«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير عسكرى أمريكى يحلل: موقف الجيش الثالث لم يكن خطراً كما كانت تعتقد إسرائيل وأمريكا وروسيا (3 3)
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 10 - 2009

بعدما بين الكولونيل دوبوى أن جسر الإمداد الأمريكى الهائل لإسرائيل دفعها قليلا لأن تحسن موقفها فى الحرب، خصوصا أن بعضا من أسلحته لم تكن أمريكا نفسها قد استخدمتها، يواصل المحلل العسكرى الأمريكى رصد أحداث ثغرة الدفرسوار أو ما عرف ب«المزرعة الصينية» واختراق قرار حظر إطلاق النار.
صواريخ أمريكية جديدة
فى الساعة 615 يوم 14 أكتوبر، قامت الطائرات المصرية بغارات مكثفة على أهداف إسرائيلية مهمة فى سيناء كبطاريات صواريخ هوك الدفاعية ومحطات التشويش الالكترونية، وبدأت المدفعية المصرية فى قصف المواقع الإسرائيلية قصفا عنيفا ومركزا لمدة 15 دقيقة، ثم بدأ الهجوم المصرى الرئيسى الذى كان قادة إسرائيل وعلى رأسهم الجنرال جونين قائد الجبهة الجنوبية يتوقعونه، وكان فى ميدان المعركة أكثر من 2000 دبابة على وشك التصادم، كانت الخطة الإسرائيلية تقضى بالسماح للقوات المصرية بالتقدم للأمام حتى الخروج من غطاء حائط صواريخ الدفاع الجوى والوقوع فى الكمين الذى تنصبه لهم، وعندما دخل المصريون فى مرمى نيران الدبابات الإسرائيلية كانت الأخيرة تفتح نيرانها ببضع طلقات ثم تتحرك إلى مواقع بديلة لتطلق النار وراحت الدبابات المصرية تقع فى كمين بعد الآخر وكانت المدرعات المصرية قد دخلت القتال دون معاونة كاملة من جانب المشاة، وفى هذه المعركة ظهر لأول مرة الصاروخ الأمريكى المضاد للدبابات من طراز «تاو» والذى أوقع خسائر ضخمة فى صفوف القوات المصرية المهاجمة ونجحت القوات الإسرائيلية فى صد الهجوم على مسافة بين 12: 15 كيلومترا من نقطة انطلاقها بالرغم من الخسائر الكبيرة التى أوقعتها القوات المصرية المهاجمة فى صفوف القوات الإسرائيلية وبعدها أمر الفريق أول أحمد إسماعيل قواته بالانسحاب. ووصف هذه المعركة فى حديث له مع ادجار أو بالانس بأنها كانت معركة انتهت بالتعادل.
وكتب دبوى عن هذه المعركة يقول:
«مهما كانت ضخامة القوة المستخدمة فى هذا الجهد الهجومى، فإنه ما كانت لتتاح لها فرصة انزال خسائر فادحة بالإسرائيليين وكسب بعض الأهداف الأرضية المهمة لصالح المصريين بدون تركيز الجهد الهجومى واشتماله على مشاة تعمل مع العناصر الميكانيكية والدبابات، إن الفرصة العظمى للنجاح المصرى كانت فى التقدم المركز على جبهة ضيقة نحو ممرات متلا وسدر كان الهجوم المصرى على أربعة محاور شمالا فى اتجاه رمانة وفى الوسط إلى ممر الخاتمية وفى اتجاه بير جفجافة وفى الجنوب إلى ممر متلا وجنوب الجنوب نحو وادى رأس سدر غير أنه كان من المتوقع أن أى محاولة منسقة ومركزة بين الأسلحة مجتمعة فى أى مكان فى طول الجبهة ستكون أفضل مما حدث، لذا فقد الجنرال إسماعيل فرصة وأتاح للإسرائيليين فرصة».
