الشئون النيابية تنشر ضوابط التصويت الصحيح في انتخابات مجلس النواب    بدء التصويت بالداخل في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025    لليوم العاشر.. التموين تواصل صرف مقررات نوفمبر حتى 8 مساء    ننشر الجديد في أسعار الذهب اليوم في مصر| عيار 21 وصل لكام؟؟    الإحصاء: ارتفاع أسعار قسم الرعاية الصحية بنسبة 27.7% خلال عام    125 مليون دولار صادرات الصناعات الغذائية إلى السوق الكويتي    31 قتيلا وإصابة العشرات فى أعمال عنف داخل سجن بالإكوادور    إعلام عبري: ويتكوف وكوشنر يجتمعان مع نتنياهو اليوم لبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة    وزير الخارجية يطالب نظيره المالي ببذل أقصى الجهود للعمل على إطلاق سراح المصريين الثلاثة المختطفين    سان جيرمان يتصدر ترتيب الدوري الفرنسي بعد الجولة ال 12    بعد تتويج الأهلي بالسوبر.. توروب يسافر إلى الدنمارك لقضاء إجازة    حركة المرور اليوم، سيولة بالدائرى ومحور 26 يوليو وزحام بشارعى الهرم وفيصل    «الأرصاد»: طقس اليوم خريفي مائل للبرودة.. والعظمى بالقاهرة 28 درجة    مازن المتجول: أجزاء فيلم «ولاد رزق» مثل أبنائي.. ولا يوجد تأكيد لجزء رابع    اللجان الانتخابية بدائرة الهرم والعمرانية تستعد لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب 2025    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    أسعار البيض اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    التعليم تحدد مواعيد امتحان شهر نوفمبر لصفوف النقل والدرجات المخصصة .. اعرف التفاصيل    «العمل» تواصل اختبارات المتقدمين للفرص في مجال البناء بالبوسنة والهرسك    6 ملايين مشاهدة لأغنية "سيبتلي قلبي" ل أنغام على يوتيوب (فيديو)    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    وزير المالية: بعثة صندوق النقد تصل قريبًا ومؤشراتنا مطمئنة    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    «محدش كان يعرفك وعملنالك سعر».. قناة الزمالك تفتح النار على زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    عدسة نانوية ثورية ابتكار روسي بديل للأشعة السينية في الطب    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    تقرير - هل يتراجع المد اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين في هولندا بخسائر فيلدرز؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير عسكرى أمريكى يحلل: موقف الجيش الثالث لم يكن خطراً كما كانت تعتقد إسرائيل وأمريكا وروسيا (3 3)
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 10 - 2009

بعدما بين الكولونيل دوبوى أن جسر الإمداد الأمريكى الهائل لإسرائيل دفعها قليلا لأن تحسن موقفها فى الحرب، خصوصا أن بعضا من أسلحته لم تكن أمريكا نفسها قد استخدمتها، يواصل المحلل العسكرى الأمريكى رصد أحداث ثغرة الدفرسوار أو ما عرف ب«المزرعة الصينية» واختراق قرار حظر إطلاق النار.
صواريخ أمريكية جديدة
فى الساعة 615 يوم 14 أكتوبر، قامت الطائرات المصرية بغارات مكثفة على أهداف إسرائيلية مهمة فى سيناء كبطاريات صواريخ هوك الدفاعية ومحطات التشويش الالكترونية، وبدأت المدفعية المصرية فى قصف المواقع الإسرائيلية قصفا عنيفا ومركزا لمدة 15 دقيقة، ثم بدأ الهجوم المصرى الرئيسى الذى كان قادة إسرائيل وعلى رأسهم الجنرال جونين قائد الجبهة الجنوبية يتوقعونه، وكان فى ميدان المعركة أكثر من 2000 دبابة على وشك التصادم، كانت الخطة الإسرائيلية تقضى بالسماح للقوات المصرية بالتقدم للأمام حتى الخروج من غطاء حائط صواريخ الدفاع الجوى والوقوع فى الكمين الذى تنصبه لهم، وعندما دخل المصريون فى مرمى نيران الدبابات الإسرائيلية كانت الأخيرة تفتح نيرانها ببضع طلقات ثم تتحرك إلى مواقع بديلة لتطلق النار وراحت الدبابات المصرية تقع فى كمين بعد الآخر وكانت المدرعات المصرية قد دخلت القتال دون معاونة كاملة من جانب المشاة، وفى هذه المعركة ظهر لأول مرة الصاروخ الأمريكى المضاد للدبابات من طراز «تاو» والذى أوقع خسائر ضخمة فى صفوف القوات المصرية المهاجمة ونجحت القوات الإسرائيلية فى صد الهجوم على مسافة بين 12: 15 كيلومترا من نقطة انطلاقها بالرغم من الخسائر الكبيرة التى أوقعتها القوات المصرية المهاجمة فى صفوف القوات الإسرائيلية وبعدها أمر الفريق أول أحمد إسماعيل قواته بالانسحاب. ووصف هذه المعركة فى حديث له مع ادجار أو بالانس بأنها كانت معركة انتهت بالتعادل.
