة المضادة الإسرائيلية نجاحا فى قطاع الجيش الثالث بعد أن فشلت فى تحقيق النجاح فى اتجاه الجيش الثانى. وبينما كانت فرقة شارون تتحرك جنوبا فى اتجاه السويس ، كانت فرقة آدان فى مواجهة الجيش الثانى قد تورطت فى قتال فاشل وازدادت خسائرها فى الأفراد والمعدات ، وأصبحت تحت ضغط مستمر من قوات الجيش الثانى . واضطرت للانسحاب شرقا بعد أن تبعثرت لواءاتها على مواجهة واسعة ، الأمر الذى اضطرها إلى التحول لاتخاذ أوضاع دفاعية فى مواجهة واسعة قد لا يكتب لها النجاح ومن هنا اضطر الجنرال جونين قائد المنطقة الجنوبية لاعادة فرقة شارون وهى فى الطريق إلى قطاع الجيش الثالث لمعاونة فرقة آدان المتورطة امام قطاع الجيش الثانى. وفى نهاية يوم القتال ، كانت فرقة آدان قد هزمت امام الجيش الثانى ، وفرقة مندلر قد فشلت أمام الجيش الثالث ، أما فرقة شارون فلم تتعاون مع أى منهما. مذكرات أدان عن شارون فى ذلك اليوم يقول الجنرال إبراهام آدان فى كتابه على ضفتى قناة السويس ( إن قادة الفرق لا يمكن أن ينفضوا عن كاهلهم غبار المسئولية بدعوى أنهم تلقوا أوامر. لقد تلقى شارون على سبيل المثال أمرا من جونين بمغادرة قطاعه ، لكن تصرفه كقائد عسكرى يثير العجب فقد أصدر لقادة ألويته أوامره بالتحرك فى اتجاه الجنوب دون ان يترك أيه قوات لحماية القطاع الذى كان يحتله رغم نشاط العدو فى مواجهته ، مما جعل قطاعه خاليا وكان معرضا لا حتلاله بواسطة المصريين. وقبل تحرك شارون بفرقته لم يوضح حقيقة الموقف للجنرال جونين ، ولا أستطيع أن أغفل حقيقة هامة وهى أن هناك عنصرا حيويا وحاسما من شانه أن يضعف أو يقوى القوات بميدان القتال ، وهو أن تهب القوة لنجدة ومساعدة القوات المجاورة ، وإنى لأوجه أقسى النقد لشارون لرفضه التنازل عن كتيبة مدرعة لتدعيم قواتى القائمة بالهجوم فى قطاع الفردان وكذلك لرفضه بعد أن تلقى امر جونين بالعودة إلى قطاعه، الإسراع بتدعيم هجومى والاشتراك معى بفرقته مما ادى بى إلى الفشل. كذلك من الواجب أن اذكر أن عدم السيطرة والتنسيق قد لوحظا على جميع مستويات القيادة ، وتمثل ذلك فى أبشع صورة عندما عادت فرقة شارون من الجنوب إلى القطاع الأوسط الذى تركته. لم نعرف إطلاقا أن شارون قد عاد ثانية ، مما تسبب فى أن وحدات من الفرقتين أطلقت على بعضهما النيران اعتقادا منها أنها تطلق النار على العدو. أمريكا تبدأ فى دخول الحرب يوم 8 أكتوبر مع إسرائيل ضد مصر وسوريا ووصول تقارير وصور لمواقع القوات المصرية بالقمر الصناعى مع مسئول بوزارة الدفاع الامريكى إلى إسرائيل. أمريكا تبدأ فى دخول الحرب يوم 8 أكتوبر يقول اللواء محمد عبد الغنى الجمسى فى مذكراته ( لم نكن نعلم فى مصر طول مدة الحرب ، كما لم نعلم بعدها بمدة طويلة ، ان أحد المسئوليين العسكريين وصل من أمريكا إلى إسرائيل فجر هذا اليوم 8 أكتوبر وهو اليوم الثالث للحرب للإشتراك فى التخطيط مع إسرائيل لمواجهة الموقف العسكرى الإسرائيلى المتدهور على الجبهتين المصرية والسورية. لقد كشف الجنرال اليعازار رئيس الأركان الإسرائيلى أثناء الحرب فى مذكراته التى كتبها بعد الحرب عن سر يذاع لأول مرة عن خطة عسكرية أمريكية حملها مسئول أمريكى إلى إسرائيل. كانت الساعة تقترب من الثالثة صباح الثامن من اكتوبر ، حين وصل إلى مقر رئاسة الأركان المسئول الكبير ، وكان أحد العسكريين فى البنتاجون والمسئول عن منطقة الشرق الأوسط. وكان وصوله إلى مطار بن جوريون فى طائرة عسكرية خاصة ، ويحمل معه مجموعة من التقارير الخاصة والصور الخاصة بالمعارك ومواقع القوات كما ألتقطها القمر الصناعى الأمريكى. فشل الهجوم الإسرائيلى المضاد يوم 8 اكتوبر واسر العقيد عساف ياجورى أشهر اسير إسرائيلى العميد حسن أبو سعدة بأسر العقيد عساف ياجورى فى يوم 8 أكتوبر 1973 قام العميد حسن أبو سعدة قائد الفرقة الثانية مشاة بالجيش الثانى بصد الهجوم المضاد الذى قام به لواء 190 مدرع الإسرائيلى ( دبابات هذا اللواء كانت تتراوح ما بين 75 حتى 100 دبابة ) وتدمير كافة دباباته واسر قائد إحدى كتائب اللواء وهو العقيد عساف ياجورى. يتحدث عن ذلك جمال حماد المؤرخ العسكرى ويقول ( كان قرار قائد الفرقة الثانية يعتبر أسلوبا جديدا لتدمير العدو وهو جذب قواته المدرعة إلى أرض قتل داخل رأس كوبرى الفرقة والسماح لها باختراق الموقع الدفاعى الامامى و التقدم حتى مسافة 3 كيلومتر من القناة .. وكان قرار قائد الفرقة الثانية مشاة خطيرا وعلى مسئوليته الشخصية ولكن المفأجاة فيه كانت مذهلة مما ساعد على النجاح .. و بمجرد دخول دبابات اللواء أرض القتل أنطلقت عليهم النيران من كافة الاسلحة بأوامر من قائد الفرقة الثانية مشاة حسن أبو سعدة .. مما أحال أرض القتل إلى نوع من الجحيم .. و خلال دقائق تم تدمير معظم دبابات العدو وتم الاستيلاء على 8 دبابات سليمة كما تم اسر العقيد عساف ياجورى قائد كتيبة النسق الأول من لواء نيتكا 190 مدرع. وعن معركة الفردان يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 ( اندفعت الدبابات الإسرائيلية لاختراق مواقع أبو سعدة فى اتجاه كوبرى الفردان بغرض الوصول إلى خط القناة ، وكلما تقدمت الدبابات الإسرائيلية ازداد أمل آدان قائد الفرقة التى يتبعها لواء نيتكا 190 مدرع فى النجاح ... فوجئت القوة المهاجمة بأنها وجدت نفسها داخل أرض قتل والنيران المصرية تفتح ضدها من ثلاث جهات فى وقت واحد تنفيذا لخطة حسن أبو سعدة .. وكانت المفاجاة الأقوى أن الدبابات المعادية كان يتم تدميرها بمعدل سريع بنيران الدبابات المصرية والأسلحة المضادة للدبابات والمدفعية .. كانت الدبابات الإسرائيلية المتقدمة باندفاع شديد تتكون من 35 دبابة مدعمة بقيادة العقيد عساف ياجورى وهى إحدى الوحدات التى كانت تتقدم الهجوم ، فأصابه الذعر عندما أصيبت ودمرت له ثلاثون دبابة خلال معركة دامت نصف ساعة فى أرض القتل . لم يكن أمام عساف ياجورى إلا القفز من دبابة القيادة ومعه طاقمها للاختفاء فى إحدى الحفر لعدة دقائق وقعوا بعدها فى الأسر برجال الفرقة الثانية وظلت هذه الدبابة المدمرة فى أرض المعركة تسجيلا لها يشاهدها الجميع بعد الحرب. لقد شعرت بالارتياح عندما تبلغ لنا فى مركز العمليات عن نجاح معركة الفرقة الثانية بقيادة حسن أبو سعدة .. اتصلت به تليفونيا لتقديم التهنئة له على إنجاز فرقته وتبادلنا حديثا قصيرا امتدح فيه التخطيط وامتدحت فيه التنفيذ .... وقد اسعدنى ما سمعته منه عن الروح المعنوية لقوات الفرقة وإصرارها على هزيمة العدو. وعنه يقول الرئيس الراحل أنور السادات ( إن الذى قام بهذا العمل قائد من البراعم الجديدة أسمه حسن أبو سعدة). مقال نشر لعساف ياجورى بصحيفة معاريف الإسرائيلية 7 / 2 / 1975 يبدو أنه مبنى التليفزيون ، وعندما رفعوا العصابة عن عينى ليبدأ المذيع حواره معى ، لم استطع فتحهما فى البداية لشدة أضواء الكشافات فى الاستوديو ، بعد ذلك ألقيت نظرة على الوجوه المحيطة بى ، كانوا ينظرون إلى بفخر وحب استطلاع . وكان شاب صغير بينهم يدخن فى عصبية ويرمقنى بنظرات حادة ثم يتحدث إلى من معه. بعد انتهاء التسجيل معى للتليفزيون والتسجيل لإذاعة القاهرة الناطقة بالعبرية قادونى إلى مقر الأسر وقد نظموا لى طوال فترة وجودى عدة رحلات إلى الأهرام وفندق هيلتون كما التقيت ببعض اليهود الذين لا يزالون يعيشون فى مصر وذلك بناء على طلبى. أثناء فترة أسرى كنت أقول لنفسى ترى ماذا حدث لبقية زملائى ترى هل وجدوا طريقهم إلى النجاة. بعد عودتى من الأسر فوجئت بل أذهلنى حجم الخسائر التى وقعت فى صفوفنا ومع ذلك لم تعلن حتى الآن الارقام الحقيقية لخسائرنا. حائر أنا ..حيرتى بالغة .. كيف حدث هذا لجيشنا الذى لا يقهر وصاحب اليد الطولى والتجربة العريضة ؟ كيف وجدنا أنفسنا فى هذا الموقف المخجل ؟ أين ضاعت سرعة حركة جيشنا وتأهبه الدائم ؟ القوات الجوية الإسرائيلية تفشل فى تدمير شبكة الدفاع الجوى المصرية التى أستخدمت صواريخ سام بانواعها المختلفة بكافاءه وسقوط عدد كبير من الطائرات الإسرائيلية وصل إلى 50 طائرة خلال الثلاث أيام الاولى جولدا مائير تصرخ أنقذوا اسرائيل وأمريكا تعد بتعويض خسائرها يوم 9 أكتوبر ...... والتى بلغت اكثر من 400 دبابة وخمسون طائرة أنقذوا إسرائيل كان نص رسالة الاستغاثة العاجلة التى تلقتها وزارة الخارجية الأمريكية فى 9 / 10 / 1973 هى " إنقذوا إسرائيل" ويقول هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى فى ذلك الوقت فى كتابه مذكرات كسينجر فى البيت الأبيض ( أخذ كل من دينتس وجور ( سيمحا دينتس السفير الإسرائيلى بامريكا والجنرال موردخاى جور الملحق العسكرى بالسفارة الإسرائيلية بأمريكا) بالحديث .. وأخبرانى أن الخسائر التى تكبدتها إسرائيل حتى هذه اللحظة ، كانت مرعبة وغير منتظرة . فقد فقدت 49 طائرة منها 14 طائرة دمرت . إن الرقم مرتفع ، ولكنه لا يستدعى الدهشة إذ أخذنا فى الاعتبار أن سوريا ومصر يملك كل منهما أعدادا كبيرة من الصواريخ أرض / جو السوفيتية. وكانت صدمتى كبيرة عندما علمت إن إسرائيل قد خسرت 500 دبابة ، من بينها 400 دبابة على الجبهة المصرية وحدها. وطلب دينتز الاحتفاظ بسرية هذه الأرقام ، وعدم إطلاع احد عليها سوى الرئيس لأن الدول العربية التى ما زالت تختار لنفسها موقف التحفظ حتى الآن ، قد تنضم إلى المعركة لو عرفت بحجم الخسائر الإسرائيلية. ويستمر كسنجر ويقول إن كل ما أخطرنا به دينتس يوجب علينا إعادة النظر فى الأسس التى وضعناها لأستراتيجيتنا. فقد كانت كل اجراءاتنا الدبلوماسية ، وسياستنا فى إعادة تسليح إسرائيل ، ترتكز على انتصار إسرائيلى سريع ، وقد تجاوزنا هذه الادعاءات ، وحدث شىء لم نكن ننتظره. إن الدبابات التى تفتقر إليها إسرائيل يصعب إرسالها بالسرعة المطلوبة واقترح جور تأمينها من عتادنا الموجود فى أوربا ، وحتى هذه الحالة يلزمنا عدة أسابيع. وجرى الاتفاق بيننا على أن تبدا طائرات العال حالا بنقل قطع الغيار والمعدات الألكترونية ولكن هذا الأسطول الذى لا يتجاوز سبع طائرات ، لا يستطيع نقل العتاد الثقيل ، اما بالنسبة للمواد التى تحتاج للتشاور فقد وعدت بعقد اجتماع لفريق العمل الخاص وتبليغ الأجابة إلى دينتس قبل نهاية نهار يوم 9 أكتوبر. وفى مؤتمر صحفى لموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى يوم 9 أكتوبر قال فيه ( إن الشىء الوحيد الذى نتفوق فيه الطيران ، إلا أن الصواريخ فقط هى التى تشكل صعوبة بالنسبة لنا .. إننا ندفع الضريبة كل يوم فى صورة معدات وقوات وطيارين وطائرات ودبابات لقد دمرت المئات من مدرعاتنا فى المعركة ... وفى ثلاثة أيام فقدنا خمسين طائرة. بنهاية يوم 9 اكتوبر وصل الجيشين المصرى الثانى والثالث على عمق 15 كيلومتر داخل سيناء يوم 10 أكتوبر بداية وصول الامدادات الأمريكية الجسر الجوى الأمريكى يبدأ من يوم 10 اكتوبر يقول كل من اللواء : حسن البدرى ، وطه المجدوب و عميد أركان حرب ضياء الدين زهدى فى كتابهم حرب رمضان ( ولقد مكن للعدو بذل كل تلك الجهود بفضل الامدادات الجديدة من الأسلحة الأمريكية المتطورة التى انهالت عليه من ترسانات الولايات المتحدة ، وتم تفريغها فى مطار العريش رأسا بواسطة اطقم امريكية متخصصة ، اعتبارا من 10 أكتوبر والأيام التالية ، تلك الامدادات التى وصفها جيمس شيلزنجر وزير الدفاع الأمريكى يوم 5 نوفمبر بأنها استنفدت بشكل خطير المخزون الأمريكى من الأسلحة والمعدات بالقدر الذى سوف يرغم حكومة نيكسون على طلب زيادة ميزانية الدفاع لعام 1974. لقد ظهر جليا خلال هذه الفترة بدء تدفق الامدادات الأمريكية الحديثة من الطائرات الفانتوم ومعدات التداخل الألكترونى وصواريخ شرايك المعدلة ضد الرادارات والقنابل التلفزيونية ضد وسائل الدفاع الجوى الأرضية ، الأمر الذى أدى إلى حدوث طفرة مفاجئة فى قدرات العدو الجوى وخاصة فى حجم وشدة ودقة الطلعات الجوية اعتبارا من 10 أكتوبر ، كما ازداد تاثير وكثافة التداخل الألكترونى على جميع انواع أجهزتنا. وكانت الطلعات المعادية على الجبهتين المصرية والسورية قد انخفضت من 1100 طلعة يوميا إلى 790 طلعة يوم 9 .. ثم ازدادات إلى 1164 طلعة يوم 10 ... ثم 1138 طلعة يوم 12. يوم 12 اكتوبر السادات يصدر قرار سياسيا بتطوير الهجوم شرقا لتخفيف الضغط على سوريا. عملية نيكل جراس أو الجسر الجوى الأمريكى واجه الرئيس الأمريكى نيكسون بإحتمال مقاطعة البترول العربى بسبب سياسته ، وتوقع إن تستخدم إسرائيل السلاح النووى لعدم تدخله مما دعاه إلى ان يصدر أمرا بعملية نيكل جراس وان يتم إرسال كل شىء يطير يقول ميجور إسحاق حوفى قائد الجبهة الشمالية لإسرائيل " أن وصول الدبابات وقذائف المدافع مكنتنا من إكمال مهمتنا". وقف إطلاق النار صدر يوم 26 أكتوبر لكن الجسر الجوى استمر حتى ظهر يوم 14 نوفمبر عام 1973 ، عملية نيكل جراس استمرت إلى نهايتها عندما هبطت السى 5 فى مطار اللد بشحن وصل إلى 143000 باوند. تقول رئيس الوزراء الإسرائيلى جولدا مائير ( للأجيال القادمة سنذكر معجزة الخطط العظيمة من الولايات المتحدة الأمريكية فى احضار المواد التى تعنى الحياة لشعبنا). لقد كان عنصرا صعبا فى عرض اهمية الجسر الجوى كأداة للسياسة القومية للولايات المتحدة ، إن جسر برلين الجوى بالذاكرة أما نيكل جراس ... فلا ....وانا آمل فى المساعدة فى إحيائه. وللمساعدة فى احيائه كتب روبرتسون 70 صفحة من التاريخ بعنوان " عملية نيكل جراس ، الجسر الجوى لإسرائيل وطائرات السى 5 جالاكسى " مازال هناك جدال اليوم عن حجم التأثير الفعلى للجسر الجوى ... ويتسأل روبرتسون ماذا كان سيحدث لو أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تأت نهائيا ؟ يوم 13 أكتوبرأصدر فريق أول أحمد أسماعيل القائد العام للجيش المصرى قرار لكل من قيادتى الجيش الثانى والثالث شرقا وتأجل الهجوم ليوم 14 اكتوبر بناء على طلب قيادتى الجيشين الثانى والثالث يوم 13 اكتوبر أخترقت طائرة استطلاع أمريكية اس ار 71 المجال الجوى المصرى بثلاث اضعاف سرعة الصوت وعلى ارتفاع 25 كم لم نستطع اسقاط الطائرة لأنها خارج مدى الصواريخ المصرية كما لم تستطع طائراتنا اللحاق بها مذكرات الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب اكتوبر 1973 يوم 13 اكتوبر مصرع القائد العام للمدرعات الإسرائيلية بسيناء البرت ماندلر مصرع الجنرال ألبرت ماندلر يقول المؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد فى كتابه المعارك الحربية على الجبهة المصرية ( وكان ألبرت عقب عودته من جولة فى قطاعه بطائرة هيليكوبتر قد استقل مركبة قيادته المدرعة وتقدم إلى أحد مراكز المراقبة الإسرائيلية فى الخط الأمامى ، وكانت إحدى وحدات الاستطلاع المصرية تقف على مسافة 500 متر فأرسلت تحذيرا باللاسلكى بأن مركز المراقبة الذى كانت مركبة القيادة متقدمة نحوه يقع فى مرمى المدفعية المصرية. وأثناء قيام ألبرت ياستطلاع المواقع المصرية بمنظاره المكبر أصابت مركبته قذيفة مصرية من إحدى بطاريات مدفعية الجيش الثالث فقتلت أربعة من ركابها منهم ألبرت ماندلر ورافى أونجر مرسل الإذاعة الإسرائيلية الذى كان ألحق بفرقته. وكان ألبرت مايزال حيا عندما نقلوه إلى طائرة هيليكوبتر لتطير به إلى المستشفى ولكنه مات فى الطريق. كان ألبرت أثناء حرب يونيو 1967 يتولى قيادة اللواء المدرع الذى اخترق الدفاعات السورية المنيعة فى مرتفعات الجولان ، وكان من المفترض أن يترك منصبه كقائد للقوات الإسرائيلية فى سيناء يوم الأحد 7 أكتوبر ليخلفه كلمان ماجن وذلك بعد تعيين ألبرت قائدا للقوات المدرعة فى الجيش الإسرائيلى خلفا للجنرال إبراهام ادان الذى احيل للتقاعد ، واستدعى بعد نشوب الحرب لقيادة فرقة مدرعة احتياطية. وكان آخر حديث أدلى به ألبرت للصحفيين فى مقر قيادته الأمامى قوله " لقد غيرت هذه الحرب فى نظرى قيما كثيرة ، واشتهرت بأننى ضابط متعنت ومحترف ، ولكننى فى الأساس ليبرالى . والآن بعد هذا الهجوم المفاجىء الذى قام به المصريون يبدو لى أننا لن نستطيع بعد ذلك أبدا أن نسمح لأنفسنا بركوب مخاطرات من هذا النوع . وسيكون أصعب جانب فى هذه الحرب بالنسبة لى هو الذهاب إلى عائلات جنودى الذين قتلوا " ويبدو أن القدر وفر عليه هذه المهمة البغيضة إلى نفسه. يوم 14 اكتوبر الجيش المصرى يقوم بتطوير الهجوم شرقا دون غطاء من الدفاع الجوى ويتكبد خسائر ضخمة فى الدبابات واصابة سعد مأمون قائد الجيش الثانى بنوبة قلبية وانتقال قيادة الجيش الثانى للؤاء عبد المنعم خليل يوم17 اكتوبر قام الجيش الإسرائيلى بعمل معبر على القناة بمنطقة الدفرسوار وعبرت منها ثلاث فرق مدرعة بقيادة كل من اريل شارون وابراهام ادان وكلمان ماجن للجانب الغربى من القناة تحت قصف شديد من مدفعية الجيش الثانى بقيادة عميد عبد الحليم أبو غزالة يوم 17 أكتوبر 1973 السعودية والدول العربية تبدأ فى تخفيض إنتاجها من البترول للدول التى تساعد إسرائيل يومى 20 ، 21 أكتوبر فشل اريل شارون فى احتلال الإسماعيلية وتطويق الجيش الثانى شارون يفشل فى الاستيلاء على مدينة الإسماعيلية ويقول المؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد فى كتابه المعارك الحربية على الجبهة المصرية ( فى مواجهة اللواءين المدرعين ولواء مشاة المظلات التى تتكون منها فرقة شارون كان لدى الجيش الثانى لوءان مشاة ميكانيكان ( اللواء 10 مشاة ميكانيكى ، واللواء 118 مشاة ميكانيكى ) واللواء 182 مظلات والمجموعة 129 صاعقة وهى قوة تقرب فى حجمها وقدراتها فرقة كاملة مختلطة لم يكد يوم 20 أكتوبر 1973 يحل حتى بدأ الجنرال أريل شارون قائد مجموعة العمليات رقم 143 فى إدارة معركته الأخيرة فى اتجاه الإسماعيلية بعد أن ابلغته القيادة الجنوبية بأن قرار وقف إطلاق النار على وشك الصدور . ومنذ الصباح الباكر بدأت الطائرات الإسرائيلية تشن هجمات عنيفة على مدن الإسماعيلية وبورسعيد وبور فؤاد ، وقد تركز القصف الجوى بصفة خاصة على مواقع الصواريخ سام والأسلحة المضادة للطائرات بهدف تدميرها أو إسكاتها ، وكذا على أمكنة تجمع القوات ومنها معسكر الجلاء بالإسماعيلية ومنطقة جبل مريم والكبارى المقامة على الترعة الحلوة ( ترعة السويس ) ، وقامت الطائرات بإلقاء القنابل الزمنية وقنابل النابلم لإحداث الحرائق وبث الذعر فى نفوس الأفراد وكان شارون منذ بلغته الانباء بقرب صدور القرار بوقف إطلاق النار ، قد دفع بكل ما تحت قيادته من قوات عاقدا عزمه على سرعة الوصول إلى ترعة الإسماعيلية وعبورها ، لكى يتمكن بعد ذلك من تحقيق الأمل الذى أخذ يرواده فى أحلامه منذ عبور قواته إلى الضفة الغربية للقناة وهو الاستيلاء على مدينة الإسماعيلية وبالتالى قطع الامدادات الرئيسية القادمة من القاهرة وشرق الدلتا إلى قوات الجيش الثانى شرق القناة وكان شارون على يقين أن سقوط الإسماعيلية سيحدث دويا سياسيا كبيرا على المستوى العالمى ، مما سوف يكسبه شهرة واسعة ومجدا عسكريا مرموقا ولكن أمال شارون وأحلامه لم تلبث أن تبددت أمام عاملين حيويين : أولهما طبيعة أرض المنطقة التى تقدمت عليها قواته والعامل الثانى هو شدة وعنف المقاومة التى أبدتها القوات المصرية على خط ترعة الإسماعيلية ، فقد أجبرت قواته على التوقف جنوب الترعة ، دون أن تتمكن من عبورها إلى ضفتها الشمالية فى ليلة 21 / 22 أكتوبر أخذت وحدات مدفعية الجيش الثانى التى كان يتولى قيادتها العميد أركان حرب محمد عبد الحليم أبو غزالة تقوم بقصفات ازعاج على مواقع العدو طول اليل . وفى الصباح قامت الطائرات الإسرائيلية بهجمات عنيفة على مواقع قواتنا وركزت قصفها على معسكر الجلاء ....... وعندما خيم الظلام وحل موعد سريان وقف إطلاق النار فى الساعة السادسة والدقيقة الثانية والخمسين مساء يوم 22 أكتوبر ، ونظرا لوجود جرحى إسرائيليين كثيريين على أرض المعركة لم يتم سحبهم ، ولم يكن فى الإمكان القيام بمعركة أخرى خاسرة من إجل انقاذ الجرحى ، لذا طلب شارون امداده بعدد من طائرات الهيليكوبتر لمساعدة رجاله فى عمليات الإنقاذ ولكن الجنرال بارليف لم يوافق على مطلبه ، فقد كانت ليلة مظلمة وكان من الصعب على الطائرات الهبوط بالقرب من ميدان المعركة منعا لاصابتها ، ولذا أمر شارون رجاله بضرورة الاعتماد على انفسهم ، واستمرت عمليات الإنقاذ أكثر من أربع ساعات إلى أن تم إخلاء معظم القتلى والجرحى من أرض المعركة. يوم 21 اكتوبر قرار مجلس الأمن رقم 338 بوقف إطلاق النار وافقت عليه كل من مصر وإسرائيل الرئيس السادات يوافق على وقف إطلاق النار يقول السادات فى كتابه البحث عن الذات ( اتضح لى أن القمر الصناعى الأمريكى الذى كان يوصل المعلومات لإسرائيل ساعة بعد ساعة ، أخطرهم بنقل الفرقة المدرعة 21 من الضفة الغربية للقناة إلى الضفة الشرقية لمحاولة تخفيف الضغط على سوريا كما طلب وألح الرئيس الأسد .. واقر هنا للتاريخ ان روسيا التى تدعى وقوفها مع الحق العربى لم تبلغنا بشىء بواسطة اقمارها الصناعية التى تتابع المعركة ثم حدث تطور خطير بدأت أشعر به، وأنا أتابع الحرب من غرفة العمليات.. لقد استخدم الجسر الجوى الأمريكى لنجدة إسرائيل مطار العريش لنزول الطائرات الأمريكية الجبارة التى تحمل الدبابات وكل الأسلحة الحديثة .. والعريش تقع خلف الجبهة وبدات ألاحظ تطورا خطيرا فى معارك الدبابات التى اعترف الإسرائيليون أنفسهم بشراستها وكفاءة المصريين فى إدارتها . كنت كلما أصبت لإسرائيل 10 دبابات أرى مزيدا من الدبابات . لقد دخلت أمريكا الحرب لإنقاذ إسرائيل بعد النداء المشهور إنقذوا إسرائيل فى اليوم الرابع ، وهى تستخدم بكل صراحة مطار العريش المصرى الذى يقع خلف الجبهة بكل وضوح لكى تحول الهزيمة الإسرائيلية إلى انتصار .. وتذكرت فى تلك اللحظات ما فعلته أمريكا على جبهة ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية ثم على الجبهة اليابانية أما التطور الثالث والخطير ، فهو أن أطلق صاروخان على بطاريتين مصريتين للصواريخ فعطلا البطاريتين تعطيلا كاملا . وعرفت بعد ذلك أنه صاروخ امريكى جديد يسمى القنبلة التلفزيونية وأنه كان لا يزال تحت الاختبار فى أمريكا ، فأرسلته لنجدة إسرائيل لقد دخلت امريكا الحرب لإنقاذ إسرائيل حتى بالأسلحة تحت الإختبار .. وقنبلة المافريك وأسلحة أخرى . وأنا أعرف امكانياتى وأعرف حدودى .. لن أحارب أمريكا ولذلك بعد عودتى من غرفة القيادة .. كتبت للرئيس الأسد شريكى فى القرار برقية أخطره فيها أنى قررت الموافقة على وقف إطلاق النار .. وسجلت فى هذه البرقية موقفى ، وهو أنى لا اخاف من مواجهة إسرائيل ، ولكنى أرفض مواجهة أمريكا .. وإنى لن أسمح أن تدمر القوات المصرية مرة أخرى .. وإننى مستعد أن احاسب أمام شعبى فى مصر وأمام الأمة العربية عن هذا القرار وفى هذه الليلة اتخذت القرار بوقف إطلاق النار فقد كان لى عشرة أيام أحارب فيها أمريكا وحدى بأسلحتها الحديثة التى لم يستخدم أغلبها من قبل وكان الموقف على غير ما يتصوره العالم كله .. فقد كان اعتقاد الجميع فى العالم أن الاتحاد السوفيتى يقف إلى جانبنا ، وأنه قد أرسل الجسر الجوى لنجدتنا ولكن الموقف كان غير ذلك فى الواقع .. فأمريكا وإسرائيل فى مواجهتى ، والاتحاد السوفيتى فى يده الخنجر ويقع وراء ظهرى ليطعننى فى اية لحظة عندما أفقد 85 % أو 90 % من سلاحى كما حدث فى سنة 1967) السادات من كتابه البحث عن الذات يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته ( وعندما صدر القرار وافقت عليه كل من مصر وإسرائيل على وقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة 1852 يوم 22 أكتوبر بتوقيت القاهرة. يوم 22 أكتوبر لم تحترم إسرائيل قرار وقف إطلاق النار واخذت تزيد من عملياتها العسكرية غرب القناة عدم احترام اسرائيل لقرار وقف إطلاق النار 338 يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته ( عندما صدر قرار مجلس الأمن 338 بإيقاف القتال اعتبارا من غروب شمس يوم 22 أكتوبر ، كانت إسرائيل برغم موافقتها على تنفيذه تضمر نواياها بعدم احترامه لقد كانت إسرائيل تعلم أن موقف قواتها فى غرب القناة منطقة الدفرسوار يضعها فى موقف عسكرى ضعيف إذا استؤنف القتال مرة أخرى . فضلا عن ذلك فإنها لم تحقق هدفا سياسيا أو هدفا عسكريا استراتيجيا ، لفشلها فى ارغامنا على سحب قواتنا فى شرق القناة إلى غربها . كما أنها لم تتمكن من تهديد أو قطع خطوط مواصلات الجيشين أو أحدهما مع قواعد إمدادها . وفى نفس الوقت فشلت فى محاولتها للوصول إلى مدينة الأسماعيلية ولذلك قررت إسرائيل أن تبذل جهدا كبيرا لتحقيق قدر من المكاسب السياسية أو العسكرية قبل أن تلتزم بوقف إطلاق النار . وفى سبيل ذلك ، دفعت إسرائيل بقوات جديدة إلى غرب القناة ليلة 22/ 23 وليلة 23 / 24 أكتوبر لتعزيز قواتها فى منطقة الدفرسوار . ثم استمرت فى القتال وتقدمت قواتها جنوبا للوصول إلى مؤخرة الجيش الثالث لقطع طريق مصر السويس الصحرواى والاستيلاء على مدينة السويس عدم احترام اسرائيل لقرار وقف إطلاق النار 339 ونتيجة للعمل السياسى ، وبناء على طلب مصر عقد مجلس الأمن اجتماعا ، حيث أصدر مساء يوم 23 أكتوبر قراره رقم 339 بتأكيد مضمون قراره السابق ، كما حث الأطراف على العودة إلى الخطوط السابقة ووافقت مصر وإسرائيل على القرار والالتزام به اعتبارا من السابعة صباح يوم 24 أكتوبر وبرغم إلتزام إسرائيل بالقرار 339 رسميا ، إلا انها تركت لجيشها حرية العمل العسكرى على أمل احتلال مدينة السويس فتكون بذلك قد حققت هدفا سياسيا له تأثيره السياسى والعسكرى والإعلامى الكبير. يوم 23 أكتوبر قرار مجلس الأمن الثانى بوقف إطلاق النار رقم 339 وافقت عليه مصر وإسرائيل يوم 24 اكتوبر لم تحترم إسرائيل قرار وقف إطلاق النار للمرة الثانية وحاولت إحتلال مدينة السويس يوم 25 أكتوبر فشل إسرائيل فى احتلال المدينة وخسائر ضخمة لها بالدبابات بواسطة المقاومة الشعبية لمدينة السويس ومعاونة من قناصة دبابات من الفرقة 19 مشاة بالجيش الثالث فشل إسرائيل فى احتلال مدينة السويس يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته ( حاول لواءان من فرقة أدان المدرعة اقتحام المدينة من الشمال والغرب بعد قصف بالمدفعية والطيران مدة طويلة لتحطيم الروح المعنوية للمقاتلين داخل المدينة . ودارت معركة السويس اعتبارا من 24 أكتوبر بمقاومة شعبية من ابناء السويس مع قوة عسكرية من الفرقة 19 مشاة داخل المدينة ويصعب على المرء أن يصف القتال الذى دار بين الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية من جهة وشعب السويس من جهة أخرى وهو القتال الذى دار فى بعض الشوارع وداخل المبانى وبجهود رجال السويس ورجال الشرطة والسلطة المدنية مع القوة العسكرية ، أمكن هزيمة قوات العدو التى تمكنت من دخول المدينة ، وكبدتها الكثير من الخسائر بين قتلى وجرحى وظلت الدبابات الإسرائيلية المدمرة فى الطريق الرئيسى المؤدى إلى داخل المدينة شاهدا على فشل القوات الإسرائيلية فى اقتحام المدينة والاستيلاء عليها واضطرت القوات الإسرائيلية إلى الانسحاب من المدينة وتمركزت خارجها ، لم تكن معركة السويس هى معركة شعب المدينة ، بل كانت معركة الشعب المصرى بأجمعه . ومن ثم أصبح يوم 25 أكتوبر عيدا وطنيا تحتفل به مدينة السويس والدولة كل عام ، رمزا لبطولة ابناء السويس ومثلا يحتذى لقدرة الإنسان المصرى على البذل والتضحية ) مذكرات الجمسى ويقول المؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد فى كتابه المعارك الحربية على الجبهة المصرية ( كان معظم سكان مدينة السويس قد تم تهجيرهم إلى خارج المحافظة منذ ان بدأت معارك حرب الاستنزاف عام 1968 ولذا لم يكن داخل المدينة عند نشوب حرب أكتوبر 73 سوى عدد قليل لا يتجاوز خمسة آلاف فرد كان معظمهم من الجهاز الحكومى ورجال الشرطة والدفاع المدنى وموظفى وعمال شركات البترول والسماد بالزيتية وجاء يوم 23 أكتوبر ليحمل فى طياته إلى السويس أسوا النذر فقد قامت الطائرات الإسرائيلية ظهر ذلك اليوم بغارات وحشية على شركة النصر للأسمدة مما أشعل الحرائق فى كثير من أقسامها وأصاب القصف الجوى أيضا مبنى الثلاجة الرئيسية على طريق عتاقة ....... ولم تكتف القوات الإسرائيلية بالحصار البرى الذى ضربته على السويس بقطع كل الطرق المؤدية إليها ولا بالحصار البحرى بقطع الطريق المائى المؤدى إلى الخليج والبحر الأحمر بل عمدت إلى توجيه أقسى أساليب الحرب النفسية ضد سكانها وبغير شفقة ولا رحمة بقصد ترويعهم والضغط على اعصابهم لحملهم على التسليم ولهذا قامت بقطع ترعة السويس المتفرعة من ترعة الإسماعيلية والتى تغذى المدينة بالمياه الحلوة ، كما دمرت شبكة الضغط العالى التى تحمل التيار الكهربائى من القاهرة إلى السويس ، وقطعت بعد ذلك اسلاك الهاتف التى تربط المدينة بالعالم الخارجى وكانت القيادة الإسرائيلية على يقين بان أهل السويس سوف يقابلون دباباتها ومدرعاتها بالأعلام البيضاء حال ظهورها فى الشوارع بعد أن أصبحوا فى هذه الظروف المعيشية التى لا يمكن لبشر أن يتحملها ، فلا مياه ولا طعام ولا كهرباء ولا معدات طبية أو أدوية للمرضى والمصابين ، ولا اتصالات هاتفية مع الخارج وفضلا عن ذلك ركزت مدفعيتها قصفها العنيف على احيائها السكنية وانطلقت طائراتها تملاء سماء المدينة لتصب على مرافقها ومنشأتها الحيوية وابلا من صواريخها لتشعل فى المدينة النار والدمار ، وليخر تحت قصفها المدمر مئات من الشهداء وآلاف من الجرحى حتى ضاق المستشفى العام بالجرحى والمصابين ، وأصبحوا لفرط الازدحام يوضعون على الأرض فى طرقات المستشفى ، وكان الهدف من هذه الحرب النفسية الشرسة هو اقناع الجميع فى السويس بأنه لا جدوى من المقاومة وان الحل الوحيد للخلاص من كل متاعبهم هو الاستسلام للغزاة وفى مساء يوم 23 أكتوبر وعقب حصار المدينة كلف العقيد فتحى عباس مدير مخابرات جنوب القناة بعض شباب منظمة سيناء بواجبات دفاعية وزودهم ببعض البنادق والرشاشات ووزعهم فى أماكن مختلفة داخل المدينة بعد أن ابقى بعضهم كاحتياطى فى يده تحسبا للطوارىء وكانت هناك مجموعة من الأبطال الذين ينتمون لمنظمة