عملية الغزالة
وفى يوم 15 أكتوبر، شن الإسرائيليون هجوما بتسعة ألوية بطول الجبهة كلها، ونجح المصريون فى صد كل الهجمات حتى يوم 17 أكتوبر.
قبل ذلك بثلاثة أيام وفى يوم 14 أكتوبر، قرر الإسرائيليون تنفيذ عملية الغزالة، وهى خطة وضعت منذ العام 1968 للقيام بهجوم مضاد عبر القناة بالعبور إلى الضفة الغربية من خلال نقطة مختارة من بين ثلاث نقاط، الأولى بالقرب من القنطرة، والثانية بالقرب من الدفرسوار، والثالثة إلى الشمال من ميناء السويس، وكانت طائرات الاستطلاع الأمريكية من طراز اس. آر. 71 قد أكدت أن هناك مساحة واسعة يصل عرضها إلى نحو 40 كيلومترا تكاد أن تكون خالية من أى قوات وتقع هذه المنطقة بين الجيشين الثانى والثالث جنوب الإسماعيلية على شاطئ البحيرات المرة الكبرى ولم يكن هناك من قوات إلا لواء عين جالوت الفلسطينى فى الشمال ولواء اليرموك الكويتى فى الجنوب ولمعرفة الجنرال شارون بهذه المنطقة معرفة جيدة تم تكليفه بقيادة هذه العملية.
كتب دايان يقول:
«كلفت فرقة شارون بعمل رأس كوبرى فى منطقة الدفرسوار بتأمين ممر صحراوى عرضه ميلان ونصف الميل جنوب الدفرسوار وشمال البحيرات المرة شرق القناة والاستيلاء على قطعة أرض هناك تعرف باسم المزرعة الصينية كانت أرضا للتجارب الزراعية المشتركة بين مصر واليابان ولجهل الإسرائيليين بالفرق بين اللغة الصينية واليابانية فقد أطلقوا عليها اسم المزرعة الصينية حيث يمكن بعدها عمل قاعدة شرق القناة (معبر) وإنشاء رأس كوبرى لتعبر من خلاله إلى غرب القناة فرقة شارون وفرقة إسرائيلية أخرى بقيادة ادان».
كتب الجمسى فى يوميات حرب أكتوبر يقول:
«قوبل هجوم فرقة شارون بقتال عنيف من فرقة عبد رب النبى حافظ لكن العدو نجح فى عمل اختراق فى الجانب الأيمن للفرقة وأثناء هذا القتال تسللت قوة من لواء مظلات إسرائيلى إلى الشاطئ الشرقى للقناة ليلة 15 16 أكتوبر ثم عبرت فى قوارب إلى الشاطئ الغربى فى منطقة الدفرسوار لتأمين إنشاء معبر كما كان مقررا، ولابد من التنويه بأن تقدير رئيس أركان الجيش الثانى كان قائد الجيش اللواء سعد مأمون قد أصيب بأزمة قلبية وتولى القيادة بدلا منه رئيس الأركان أن عددا من الدبابات الإسرائيلية يتراوح بين 7 10 دبابات قد نجح فى العبور إلى الضفة الغربية لكننا اكتشفنا بعد ذلك أن العدد كان 30 دبابة كتيبة دبابات وما إن علمنا بهذا العدد حتى قررنا رفع درجة استعداد اللواء 23 مدرع وإنذاره بالتحرك إلى الجبهة لمعاونة الجيش الثانى فى القضاء على القوة الإسرائيلية المتسللة، وقرر الفريق أول أحمد إسماعيل تعيين اللواء عبدالمنعم خليل قائدا للجيش الثانى كما تقرر دفع أحد لواءات الفرقة 21 مدرعة من الجيش الثانى فى اتجاه الجنوب ويقوم الجيش الثالث بدفع لواء مدرع فى اتجاه الشمال وبالتالى يمكن القضاء على هذه الثغرة من الشرق، إلا أن هذا اللواء تعرض أثناء تحركه لهجوم جوى شديد وهجوم مضاد على جانبه الأيمن فاضطر إلى التوقف ولم يتم سد الثغرة من الشرق».