وكتب دبوى عن هذه المعركة يقول:
«مهما كانت ضخامة القوة المستخدمة فى هذا الجهد الهجومى، فإنه ما كانت لتتاح لها فرصة انزال خسائر فادحة بالإسرائيليين وكسب بعض الأهداف الأرضية المهمة لصالح المصريين بدون تركيز الجهد الهجومى واشتماله على مشاة تعمل مع العناصر الميكانيكية والدبابات، إن الفرصة العظمى للنجاح المصرى كانت فى التقدم المركز على جبهة ضيقة نحو ممرات متلا وسدر كان الهجوم المصرى على أربعة محاور شمالا فى اتجاه رمانة وفى الوسط إلى ممر الخاتمية وفى اتجاه بير جفجافة وفى الجنوب إلى ممر متلا وجنوب الجنوب نحو وادى رأس سدر غير أنه كان من المتوقع أن أى محاولة منسقة ومركزة بين الأسلحة مجتمعة فى أى مكان فى طول الجبهة ستكون أفضل مما حدث، لذا فقد الجنرال إسماعيل فرصة وأتاح للإسرائيليين فرصة».
عملية الغزالة
وفى يوم 15 أكتوبر، شن الإسرائيليون هجوما بتسعة ألوية بطول الجبهة كلها، ونجح المصريون فى صد كل الهجمات حتى يوم 17 أكتوبر.
قبل ذلك بثلاثة أيام وفى يوم 14 أكتوبر، قرر الإسرائيليون تنفيذ عملية الغزالة، وهى خطة وضعت منذ العام 1968 للقيام بهجوم مضاد عبر القناة بالعبور إلى الضفة الغربية من خلال نقطة مختارة من بين ثلاث نقاط، الأولى بالقرب من القنطرة، والثانية بالقرب من الدفرسوار، والثالثة إلى الشمال من ميناء السويس، وكانت طائرات الاستطلاع الأمريكية من طراز اس. آر. 71 قد أكدت أن هناك مساحة واسعة يصل عرضها إلى نحو 40 كيلومترا تكاد أن تكون خالية من أى قوات وتقع هذه المنطقة بين الجيشين الثانى والثالث جنوب الإسماعيلية على شاطئ البحيرات المرة الكبرى ولم يكن هناك من قوات إلا لواء عين جالوت الفلسطينى فى الشمال ولواء اليرموك الكويتى فى الجنوب ولمعرفة الجنرال شارون بهذه المنطقة معرفة جيدة تم تكليفه بقيادة هذه العملية.
كتب دايان يقول:
«كلفت فرقة شارون بعمل رأس كوبرى فى منطقة الدفرسوار بتأمين ممر صحراوى عرضه ميلان ونصف الميل جنوب الدفرسوار وشمال البحيرات المرة شرق القناة والاستيلاء على قطعة أرض هناك تعرف باسم المزرعة الصينية كانت أرضا للتجارب الزراعية المشتركة بين مصر واليابان ولجهل الإسرائيليين بالفرق بين اللغة الصينية واليابانية فقد أطلقوا عليها اسم المزرعة الصينية حيث يمكن بعدها عمل قاعدة شرق القناة (معبر) وإنشاء رأس كوبرى لتعبر من خلاله إلى غرب القناة فرقة شارون وفرقة إسرائيلية أخرى بقيادة ادان».
