«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير عسكرى أمريكى يحلل : إسرائيل تلقت أسوأ هزيمة فى تاريخها يوم 8 أكتوبر(1 من 3)
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 10 - 2009

على الرغم من محدودية انتشاره بين القراء المصريين والعرب، فإن كتاب «النصر المراوغ Elusive Victory» يظل واحدا من أهم وأفضل ما كتب عن حرب أكتوبر، لأنه أكثر إحاطة وأكثر تخصصا ودقة فى الوقت نفسه، فمؤلفه هو الكولونيل الأمريكى تريفور. ن. دوبوى Colonel Trevor N Dupuy الذى يعتبر من أبرز المحللين العسكريين.
وقد صدرت له عدة أعمال أثارت اهتمام الأوساط العسكرية مثل موسوعة التاريخ العسكرى والتراث العسكرى لأمريكا، بالإضافة إلى كتاب Elusive Victory أو النصر المراوغ الذى نقدمه.
صدرت الترجمة العربية بعنوان «النصر المحير» لحساب هيئة الاستعلامات عام 1988، ويتناول الحروب العربية الإسرائيلة من عام 1947 وحتى عام 1974، وقسمه إلى خمسة كتب، الكتاب الأول من عام 1947 وحتى عام 1949، والكتاب الثانى حرب سيناء السويس أكتوبر نوفمبر 1956 والكتاب الثالث حرب الأيام الستة يونيو 1967، أما الكتاب الرابع ففى حرب الاستنزاف 1967 1970 وهى الحروب التى جرت فى عهد الرئيس الراحل عبدالناصر. ثم الكتاب الخامس والأخير عن حرب أكتوبر 1973، والكتابان الرابع والخامس هما ما سوف نقوم بعرضهما للقارئ.
من الكارثة إلى التحدى
وتحت عنوان «من الكارثة إلى التحدى» يبدأ الكاتب عرض الكتاب الرابع، حيث يوضح كيف كانت إسرائيل فرحة بنصرها عام 67 وأنها ارتاحت لاعتقادها بأن هناك وقتا طويلا وطويلا جدا قبل أن يفيق العرب من صدمة 67، وكيف أن القوات الجوية للجمهورية العربية المتحدة قد فاجأتها بعد شهر واحد من نهاية حرب 67 بهجوم جوى عنيف على مواقعها فى سيناء وكان هذا إعلانا عن بداية حرب من نوع جديد هى حرب الاستنزاف التى استمرت حتى تم وقف إطلاق النار بين الطرفين فى 8 أغسطس 1970، ثم وفاة عبدالناصر وتولى أنور السادات حكم مصر واستعداده للحرب. ويتعرض الكاتب أيضا وبصورة سريعة لفلسطين والأردن وسوريا قبل أن ينتقل إلى الكتاب الخامس عن حرب أكتوبر، حيث يعرض الخطط والاستعدادات المصرية ثم الاستعدادات الإسرائيلية ثم يبدأ بعرض وقائع الحرب بداية من الضربة الجوية وانهيار خط بارليف واختراقه، ويتوقف الكاتب عند يوم 8 أكتوبر، ويقول: إن هذا اليوم كان اسوأ هزيمة فى تاريخ الجيش الإسرائيلى ثم ينتقل بنا المؤلف إلى الجبهة السورية ثم يعود ثانية إلى يوميات الحرب حتى 7 9 أكتوبر إلى 9 13 أكتوبر ثم 14 أكتوبر، ثم يعرض للثغرة أو ما عرف بعملية المزرعة الصينية يوم 16 و15 أكتوبر والمساعدات الأمريكية الضخمة لإسرائيل، ثم بداية الضغوط السياسية على الرئيس أنور السادات من 17 19 أكتوبر ثم ينتقل الكاتب للأحداث التى جرت من 17 20 أكتوبر وإعفاء الفريق الشاذلى من منصبه كرئيس لأركان القوات المسلحة المصرية، وتولى الفريق الجمسى بدلا منه ثم الاتجاه إلى الموافقة على طلب وقف إطلاق النار والخلاف مع سوريا بشأن هذا الأمر، ثم بداية الهجوم الإسرائيلى من 19 إلى 22 أكتوبر على الضفة الغربية لقناة السويس والعمليات النهائية فى سوريا 14 23 أكتوبر، وكيف أن الملك حسين قرر دخول الحرب ضد إسرائيل يوم 9 أكتوبر، ثم يعرض الكاتب المعركة الخاصة بالاستيلاء على مدينة السويس من 23 أكتوبر إلى 25 أكتوبر ثم تطورات هذه المعركة، وكيف أنه مع حلول يوم السابع والعشرين من أكتوبر كان الإسرائيليون قد أسروا نحو ثمانية آلاف فرد من القوات المصرية، أغلبهم من وحدات الإمداد والتموين.
