مفتي الجمهورية: ما يحدث بغزة جرح مفتوح في قلب العدالة الإنسانية    إسقاط الجنسية المصرية عن 3 متورطين في الاعتداء على البعثة الدبلوماسية بنيويورك    محافظ الاسماعيلية يشارك في حفل تخرج طلاب الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري ببورسعيد    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في القمة العربية الإسلامية بالدوحة    الجيل الديمقراطى: الإساءات للرموز العربية كشفت ارتباكهم من عودة وحدة الصف العربى    آرسنال يسعى لفوزه السادس على الأندية الإسبانية أمام أتلتيك بلباو بأبطال أوروبا    أمادورا البرتغالي يمهل الزمالك 72 ساعة لسداد 200 ألف دولار بصفقة شيكو بانزا    «عاشور» يشترط المساواه ب«زيزو وتريزيجيه» لتمديد عقده.. والأهلي يغلق الملف    السيطرة على حريق 7 أحواش ومنازل في قرية الحريدية بسوهاج    مصرع شاب تحت عجلات قطار المنوفية    ضبط المتهم بسرقة أجهزة من داخل وحدة صحية في حدائق أكتوبر    توماس جورجيسيان يكتب: سيد درويش.. من عمَّر قلوبنا ببهجة مشعشعة    حمزة نمرة: أغنية وافتكر قريبة جدًا لقلبي لهذا السبب    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    صلاح عبد العاطى: الفلسطينيون يواجهون إبادة جماعية ومخطط التهجير لا يزال قائمًا    مي فاروق ولميس الحديدي.. نجوم الفن والإعلام في عزاء أرملة سيد مكاوي    ترامب يهدد واشنطن بإعلان الطوارئ حال عدم تعاون الشرطة المحلية مع سلطات الهجرة    احذر هذه المشروبات .. أضرار بالغة تصيب الجهاز الهضمى    جريمة تهز الوراق.. شقيقان ينهيان حياة شقيقتهما والسبب صادم    تسمم 3 شقيقات بسبب وجبة كشري في بني سويف    وزير الري: المياه عصب الحياة للمشروعات التنموية والعمرانية    المجلس الأعلى للنيابة الإدارية يعقد اجتماعه بتشكيله الجديد برئاسة المستشار محمد الشناوي    مونشنجلادباخ الألماني ينافس الأهلي على التعاقد مع مدير فني .. مالقصة؟    موفد مشيخة الأزهر ورئيس منطقة الإسماعيلية يتابعان برامج التدريب وتنمية مهارات شيوخ المعاهد    بإطلالة جريئة.. أحدث ظهور ل دينا الشربيني أمام البحر (صور)    حماس: شعبنا ومقاومته ماضون في الدفاع عن أرضهم    ما حكم أخذ قرض لتجهيز ابنتي للزواج؟.. أمين الفتوى يوضح رأي الشرع    كيفية قضاء الصلوات الفائتة وهل تجزئ عنها النوافل.. 6 أحكام مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    أستاذ بالأزهر يحذر من ارتكاب الحرام بحجة توفير المال للأهل والأولاد    حزب الله يعلن استعداده لخوض الانتخابات النيابية في لبنان    القليوبية تدعم التأمين الصحي بعيادات ووحدات جديدة (صور)    أسامة السعيد: الجامعة المصرية اليابانية.. مكان من المستقبل يجسد شراكة مصر واليابان    «باطلة من أساسها».. خالد الجندي يرد على شبهة «فترة ال 183 سنة المفقودة» في نقل الحديث (فيديو)    أبوريدة نائبًا أول لرئيس الاتحاد العربي لكرة القدم    د. أسامة أبوزيد يكتب: عودة الخطيب    تأجيل محاكمة 25 متهمًا بخلية القطامية لجلسة 12 نوفمبر    بكين تحقق مع نيفيديا وسط تصاعد التوتر التكنولوجي مع واشنطن    تقديم الخدمات الطبية ل1266 مواطناً ضمن القافلة المجانية بقرية طاهر في كفر الشيخ    الفجر بالإسكندرية 5.16.