وزارة التضامن تقر حل جمعيتين في محافظة الغربية    تراجع أسعار النفط مع ارتفاع المخزونات الأمريكية    «المصرية للاتصالات» تعلن اكتمال مشروع الكابل البحري 2Africa    «المشاط»: 6 مليارات يورو استثمارات 1600 شركة ألمانية في مصر    خبير روسي: الجيش الأوكراني ينقل ما يصل إلى نصف أفراده من المنطقة الحدودية إلى كوبيانسك    30 ألف مشجع يساندون الأهلي أمام شبيبة القبائل في دوري أبطال أفريقيا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لصندوق حماية البيئة وتستعرض موازنة 2026 وخطط دعم المشروعات البيئية    الحكومة: تسليم 265 كيلو ذهب بقيمة 1.65 مليار جنيه للبنك المركزي.. رسالة جديدة لدعم الاقتصاد الوطني    19 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    التضخم في بريطانيا يتراجع لأول مرة منذ 7 أشهر    تداول 97 ألف طن و854 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    جامعة بنها ضمن أفضل 10 جامعات على مستوى مصر بتصنيف كيواس للتنمية المستدامة    زيلينسكي في تركيا.. محادثات تغيب عنها روسيا بهدف إنهاء حرب أوكرانيا    هجمات روسية تهز أوكرانيا.. ومقتل 9 وإصابة العشرات وأضرار بالبنية التحتية    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى فعاليات معرض دبى الدولى للطيران 2025    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    رئيس القابضة لمصر للطيران في زيارة تفقدية لطائرة Boeing 777X    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى معرض دبى الدولى للطيران    صلاح ينافس على جائزتين في جلوب سوكر 2025    كانوا واقفين على الرصيف.. وفاة تلميذة وإصابة 3 أخرين صدمتهم سيارة مسرعة بالفيوم    أخبار الطقس في الكويت.. أجواء معتدلة خلال النهار ورياح نشطة    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    الحبس 15 يوما لربة منزل على ذمة التحقيق فى قتلها زوجها بالإسكندرية    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    6 مطالب برلمانية لحماية الآثار المصرية ومنع محاولات سرقتها    معرض «رمسيس وذهب الفراعنة».. فخر المصريين في طوكيو    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال تطوير مستشفى طلخا المركزي وإنشاء فرع جديد لعيادة التأمين الصحي    أفضل مشروبات طبيعية لرفع المناعة للأسرة، وصفات بسيطة تعزز الصحة طوال العام    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    بولندا تغلق مطارين وتضع أنظمة دفاعها الجوى فى حالة تأهب قصوى    الإسكندرية تترقب باقي نوة المكنسة بدءا من 22 نوفمبر.. والشبورة تغلق الطريق الصحراوي    مصرع 3 شباب فى حادث تصادم بالشرقية    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    اليوم.. أنظار إفريقيا تتجه إلى الرباط لمتابعة حفل جوائز "كاف 2025"    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    تنمية متكاملة للشباب    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    الصحة: «ماربورج» ينتقل عبر خفافيش الفاكهة.. ومصر خالية تماما من الفيروس    صحة البحر الأحمر تنظم قافلة طبية مجانية شاملة بقرية النصر بسفاجا لمدة يومين    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    بحضور ماسك ورونالدو، ترامب يقيم عشاء رسميا لولي العهد السعودي (فيديو)    زيورخ السويسري يكشف حقيقة المفاوضات مع محمد السيد    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير عسكرى أمريكى يحلل : إسرائيل تلقت أسوأ هزيمة فى تاريخها يوم 8 أكتوبر(1 من 3)
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 10 - 2009

على الرغم من محدودية انتشاره بين القراء المصريين والعرب، فإن كتاب «النصر المراوغ Elusive Victory» يظل واحدا من أهم وأفضل ما كتب عن حرب أكتوبر، لأنه أكثر إحاطة وأكثر تخصصا ودقة فى الوقت نفسه، فمؤلفه هو الكولونيل الأمريكى تريفور. ن. دوبوى Colonel Trevor N Dupuy الذى يعتبر من أبرز المحللين العسكريين.
وقد صدرت له عدة أعمال أثارت اهتمام الأوساط العسكرية مثل موسوعة التاريخ العسكرى والتراث العسكرى لأمريكا، بالإضافة إلى كتاب Elusive Victory أو النصر المراوغ الذى نقدمه.