الجيش الثالث
وتحت عنوان ورطة الجيش الثالث، يعرض «دوبوى» لمعركة الجيش الثالث، ثم ينتهى إلى أنه كان من الواضح أن موقف الجيش الثالث لم يكن عرضة للخطر كما اعتقد الإسرائيليون والأمريكيون والروس، ومع هذا فإنه إذا استمرت الحرب أو وتجددت ودامت لمدة أسبوع آخر فإنه كان من المحتمل أن يتغلب التفوق الإسرائيلى فى مجال استخدام المدرعات وتفوقهم الجوى الساحق على قيادة بدوى يقصد اللواء أحمد بدوى، قائد الفرقة السابعة المصرية المحاصرة.
وبعد ذلك يعرض دوبوى للحرب الجوية والدفاع الجوى بداية من استعادة القوات الجوية المصرية لقوتها وكفاءتها، وتطوير القوات الجوية الإسرائيلية لإمكاناتها وكفاءتها، ثم يعقد مقارنة بين أداء كل من الطرفين، وكيفية مواجهة الآخر، واستخدامه كل ما لديه من إمكانات مادية وإستراتيجية لتحقيق التفوق على الآخر ويعرض من خلال هذا الوصف للحرب الجوية، لماذا كانت إسرائيل هى المتفوق جوا؟.
معلومات صادمة للمناقشة
ثم ينتقل دبورى بعد ذلك إلى الحرب البحرية بين مصر وسوريا من ناحية وإسرائيل من ناحية أخرى، وفى الجزء العشرين يناقش الكاتب تدخل الدول العظمى فى الحرب والإمدادات الأمريكية الرهيبة لإسرائيل، لكنه يقول إن العرب يدفعون بأن الأمريكيين بإمدادهم إسرائيل بالأسلحة والمعدات يكونون بذلك قد أقحموا أنفسهم فى الحرب ضد العرب وهو خلط فى التفكير لا يعد غير ملائم وغير منطقى فحسب بل إنه يرتكز على فكرة خاطئة كلية بشأن كل ما يتعلق بتدخل الدول العظمى ثم يشرح هذا. وأخيرا يعرض الكاتب لحرب الاستنزاف حتى فض الاشتباك من أكتوبر 73 وحتى مايو 1974 ثم فى آخر وأجمل فقرات هذا الكتاب يقدم لنا الكاتب تقييما عاما لحرب 73 بكل ما جرى فيها، ثم يصدمنا فى نهايته بقوله إنه لا يبدو ثمة احتمال فى تحقيق العرب لأى نجاح عسكرى حاسم على الإسرائيليين فى غضون العشرة أو العشرين عاما التالية صدر الكتاب فى الثمانينيات لكنه فى فقرة تالية يرى أنه يتعين على الإسرائيلين السعى من أجل إقرار سلام دائم فى الوقت الذى لاتزال فيه نوعيتهم العسكرية متفوقة، وإذا انتظروا كثيرا فإن الوقت قد يكون متأخرا.