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً الثلاثاء 16 سبتمبر 2025    خافيير بارديم بالكوفية الفلسطينية في حفل جوائز إيمي    البنك المركزى يستضيف الاجتماع الأول لمجموعة عمل "تقرير الاستقرار المالي الإفريقي"    أرباح شركة دومتي تتراجع بنسبة 94% خلال النصف الأول من عام 2025    طبيب نفسي في ندوة ب«القومي للمرأة»: «لو زوجك قالك عاوزك نانسي عجرم قوليله عاوزاك توم كروز»    رابط نتائج الثالث متوسط 2025 الدور الثاني في العراق    ترامب يهدد بإعلان «حالة طوارئ وطنية» في واشنطن لهذا السبب    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    إسماعيل يس.. من المونولوج إلى قمة السينما    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    البنك الأهلي المصري يتعاون مع «أجروفود» لتمويل و تدريب المزارعين    نبيل الكوكي يعالج الأخطاء الدفاعية فى المصري بعد ثلاثية الزمالك    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    «التضامن»: صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر بقيمة تزيد على 4 مليارات جنيه اليوم    بدء أعمال إزالة عقار حوض ال18 الآيل للسقوط فى الأقصر    ضبط ومصادرة 90 من المخالفات فى حملة لشرطة المرافق وحى غرب سوهاج    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 126 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بفرمان النحاس .. برنامج بدنى مكثف لتجهيز أحمد عبد القادر فى الأهلى    6 شهداء بينهم أطفال في غارة إسرائيلية على خيمة نازحين بغزة    رياضة ½ الليل| سر إصابة زيزو.. الأهلي في الفخ.. شكوى جديدة لفيفا.. ودرجات مصر ب «تشيلي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير عسكرى أمريكى يحلل: موقف الجيش الثالث لم يكن خطراً كما كانت تعتقد إسرائيل وأمريكا وروسيا (3 3)
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 10 - 2009

بعدما بين الكولونيل دوبوى أن جسر الإمداد الأمريكى الهائل لإسرائيل دفعها قليلا لأن تحسن موقفها فى الحرب، خصوصا أن بعضا من أسلحته لم تكن أمريكا نفسها قد استخدمتها، يواصل المحلل العسكرى الأمريكى رصد أحداث ثغرة الدفرسوار أو ما عرف ب«المزرعة الصينية» واختراق قرار حظر إطلاق النار.
صواريخ أمريكية جديدة
فى الساعة 615 يوم 14 أكتوبر، قامت الطائرات المصرية بغارات مكثفة على أهداف إسرائيلية مهمة فى سيناء كبطاريات صواريخ هوك الدفاعية ومحطات التشويش الالكترونية، وبدأت المدفعية المصرية فى قصف المواقع الإسرائيلية قصفا عنيفا ومركزا لمدة 15 دقيقة، ثم بدأ الهجوم المصرى الرئيسى الذى كان قادة إسرائيل وعلى رأسهم الجنرال جونين قائد الجبهة الجنوبية يتوقعونه، وكان فى ميدان المعركة أكثر من 2000 دبابة على وشك التصادم، كانت الخطة الإسرائيلية تقضى بالسماح للقوات المصرية بالتقدم للأمام حتى الخروج من غطاء حائط صواريخ الدفاع الجوى والوقوع فى الكمين الذى تنصبه لهم، وعندما دخل المصريون فى مرمى نيران الدبابات الإسرائيلية كانت الأخيرة تفتح نيرانها ببضع طلقات ثم تتحرك إلى مواقع بديلة لتطلق النار وراحت الدبابات المصرية تقع فى كمين بعد الآخر وكانت المدرعات المصرية قد دخلت القتال دون معاونة كاملة من جانب المشاة، وفى هذه المعركة ظهر لأول مرة الصاروخ الأمريكى المضاد للدبابات من طراز «تاو» والذى أوقع خسائر ضخمة فى صفوف القوات المصرية المهاجمة ونجحت القوات الإسرائيلية فى صد الهجوم على مسافة بين 12: 15 كيلومترا من نقطة انطلاقها بالرغم من الخسائر الكبيرة التى أوقعتها القوات المصرية المهاجمة فى صفوف القوات الإسرائيلية وبعدها أمر الفريق أول أحمد إسماعيل قواته بالانسحاب. ووصف هذه المعركة فى حديث له مع ادجار أو بالانس بأنها كانت معركة انتهت بالتعادل.