صدرت الترجمة العربية بعنوان «النصر المحير» لحساب هيئة الاستعلامات عام 1988، ويتناول الحروب العربية الإسرائيلة من عام 1947 وحتى عام 1974، وقسمه إلى خمسة كتب، الكتاب الأول من عام 1947 وحتى عام 1949، والكتاب الثانى حرب سيناء السويس أكتوبر نوفمبر 1956 والكتاب الثالث حرب الأيام الستة يونيو 1967، أما الكتاب الرابع ففى حرب الاستنزاف 1967 1970 وهى الحروب التى جرت فى عهد الرئيس الراحل عبدالناصر. ثم الكتاب الخامس والأخير عن حرب أكتوبر 1973، والكتابان الرابع والخامس هما ما سوف نقوم بعرضهما للقارئ.
من الكارثة إلى التحدى
وتحت عنوان «من الكارثة إلى التحدى» يبدأ الكاتب عرض الكتاب الرابع، حيث يوضح كيف كانت إسرائيل فرحة بنصرها عام 67 وأنها ارتاحت لاعتقادها بأن هناك وقتا طويلا وطويلا جدا قبل أن يفيق العرب من صدمة 67، وكيف أن القوات الجوية للجمهورية العربية المتحدة قد فاجأتها بعد شهر واحد من نهاية حرب 67 بهجوم جوى عنيف على مواقعها فى سيناء وكان هذا إعلانا عن بداية حرب من نوع جديد هى حرب الاستنزاف التى استمرت حتى تم وقف إطلاق النار بين الطرفين فى 8 أغسطس 1970، ثم وفاة عبدالناصر وتولى أنور السادات حكم مصر واستعداده للحرب. ويتعرض الكاتب أيضا وبصورة سريعة لفلسطين والأردن وسوريا قبل أن ينتقل إلى الكتاب الخامس عن حرب أكتوبر، حيث يعرض الخطط والاستعدادات المصرية ثم الاستعدادات الإسرائيلية ثم يبدأ بعرض وقائع الحرب بداية من الضربة الجوية وانهيار خط بارليف واختراقه، ويتوقف الكاتب عند يوم 8 أكتوبر، ويقول: إن هذا اليوم كان اسوأ هزيمة فى تاريخ الجيش الإسرائيلى ثم ينتقل بنا المؤلف إلى الجبهة السورية ثم يعود ثانية إلى يوميات الحرب حتى 7 9 أكتوبر إلى 9 13 أكتوبر ثم 14 أكتوبر، ثم يعرض للثغرة أو ما عرف بعملية المزرعة الصينية يوم 16 و15 أكتوبر والمساعدات الأمريكية الضخمة لإسرائيل، ثم بداية الضغوط السياسية على الرئيس أنور السادات من 17 19 أكتوبر ثم ينتقل الكاتب للأحداث التى جرت من 17 20 أكتوبر وإعفاء الفريق الشاذلى من منصبه كرئيس لأركان القوات المسلحة المصرية، وتولى الفريق الجمسى بدلا منه ثم الاتجاه إلى الموافقة على طلب وقف إطلاق النار والخلاف مع سوريا بشأن هذا الأمر، ثم بداية الهجوم الإسرائيلى من 19 إلى 22 أكتوبر على الضفة الغربية لقناة السويس والعمليات النهائية فى سوريا 14 23 أكتوبر، وكيف أن الملك حسين قرر دخول الحرب ضد إسرائيل يوم 9 أكتوبر، ثم يعرض الكاتب المعركة الخاصة بالاستيلاء على مدينة السويس من 23 أكتوبر إلى 25 أكتوبر ثم تطورات هذه المعركة، وكيف أنه مع حلول يوم السابع والعشرين من أكتوبر كان الإسرائيليون قد أسروا نحو ثمانية آلاف فرد من القوات المصرية، أغلبهم من وحدات الإمداد والتموين.
الجيش الثالث
وتحت عنوان ورطة الجيش الثالث، يعرض «دوبوى» لمعركة الجيش الثالث، ثم ينتهى إلى أنه كان من الواضح أن موقف الجيش الثالث لم يكن عرضة للخطر كما اعتقد الإسرائيليون والأمريكيون والروس، ومع هذا فإنه إذا استمرت الحرب أو وتجددت ودامت لمدة أسبوع آخر فإنه كان من المحتمل أن يتغلب التفوق الإسرائيلى فى مجال استخدام المدرعات وتفوقهم الجوى الساحق على قيادة بدوى يقصد اللواء أحمد بدوى، قائد الفرقة السابعة المصرية المحاصرة.