ساعة الصفر
ثم بدأ دبوى عرضه لحرب أكتوبر قائلا: يذكر الرئيس السادات ضمنا فى مذكراته أنه اتخذ قراره الأكيد بدخول حرب 73 فى 30 نوفمبر 1972، ومنذ أواخر نوفمبر وفى كل شهر أخذ المصريون فى القيام بمناورات وتدريبات لمركز من مراكز القياداة على مدى ضيق أو واسع بالقرب من قناة السويس ودائما بشكل يسمح للإسرائيليين بملاحظة بعض مظاهر هذا النشاط، وكان الفريق أحمد إسماعيل وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة المصرية فى غاية السعادة حين بينت حسابات مخططيه أن فى يوم السبت 6 أكتوبر 1973 سيكون القمر وحركات الجزر فى القناة مواتية ولم يكن 6 أكتوبر هو السبت فقط، بل كان أيضا يوم كيبور المقدس وأقدس يوم للصيام فى الديانة اليهودية وكان أيضا فى أثناء شهر رمضان المقدس إسلاميا ولا يتوقع الإسرائيليون قيام العرب فيه بنشاط، وهناك اعتبار آخر هو أن الانتخابات فى إسرائيل كان محددا لها يوم 28 أكتوبر، وفيه يكون انتباه المواطنين الإسرائيلين مركزا على ذلك الحدث، وتم الاتفاق بين مصر وسوريا على يوم 6 أكتوبر موعدا لبدء الهجوم فى اجتماع سرى عقد فى أثناء مؤتمر قمة عربى فى القاهرة فى يوم 12 سبتمبر.
وكما كتب الدكتور «آفى شليم»: لقد ذهب العرب إلى أبعد من السرية ولجأوا إلى الخديعة النشطة المصممة لخلق انطباع تضليلى فيما يتعلق بقدراتهم وخططهم ومقاصدهم.
ويتابع دبوى حديثه قائلا: ربما لا يوجد أى جيش فى العالم كان يمكنه انجاز التخطيط الفنى المصرى للعملية بدر، الاسم الكودى لهجوم السادس من أكتوبر على الجبهة المصرية، فالمخططون المصريون أقاموا وزنا للاعتبارات المختلفة، كما تم اختيار ساعة للصفر غير عادية إذ كانت الساعة 14:05 بدلا من ساعة الفجر أو وقت الغسق الوقت الأقرب لما هو معتاد فى عمليات الهجوم الكبيرة، وكانت هناك عقبتان رئيسيتان تواجهان المصريين على جبهة سيناء، الأولى هى قناة السويس أما العقبة الثانية فهى خط بارليف بتحصيناته وتجهيزاته كما كانت توجد بجوار الضفة الشرقية تحت الماء خطوط للأنابيب تحتوى على زيت خام قابل للاشتعال يطفو فوق السطح إذا ما تم فتح الصمامات، حيث يمكن إشعاله ليغطى القناة بصفحة من اللهب ويؤكد المصريون أنه فى الليلة السابقة للهجوم أرسلوا ضفادع بشرية لسد الصمامات التى تعمل بالأسمنت المسلح، وكانت هذه العملية ناجحة، كما يؤكدون بأنهم فى يوم 6 أكتوبر أسروا اثنين من المهندسين الذين يعملون على هذه الشبكة ويعترف الإسرائيليون ضمنا بهذا.