وكتب دبوى عن هذه المعركة يقول:
«مهما كانت ضخامة القوة المستخدمة فى هذا الجهد الهجومى، فإنه ما كانت لتتاح لها فرصة انزال خسائر فادحة بالإسرائيليين وكسب بعض الأهداف الأرضية المهمة لصالح المصريين بدون تركيز الجهد الهجومى واشتماله على مشاة تعمل مع العناصر الميكانيكية والدبابات، إن الفرصة العظمى للنجاح المصرى كانت فى التقدم المركز على جبهة ضيقة نحو ممرات متلا وسدر كان الهجوم المصرى على أربعة محاور شمالا فى اتجاه رمانة وفى الوسط إلى ممر الخاتمية وفى اتجاه بير جفجافة وفى الجنوب إلى ممر متلا وجنوب الجنوب نحو وادى رأس سدر غير أنه كان من المتوقع أن أى محاولة منسقة ومركزة بين الأسلحة مجتمعة فى أى مكان فى طول الجبهة ستكون أفضل مما حدث، لذا فقد الجنرال إسماعيل فرصة وأتاح للإسرائيليين فرصة».
عملية الغزالة
وفى يوم 15 أكتوبر، شن الإسرائيليون هجوما بتسعة ألوية بطول الجبهة كلها، ونجح المصريون فى صد كل الهجمات حتى يوم 17 أكتوبر.
قبل ذلك بثلاثة أيام وفى يوم 14 أكتوبر، قرر الإسرائيليون تنفيذ عملية الغزالة، وهى خطة وضعت منذ العام 1968 للقيام بهجوم مضاد عبر القناة بالعبور إلى الضفة الغربية من خلال نقطة مختارة من بين ثلاث نقاط، الأولى بالقرب من القنطرة، والثانية بالقرب من الدفرسوار، والثالثة إلى الشمال من ميناء السويس، وكانت طائرات الاستطلاع الأمريكية من طراز اس. آر. 71 قد أكدت أن هناك مساحة واسعة يصل عرضها إلى نحو 40 كيلومترا تكاد أن تكون خالية من أى قوات وتقع هذه المنطقة بين الجيشين الثانى والثالث جنوب الإسماعيلية على شاطئ البحيرات المرة الكبرى ولم يكن هناك من قوات إلا لواء عين جالوت الفلسطينى فى الشمال ولواء اليرموك الكويتى فى الجنوب ولمعرفة الجنرال شارون بهذه المنطقة معرفة جيدة تم تكليفه بقيادة هذه العملية.
كتب دايان يقول:
«كلفت فرقة شارون بعمل رأس كوبرى فى منطقة الدفرسوار بتأمين ممر صحراوى عرضه ميلان ونصف الميل جنوب الدفرسوار وشمال البحيرات المرة شرق القناة والاستيلاء على قطعة أرض هناك تعرف باسم المزرعة الصينية كانت أرضا للتجارب الزراعية المشتركة بين مصر واليابان ولجهل الإسرائيليين بالفرق بين اللغة الصينية واليابانية فقد أطلقوا عليها اسم المزرعة الصينية حيث يمكن بعدها عمل قاعدة شرق القناة (معبر) وإنشاء رأس كوبرى لتعبر من خلاله إلى غرب القناة فرقة شارون وفرقة إسرائيلية أخرى بقيادة ادان».