وبعد ذلك يعرض دوبوى للحرب الجوية والدفاع الجوى بداية من استعادة القوات الجوية المصرية لقوتها وكفاءتها، وتطوير القوات الجوية الإسرائيلية لإمكاناتها وكفاءتها، ثم يعقد مقارنة بين أداء كل من الطرفين، وكيفية مواجهة الآخر، واستخدامه كل ما لديه من إمكانات مادية وإستراتيجية لتحقيق التفوق على الآخر ويعرض من خلال هذا الوصف للحرب الجوية، لماذا كانت إسرائيل هى المتفوق جوا؟.
معلومات صادمة للمناقشة
ثم ينتقل دبورى بعد ذلك إلى الحرب البحرية بين مصر وسوريا من ناحية وإسرائيل من ناحية أخرى، وفى الجزء العشرين يناقش الكاتب تدخل الدول العظمى فى الحرب والإمدادات الأمريكية الرهيبة لإسرائيل، لكنه يقول إن العرب يدفعون بأن الأمريكيين بإمدادهم إسرائيل بالأسلحة والمعدات يكونون بذلك قد أقحموا أنفسهم فى الحرب ضد العرب وهو خلط فى التفكير لا يعد غير ملائم وغير منطقى فحسب بل إنه يرتكز على فكرة خاطئة كلية بشأن كل ما يتعلق بتدخل الدول العظمى ثم يشرح هذا. وأخيرا يعرض الكاتب لحرب الاستنزاف حتى فض الاشتباك من أكتوبر 73 وحتى مايو 1974 ثم فى آخر وأجمل فقرات هذا الكتاب يقدم لنا الكاتب تقييما عاما لحرب 73 بكل ما جرى فيها، ثم يصدمنا فى نهايته بقوله إنه لا يبدو ثمة احتمال فى تحقيق العرب لأى نجاح عسكرى حاسم على الإسرائيليين فى غضون العشرة أو العشرين عاما التالية صدر الكتاب فى الثمانينيات لكنه فى فقرة تالية يرى أنه يتعين على الإسرائيلين السعى من أجل إقرار سلام دائم فى الوقت الذى لاتزال فيه نوعيتهم العسكرية متفوقة، وإذا انتظروا كثيرا فإن الوقت قد يكون متأخرا.
ساعة الصفر
ثم بدأ دبوى عرضه لحرب أكتوبر قائلا: يذكر الرئيس السادات ضمنا فى مذكراته أنه اتخذ قراره الأكيد بدخول حرب 73 فى 30 نوفمبر 1972، ومنذ أواخر نوفمبر وفى كل شهر أخذ المصريون فى القيام بمناورات وتدريبات لمركز من مراكز القياداة على مدى ضيق أو واسع بالقرب من قناة السويس ودائما بشكل يسمح للإسرائيليين بملاحظة بعض مظاهر هذا النشاط، وكان الفريق أحمد إسماعيل وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة المصرية فى غاية السعادة حين بينت حسابات مخططيه أن فى يوم السبت 6 أكتوبر 1973 سيكون القمر وحركات الجزر فى القناة مواتية ولم يكن 6 أكتوبر هو السبت فقط، بل كان أيضا يوم كيبور المقدس وأقدس يوم للصيام فى الديانة اليهودية وكان أيضا فى أثناء شهر رمضان المقدس إسلاميا ولا يتوقع الإسرائيليون قيام العرب فيه بنشاط، وهناك اعتبار آخر هو أن الانتخابات فى إسرائيل كان محددا لها يوم 28 أكتوبر، وفيه يكون انتباه المواطنين الإسرائيلين مركزا على ذلك الحدث، وتم الاتفاق بين مصر وسوريا على يوم 6 أكتوبر موعدا لبدء الهجوم فى اجتماع سرى عقد فى أثناء مؤتمر قمة عربى فى القاهرة فى يوم 12 سبتمبر.
وكما كتب الدكتور «آفى شليم»: لقد ذهب العرب إلى أبعد من السرية ولجأوا إلى الخديعة النشطة المصممة لخلق انطباع تضليلى فيما يتعلق بقدراتهم وخططهم ومقاصدهم.