فى الساعة الرابعة صباح يوم أكتوبر تلقى الجنرال دايفيد إليعازر، رئيس الأركان الإسرائيلى مكالمة هاتفية من الجنرال زعيرا رئيس المخابرات الحربية مفادها أنه أصبح واضحا الآن وبدون خطأ أو إنكار أن الجيشين العربيين المصرى والسورى سوف يبدأن حربا هذا اليوم، وأن وقت الهجوم قط خطط له أن يتم فى الساعة السادسة مساء، وعندما انعقد مجلس الوزراء فى الساعة الثامنة صباحا طلب الجنرال إليعازر الموافقة على القيام بضربة جوية فورية وبالتعبئة الكاملة، ورفضت جولدامائير رئيسة الوزراء وقالت إن مثل هذه الضربة مستحيلة سياسيا، فإذا قامت الحرب يجب ألا يكون هناك أدنى شك فى أعين العالم أن العرب هم الذين بدأوا بها وليست إسرائيل، وأقرها وزير الدفاع دايان على وجهة نظرها، وقرر القيام بالتعبئة الجزئية اعتبارا من الساعة ال10 صباحا، وساعد على القيام بهذه التعبئة سهولة العثور على كل فرد مؤهل للتعبئة لظروف الإجازة، لكن من ناحية أخرى كما توقع المخططون المصريون لم تكن الإذاعة والتليفزيون يعملان فى يوم كيبور لذا كان من المستحيل إذاعة رسائل بشفرة التعبئة، ونقلت المعلومات بأن هجوما عربيا متوقعا فى الساعة السادسة مساء إلى كل من القيادات الشمالية والجنوبية مبكرا فى الصباح، حيث أبلغت من فورها لقادة الألوية الثلاثة على الجبهة الشمالية لكنها تأخيرت كثيرا فى الوصول إلى قادة الجبهة الجنوبية الذين كانوا يستعدون للاحتفال بوداع الجنرال مندلر الذى كان قد تقرر نقله إلى موقع آخر، إلا أنه عندما وصله التحذير المتأخر طلب من الجنرال جونين قائد الجبهة الجنوبية تحريك قواته إلى الأمام لكنه رفض، وقال فى أسباب رفضه إنه مازالت هناك إمكانية لعدم اندلاع الحرب، ثم إن مثل هذا التحرك سيكشف للمصريين أن المخابرات الإسرائيلية على دراية بخططهم وبعد الساعة الثانية مساء اتصل جونين بمندلر وقال له ألبرت يبدو لى الآن أنه من الأفضل أن تبدأ فى تحريك قواتك إلى الأمام، وبهدوء رد عليه ألبرت مندلر «أظن ذلك» إننا نتعرض لهجوم جوى وبالصواريخ وكانت الساعة 2:05 مساء يوم 6 أكتوبر 1973.
سيمفونية الثانية وخمس دقائق
وفى تمام الثانية وخمس دقائق فى السادس من أكتوبر فتحت نيران ما يقرب من 4000 قطعة مدفعية مصرية فى وقت واحد نيرانها وأطلقت قذائفها على النقاط القوية ومواقع القيادة فى المنطقة الأمامية لخط بارليف وفى نفس اللحظة انطلقت 250 طائرة مصرية وعبرت القناة متجهة نحو مواقع مدفعية المؤخرة الإسرائيلية وعشرة مواقع لصواريخ الدفاع الجرى هوك ومراكز القيادة، ومواقع الرادار ومحطات التشويش والاتصالات الإلكترونية وتسهيلات الاتصالات، وبصفة خاصة مطارات المليز وبير تمادا والسر بدقة متناهية فى التوقيت، كانت الصواريخ طويلة المدى فروج تندفع بسرعة البرق نحو القواعد الإسرائيلية فى بئر جفجافة، وفى خلال الدقيقة الأولى سقطت 10500 قذيفة مدفعية على المواقع الإسرائيلية، واستمر القصف لمدة 35 دقيقة بلا انقاطع وتدك دون أن تدمر جميع النقاط القوية لخط بارليف ومواقع المدفعية المعروفة ومناطق تجمع الدبابات