توصية الشاذلى وبرقية السادات
كتب الكولونيل دبوى يقول:
«أدرك الفريق الشاذلى رئيس الأركان بعد زيارة قام بها إلى الإسماعيلية أن هناك محاولة إسرائيلية كبرى لتشييد رأس جسر على الضفة الغربية، فعاد إلى مقر قيادته ورفع توصية إلى الفريق أحمد إسماعيل بسحب معظم الوحدات المصرية من شرق القناة إلى الضفة الغربية لتطويق الهجوم الإسرائيلى وتوقع وكان توقعه سليما أن يبدأ الهجوم الإسرائيلية يوم 19 أكتوبر، لكن الفريق أول أحمد إسماعيل رفض سحب أى قوات ولما احتدم الخلاف اتصل الفريق أحمد إسماعيل بالرئيس السادات وطلب منه الحضور إلى القيادة واستمع إلى القائد وإلى رئيس أركانه ثم وافق على رأى القائد الذى أوضح له أن لديه قوات كافية على الضفة الغربية لتطويق الإسرائيليين ثم أعفى السادات رئيس الأركان من منصبه وطلب أ لا يعلن هذا الأمر وعين بدلا منه اللواء الجمسى، ثم عاد السادات إلى قصر الرئاسة، حيث اجتمع بكوسيجين لبحث ما يمكن تقديمه من أجل ترتيب وقف إطلاق النار، ثم أرسل برقية إلى الرئيس حافظ الأسد يقول له فيها: إننى خلال العشرة أيام الأخيرة كنت أحارب أمريكا لا إسرائيل وأنا لا أستطيع قبول المسئولية أمام التاريخ لتدمير قواتنا المسلحة للمرة الثانية، ولذلك فأنا على استعداد لقبول وقف إطلاق النار، فرد عليه الرئيس الأسد يطلب منه إعادة النظر فى قراره وأخبره بأن الموقف على الجبهة السورية على مايرام، والواقع أن الموقف على الجبهة السورية كان أفضل مما فهمه السادات، لكن السادات اعتبر رد الأسد عاطفيا وغير واقعى، ولم يغير تفكيره بالسعى من أجل وقف إطلاق النار».
كتب حافظ إسماعيل يقول:
«لم أكن أعرب تماما ماذا حدث حتى نتحرك بهذه السرعة نحو قبول وقف إطلاق النار غير المشروط بالانسحاب الإسرائيلى».
وفى يوم 22 أكتوبر اجتمع مجلس الأمن وأصدر قراره بوقف إطلاق النار خلال 12 ساعة من صدور القرار 338 ووافقت كل من مصر وإسرائيل على وقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة 1852 يوم 22 أكتوبر بتوقيت القاهرة.
قبل ذلك بيوم واحد وعلى الجبهة السورية احتشد 22000 جندى عراقى بالإضافة إلى اللواء 90 المدرع الأردنى والذى انضم إلى اللواء الأربعين الأردنى، كما تم تعويض خسائر الفرقتين السوريتين المدرعتين الأولى والثالثة بدبابات سوفييتية جديدة وقررت القيادة العامة السورية الهجوم على القوات الإسرائيلية بخمس فرق على مرحلتين، وتحددت ساعة الصفر سعت 300 يوم 23 أكتوبر وفى يوم 22 أكتوبر اتخذت هذه الفرق مواقعها، وفى الساعة الخامسة مساء أمرت القيادة العامة السورية بوقف العملية، الأمر الذى رفضته الحكومة العراقية وقامت بسحب قواتها من سوريا وبقيت القوات الأردنية فى مواقعها، وفى اليوم التالى بدأت حرب الاستنزاف السورية الإسرائيلية التى دامت 82 يوما.