سيناء لم يهدأ لهم بال ولم يغمض لهم جفن طوال ليلة 23 / 24 أكتوبر فقد خططوا لعمل عدة كمائن على مدخل السويس لملاقاة العدو وعندما ادرك العميد أ. ح. يوسف عفيفى قائد الفرقة 19 مشاة الخطر الذى باتت تتعرض له السويس قرر بمبادرة شخصية منه ضرورة الدفاع عن المدينة التى ارتبطت بها فرقته بأوثق الروابط منذ سنوات طويلة حتى لا تسقط فى يد العدو ... ففى يوم 23 أكتوبر أرسل قائد الفرقة سرية مقذوفات موجهة ضد الدبابات بقيادة المقدم حسام عمارة لصد العدو .. وبالأضافة إلى هذه السرية أرسل قائد الفرقة إلى السويس صباح يوم المعركة طاقم اقتناص دبابات بقيادة الملازم أول عبد الرحيم السيد من اللواء السابع مشاة بعد تزويدهم بقواذف ار بى جى وقنابل يدوية مضادة للدبابات لم تنم المدينة الباسلة وظل جميع ابنائها ساهرين طوال الليل فى انتظار وصول الأعداء وعندما نادى المؤذن لصلاة فجر يوم 24 أكتوبر اكتظت المساجد بالناس ، وفى مسجد الشهداء بجوار مبنى المحافظة أم المصليين الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية . وعقب الصلاة ألقى المحافظ بدوى الخولى كلمة قصيرة أوضح فيها للناس أن العدو يستعد لدخول السويس وطالبهم بهدوء الأعصاب ، وأن يسهم كل فرد بما يستطيعه ، واختتم كلمته بالهتاف الله أكبر وارتفع الدعاء من أعماق القلوب إلى السماء وابتدأ من الساعة السادسة صباحا بدأت الطائرات الإسرائيلية فى قصف أحياء السويس لمدة ثلاث ساعات متواصلة فى موجات متلاحقة وبشدة لم يسبق لها مثيل ، وكان الغرض هو تحطيم اية مراكز مقاومة داخل المدينة والقضاء على اى تصميم على القتال لدى أهل السويس ورغم أن اهل السويس كانوا صائمين فى هذا اليوم من شهر رمضان المبارك ، فإن أحدا لم يحس بالجوع أو العطش ولم يهتم بتناول طعام أو شراب إلا النذر اليسير ، فقد كانت المعركة ضد الاعداء هى محور اهتمام جميع المواطنيين ، وعندما سرت فى المدينة انباء النصر خرج أهل السويس جميعا إلى الشوارع يهللون ويكبرون ويشهدون فى فخر واعتزاز مدرعات العدو المحطمة التى تناثرت على طول شارع الأربعين ، وكان عددها حوالى 15 دبابة وعربة مدرعة نصف جنزير.. وخشية أن يفكر الإسرائيليون فى سحبها قام محمود عواد من أبطال المقاومة الشعبية بسكب كميات من البنزين عليها عند منتصف الليل وأشعل فيها النار هذا وقد قام المحافظ بدوى الخولى بالاتصال ظهر يوم 24 أكتوبر بعد انتهاء معركة ميدان الأربعين بالرائد شرطة محمد رفعت شتا قائد الوحدة اللاسلكية وطلب منه إبلاغ القاهرة بأنباء المعركة وبتحطيم 13 دبابة وعربة مجنزرة للعدو وعلى أثر ارسال الوحدة اللاسلكية هذه الأنباء إلى القاهرة صدر البيان العسكرى رقم 59 فى الساعة الرابعة مساء يوم 24 أكتوبر الذى يتضمن أنباء معركة السويس ) جمال حماد يومى 26 و 27 إسرائيل تقوم بقطع طريق مصر السويس لوقف الامدادات للجيش الثالث وصول قوات الطوارئ الدولية يوم 28 أكتوبر وانتهاء الحرب بين مصر وإسرائيل محاكمة قادة اسرائيل بعد الحرب - لجنة اجرانات بعد حرب أكتوبر 1973 قامت إسرائيل بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق وذلك برئاسة رئيس العدل شيمون اجرانات وقد اصدرت هذه اللجنة تقريرها فى 1500 صفحة ، لم ينشر منها سوى 40 صفحة فقط. وفى يناير عام 2005 وافق الكنسيت ( البرلمان الإسرائيلى ) على قانون يمنع نشر ذلك التقرير على الرغم من مرور 30 عاما على صدوره فى عام 1975. فى أواخر التسعينات أصدرت الكاتبة بنينا لاهاف كتاب عن شيمون أجرانات فى أحد فصوله تناقش فيه لجنة أجرانات وتأثيرها عليه ، وهنا سيتم عرض ترجمة لبعض فقرات من مقدمة الكتاب ومن الفصل الثالث عشر الخاص بلجنة أجرانات عنوان الكتاب : قاضى فى أورشليم - رئيس العدل شيمون اجرانات والقرن الصهيونى المقدمة إن مكانة شيمون اجرانات للقانون الإسرائيلى تعادل مكانة ديفيد بن جورين للسياسة الإسرائيلية. الفصل الثالث عشر - الحرب ولجنة اجرانات ان لجنة اجرانات المشكلة بقرار من مجلس الوزراء للتحقيق فى أسباب الانهيار خلال حرب يوم كيبور ، قذفت بأجرانات داخل أخطر أزمات إسرائيل . وأصبح هدف لاقسى أنواع النقد الذى عرفته إسرائيل . تقارير لجنة اجرانات كانت موضوعا رئيسيا فى كل مكان ، على الصفحات الأماميه للجرائد ، بالإذاعة والتلفزيون وعلى لسان كل سائق تاكسى وصاحب متجر عبر البلد . اصبح لكل إسرائيلى رأى واضح فى نتائج التقارير . الطبيعة العنيفة للرأى العام كانت تجربة جديدة لاجرانات ، فقد تحول فجأة من مركز وظيفى موقر ومنعزل نسبيا كرئيس للعدل إلى متهم بالعمالة والمشاركة فى حل الحكومة والتحيز والموالاة. لقد تحمل الهجوم بكرامة وتحفظ ولكن المعاناة شديدة والجروح لم تندمل . لقد أصبح حزينا لآخر أيامه لمجرد ذكر اللجنة ويصر بشدة على وجود سوء فهم . الساعة الثانية ظهرا ، انطلقت صفارات الإنذار كأكثر حدث زلزل إسرائيل فى تاريخها منذ الاستقلال . هجوم مفاجئ لكل من مصر وسوريا مخطط ومنفذ بشكل جيد . خلال 3 أسابيع مات أكثر من 2500 جندى إسرائيلي وجرح اكثر من 3000 وتقريبا 300 بالأسر. إسرائيل واجهت اول هزيمة وتلاشى الشعور بأنها دولة لا تقهر وأنها القوة الإقليمية بالمنطقة . ذهبت نشوة النصر لحرب 1967 مجددة مخاوف هولوكوست آخر. بعد يومين من يوم كيبور ، ضللت الحكومة الإسرائيلية نفسها وشعبها بتوقع أن معجزة حرب 1967 ستعيد نفسها ، وأن العرب سيدفعوا ثمن وقاحتهم . فقط فى ليلة الثامن من أكتوبر كان هناك بعض الحقيقة التى تكشفت بحرص فالجيش يعانى خسائر ضخمة على كلا الجبهتين. بعد حرب الأيام الستة ، بدت الصهيونية كاملة، الدولة اليهودية دمجت النصر بالقوة. مطالب ورغبات العرب بالكاد ما تهم . إسرائيل ستحتفظ بالأراضى التى غزتها حتى يتقبل العرب الشروط الإسرائيلية للسلام . موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي ذا الشخصية الكاريزمية ( القوية التأثير) والواسع الاعجاب قبل حرب اكتوبر 1973 صاغ عبارة ( مدينة شرم الشيخ بدون سلام أفضل من سلام بدون شرم الشيخ) . الصهيونية تحولت إلى عقيدة من الفخر والقوة. بينما تستمر الحرب ، يتضح أكثر فأكثر أن هناك بعض الحسابات الفنية الخاطئة والفظيعة. رغم وجود مؤشرات لإعداد مصر وسوريا للحرب . فإن القيادة الإسرائيلية فشلت فى اعطاء مصداقية لتلك المؤشرات ، كان هناك قناعة بأن العرب لن يبدءوا الحرب . لجنة اجرانات - التحقيق بينما بدا وقف إطلاق النار ، فإن الرأى العام يشتط غضبا . وكلما عرف الشعب حقيقة الحرب كلما زاد الغضب والسخط . تزايد الغضب لتحديد المسئولية . من المسئول عن فشل إسرائيل فى توقع الهجوم وما هو الثمن المفروض أن يدفع ؟ التقارير اليومية عن الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون الذى سيستقيل خلال فترة قصيرة نتيجة فضيحة ووترجيت ، تزيد من الدور المحورى للمسئولية. لكن حكومة جولدا مائير مازالت قابعة . مائير رئيس الوزراء الإسرائيلى كانت معروفة ببطلة الوضع الراهن . فى مشهد محرج رفض كلا من ديان ومائير تحمل مسئولية عدم استعداد إسرائيل . مهما كانت الأسباب فإن مجلس الوزراء لن يحمل نفسه المسئولية . فقط وزير العدل يعقوب اس. شابيرو قدم استقالته بعد فشله فى إقناع ديان بتحمل المسئولية والاستقالة. هذه الأحداث عجلت بتشكيل لجنة اجرانات . القانون الإسرائيلى يتيح لمجلس الوزراء تعيين لجنة لتقصى الحقائق تملك القوة القانونية لتنفيذ التحقيقات. قررت جولدا مائير ، بعد كثير من التردد فى أن تسير فى ذلك الطريق . فى 18 نوفمبر 1973 انهى النائب العام الاستشارات الخاصة بتشكيل اللجنة . بالمصادفة ، هو نفس اليوم الذى أصيب فيه ديفيد بن جورين بنزيف حاد بالدماغ. هكذا كانت حرب يوم كيبور سببا فى نهاية عصر وخاتمة لفصل فى التاريخ الصهيونى . كان على اجرانات اختيار اعضاء لجنة تقصى الحقائق طبقا لقرار مجلس الوزارء ، لم يتهرب اجرانات من المسئولية كما فعل مجلس الوزارء فقد كان يستطيع تعيين اى رئيس للجنة وان يتجنب المشاكل ، ولخطورة الموقف قرر اجرانات تحمل المسئولية وان يكون رئيس اللجنة. شكل اجرانات اللجنة من أعضاء منهم موشى لاندو ليكون بديل له فى حال مرضه ،وهو زميله ومحل ثقته منذ عملهم سويا بمحكمة حيفا. بالاضافة إلى لاندو تم اختيار اسحاق نبنزهل المراقب العام بالدولة ، لم يكن اى من الثلاثة له خبرة عسكرية فعلية ولذا تم اضافة اثنين من الجنرالات ايجال يادين وحاييم لاسكوف . وبمرور الوقت ووصول اللجنة إلى نتائج تم اتهام الجنرالان بانهم عملوا لصالح ديان وضد اليعازار. عندما اعلن اجرانات عن اللجنة المشكلة ، افاضت عليه وسائل الإعلام والسياسين بالمديح . صحيفة هارتس عبرت عن رايها بأن اللجنة تعطى اسرائيل فرصة تحويل الألم الذى تحملته إلى تصرف فعال ، ورأت الصحيفة انه من غير المحتمل ان تصدر اللجنة توصيات قبل انتخابات الكنيست القادمة فى 31 ديسمبر 1973 . تم تأجيل الانتخابات إلى شهر ديسمبر بدلا من شهر اكتوبر 1973 وذلك لظروف الحرب ، انتهت الانتخابات وكأن الحرب لم تحدث فقد فاز حزب العمل بها والذى يرأس قائمة مرشحيه جولدا مائير وأعضاء من مجلس الوزراء وقت الحرب بما فيهم موشى ديان ، وظل حزب الليكود برئاسة مناحم بيجن بالمعارضة . مع ذلك لم يهدئ غضب الشعب ، وكان يقابل ديان بصيحات "القاتل" كما تلقت جولدا مائير نصيبها من عبارات الاهانة. طالب المتظاهرون ديان بالخروج من منصبه واصروا على ان يتحمل المسئولية ، اما جولدا مائير فقد تمسكت بالوضع الراهن. اصدرت اللجنة ثلاث تقارير ، كل تقرير جاء فى جزئين أحدهم طويل ومفصل وعلى اعلى درجات السرية والأخر قصير ومتاح للجميع . قدمت اللجنة أول توصياتها فى 1 ابريل 1974 والتى فجرت ضجيج هائل صدم الامة وعرى الحكومة وعرض اجرانات ولجنته لنقد الشعب القاسى . تحول اجرانات واللجنة التى تحمل اسمه من منزلة رفيعة كمنقذين للامة إلى مجموعة من المنحرفين الذين قدموا معروفا غير مقبول. التخلص من القيادة العسكرية. هل كان ابراء للحكومة؟ اللجنة اخذت فى الاعتبار نوعين من المسئولية , مسئولية الحكومة ومسئولية القيادة العسكرية . بالنظر للحكومة فقد حددت اللجنة سؤال المسئولية وهو هل جولدا مائير وموشى ديان يتحملوا المسئولية البرلمانية بسبب فشلهم فى توقع الهجوم ؟ رات اللجنة ان ذلك خارج سلطتها القضائية وأن هذا السؤال يدخل فى اختصاصات المؤسسات السياسية ( الكنيست ، الأحزاب السياسية ومجلس الوزارء). ولذلك رفضت اللجنة اقرار المسئولية على قيادة الدولة وتركتها للشعب وممثليه ليكونوا القضاة . لكن اللجنة لم ترفض مراجعة كافة الامور المتعلقة بمسئولية القيادة السياسية . فأخذت على عاتقها مهمة تحديد ما اذا كان كلا من رئيسة الوزارء مائير او وزير الدفاع ديان مسئولين مسئولية شخصية عن فشل اسرائيل فى توقع الهجوم. وان السؤال القانونى هو ما إذا كان كلا من مائير أو ديان مهملين فى تأدية واجباتهم الرسمية السابقة للحرب . وقد توصلت اللجنة إلى ان اى منهم لم يكن مهمل. ولأن اللجنة طرحت جانبا الحكم بالمسئولية البرلمانية وحيث انها لم تجد المسئولية الشخصية فالنتيجة لا مائير او ديان مسئولين. على عكس ذلك فإن القيادة العسكرية لم تكن بهذا الحظ . لأن الضباط العسكريين هم بالاساس موظفين بالحكومة. بخلاف مائير وديان المنتخبين ، فاللجنة لم تجد مشكلة فى الحكم على تصرفاتهم . وكان الحكم واضحا وقاطعا فقد اوصت بفصل رئيس الاركان وجنرالين للفرق وعدد من الضباط الصغار. فقد لاحظت اللجنة أن القيادة العسكرية لديها كل المعلومات الضرورية لتوقع الهجوم ولكن فشل الجنرالات فى قراءة ما هو واضح بسبب المفهوم السائد والذى يفترض أن مصر لن تدخل الحرب طالما أن القوة الجوية المصرية اقل من القوة الجوية الإسرائيلية ، وأن البلاد العربية لن يدخلوا الحرب بدون مصر ، وان توسيع الحدود الإسرائيلية سيعطى الفرصة للجيش النظامى لصد أى هجوم بكفاءة لحين وصول قوات الاحتياط . أيضا الايمان بقدرة المخابرات الإسرائيلية بتحذير رئيس الإركان بوقت كافى . حرب يوم كيبور ابطلت كل هذه الافتراضات . لأنهم سمحوا لأنفسهم ليكونوا اسرى "المفهوم" ولذا كان على هؤلاء الجنرالات الرحيل. بمقارنة الحكم على العسكريين فإن الحكم على الحكومة كان متساهلا . الشعب والمراقبين كان لديهم مشكلة فى فهم كيف افلت مجلس الوزارء من هذه الكارثة الرهيبة وترك اللوم على القيادة العسكرية فقط. اشتعل غضب الشعب للشعور بأن النتيجة غير عادلة والاحساس بالمعايير المزدوجة. النقد لماذا استنكر المراقبين للتقرير ، كتقرير مشوه وغير عادل؟ ، كان هناك نقدا عاما ونقدا محددا ويحتوى على جدال سياسى وقانونى . النقد العام يلوم ان سبب حرب ليس الفشل فى توقع الهجوم ولكن الرؤية العامة التى تكونت بعد حرب عام 1967 . فالنصر المذهل ولد الغرور والغطرسة . كما طور الإسرائيليين صورة ذاتية للقوة ، ساعد عليها صورة العرب ضعاف وعاجزين وغير أكفاء . الرأى العام يرى ان الوضع الراهن مفيد لإسرائيل وان التغيير مرحب به فقط فى حالة إذا ما قبل العرب الشروط الإسرائيلية للسلام . الإسرائيليين لم يصدقوا تصريحات الرئيس المصرى أنور السادات فى استعادة الكرامة العربية وأن الحرب فقط تستطيع تغيير الوضع الراهن واعطاء القوة الدافعة للمفاوضات . فشل السادات فى الاتصال مع جولدا مائير لانها كانت اسيرة لمفهومها الخاص . يقول النقاد أن مفهوم مائير-ديان كان أم المفاهيم وولد بالتالى المفهوم العسكرى الذى شجبته اللجنة . كما ان اللجنة فشلت كما قال النقاد فى انها لم تستطع تحديد الأشخاص المسئولين فعلا عن الشعور بالنشوة بعد حرب 1967 وعدم تطوير الجنرالات لمفهومهم العسكرى. بدأت اللجنة بهذا السؤال فى تحليل لموضوع المسئولية الشخصية ، ما هو المعيار الملائم للمراجعة ؟ هل كان يجب أن تضع اللجنة فى اعتبارها حقيقة أن ديان نفسه خبير عسكرى وبطل حرب حاز على اعجاب الإسرائيلين منذ نشأة الدولة ؟ أم كان يجب تجاهل مواصفات ديان الخاصة وتطبيق معيار "وزير الدفاع العادى " ؟ لقد طبقت اللجنة على ديان معيار " السلوك العادى" . فى نظر النقاد كان هذا لطمة قانونية وتحوير وتلاعب بالألفاظ لتبرئة ديان . الشعب فشل فى فهم كيف تجاهلت اللجنة الخبرة العسكرية لديان والتى جعلته وزيرا للدفاع فى عام 1967 . وبخلاف ما وصفته اللجنة كمعيار " السلوك العادى" بأنه كان مناسبا فإن الشعب يرى انه غير مناسب. فالحقيقة أن ديان اصدر تصريحات متناقضة . على الرغم من توقعه الحرب فى ربيع عام 1973 ، فقد استبعد أيضا حدوث الحرب وأن حدود إسرائيل آمنة . فى صيف عام 1973 ، ديان اجرى تغييرات هيكلية هامة أعطت فكرة خاطئة بأن الحرب غير وشيكة . وكان قرار استبدال الجنرال الخبير ايرل شارون بأخر غير خبير وهو شمويل جونين لرئاسة الجبهة الجنوبية . لو ان ديان امن بوجود حرب فلماذا سلم أخطر الحدود لضابط غير خبير ؟ هذا النقد كشف عن شعور عميق بالخيانة للصفوف الأعلى بالقيادة العسكرية بعد صدور أول تقرير للجنة . صعق الضباط الذين تطلعوا لوقوف ديان بجانبهم - بعد صدور تقرير اللجنة - عندما علموا أن ديان يطور دفاع قانونى منفصل لتصويره كمدنى برىء تم تضليله بواسطة فريقه من الخبراء العسكريين. بينما كان الضباط بصدد اتباع " كود الشرف" واطلاع اللجنة على الحقيقة ، كان ديان الماكر يوظف مستشاريين لامعيين لتحوير الأدلة والهروب من المسئولية . لقد امنوا بأن ديان يحاول التأثير على اللجنة كما نجح من قبل فى التأثير على الجيش خلال السنين الماضية . وكانوا مقتنعين ان الجنرالان يادين ولاسكوف أعضاء اللجنة كان لهم الفضل فى ذلك. رد اجرانات اعتقد اجرانات بشدة فى التمييز بين المستويات المدنية والعسكرية ويرى ان ذلك صحيح وهام ولكن اسىء فهمه. من مبادئه أن اللجنة المعينة لا تقرر استمرار مجلس الوزراء فى الحكم من عدمه لانها اساسا مسئولية الكنيست والأحزاب السياسية الممثلة وكان يرى أن الموقف الإنجليزى واضح فى هذا الموضوع فالمسئولية البرلمانية يجب أن تراقب وتناقش بواسطة البرلمان. وفى مقابلة مع اجرانات كان يؤكد على نفس الوضع الذى حدث للرئيس الأمريكى ، فالرئيس الأمريكى لا يتم عزله بواسطة لجنة تقصى الحقائق ولكنها مسئولية الكونجرس لأداء تلك المهمة. لم يكن سهلا على اجرانات تقبل ادانة اللجنة لديفيد اليعازار رئيس الأركان. كان منتبها للهوة الواسعة بين تطبيق المعيار الصارم على اليعازار وانهاء خدمته والمعيار اللين الذى تم تطبيقه على ديان. يتذكر اجرانات ليلة مؤرقة قبل اضافة اسم اليعازار لتوصيات اللجنة . لقد كان قلقا من أن تلك التوصية الصارمة ستغطى على نجاح قيادته العسكرية التى ظهرت أثناء الحرب لكنه وجد نفسه غريبا وسط اجماع اللجنة ، وللمحافظة على اجماع اللجنة تقبل فكرة زملائه ، ولذا كان على اليعازار الرحيل. اللجنة والصحافة منذ نشر أول تقرير للجنة حتى ظهور التقرير النهائى بعام ، أصبحت اللجنة هدفا لتغطية قاسية وحقودة ومريرة . تقارير الصحافة فى ذلك الوقت تظهر اجرانات كرجل صامت ، يرفض الأجابة على ما تكتبه الصحافة ويدخن غليونه باستمرار على الرغم بأن داخله يعكس ضغط شديد. لقد تألم أكثر عندما طالت تلك الحملة عائلتة ، فإسم اجرانات غير مألوف وكان يتم التعرف على عائلته بسبب ذلك الاسم واحيانا يتم مضايقتهم . انعكاسات شخصية أبطال إسرائيل ديان وجنرالاته ، أصحاب الانتصارات لإسرائيل منذ الاستقلال وحتى 1967 ، أصبحوا اشخاص عاديين . حتى أن كلمة "بطل" ممكن أن تطلق بالخطأ على شخص ضعيف وخائف وقصير النظر . الأن يشعر اجرانات بأنه شهيد لهجوم وحشى بعد ما افنى عمره الوظيفى فى عمل ما هو أفضل للبلد . لم تسبب اى فترة فى حياة اجرانات الآم مثل التى سببتها له تلك الفترة التى قضاها فى اللجنة . أسرار حرب أكتوبر فى الوثائق الأمريكية بعد ثلاثون عاما، قام مركز " أرشيف الأمن القومى" الملحق بجامعة جورج واشنطن بتجميع ونشر نصوص الوثائق السرية التى أفرجت عنها الولايات المتحدة خلال الأعوام الماضية بمقتضى قانون حرية الإطلاع على المعلومات والمتعلقة بنفس الفترة باللغة الإنجليزية على موقع المركز بشبكة الإنترنت http://www.gwu.edu . وهنا سنعرض بعض النقاط الرئيسية مأخوذة من ذلك الموقع المذكور سابقا والتى قام بترجمتها مركز الأهرام للترجمة والنشر وصدرت فى كتاب تحت عنوان "أسرار حرب أكتوبر فى الوثائق الأمريكية" وأيضا مجموعة من النقاط الرئيسية الأخرى من وجهة نظر موقع يوم كيبور والمأخوذة من المحادثات المسجلة فى تلك الوثائق والمنشورة فى موقع جامعة جورج واشنطن . 20 مايو 1973 - قبل الحرب - مصر تعرض السلام مع اسرائيل فى مقابلة ما بين محمد حافظ اسماعيل مستشار الأمن القومى للرئيس السادات واخرين من الجانب المصرى وهنرى كيسنجر مساعد الرئيس لشئون الأمن القومى واخرين من الجانب الأمريكى ، دار الحوار التالى: " محمد حافظ اسماعيل: لقد وصلنا إلى حد القبول بالدخول فى اتفاق سلام مع إسرائيل . وهذه هى المرة الأولى التى يقوم فيها رئيس دولة عربى فى نحو ربع قرن باتخاذ قرار يعلن استعداده للدخول فى اتفاق سلام مع إسرائيل... ومن هنا ، إذا لم يكن هذا هو الحل الذى تريده مصر، فماذا بقى لها؟ أن تقبل بالأمر الواقع؟ أو أن تمضى إلى الحرب؟ كيسنجر: لقد حاولت فى المرة الماضية أن أشرح لك ما افكر فيه ، إقرارنا بالسيادة المصرية ، وأكدت لك أن إسرائيل سوف تعارض هذا الجانب بشدة." لقراءة الحوار بالكامل باللغة العربية فى كتاب الأهرام "أسرار حرب أكتوبر فى الوثائق الأمريكية" وباللغة الإنجليزية بوثيقة رقم 2أ بموقع جامعة جورج واشنطن فشل المخابرات الأمريكية فى التنبؤ بالتهديد الماثل للحرب إخفاق المخابرات الأمريكية فى التنبؤ بالتهديد الماثل للحرب ، وفقا لما ذكره رئيس قسم المخابرات فى وزارة الخارجية ، راى كلاين : "كانت الصعوبة التى واجهتنا تعود فى جانب منها إلى اننا قد خضعنا لعملية غسيل مخ من جانب الإسرائيليين الذين قاموا بعملية غسيل مخ لأنفسهم" لقراءة الحوار بالكامل باللغة العربية فى كتاب الأهرام "أسرار حرب أكتوبر فى الوثائق الأمريكية" وباللغة الإنجليزية بوثيقة رقم 63 بموقع جامعة جورج واشنطن العرب سيهزمون فى 72 ساعة يعتقد كيسنجر ان العرب سيهزمون فى 72 ساعة وذلك فى الحوار الذى دار بينه وبين السفير الصينى هوانج شين وضابط الاتصال يوم 6 أكتوبر 1973. " كيسنجر: قبل بدء القتال اليوم وبالنسبة لليوم والغد. سيظن العرب أن هذه العودة إلى خطوط ما قبل بدء القتال ليست فى صالحهم . إنهم يظنون أن هذا بمثابة مطالبتهم بالتنازل عن شىء فى أيديهم ومع حلول يوم الثلاثاء أو الأربعاء ، إذا لم تكن الحرب قد انتهت ، فإن العرب سوف يتوسلون إلينا لتحقيق ذلك لهم ، حيث إنه فى خلال 72 أو 96 ساعة سيكون العرب قد هزموا تماما. ونحن نفكر فى هذا الموقف ( هزيمة العرب ) ، وليس فى الموقف القائم اليوم حيث كسبوا قدرا قليلا من الأراضى ." لقراءة الحوار بالكامل باللغة العربية فى كتاب الأهرام "اسرار حرب أكتوبر فى الوثائق الأمريكية" وباللغة الإنجليزية بوثيقة رقم 17 بموقع جامعة جورج واشنطن اسرائيل على وشك الهزيمة فى مقابلة ما بين سميحا دينتز السفير الإسرائيلى بأمريكا وهنرى كيسنجر يوم 9 أكتوبر1973 ، جرى الحوار التالى والذى يظهر فيه كيسنجر غير مصدقا ما حدث فى الحرب. " كيسنجر : اننى لا استطيع ان أفهم كيف امكن لذلك أن يحدث . كانت استراتيجيتنا أن نعطيكم حتى مساء الاربعاء ( 10/6/ 1973) ، وببلوغ ذلك الوقت ، كنت أظن أن الجيش المصرى بكامله سوف يكون حطاما.... نحن نواجه مشاكل ضخمة . لقد توقعنا انتصارا سريعا . كانت استراتيجيتنا بالكامل هى التأجيل ( فى استصدار قرار بوقف اطلاق النار ) حتى يوم الاربعاء." لقراءة الحوار بالكامل باللغة العربية فى كتاب الأهرام "اسرار حرب أكتوبر فى الوثائق الأمريكية" وباللغة الإنجليزية بوثيقة رقم 21أ بموقع جامعة جورج واشنطن الثغرة رأى الأدميرال توماس مورير من هيئة الأركان الأمريكية المشتركة فى حوار يوم 17/6/1973 مع مجموعة عمل واشنطن الخاصة بغرفة دراسة الموقف بالبيت الأبيض "أعتقد أن عبور الدبابات الإسرائيلية للقناة ليس أكثر من مجرد غارة على الدفاعات الجوية المصرية. لا اعتقد إن فى إمكانهم الإبقاء طويلا." لقراءة الحوار بالكامل باللغة العربية فى كتاب الأهرام "اسرار حرب أكتوبر فى الوثائق الأمريكية" وباللغة الإنجليزية بوثيقة رقم 36أ بموقع جامعة جورج واشنطن خرق إسرائيل لقرارات وقف إطلاق النار فى محادثة بين جولدا مائير رئيس الوزراء الإسرائيلى وهنرى كيسنجر يوم 22 اكتوبر1973 ، يعطى كيسنجر الضوء الأخضر لإسرائيل لتقوم بخرق وقف اطلاق النار الامر الذى ادى لإغلاق خطوط الامداد للجيش الثالث بالجنوب. وقد دار الحوار التالى: "كيسنجر: لن تأتيك احتجاجات عنيفة من واشنطن إذا حدث شىء خلال الليل بينما أنا فى الطائرة فى الطريق إلى الولايات المتحدة . لا يمكن أن يحدث شىء فى واشنطن حتى ظهر الغد. مائير: إذا لم يتوقفوا ، فلن نتوقف. كيسنجر: وحتى لو توقفوا..." فى نفس الاجتماع يحذر كيسنجر مائير من أن القوات الاسرائيلية قد تنهار "كيسنجر : لقد تنحى بى جروميكو (وزير الخارجية الروسى) وقال لى أن الخطر الرئيسى بالنسبة لمصر هو ان تصابوا بالفزع ، فحجم قواتكم التى عبرت القناة ليس كبيرا . هذا ما قالوه لى . وقال إنه إذا تمكن ( المصريون) من التماسك ، فإن قواتكم ستنهار. مائير : إنهم ( القوات المصرية ) لم ينهاروا . إنهم فى حالة فوضى ولكن الأمر ليس شبيها بما حدث فى 1967." لقراءة الحوار بالكامل باللغة العربية فى كتاب الأهرام "اسرار حرب أكتوبر فى الوثائق الأمريكية" وباللغة الإنجليزية بوثيقة رقم 54 بموقع جامعة جورج واشنطن إسرائيل تقطع خطوط الإمداد للجيش المصرى بعد وقف إطلاق النار فى اجتماع بين كيسنجر ومائير يوم الخميس 1 نوفمبر 1973 الساعة 8:10 صباحا وحتى الساعة 10:25 صباحا قال كيسنجر ما يلى : " كيسنجر : لقد غافلتى الجيش الثالث بعد وقف إطلاق النار ، وهذا لم يكن متوقعا ..... انه موقف غير عادى ان يتم حصار جيش بعد وقف إطلاق النار" باللغة الإنجليزية وثيقة رقم 91أ بموقع جامعة جورج واشنطن مصر تصر على عودة إسرائيل لخطوط وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر والمحادثات الأخيرة بين كل من كيسنجر والجانب المصرى والجانب الإسرائيلي والتى ادت الى اتفاقية السلام فيما بعد فى اجتماع بين اسماعيل فهمى القائم بأعمال وزير الخارجية المصرى وهنرى كيسنجر يوم الخميس 1 نوفمبر 1973 الساعة 5.30 مساءا "فهمى: لا تستطيع هى ( جولدا مائير ) أن تساوم بخصوص خطوط وقف إطلاق النار يوم1973 . لقد قرر مجلس الأمن هذا الأمر .... ولقد وافقت عليه حينها .... لو لم تستطع ان تعطينى اجابة محددة فهل هذا يعنى انها رفضت العودة لخطوط وقف إطلاق النار يوم 22 ؟ ... آمل أن تستطيع العمل على تسوية ذلك قبل مجيئك للقاهرة ، ولو لم تستطع فلن تستطيع إنهاء اى شىء هناك. باللغة الإنجليزية وثيقة رقم 92أ بموقع جامعة جورج واشنطن فى محادثة اخرى فى اليوم التالى بين اسماعيل فهمى وكيسنجر يوم 2 نوفمبر 1973 فى الساعة 8.19 مساءا ، دار الحوار التالى: "فهمى: لقد سمعت ما قلت بخصوص القبول الإسرائيلى لوقف إطلاق النار يوم 14 أكتوبر ، المأساة الأن ، انا لا اعرف السبب فى رفضها ( مائير ) الرجوع لخطوط وقف إطلاق النار. كيسنجر: لا يوجد تفسير منطقى. فهمى: هل يريدون التسوية ؟ انهم لا يستطيعون البقاء هناك . هى تعرف ذلك. كيسنجر: هى لا تعرف. فهمى: كيف يصدق اى شخص أن السادات يستطيع الذهاب لمفاوضات وهى لا تريد العودة لخطوط وقف إطلاق النار يوم 22 اكتوبر لقراءة المحادثة بالكامل يرجع إلى وثيقة رقم 92ب باللغة الإنجليزية بموقع جامعة جورج واشنطن فى محادثات بين كيسنجر وجولدا مائير وموردخاى جازيت ، مدير مكتب رئيسة الوزراء مائير ، يوم الخميس 1 نوفمبر 1973 من الساعة 8.10 صباحا حتى الساعة 10.25 صباحا. دار الحوار التالى : "كيسنجر: انه من المعقول ان تعودى إلى خطوط وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر 1973. جازيت: قد يكون تفكير ساذج ، ولكنه من المفيد ان نرى ما ستسفر عنه محادثات الكيلو 101 بين الجنرالات المصريين والإسرائيلين. كيسنجر: لا نستطيع ان نعتمد على هذه المحادثات كثيرا ، فالمصريين سوف يحطموها . كما لا يوجد تقدير للموقف الذى تواجهيه فى بلدك . ربما تفضلى ساحة الحرب. مائير: ولو قدرنا الموقف ، هل يعنى ذلك قبولى لكل ما يقوله المصريين ؟ انها فقط البداية. كيسنجر: لا . لكن نعم انها البداية ..... انتى تستطيعى ان تخبرى الرئيس نيكسون انك غير موافقة على خطوط 22 اكتوبر . لكن كيف ستشرحين للرئيس انك قبلت وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر ولكن ليس الأن ؟ لقراءة المحادثة بالكامل يرجع إلى وثيقة رقم 91أ باللغة الإنجليزية بموقع جامعة جورج واشنطن فى مقابلة أخرى يوم الجمعة 2 نوفمبر 1973 بين كيسنجر ومائير ما بين الساعة 10 مساءا والساعة 12.45 صباحا. قال كيسنجر ما يلى : كيسنجر: السادات لا يستطيع الموافقة على اتفاقية يخسر فيها 10 كيلو متر فى الضفة الغربية والادهى من ذلك لا يأخذ شيئا على الضفة الشرقية . لدينا رسالة من الشاه - رئيس ايران ، يرجونا ان لا نقبل ذلك . انه ليس عدوكم ، وهو يرى ذلك . لقراءة المحادثة بالكامل يرجع إلى وثيقة رقم 93أ باللغة الإنجليزية بموقع جامعة جورج واشنطن فى مقابلة بين مائير وكيسنجر يوم السبت 3 نوفمبر 1973 ، دار الحوار التالى: مائير: سيناقش الجانبين موضوع خطوط 22 اكتوبر فى اطار فض الاشتباك وفصل القوات. كيسنجر : ماذا يعنى ذلك. مائير : يعنى ان الجنرالات المصريين والإسرائيلين سيناقشون ذلك. كيسنجر : لكن لو قدمتى اقتراح تبادل القوات ، فأين ما يوضح خطوط 22 اكتوبر . مائير: لا يوجد ما يوضح. كيسنجر : انتى ونحن نعيش فى عالمين مختلفين . افترضى ان هذا الاقتراح رفض ، فما هو موقفك التالى ؟ هل ستوقفى قوافل الامداد للجيش الثالث. مائير: نعم ، لا للقوافل. كيسنجر: ولو طار السوفيت فى طائراتهم؟ هل ستطلقى عليهم النار؟ مائير : ربما. كيسنجر : ولو كانت القوات الجوية الروسية ؟ هل ستقاتلى السوفيت؟ مائير: هل هذا يعنى ان اى اقتراح يقدمه المصريين يجب ان نوافق عليه. كيسنجر: لا ، ولكن فى سياق معقول يمكن ان نحقق شيئا ..... انتى ترفضى العودة لخطوط22 اكتوبر ...... فى كلمات اخرى ، لا شىء تحقق منذ البارحة .... لن نتعاون فى تدمير الجيش الثالث ..... اعتقد انك تواجهى كارثة .... القوى العظمى (أمريكا ، الإتحاد السوفيتى) لن تسمح لكى بتدمير الجيش الثالث. قصص قادة وجنود أبطال ساهموا فى كتابة حرب أكتوبر سيادة الشهيد العميد احمد حمدى ولد البطل احمد حمدي فى 20 مايو عام 1929، وكان والده من رجال التعليم بمدينة المنصورة، تخرج الشهيد فى كلية الهندسة جامعة القاهرة قسم الميكانيكا ،وفي عام 1951 التحق بالقوات الجوية، ومنها نقل الى سلاح المهندسين عام 1954،حصل الشهيد على دورة القادة والأركان من اكاديمية (فرونز) العسكرية العليا بالإتحاد السوفيتي بدرجة امتياز. فى حرب 1956 (العدوان الثلاثي) اظهر الشهيد احمد حمدي بطولة واضحة حينما فجر بنفسه كوبري الفردان حتى لا يتمكن العدو من المرور عليه، واطلق عليه زملاؤه لقب (اليد النقية) لأنه ابطل الآف الالغام قبل انفجارها. وكان صاحب فكرة اقامة نقاط للمراقبة على ابراج حديدية على الشاطئ الغربي للقناة بين الاشجار لمراقبة تحركات العدو ولم تكن هناك سواتر ترابية او اى وسيلة للمراقبة وقتها، وقد نفذت هذه الفكرة واختار هو مواقع الابراج بنفسه. تولى قيادة لواء المهندسين المخصص لتنفيذ الأعمال الهندسية بالجيش الثاني وكانت القاعدة المتينة لحرب أكتوبر 1973،وفى عام 1971 كلف بتشكيل واعداد لواء كباري جديد كامل وهو الذى تم تخصيصة لتأمين عبور الجيش الثالث الميداني ،تحت إشرافه المباشر تم تصنيع وحدات لواء الكباري واستكمال معدات وبراطيم العبور، كما كان له الدور الرئيسي فى تطوير الكباري الروسية الصنع لتلائم ظروف قناة السويس. اسهم بنصيب كبير فى ايجاد حل