ومواقع القيادة المحلية، وفى الوقت الذى كانت فيه هذه العملية مستمرة كان المهندسون المصريون يقومون بسرعة بفك القطعات التى أقيمت من قبل فى السد على الضفة الغربية والتى كانت تسندها بأكياس الرمال وقد أزالوها إما باليد أو بالبولدوزرات لفتح ثغرات مر من خلالها آلاف الجنود الذين يحملون قوارب هجوم آلية وزوارق، وإلى الغرب تجمعت العربات البرمائية ومعديات الدبابات الثقيلة فى مواقع الاختراق والفجوات التى كان يتم فتحها بسرعة عن طريق مدافع مائية صنعت خصيصا لهذه المهمة، وبعد مرور 15 دقيقة على بدء المرحلة الأولى نزلت موجة أخرى من القوارب لتنضم إلى ما سبقها وتعمل على تدعيم الدفاع السريع الذى أوجدته الموجة الأولى، وقامت موجات الطيرات المصرى المتكررة خلال هذا الوقت بضرب القاعدة الإسرائيلية الأمامية والقاعدة والمطار فى بئر جفجافة والقيادة الإسرائيلية الجنوبية ومركز القيادة الأمامية ومركز الاتصالات فى أن خشيب ومراكز الاتصال على طول محور القنطرة أم خشيب، وأطلقت القاذفات المتوسطة تى يو 16 قنابل موجهة «كيلس» على فترات متباعدة نحو وسط وشرق سيناء ومع بداية فتح الثغرات فى حائط بارليف الترابى بدأ إلقاء جسور عائمة عبر القناة واستخدموا فى ذلك معدات الجسور السوفييتية الصنع جنبا إلى جنب مع معدات مصنعة محليا بأيد مصرية معظمها فى ورش السد العالى بالقرب من أسوان.
بطولات فدائيين
وبمجرد حلول الغسق تحركت نحو 30 طائرة هليوكوبتر مصرية ضخمة من طراز مى 8 حاملات القوات، حاملة على متن كل منها 25 فدائيا نحو نقاط تم اختيارها بدقة فى سيناء على بعد من عشرة إلى 12 كيلومترا شرق القناة مسلحين بصواريخ ساجر وآر.بى.جى 7 لقطع خطوط الاتصالات والمواصلات الإسرائيلية، وقد أحدث هؤلاء الفدائيون حالة رعب مهولة فى المناطق الإسرائيلية فى المؤخرة وصمدت مجموعة الفدائيين فى ممر السدر لمدة 16 يوما ونجحت فى سد الممر لكن باستثناء هذه المجموعة، فإن معظم الفدائيين قتلوا أو أسروا على يد الإسرائيليين فى مساء 7 أكتوبر ومع ذلك فإن معدل حركة الاحتياط الإسرائيلى نحو القناة انخفض بشكل كبير، وكانت وسائل الاتصالات وأوجه النشاط فى منطقة المؤخرة قد تعطلت ولم يحقق الفدائيون ما كان يأمل فى تحقيقه المصريون لكنهم أحدثوا قدرا من الخسائر أكثر مما كان يتوقعه الإسرائيليون.
بعد الهجوم المصرى بست وعشرين دقيقة بدأت هجمات الطيران الإسرائيلى المتقطعة والمنعزلة، وأصيب على الأقل نصف عدد الطائرات الإسرائيلية المهاجمة بالنيران المصرية المدمرة الدقيقة غير المتوقعة، وقد جاء فى تقرير لأحد مراقبى الأمم المتحدة أنه فى إحدى الغارات المكثفة فى وقت متأخر من بعد الظهر كانت أربع طائرات من كل خمس طائرات من الطائرات المهاجمة قد أصيبت.
وفى الساعة الثامنة من يوم 6 أكتوبر كان يتمركز على الضفة الشرقية من قناة السويس 80 ألف جندى مصرى بأسلحتهم المتنوعة وأسقطوا العديد من النقاط الحصينة فى خط بارليف وحاصروا النقاط التى كانت تبدى مقاومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.