أما على الجبهة المصرية، فقد واصلت القوات الإسرائيلية رغم قرار وقف إطلاق النار تدعيم قواتها فى الضفة الغربية وقطعت طريق السويس لكن القوات المصرية نجحت فى إيقافها يوم 24 أكتوبر عند الكيلو 101 ، ثم حاولت القوات الإسرائيلية الهجوم على السويس لكنها فشلت فانسحبت وبدأت فى تطويق وحصار الجيش الثالث.
كتب الكولونيل دبوى:
خلال يومى الخامس والعشرين والسادس والعشرين من أكتوبر قاتلت الوحدات المصرية وسلكت سبيلها خارج ذلك المحيط ولاسيما خلال ساعات الظلام، ومع حلول السابع والعشرين من أكتوبر، كان الإسرائيليون قد أسروا نحو ثمانية آلاف فرد من القوات المصرية غالبيتهم من وحدات الإمداد والتموين.
الجيش الثالث
وتحت عنوان ورطة الجيش الثالث كتب يقول:
كانت المشكلة الخطيرة التى مثلت أمام الجيش الثالث الذى يرأسه أحمد بدوى هى الإمدادات من الذخيرة والمياه والغذاء، كان لايزال هناك مخزون طيب من الغذاء وكميات هائلة من الذخيرة وبعض مياه الآبار التى تمتد من السويس ومع ذلك فإن مشكلة الإمداد كانت هى الشاغل الخطير للمشير إسماعيل عندما كان يبحث مستقبل الجيش الثالث وفى الوقت نفسه ارتفعت معنويات بدوى ورجاله نتيجة لما تحقق من صد هجمات إسرائيلية متكررة وقعت ما بين العشرين والثالث والعشرين من أكتوبر وتم تعميق المواقع الدفاعية وتوسيع نطاق الخنادق المعتاد للدبابات وتم تغطية المخابئ تغطية ثقيلة والنجاح فى فتح طريق إمدادات كانت تصل إليهم بصورة متقطعة ليلا من خليج السويس الأعلى، وبالتالى فإنه من الجلى أن موقف الجيش الثالث لم يكن عرضة للخطر كما كان يعتقد الإسرائيليون والأمريكيون والروس.
أما دروميدلتون المحرر العسكرى بصحيفة نيويورك تايمز فكتب يقول:
إن الجيشين المصريين لم يتحطما، لقد تغلب الإسرائيليون عليهما فى المناورات ولكن لم يهزموهما وكانا لايزالان موجودين.
ومنذ أول نوفمبر 73 وحتى 17 مارس 74 بدأت حرب الاستنزاف الثانية بين مصر وإسرائيل حتى تم فك الاشتباك تماما واستعادت مصر سيناء كاملة.
وفى تحليله لحرب 73 كتب دبوى يقول:
مثلما كانت المفاجأة هى الحقيقة التكتيكية المهيمنة للحرب، فإنها كانت أيضا الحقيقة الاستراتيجية الساحقة، ولا يرجع ذلك فحسب كما كتب أحد الدارسين الإسرائيليين: إنها مكنت العرب من إملاء التحركات الأولى فى الحرب وضمان نجاحهم الأول. بل كان لذلك النجاح آثار سياسية ونفسية على جميع الأطراف وعلى بقية العالم إلى حد أن النجاح العسكرى الإسرائيلى فيما بعد لم يمكن معادلته.