كتب الجمسى فى يوميات حرب أكتوبر يقول:
«قوبل هجوم فرقة شارون بقتال عنيف من فرقة عبد رب النبى حافظ لكن العدو نجح فى عمل اختراق فى الجانب الأيمن للفرقة وأثناء هذا القتال تسللت قوة من لواء مظلات إسرائيلى إلى الشاطئ الشرقى للقناة ليلة 15 16 أكتوبر ثم عبرت فى قوارب إلى الشاطئ الغربى فى منطقة الدفرسوار لتأمين إنشاء معبر كما كان مقررا، ولابد من التنويه بأن تقدير رئيس أركان الجيش الثانى كان قائد الجيش اللواء سعد مأمون قد أصيب بأزمة قلبية وتولى القيادة بدلا منه رئيس الأركان أن عددا من الدبابات الإسرائيلية يتراوح بين 7 10 دبابات قد نجح فى العبور إلى الضفة الغربية لكننا اكتشفنا بعد ذلك أن العدد كان 30 دبابة كتيبة دبابات وما إن علمنا بهذا العدد حتى قررنا رفع درجة استعداد اللواء 23 مدرع وإنذاره بالتحرك إلى الجبهة لمعاونة الجيش الثانى فى القضاء على القوة الإسرائيلية المتسللة، وقرر الفريق أول أحمد إسماعيل تعيين اللواء عبدالمنعم خليل قائدا للجيش الثانى كما تقرر دفع أحد لواءات الفرقة 21 مدرعة من الجيش الثانى فى اتجاه الجنوب ويقوم الجيش الثالث بدفع لواء مدرع فى اتجاه الشمال وبالتالى يمكن القضاء على هذه الثغرة من الشرق، إلا أن هذا اللواء تعرض أثناء تحركه لهجوم جوى شديد وهجوم مضاد على جانبه الأيمن فاضطر إلى التوقف ولم يتم سد الثغرة من الشرق».
توصية الشاذلى وبرقية السادات
كتب الكولونيل دبوى يقول:
«أدرك الفريق الشاذلى رئيس الأركان بعد زيارة قام بها إلى الإسماعيلية أن هناك محاولة إسرائيلية كبرى لتشييد رأس جسر على الضفة الغربية، فعاد إلى مقر قيادته ورفع توصية إلى الفريق أحمد إسماعيل بسحب معظم الوحدات المصرية من شرق القناة إلى الضفة الغربية لتطويق الهجوم الإسرائيلى وتوقع وكان توقعه سليما أن يبدأ الهجوم الإسرائيلية يوم 19 أكتوبر، لكن الفريق أول أحمد إسماعيل رفض سحب أى قوات ولما احتدم الخلاف اتصل الفريق أحمد إسماعيل بالرئيس السادات وطلب منه الحضور إلى القيادة واستمع إلى القائد وإلى رئيس أركانه ثم وافق على رأى القائد الذى أوضح له أن لديه قوات كافية على الضفة الغربية لتطويق الإسرائيليين ثم أعفى السادات رئيس الأركان من منصبه وطلب أ لا يعلن هذا الأمر وعين بدلا منه اللواء الجمسى، ثم عاد السادات إلى قصر الرئاسة، حيث اجتمع بكوسيجين لبحث ما يمكن تقديمه من أجل ترتيب وقف إطلاق النار، ثم أرسل برقية إلى الرئيس حافظ الأسد يقول له فيها: إننى خلال العشرة أيام الأخيرة كنت أحارب أمريكا لا إسرائيل وأنا لا أستطيع قبول المسئولية أمام التاريخ لتدمير قواتنا المسلحة للمرة الثانية، ولذلك فأنا على استعداد لقبول وقف إطلاق النار، فرد عليه الرئيس الأسد يطلب منه إعادة النظر فى قراره وأخبره بأن الموقف على الجبهة السورية على مايرام، والواقع أن الموقف على الجبهة السورية كان أفضل مما فهمه السادات، لكن السادات اعتبر رد الأسد عاطفيا وغير واقعى، ولم يغير تفكيره بالسعى من أجل وقف إطلاق النار».
كتب حافظ إسماعيل يقول:
«لم أكن أعرب تماما ماذا حدث حتى نتحرك بهذه السرعة نحو قبول وقف إطلاق النار غير المشروط بالانسحاب الإسرائيلى».
وفى يوم 22 أكتوبر اجتمع مجلس الأمن وأصدر قراره بوقف إطلاق النار خلال 12 ساعة من صدور القرار 338 ووافقت كل من مصر وإسرائيل على وقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة 1852 يوم 22 أكتوبر بتوقيت القاهرة.