كتب الجمسى فى يوميات حرب أكتوبر يقول:
«قوبل هجوم فرقة شارون بقتال عنيف من فرقة عبد رب النبى حافظ لكن العدو نجح فى عمل اختراق فى الجانب الأيمن للفرقة وأثناء هذا القتال تسللت قوة من لواء مظلات إسرائيلى إلى الشاطئ الشرقى للقناة ليلة 15 16 أكتوبر ثم عبرت فى قوارب إلى الشاطئ الغربى فى منطقة الدفرسوار لتأمين إنشاء معبر كما كان مقررا، ولابد من التنويه بأن تقدير رئيس أركان الجيش الثانى كان قائد الجيش اللواء سعد مأمون قد أصيب بأزمة قلبية وتولى القيادة بدلا منه رئيس الأركان أن عددا من الدبابات الإسرائيلية يتراوح بين 7 10 دبابات قد نجح فى العبور إلى الضفة الغربية لكننا اكتشفنا بعد ذلك أن العدد كان 30 دبابة كتيبة دبابات وما إن علمنا بهذا العدد حتى قررنا رفع درجة استعداد اللواء 23 مدرع وإنذاره بالتحرك إلى الجبهة لمعاونة الجيش الثانى فى القضاء على القوة الإسرائيلية المتسللة، وقرر الفريق أول أحمد إسماعيل تعيين اللواء عبدالمنعم خليل قائدا للجيش الثانى كما تقرر دفع أحد لواءات الفرقة 21 مدرعة من الجيش الثانى فى اتجاه الجنوب ويقوم الجيش الثالث بدفع لواء مدرع فى اتجاه الشمال وبالتالى يمكن القضاء على هذه الثغرة من الشرق، إلا أن هذا اللواء تعرض أثناء تحركه لهجوم جوى شديد وهجوم مضاد على جانبه الأيمن فاضطر إلى التوقف ولم يتم سد الثغرة من الشرق».
توصية الشاذلى وبرقية السادات
كتب الكولونيل دبوى يقول:
«أدرك الفريق الشاذلى رئيس الأركان بعد زيارة قام بها إلى الإسماعيلية أن هناك محاولة إسرائيلية كبرى لتشييد رأس جسر على الضفة الغربية، فعاد إلى مقر قيادته ورفع توصية إلى الفريق أحمد إسماعيل بسحب معظم الوحدات المصرية من شرق القناة إلى الضفة الغربية لتطويق الهجوم الإسرائيلى وتوقع وكان توقعه سليما أن يبدأ الهجوم الإسرائيلية يوم 19 أكتوبر، لكن الفريق أول أحمد إسماعيل رفض سحب أى قوات ولما احتدم الخلاف اتصل الفريق أحمد إسماعيل بالرئيس السادات وطلب منه الحضور إلى القيادة واستمع إلى القائد وإلى رئيس أركانه ثم وافق على رأى القائد الذى أوضح له أن لديه قوات كافية على الضفة الغربية لتطويق الإسرائيليين ثم أعفى السادات رئيس الأركان من منصبه وطلب أ لا يعلن هذا الأمر وعين بدلا منه اللواء الجمسى، ثم عاد السادات إلى قصر الرئاسة، حيث اجتمع بكوسيجين لبحث ما يمكن تقديمه من أجل ترتيب وقف إطلاق النار، ثم أرسل برقية إلى الرئيس حافظ الأسد يقول له فيها: إننى خلال العشرة أيام الأخيرة كنت أحارب أمريكا لا إسرائيل وأنا لا أستطيع قبول المسئولية أمام التاريخ لتدمير قواتنا المسلحة للمرة الثانية، ولذلك فأنا على استعداد لقبول وقف إطلاق النار، فرد عليه الرئيس الأسد يطلب منه إعادة النظر فى قراره وأخبره بأن الموقف على الجبهة السورية على مايرام، والواقع أن الموقف على الجبهة السورية كان أفضل مما فهمه السادات، لكن السادات اعتبر رد الأسد عاطفيا وغير واقعى، ولم يغير تفكيره بالسعى من أجل وقف إطلاق النار».
كتب حافظ إسماعيل يقول:
«لم أكن أعرب تماما ماذا حدث حتى نتحرك بهذه السرعة نحو قبول وقف إطلاق النار غير المشروط بالانسحاب الإسرائيلى».
وفى يوم 22 أكتوبر اجتمع مجلس الأمن وأصدر قراره بوقف إطلاق النار خلال 12 ساعة من صدور القرار 338 ووافقت كل من مصر وإسرائيل على وقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة 1852 يوم 22 أكتوبر بتوقيت القاهرة.