للساتر الترابي، وقام بوحدات لوائه بعمل قطاع من الساتر الترابي فى منطقة تدريبية واجرى عليه الكثير من التجارب التى ساعدت فى النهاية فى التوصل الى الحل الذى استخدم فعلا ،كان الشهيد اللواء أحمد حمدي ينتظر اللحظة التى يثأر فيها هو ورجاله بفارغ الصبر، وجاءت اللحظة التى ينتظرها الجميع وعندما رأى اللواء احمد حمدي جنود مصر الأبرار يندفعون نحو القناة ويعبرونها فى سباق نحو النصر ادرك قيمة تخطيطة وجهوده السابقة فى الاعداد لوحدات المهندسين والكباري على نحو خاص. وادرك البطل ان التدريبات التى قام بها مع افراد وحدات الجيش الثالث الميداني على اعظم عمليات العبور واعقدها فى الحرب الحديثة قد اثمرت، تلك التدريبات التى افرزت تلك العبقرية فى تعامل الجنود مع اعظم مانع مائي فى التاريخ وهو ما شهد له العدو قبل الصديق. وعندما حانت لحظة الصفر يوم 6 أكتوبر 1973 ،طلب اللواء احمد حمدي من قيادته التحرك شخصيا الى الخطوط الأمامية ليشارك افراده لحظات العمل فى اسقاط الكبارى على القناة الا ان القيادة رفضت انتقاله لضرورة وجوده فى مقر القيادة للمتابعة والسيطرة اضافة الى الخطورة على حياته فى حالة انتقاله الى الخطوط الأمامية تحت القصف المباشر الا انه غضب والح فى طلبه اكثر من مره .. لقد كان على موعد مع الشهادة ،ولم تجد القيادة والحال هكذا بدا من موافقته على طلبه وتحرك بالفعل الى القناة واستمر وسط جنوده طوال الليل بلا نوم ولا طعام ولا راحة، ينتقل من معبر الى آخر حتى اطمأن قلبه الى بدء تشغيل معظم الكباري والمعابر.. وصلى ركعتين شكرا لله على رمال سيناء .. المحررة. وتمثل قصة استشهاد البطل احمد حمدي عظمة المقاتل المصري، ففي يوم 14 أكتوبر 1973 كان يشارك وسط جنوده في اعادة انشاء كوبري لضرورة عبور قوات لها اهمية خاصة وضرورية لتطوير وتدعيم المعركة، واثناء ذلك ظهرت مجموعة من البراطيم متجهه بفعل تيار الماء الى الجزء الذى تم انشاؤه من الكوبرى معرضه هذا الجزء الى الخطر وبسرعة بديهة وفدائية قفز البطل الى ناقلة برمائية كانت تقف على الشاطئ قرب الكوبري وقادها بنفسه وسحب بها البراطيم بعيدا عن منطقة العمل ثم عاد الى جنوده لتكملة العمل برغم القصف الجوي المستمر .. وفجأة وقبل الانتهاء من إنشاء الكوبري يصاب البطل بشظية متطايرة وهو بين جنوده .. كانت الاصابة الوحيدة... والمصاب الوحيد ... لكنها كانت قاتلة، ويستشهد البطل وسط جنوده كما كان بينهم دائما. وقد كرمت مصر ابنها البار بأن منحت أسمه وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى وهو اعلى وسام عسكرى مصري ، كما أُختير يوم إستشهاده ليكون يوم المهندس ، وافتتح الرئيس الراحل انور السادات النفق الذى يربط بين سيناء بأرض مصر وأطلق عليه اسم الشهيد ... عبد العاطى.. المصرى .. أشهر صائدى دبابات فى العالم أبطال أكتوبر كثيرون جدا و لا نستطيع أن تحصيهم عددا .. منهم الذى إستشهد و دفن معه قصة بطولته و منهم من نمت فى ذاكرته قصة مجده . محمد عبد العاطى عطية و لقبه "صائد الدبابات" و لد فى قرية شيبة قش بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية .. إشتهر باصطياده لأكثر من 30 دبابة و مدرعة إسرائيلية فى أكتوبر 1973 و أصبح نموذجا تفتخر به مصر و تحدثت كل الصحف العالمية عن بطولاته حتى بعد وفاته 9 ديسمبر عام 2001. يقول عبد العاطى فى مذكراته : إلتحقت بالجيش عام1972 وإنتدبت لسلاح الصواريخ المضادة للدبابات و كنت أتطلع إلى اليوم الذى نرد فيه لمصر و لقواتنا المسلحة كرامتها وكنت رقيبا أول السرية و كانت مهمتنا تأمين القوات المترجلة و إحتلال رأس الكوبرى و تأمينها حتى مسافة 3 كيلو مترات. وأضاف أنه إنتابته موجة قلق فى بداية الحرب ،فأخذ يتلو بعض الآيات من القرآن الكريم و كتب فى مذكراته أن يوم 8 أكتوبر 73 كان من أهم أيام اللواء 112 مشاة و كانت البداية الحقيقية عندما أطلق صاروخه على أول دبابة و تمكن من إصابتها ثم تمكن من تدمير 13 دبابة و 3 عربات نصف جنزير. يقول عبد العاطى : سمعنا تحرك اللواء 190 مدرعات الإسرائيلية و بصحبته مجموعة من القوات الضاربة و الإحتياطى الإسرائيلى و على الفور قرر العميد عادل يسرى الدفع بأربع قوات من القناصة و كنت أول صفوف هذه القوات و بعد ذلك فوجئنا بأننا محاصرون تماما ،فنزلنا إلى منخفض تحيط به المرتفعات من كل جانب و لم يكن أمامنا سوى النصر أو الإستسلام و نصبنا صواريخنا على أقصى زاوية إرتفاع و أطلقت أول صاروخ مضاد للدبابات و أصابها فعلا ،و بعد ذلك توالى زملائى فى ضرب الدبابات واحدة تلو الأخرى حتى دمرنا كل مدرعات اللواء 190 عدا 16 دبابة تقريبا حاولت الهرب، فلم تنجح و أصيب الإسرائيليون بالجنون و الذهول و حاولت مجنزرة إسرائيلية بها قوات كوماندوز الإلتفاف و تدمير مواقع جنودنا إلا أننى تلقفتها و دمرتها بمن فيها وفى نهاية اليوم بلغت حصيلة ما دمرته عند العدو 27 دبابة و 3 مجنزرات إسرائيلية. وعبد العاطى لم يكن وحده صائد للدبابات بل هناك العشرات و من ضمنهم: محمد المصرى والذى تمكن من إصطياد 27 دبابة مستخدما فى ذلك 30 صاروخ فقط من ضمنها دبابة عساف ياجورى الذى طلب أن يراه ،فبعد أن تم أسره قال عساف أنه يريد كوب ماء ليروى عطشه و الثانى مشاهدة الشاب الذى ضرب دبابته و أخذ عساف ينظر إليه بإعجاب. الرائد عادل القرش أما البطل الثالث و الذى إرتبط إسمه بتدمير دبابة ياجورى و المشاركة فى أسره قبل أنيجهز على 13 دبابة إسرائيلية و يدمرها بمفرده .. هو الرائد عادل القرش ، كان يندفع بدبابته فى إتجاه أهداف العدو بكفاءة عالية حتى أصبح هدفا سهل المنال لطيران العدو. كان الشهيد قائد السرية 235 دبابات بالفرقة الثانية فى قطاع الجيش الثانى الميدانى فى إتجاه الفردان و يرتبط إسمه بتدمير دبابة العقيد عساف و فى نفس الوقت أنقذ دبابات معطلة لجيش المصرى و أخلى عددا كبيرا من جرحانا. وبعد أن شارك فى صد هجوم إسرائيلى صباح 8 أكتوبر و أدى مهامه بكفاءة عالية ، عاودت قوات العدو هجماتها المضادة بعد ظهر اليوم نفسه فى إتجاه الفرقة الثانية بمعاونة الطيران الإسرائيلى و تمكن البطل من تدميرها كاملة. وعاش القرش 25 عاما فى الإسكندرية و تخرج فى الكلية الحربية دفعة يوليو 1969 و شارك فى حرب الإستنزاف. هناك كثيرا من الذكريات فى قلوب مئات الألأف من الجنود الذين خاضوا أخر حروب مصر واشدها منذ عصرالفراعنة ،ومنها : يبدأ عبد الله المصرى ذكرياته ويقول .... إنى أفخر بأن أكون واحدا من مئات الآلأف الذين ساهموا فى كتابة جزء من تاريخ مصر فى 6 اكتوبر1973 بدايتى فى القوات المسلحة فى خريف عام 1971 تم تجنيدى فى القوات المسلحة وبسبب دراستى تم ارسالى الى مدارس القوات المسلحة المتخصصة فى الرادار والصواريخ لتلقى العلوم العسكرية فى أنظمة الدفاع الجوى و لأصبح متخصص فى تشغيل و اصلاح محطات الرادار التى توجه الصواريخ إنهاء عمل الخبراء الروس فى صيف عام 1972 انهى الرئيس السادات عمل الخبراء الروس و تم ارسالنا على الفور لحل محلهم فى كتائب الصواريخ وكان مكانى فى كتيبة الصواريخ 14 على الجبهة بالقرب من مدينة السويس الكتيبة رقم 14 دفاع جوى عند نزولى ومعى مخلتى من العربة التى تحمل المياه الى الكتيبة و التى وجدتها مصادفة على الطريق خرج أحد الجنود من خندقه وهو يبتسم وقال بصوت عالى.." أيوة هى دى الجبهة "... وكانت إجابة لسؤال يدور فى ذهنى ولم أكن قد نطقت به بعد و لكنى لم اشاهد محطات الرادار و لا قواذف الصواريخ و لا العربات التى تحمل الصواريخ . أين هى هذه الكتيبة ؟!! وعرفت أنها تنصب احد الكمائن لطيران العدو على حافة القناة وهذا المكان هو مؤخرة الكتيبة اى مكان العودة ، وركبت مرة أخرى عربة المياه بعد تزويدها بالطعام واتجهنا فى إتجاه القناة ، انتهى الكمين دون اشتباك مع طيران العدو الذى لم يحاول الاقتراب من القناة وقمنا بفك المحطات و تحميل الصواريخ و كان هذا عملا شاقا لان قواعد الصواريخ هذه صممت لتبقى فى مكان ثابت لضخامتها وثقل معداتها و لكن كانت قيادتنا أيضا تدربنا على نقلها من مكان لآخر حتى لا يعلم العدو بمكان ثابت لها عن طريق وسائل استطلاعه فقد كنا فى حركة مستمرة أول لقاء مع رفقاء السلاح كان أول لقاء مع رفقاء السلاح.. العريف "أبو الفتوح" (مأمور ضرائب) العريف "توفيق" (معهد صناعى) والعريف "حمدى" (مهندس زراعى) الرقيب "سعيد" وتنفيذه الأوامر بدقة والخوف الدائم من الوقوع فى الخطأ الرقيب"جرجس" وبشرتة البيضاء و شنبه الاشقر. نقيب (يوزباشى) "حمدى" قائد المحطة ( مهندس مكلف) صارم و نادرا ما يبتسم و دفاعه الدائم عنا مع قائد الكتيبة للحصول على أفضل الامتيازات لنا. و فى النهاية صديقى " فكرى"( دبلوم) عامل المولد الذى يمد المحطة بالكهرباء واعتناءه الشديد بنفسه ومظهره . انتقال الكتيبة إلى مرسى مطروح فى نهاية عام 1972 انتقلت الكتيبة الى" مرسى مطروح" وذلك للراحة لأنها منذ فترة طويلة على خط النار لكن لم يكن الحال افضل كانت هناك طلعات جويه كثيفة من طيراننا للتدريب فى مدينة "مرسى مطروح" كل يوم يصل عدد الطائرات فيها الى 36 طائرة فى المرة الواحدة . عدة أيام حبس قشلاق ذات مرة لم الاحق بعضا منهم لعلمى انهم طيارينا و كانت طائراتهم ترد بالايجاب على إشارات التعارف التى أبعث بها من المحطة و بعد فترة صمت أطول من المعتاد شعرالقائد أننى لا أتعامل مع هذه الأهداف و كان من نصيبى عدة أيام حبس قشلاق وتصادف ميعاد أجازتى ولم أحصل عليها و كان هذا درسا لى بأنه لا تهاون حتى مع طائراتنا . رفع درجة الاستعداد "حالة أولى عمليات" قبل بدء الحرب بعدة أيام شعرنا بأن شئ ما سيحدث فى القريب العاجل فقد صدر الامر برفع درجة الاستعداد إلى "حالة أولى عمليات" أى الحالة القصوى وهذا يعنى قتال واختفت طائرات التدريب من شاشات الرادار لنصبح مطلقى اليد وبدأنا نعد أنفسنا للرحيل الى الجبهة سنقاتل .... سنقاتل .... الله أكبر فى يوم السادس من أكتوبر إندلع القتال إنه يوم الثأر وتحرير الأرض و الذى كنا ننتظره بفارغ الصبر وبدأ جنود الكتيبة 14 ثائرين ... ماذا نفعل هنا ؟!! إن مكاننا هناك على الجبهة و اجتمع قائد الكتيبة بنا و قال نحن فى إنتظار الأوامر و فعلا وصل الأمر و كان سرورا عظيما سوف يكون لنا شرف الدفاع عن مصر وتحرير الارض و دخول التاريخ وبدأ الجنود يهتفون سنقاتل....