قبل ذلك بيوم واحد وعلى الجبهة السورية احتشد 22000 جندى عراقى بالإضافة إلى اللواء 90 المدرع الأردنى والذى انضم إلى اللواء الأربعين الأردنى، كما تم تعويض خسائر الفرقتين السوريتين المدرعتين الأولى والثالثة بدبابات سوفييتية جديدة وقررت القيادة العامة السورية الهجوم على القوات الإسرائيلية بخمس فرق على مرحلتين، وتحددت ساعة الصفر سعت 300 يوم 23 أكتوبر وفى يوم 22 أكتوبر اتخذت هذه الفرق مواقعها، وفى الساعة الخامسة مساء أمرت القيادة العامة السورية بوقف العملية، الأمر الذى رفضته الحكومة العراقية وقامت بسحب قواتها من سوريا وبقيت القوات الأردنية فى مواقعها، وفى اليوم التالى بدأت حرب الاستنزاف السورية الإسرائيلية التى دامت 82 يوما.
أما على الجبهة المصرية، فقد واصلت القوات الإسرائيلية رغم قرار وقف إطلاق النار تدعيم قواتها فى الضفة الغربية وقطعت طريق السويس لكن القوات المصرية نجحت فى إيقافها يوم 24 أكتوبر عند الكيلو 101 ، ثم حاولت القوات الإسرائيلية الهجوم على السويس لكنها فشلت فانسحبت وبدأت فى تطويق وحصار الجيش الثالث.
كتب الكولونيل دبوى:
خلال يومى الخامس والعشرين والسادس والعشرين من أكتوبر قاتلت الوحدات المصرية وسلكت سبيلها خارج ذلك المحيط ولاسيما خلال ساعات الظلام، ومع حلول السابع والعشرين من أكتوبر، كان الإسرائيليون قد أسروا نحو ثمانية آلاف فرد من القوات المصرية غالبيتهم من وحدات الإمداد والتموين.
الجيش الثالث
وتحت عنوان ورطة الجيش الثالث كتب يقول:
كانت المشكلة الخطيرة التى مثلت أمام الجيش الثالث الذى يرأسه أحمد بدوى هى الإمدادات من الذخيرة والمياه والغذاء، كان لايزال هناك مخزون طيب من الغذاء وكميات هائلة من الذخيرة وبعض مياه الآبار التى تمتد من السويس ومع ذلك فإن مشكلة الإمداد كانت هى الشاغل الخطير للمشير إسماعيل عندما كان يبحث مستقبل الجيش الثالث وفى الوقت نفسه ارتفعت معنويات بدوى ورجاله نتيجة لما تحقق من صد هجمات إسرائيلية متكررة وقعت ما بين العشرين والثالث والعشرين من أكتوبر وتم تعميق المواقع الدفاعية وتوسيع نطاق الخنادق المعتاد للدبابات وتم تغطية المخابئ تغطية ثقيلة والنجاح فى فتح طريق إمدادات كانت تصل إليهم بصورة متقطعة ليلا من خليج السويس الأعلى، وبالتالى فإنه من الجلى أن موقف الجيش الثالث لم يكن عرضة للخطر كما كان يعتقد الإسرائيليون والأمريكيون والروس.
أما دروميدلتون المحرر العسكرى بصحيفة نيويورك تايمز فكتب يقول:
إن الجيشين المصريين لم يتحطما، لقد تغلب الإسرائيليون عليهما فى المناورات ولكن لم يهزموهما وكانا لايزالان موجودين.
ومنذ أول نوفمبر 73 وحتى 17 مارس 74 بدأت حرب الاستنزاف الثانية بين مصر وإسرائيل حتى تم فك الاشتباك تماما واستعادت مصر سيناء كاملة.
وفى تحليله لحرب 73 كتب دبوى يقول:
مثلما كانت المفاجأة هى الحقيقة التكتيكية المهيمنة للحرب، فإنها كانت أيضا الحقيقة الاستراتيجية الساحقة، ولا يرجع ذلك فحسب كما كتب أحد الدارسين الإسرائيليين: إنها مكنت العرب من إملاء التحركات الأولى فى الحرب وضمان نجاحهم الأول. بل كان لذلك النجاح آثار سياسية ونفسية على جميع الأطراف وعلى بقية العالم إلى حد أن النجاح العسكرى الإسرائيلى فيما بعد لم يمكن معادلته.