قبل ذلك بيوم واحد وعلى الجبهة السورية احتشد 22000 جندى عراقى بالإضافة إلى اللواء 90 المدرع الأردنى والذى انضم إلى اللواء الأربعين الأردنى، كما تم تعويض خسائر الفرقتين السوريتين المدرعتين الأولى والثالثة بدبابات سوفييتية جديدة وقررت القيادة العامة السورية الهجوم على القوات الإسرائيلية بخمس فرق على مرحلتين، وتحددت ساعة الصفر سعت 300 يوم 23 أكتوبر وفى يوم 22 أكتوبر اتخذت هذه الفرق مواقعها، وفى الساعة الخامسة مساء أمرت القيادة العامة السورية بوقف العملية، الأمر الذى رفضته الحكومة العراقية وقامت بسحب قواتها من سوريا وبقيت القوات الأردنية فى مواقعها، وفى اليوم التالى بدأت حرب الاستنزاف السورية الإسرائيلية التى دامت 82 يوما.
أما على الجبهة المصرية، فقد واصلت القوات الإسرائيلية رغم قرار وقف إطلاق النار تدعيم قواتها فى الضفة الغربية وقطعت طريق السويس لكن القوات المصرية نجحت فى إيقافها يوم 24 أكتوبر عند الكيلو 101 ، ثم حاولت القوات الإسرائيلية الهجوم على السويس لكنها فشلت فانسحبت وبدأت فى تطويق وحصار الجيش الثالث.
كتب الكولونيل دبوى:
خلال يومى الخامس والعشرين والسادس والعشرين من أكتوبر قاتلت الوحدات المصرية وسلكت سبيلها خارج ذلك المحيط ولاسيما خلال ساعات الظلام، ومع حلول السابع والعشرين من أكتوبر، كان الإسرائيليون قد أسروا نحو ثمانية آلاف فرد من القوات المصرية غالبيتهم من وحدات الإمداد والتموين.
الجيش الثالث
وتحت عنوان ورطة الجيش الثالث كتب يقول:
كانت المشكلة الخطيرة التى مثلت أمام الجيش الثالث الذى يرأسه أحمد بدوى هى الإمدادات من الذخيرة والمياه والغذاء، كان لايزال هناك مخزون طيب من الغذاء وكميات هائلة من الذخيرة وبعض مياه الآبار التى تمتد من السويس ومع ذلك فإن مشكلة الإمداد كانت هى الشاغل الخطير للمشير إسماعيل عندما كان يبحث مستقبل الجيش الثالث وفى الوقت نفسه ارتفعت معنويات بدوى ورجاله نتيجة لما تحقق من صد هجمات إسرائيلية متكررة وقعت ما بين العشرين والثالث والعشرين من أكتوبر وتم تعميق المواقع الدفاعية وتوسيع نطاق الخنادق المعتاد للدبابات وتم تغطية المخابئ تغطية ثقيلة والنجاح فى فتح طريق إمدادات كانت تصل إليهم بصورة متقطعة ليلا من خليج السويس الأعلى، وبالتالى فإنه من الجلى أن موقف الجيش الثالث لم يكن عرضة للخطر كما كان يعتقد الإسرائيليون والأمريكيون والروس.
أما دروميدلتون المحرر العسكرى بصحيفة نيويورك تايمز فكتب يقول:
إن الجيشين المصريين لم يتحطما، لقد تغلب الإسرائيليون عليهما فى المناورات ولكن لم يهزموهما وكانا لايزالان موجودين.
ومنذ أول نوفمبر 73 وحتى 17 مارس 74 بدأت حرب الاستنزاف الثانية بين مصر وإسرائيل حتى تم فك الاشتباك تماما واستعادت مصر سيناء كاملة.
وفى تحليله لحرب 73 كتب دبوى يقول:
مثلما كانت المفاجأة هى الحقيقة التكتيكية المهيمنة للحرب، فإنها كانت أيضا الحقيقة الاستراتيجية الساحقة، ولا يرجع ذلك فحسب كما كتب أحد الدارسين الإسرائيليين: إنها مكنت العرب من إملاء التحركات الأولى فى الحرب وضمان نجاحهم الأول. بل كان لذلك النجاح آثار سياسية ونفسية على جميع الأطراف وعلى بقية العالم إلى حد أن النجاح العسكرى الإسرائيلى فيما بعد لم يمكن معادلته.