سنقاتل... الله أكبر ... الله أكبر التحرك إلى الجبهة تم فك الكتيبة فى لمح البصر ووضعها على القطار المخصص لنا و المتجه إلى الجبهة و بدأ يطوى الطريق فى سرعة و كانت له الأولوية فقد كانت تقف جميع القطارات الأخرى لتفسح له الطريق وكان يتم تغيير القاطرة له بسرعة و وصل الى محطة "طنطا" على ما أذكر ليلا و كانت وجهتنا سرية ولم نكن نعلم من أى مكان سوف ندخل الجبهة ثم أتجه الى مدينة " المنصورة " و تم إنزال المعدات و علمنا أننا سوف نكمل الطريق بواسطة عرباتنا الله معكم ... الله معكم فى الصباح حدث اشتباك بين قواعد الصواريخ المحيطة بمدينة " المنصورة " و طائرات العدو وتم إسقاط عددا منها و فى المساء بدأ التحرك فى اتجاه " دمياط " و منها الى " بورسعيد ". لا أستطيع أن أنسى ابدا المصريين البسطاء من فلاحينا الذين خرجوا على طول الطريق من المنصورة حتى دمياط يقذفون لنا كل ما يملكون من حلوى و طعام حتى البصل و الفجل والجرجير والدعوات من كل فم الله معكم.. الله معكم... و نحن على عرباتنا "بشدة " القتال شعرت أن مصر كلها أسرة واحدة اسرار التفوق.. المهندسون العسكريون المصريون ويقول كل من اللواء : حسن البدرى ، وطه المجدوب و عميد أركان حرب ضياء الدين زهدى فى كتابهم حرب رمضان ( ففى الساعة 1420 من السادس من اكتوبر عبرت الموجة الأولى من القوات المهاجمة قناة السويس ومعها عناصر من المهندسين العسكريين لتأمين مرور المترجلين فى حقول الألغام المعادية ، ثم عادت القوارب لتنقل الموجات التالية وجدير بالذكر أنه خلال ساعتين من انطلاق الشرارة الأولى كان حجم قوات المهندسين العسكريين التى عبرت القناة ، والتى راحت تعمل فوق سطح الساتر الترابى وفوق صفحة القناة قد تجاوز الخمسة عشر ألف مقاتل من المهندسيين العسكريين من مختلف التخصصات وفى الموجة الثانية عبرت ثمانون وحدة هندسية فى قواربهم الخشبية بالأفراد والمضخات والخراطيم وخلافها من مهمات فتح الممرات فى الساتر الترابى وبعد ساعات قليلة بدأت البلاغات تتوالى عن انتهاء المضخات من ازالة الساتر التراب ، وبدأت عملية تثبيت أرضيات الممرات التى تحولت إلى وحل لأعماق كبيرة تجاوزت المتر فى بعض المناطق . وقد استخدمت فى تنفيذ هذه المهمة مواد مختلفة طبقا لطبيعة التربة من أخشاب وقضبان وحجارة وشكاير مملوءة بالرمل وألواح من الصلب وشباك معدنية وغير ذلك من المواد ...... وكانت عملية التثبيت ضرورية حتى تتمكن آلات الجرف من الخروج من المعديات إلى الممرات لتقوم بازاحة الطبقة الموحلة من الأرض وتصل إلى القشرة الجافة التى يمكن للدبابات والمركبات أن تسير عليها دون تعثررغم محاولات العدو منع انشاء وتشغيل الكبارى والمعديات ومنع فتح الممرات فى الساتر الترابى ، بالقصف المستمر من الأرض والجو على مناطق تمركز وحدات العبور وطرق تحركها ومناطق الإسقاط والممرات فقد اكتمل العمل العظيم واتم المهندسون انشاء الكبارى والمعديات فى الجيش الثانى فى فترة من ست إلى تسع ساعات مثلما كان مخططا تماما أما فى قطاع الجيش الثالث فقد اصطدمت عملية فتح الممرات فى الساتر الترابى بجميع العوامل المعوقة من .... قصف مركز من طائرات ومدفعية العدو ..... صلابة تربة الساتر الترابى .... تغيرات مناسيب مياه القناة بفعل المد والجزر ... حقيقة أن معظم هذه العوامل المعوقة كانت متوقعة إلا أن تكاتفها جميعا فى نفس الوقت ادى إلى إنشاء الكبارى فى نطاق الجيش الثالث فى نحو ست عشرة ساعة بخسارة زمنية قدرها سبع ساعات عن التخطيط الموضوع... جدير بالذكر أن معظم الكبارى أصيب واعيد أصلاحها اكثر من خمس مرات. يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته ( كان رجال المهندسين يعملون تحت تهديد نيران العدو ، بينما وجوههم واجسامهم مغطاة بالطين ، والمضخات التى سميت مدافع المياه فى أيديهم يشقون الساتر الترابى . لقد أستخدموا 350 مضخة مياه فى مواجهة الجيشين ( الثانى والثالث ) للقيام بهذا العمل ، وكلما سقط شهيد او جريح منهم حل محله مقاتل آخر فورا واستمر العمل تمكن هؤلاء الرجال من فتح اكثر من ثلاثين ممرا خلال عدة ساعات منذ بدء القتال ، يتهايل من كل ممر فتحة 1500 متر مكعب من الرمال ، واستمروا فى عملهم حتى فتحوا باقى الممرات المطلوبة وعندما وصل عدد الممرات التى تم إنجاز العمل فيها إلى ستين ممرا ، كان المهندسون قد قاموا بتجريف 90 ألف متر مكعب من الرمال وبدأ رجال المهندسين فى إنشاء الكبارى فى المواقع المحددة لها على القناة وكما كان النجاح فى فتح الممرات فى الساتر الترابى أمرا ضروريا لتشغيل المعديات وإنشاء الكبارى ، فقد كان إنشاء الكبارى امرا محتما لنجاح العملية الهجومية ومن هنا عمل وحدا ت المهندسين سواء لفتح الممرات إو إنشاء الكبارى من أهم وأخطر مراحل الاقتحام والهجوم لم يقتصر الامر على إنشاء الكبارى الثقيلة بل أقام المهندسون طبقا للخطة عددا مماثلا من الكبارى الخفيفة لعبور العربات الخفيفة عليها وفى نفس الوقت تجذب نيران مدفعية العدو وقنابل وصواريخ طائراته بعيدا عن الكبارى الثقيلة ..... نجح رجال المهندسين فى إنشاء أول كوبرى ثقيل فى حوالى الساعة الثامنة والنصف مساء أى بعد حوالى ست ساعات من بدء الاقتحام . وفى حوالى الساعة العاشرة والنصف أى بعد ثمانى ساعات من بدء الاقتحام كان المهندسون قد اتمموا انشاء ثمانية كبارى ثقيلة وأربعة كبارى خفيفة ، كما قاموا ببناء وتشغيل ثلاثين معدية وأصبحت قواتنا تتدفق عليها شرقا ، بينما تعمل وحدات إنشاء الكبارى باقصى طاقتها ، إلى ان أصبح لدينا فيما بعد عشرة كبارى ثقيلة وعشرة كبارى خفيفة وكان إنجازا عظيما لوحدات المهندسين يوم 6 أكتوبر بعد أن حققوا حتى الساعة العاشرة والنصف مساء : فتح 60 فتحة ( ممر ) فى الساتر الترابى إتمام انشاء 8 كبارى ثقيلة اتمام بناء 4 كبارى خفيفة بناء وتشغيل 30 معدية) مذكرات الجمسى ويقول المؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد فى كتابه المعارك الحربية على الجبهة المصرية : إن العبور العظيم الذى تم فى يوم 6 اكتوبر عام 1973 والذى عبر به العرب من مذلة الهزيمة إلى قمة النصر كان فى مرحلته الأولى عملية مهندسين بحتة ، ولولا فتح الثغرات فى الساتر الترابى على الضفة الشرقية وتركيب الكبارى الثقيلة والخفيفة لعبور المدرعات والمركبات ، وإقامة كبارى الاقتحام لعبور المشاة وتجهيز وتشغيل المعديات لنقل الدبابات والأسلحة الثقيلة وتشغيل آلاف القوارب التى حملت الألوف من أفراد المشاة إلى الشاطىء الشرقى للقناة لولا كل هذه المهام التى قام بها المهندسون فى وقت واحد تقريبا وتحت سيل منهمر من نيران وقذائف وصورايخ العدو من البر والجو لما أمكن لملحمة العبور أن تتم ، ولما تيسر اقتحام قناة السويس أصعب مانع مائى فى العالم خلال ساعات معدودة وعلى طول القناة بقوة خمس فرق مشاة تتكون من 80 ألف جندى بكامل معداتهم وأسلحتهم ومركباتهم فى 12 موجة متتالية ، مستخدمين المعابر والتجهيزات التى أعدها المهندسون لهم لعبور القناة ، ولتعزيز مواقعهم على الشاطىء الشرقى لها فور وصولهم ، وكان الذين هيئوا للقوات المصرية فرصة إحراز ذلك النصر العظيم هم ضباط وجنود 35 كتيبة مهندسين من مختلف التخصصات قاموا بعمل خارق كان أشبه بالمعجزات وقد ظل المهندسون العسكريون المصريون اكثر من خمس سنوات يبذلون جهودهم الجبارة ومحاولاتهم المتواصلة لإيجاد الحلول السليمة لمشاكل العبور الصعبة ، وقبل حلول 6 اكتوبر 1973 كانت جميع المشاكل قد حلت ، وجميع المصاعب قد ذللت وكانت أهم هذا المشكلات واعقدها ما يلى : فتح الثغرات فى الساتر الترابى إنشاء المعديات والكبارى تجهيزات إشعال القناة بالنابالم تحية واجبة لشهداء أكتوبر تحية واجبة بعد نصر اكتوبر تحية الى كل ابطال اكتوبر من ضباط و جنود. تحية الى كل من ساهم فى معركة اكتوبر والعبور و ساهم فى النصر. تحية الى كل شهداء حرب اكتوبر ومعركة العبور العظيم. تحية الى الرئيس الراحل محمد انور السادات قائد و مفكر الحرب و السلام. تحية الى الرئيس محمد حسنى مبارك قائد الضربة الجوية الأولى. تحية الى كل من ساهم فى تنمية وتعمير سيناء وتقدم جمهورية مصر العربية. تحية الى من كل ساهم فى ظهور هذا الموضوع الذى سوف يساعد على اظهار قوة وذكاء العسكرية المصرية وليرد على كل الأكاذيب التى تحط من عظمة هذا الأنجاز وايضا لأبراز قوة الجندى المصرى فى جميع المجالات. المصادر: -حرب أكتوبر 1973 مذكرات محمد عبد الغنى الجمسى الطبعة الثانية عام 1998 -كتاب حرب رمضان الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة لكل من اللواء حسن البدرى ، طه المجدوب والعميد أركان حرب ضياء الدين زهدى طبعة عام 1974 -الأهرام 17 أكتوبر 1998 -العمليات الحربية على الجبهة المصرية للمؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد الطبعة الثانية عام 1993 -كتاب حرب رمضان الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة لكل من اللواء حسن البدرى ، طه المجدوب والعميد أركان حرب ضياء الدين زهدى طبعة عام 1974 -العمليات الحربية على الجبهة المصرية للمؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد الطبعة الثانية عام 1993 -مقال نشر لعساف ياجورى بصحيفة معاريف الإسرائيلية 7 / 2 / 1975 -الطوفان طبعة 1977 للكاتب والأذاعى المشهور ( حاليا ) حمدى الكنيسى والمراسل الحربى خلال حرب أكتوبر 1973 و صاحب أشهر برامج إذاعية فى ذلك الوقت كصوت المعركة و يوميات مراسل حربى -جيورساليم بوست -قاضى فى أورشليم - رئيس العدل شيمون اجرانات والقرن الصهيونى - الفصل الثالث عشر http://yom-kippur-1973.info/main.htm http://www.octoberwar.info/hosni.htm