وفى موضع آخر كتب يقول:
إذا كانت الحرب بمثابة قوة عسكرية تساندها أهداف سياسية، فإنه ليس ثمة شك فى أنه بالمفهوم الاستراتيجى والسياسى قد كسبت الدول العربية ولاسيما مصر تلك الحرب حتى ولو كانت النتيجة العسكرية قد أسفرت عن حالة جمود أتاح لكلا الجانبين ادعاء تحقيق انتصار عسكرى، ومن جانب آخر، حتى ورغم أن النتيجة العسكرية أسفرت عن نجاح عسكرى إسرائيل، فإن الحرب كانت بمثابة صدمة نفسية قاسية بالنسبة لشعب إسرائيل، فالحرب جعلت الإسرائيليين يدركون أن قواتهم ليست هى القوة التى لا تقهر ولا يمكن تقدير الصدمة النفسية لمقتل ما يناهز 30000 فرد وإصابة ما يربو على 11000 فى غضون تسعة عشرة يوما من الحرب، وفى ضوء عدد السكان الكلى، فإن معدل خسائر الإسرائيليين يفوق الخسائر المصرية بمعدل خمسة أضعاف.
ثم يتحدث دبوى عن الحرب الجوية فيقول:
إذا كان الطيارون المصريون نجحوا على نحو منتظم فى التحكم فى الجو ضد الإسرائيليين فإنما يرجع ذلك إلى حسن قيادة القوات الجوية المصرية برئاسة اللواء محمد حسنى مبارك وقيادة الدفاع الجوى وبسالة وشجاعة الطيارين، فمن الناحية الاستراتيجية اعتمد أحمد إسماعيل على أسلحة الدفاع الجوى السوفييتية الصنع لتوفير غطاء جوى للقوات البرية ضد أى هجوم إسرائيلى مباشر وبهذه الطريقة تتفرغ معظم القوات الجوية لأداء مهامها بحيث لا تكون أوجه ضعف القوة الجوية المصرية ملحوظة أو خطيرة للغاية ومن الناحية التكتيكية اعتمد اللواء محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية المصرية فى المقام الأول على الكر والفر فى الهجوم الجوى، حيث يباغت الإسرائيليين فى الوقت الذى تتمكن فيه المقاتلات القوية التى تتولى عملية التغطية الاشتباك مع الإسرائيليين فى موقف عسير وذلك إذا كان لديها وقت للاندفاع للتصدى لمثل هذه الغارة.
وأخيرا يقول دبوى: وهناك أيضا نتيجة قصيرة الأجل من نتائج الحرب والجهود التى بذلها كلا الجانبين وتتمثل فى تلك النتيجة فى أنه لا يبدو ثمة احتمال فى تحقيق العرب لأى نجاح عسكرى حاسم على الإسرائيليين فى غضون العشرة أو العشرين عاما التالية صدر الكتاب فى النصف الثانى من الثمانينيات إذ إن النوعية الإسرائيلية التى تدعمها «كمية منظمة سوف تحتفظ بلا شك بالتفوق العسكرى على مدى عدة سنوات قادمة طالما أن المساعدات العسكرية متاحة لموازنة أى مساعدات خارجية تقدم للعرب، إلا أنه يتعين على الإسرائيليين السعى من أجل إقرار سلام دائم فى الوقت الذى لاتزال فيه نوعيتهم العسكرية متفوقة وإذا انتظروا كثيرا فإن الوقت قد يكون متأخرا».
وأخيرا أقول إن حرب 73 لم تُشف غليل الكثير من المصريين وأنا أحدهم أو ترفع العار عن رؤوسنا لما حدث فى 1967 هكذا كنت أعتقد لكن بعد أن كتبت هذه الدراسة انتابنى شعور بشىء من الراحة والطمأنينة لأنه كان لدينا مثل هؤلاء القادة حتى لو أساء بعضهم التقدير الذين قادوا هذه الحرب بكل ما فيها من أفراح وأتراح وانتصارات وهزائم، فهم بالقطع غير مسئولين عن ضياع الأرض فى 67 لكنهم بالتأكيد بذلوا كل ما لديهم من جهد وفكر وعلم لاستردادها لا على أساس خيالى انفعالى عاطفى بل على أساس واقعى عقلانى عملى، فأضاءوا الطريق للأجيال القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.