وفى موضع آخر كتب يقول:
إذا كانت الحرب بمثابة قوة عسكرية تساندها أهداف سياسية، فإنه ليس ثمة شك فى أنه بالمفهوم الاستراتيجى والسياسى قد كسبت الدول العربية ولاسيما مصر تلك الحرب حتى ولو كانت النتيجة العسكرية قد أسفرت عن حالة جمود أتاح لكلا الجانبين ادعاء تحقيق انتصار عسكرى، ومن جانب آخر، حتى ورغم أن النتيجة العسكرية أسفرت عن نجاح عسكرى إسرائيل، فإن الحرب كانت بمثابة صدمة نفسية قاسية بالنسبة لشعب إسرائيل، فالحرب جعلت الإسرائيليين يدركون أن قواتهم ليست هى القوة التى لا تقهر ولا يمكن تقدير الصدمة النفسية لمقتل ما يناهز 30000 فرد وإصابة ما يربو على 11000 فى غضون تسعة عشرة يوما من الحرب، وفى ضوء عدد السكان الكلى، فإن معدل خسائر الإسرائيليين يفوق الخسائر المصرية بمعدل خمسة أضعاف.
ثم يتحدث دبوى عن الحرب الجوية فيقول:
إذا كان الطيارون المصريون نجحوا على نحو منتظم فى التحكم فى الجو ضد الإسرائيليين فإنما يرجع ذلك إلى حسن قيادة القوات الجوية المصرية برئاسة اللواء محمد حسنى مبارك وقيادة الدفاع الجوى وبسالة وشجاعة الطيارين، فمن الناحية الاستراتيجية اعتمد أحمد إسماعيل على أسلحة الدفاع الجوى السوفييتية الصنع لتوفير غطاء جوى للقوات البرية ضد أى هجوم إسرائيلى مباشر وبهذه الطريقة تتفرغ معظم القوات الجوية لأداء مهامها بحيث لا تكون أوجه ضعف القوة الجوية المصرية ملحوظة أو خطيرة للغاية ومن الناحية التكتيكية اعتمد اللواء محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية المصرية فى المقام الأول على الكر والفر فى الهجوم الجوى، حيث يباغت الإسرائيليين فى الوقت الذى تتمكن فيه المقاتلات القوية التى تتولى عملية التغطية الاشتباك مع الإسرائيليين فى موقف عسير وذلك إذا كان لديها وقت للاندفاع للتصدى لمثل هذه الغارة.
وأخيرا يقول دبوى: وهناك أيضا نتيجة قصيرة الأجل من نتائج الحرب والجهود التى بذلها كلا الجانبين وتتمثل فى تلك النتيجة فى أنه لا يبدو ثمة احتمال فى تحقيق العرب لأى نجاح عسكرى حاسم على الإسرائيليين فى غضون العشرة أو العشرين عاما التالية صدر الكتاب فى النصف الثانى من الثمانينيات إذ إن النوعية الإسرائيلية التى تدعمها «كمية منظمة سوف تحتفظ بلا شك بالتفوق العسكرى على مدى عدة سنوات قادمة طالما أن المساعدات العسكرية متاحة لموازنة أى مساعدات خارجية تقدم للعرب، إلا أنه يتعين على الإسرائيليين السعى من أجل إقرار سلام دائم فى الوقت الذى لاتزال فيه نوعيتهم العسكرية متفوقة وإذا انتظروا كثيرا فإن الوقت قد يكون متأخرا».
وأخيرا أقول إن حرب 73 لم تُشف غليل الكثير من المصريين وأنا أحدهم أو ترفع العار عن رؤوسنا لما حدث فى 1967 هكذا كنت أعتقد لكن بعد أن كتبت هذه الدراسة انتابنى شعور بشىء من الراحة والطمأنينة لأنه كان لدينا مثل هؤلاء القادة حتى لو أساء بعضهم التقدير الذين قادوا هذه الحرب بكل ما فيها من أفراح وأتراح وانتصارات وهزائم، فهم بالقطع غير مسئولين عن ضياع الأرض فى 67 لكنهم بالتأكيد بذلوا كل ما لديهم من جهد وفكر وعلم لاستردادها لا على أساس خيالى انفعالى عاطفى بل على أساس واقعى عقلانى عملى، فأضاءوا الطريق للأجيال القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.