وفى موضع آخر كتب يقول:
إذا كانت الحرب بمثابة قوة عسكرية تساندها أهداف سياسية، فإنه ليس ثمة شك فى أنه بالمفهوم الاستراتيجى والسياسى قد كسبت الدول العربية ولاسيما مصر تلك الحرب حتى ولو كانت النتيجة العسكرية قد أسفرت عن حالة جمود أتاح لكلا الجانبين ادعاء تحقيق انتصار عسكرى، ومن جانب آخر، حتى ورغم أن النتيجة العسكرية أسفرت عن نجاح عسكرى إسرائيل، فإن الحرب كانت بمثابة صدمة نفسية قاسية بالنسبة لشعب إسرائيل، فالحرب جعلت الإسرائيليين يدركون أن قواتهم ليست هى القوة التى لا تقهر ولا يمكن تقدير الصدمة النفسية لمقتل ما يناهز 30000 فرد وإصابة ما يربو على 11000 فى غضون تسعة عشرة يوما من الحرب، وفى ضوء عدد السكان الكلى، فإن معدل خسائر الإسرائيليين يفوق الخسائر المصرية بمعدل خمسة أضعاف.
ثم يتحدث دبوى عن الحرب الجوية فيقول:
إذا كان الطيارون المصريون نجحوا على نحو منتظم فى التحكم فى الجو ضد الإسرائيليين فإنما يرجع ذلك إلى حسن قيادة القوات الجوية المصرية برئاسة اللواء محمد حسنى مبارك وقيادة الدفاع الجوى وبسالة وشجاعة الطيارين، فمن الناحية الاستراتيجية اعتمد أحمد إسماعيل على أسلحة الدفاع الجوى السوفييتية الصنع لتوفير غطاء جوى للقوات البرية ضد أى هجوم إسرائيلى مباشر وبهذه الطريقة تتفرغ معظم القوات الجوية لأداء مهامها بحيث لا تكون أوجه ضعف القوة الجوية المصرية ملحوظة أو خطيرة للغاية ومن الناحية التكتيكية اعتمد اللواء محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية المصرية فى المقام الأول على الكر والفر فى الهجوم الجوى، حيث يباغت الإسرائيليين فى الوقت الذى تتمكن فيه المقاتلات القوية التى تتولى عملية التغطية الاشتباك مع الإسرائيليين فى موقف عسير وذلك إذا كان لديها وقت للاندفاع للتصدى لمثل هذه الغارة.
وأخيرا يقول دبوى: وهناك أيضا نتيجة قصيرة الأجل من نتائج الحرب والجهود التى بذلها كلا الجانبين وتتمثل فى تلك النتيجة فى أنه لا يبدو ثمة احتمال فى تحقيق العرب لأى نجاح عسكرى حاسم على الإسرائيليين فى غضون العشرة أو العشرين عاما التالية صدر الكتاب فى النصف الثانى من الثمانينيات إذ إن النوعية الإسرائيلية التى تدعمها «كمية منظمة سوف تحتفظ بلا شك بالتفوق العسكرى على مدى عدة سنوات قادمة طالما أن المساعدات العسكرية متاحة لموازنة أى مساعدات خارجية تقدم للعرب، إلا أنه يتعين على الإسرائيليين السعى من أجل إقرار سلام دائم فى الوقت الذى لاتزال فيه نوعيتهم العسكرية متفوقة وإذا انتظروا كثيرا فإن الوقت قد يكون متأخرا».
وأخيرا أقول إن حرب 73 لم تُشف غليل الكثير من المصريين وأنا أحدهم أو ترفع العار عن رؤوسنا لما حدث فى 1967 هكذا كنت أعتقد لكن بعد أن كتبت هذه الدراسة انتابنى شعور بشىء من الراحة والطمأنينة لأنه كان لدينا مثل هؤلاء القادة حتى لو أساء بعضهم التقدير الذين قادوا هذه الحرب بكل ما فيها من أفراح وأتراح وانتصارات وهزائم، فهم بالقطع غير مسئولين عن ضياع الأرض فى 67 لكنهم بالتأكيد بذلوا كل ما لديهم من جهد وفكر وعلم لاستردادها لا على أساس خيالى انفعالى عاطفى بل على أساس واقعى عقلانى عملى، فأضاءوا الطريق للأجيال القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.