ويتابع دبوى حديثه قائلا: ربما لا يوجد أى جيش فى العالم كان يمكنه انجاز التخطيط الفنى المصرى للعملية بدر، الاسم الكودى لهجوم السادس من أكتوبر على الجبهة المصرية، فالمخططون المصريون أقاموا وزنا للاعتبارات المختلفة، كما تم اختيار ساعة للصفر غير عادية إذ كانت الساعة 14:05 بدلا من ساعة الفجر أو وقت الغسق الوقت الأقرب لما هو معتاد فى عمليات الهجوم الكبيرة، وكانت هناك عقبتان رئيسيتان تواجهان المصريين على جبهة سيناء، الأولى هى قناة السويس أما العقبة الثانية فهى خط بارليف بتحصيناته وتجهيزاته كما كانت توجد بجوار الضفة الشرقية تحت الماء خطوط للأنابيب تحتوى على زيت خام قابل للاشتعال يطفو فوق السطح إذا ما تم فتح الصمامات، حيث يمكن إشعاله ليغطى القناة بصفحة من اللهب ويؤكد المصريون أنه فى الليلة السابقة للهجوم أرسلوا ضفادع بشرية لسد الصمامات التى تعمل بالأسمنت المسلح، وكانت هذه العملية ناجحة، كما يؤكدون بأنهم فى يوم 6 أكتوبر أسروا اثنين من المهندسين الذين يعملون على هذه الشبكة ويعترف الإسرائيليون ضمنا بهذا.
فى الساعة الرابعة صباح يوم أكتوبر تلقى الجنرال دايفيد إليعازر، رئيس الأركان الإسرائيلى مكالمة هاتفية من الجنرال زعيرا رئيس المخابرات الحربية مفادها أنه أصبح واضحا الآن وبدون خطأ أو إنكار أن الجيشين العربيين المصرى والسورى سوف يبدأن حربا هذا اليوم، وأن وقت الهجوم قط خطط له أن يتم فى الساعة السادسة مساء، وعندما انعقد مجلس الوزراء فى الساعة الثامنة صباحا طلب الجنرال إليعازر الموافقة على القيام بضربة جوية فورية وبالتعبئة الكاملة، ورفضت جولدامائير رئيسة الوزراء وقالت إن مثل هذه الضربة مستحيلة سياسيا، فإذا قامت الحرب يجب ألا يكون هناك أدنى شك فى أعين العالم أن العرب هم الذين بدأوا بها وليست إسرائيل، وأقرها وزير الدفاع دايان على وجهة نظرها، وقرر القيام بالتعبئة الجزئية اعتبارا من الساعة ال10 صباحا، وساعد على القيام بهذه التعبئة سهولة العثور على كل فرد مؤهل للتعبئة لظروف الإجازة، لكن من ناحية أخرى كما توقع المخططون المصريون لم تكن الإذاعة والتليفزيون يعملان فى يوم كيبور لذا كان من المستحيل إذاعة رسائل بشفرة التعبئة، ونقلت المعلومات بأن هجوما عربيا متوقعا فى الساعة السادسة مساء إلى كل من القيادات الشمالية والجنوبية مبكرا فى الصباح، حيث أبلغت من فورها لقادة الألوية الثلاثة على الجبهة الشمالية لكنها تأخيرت كثيرا فى الوصول إلى قادة الجبهة الجنوبية الذين كانوا يستعدون للاحتفال بوداع الجنرال مندلر الذى كان قد تقرر نقله إلى موقع آخر، إلا أنه عندما وصله التحذير المتأخر طلب من الجنرال جونين قائد الجبهة الجنوبية تحريك قواته إلى الأمام لكنه رفض، وقال فى أسباب رفضه إنه مازالت هناك إمكانية لعدم اندلاع الحرب، ثم إن مثل هذا التحرك سيكشف للمصريين أن المخابرات الإسرائيلية على دراية بخططهم وبعد الساعة الثانية مساء اتصل جونين بمندلر وقال له ألبرت يبدو لى الآن أنه من الأفضل أن تبدأ فى تحريك قواتك إلى الأمام، وبهدوء رد عليه ألبرت مندلر «أظن ذلك» إننا نتعرض لهجوم جوى وبالصواريخ وكانت الساعة 2:05 مساء يوم 6 أكتوبر 1973.
سيمفونية الثانية وخمس دقائق
وفى تمام الثانية وخمس دقائق فى السادس من أكتوبر فتحت نيران ما يقرب من 4000 قطعة مدفعية مصرية فى وقت واحد نيرانها وأطلقت قذائفها على النقاط القوية ومواقع القيادة فى المنطقة الأمامية لخط بارليف وفى نفس اللحظة انطلقت 250 طائرة مصرية وعبرت القناة متجهة نحو مواقع مدفعية المؤخرة الإسرائيلية وعشرة مواقع لصواريخ الدفاع الجرى هوك ومراكز القيادة، ومواقع الرادار ومحطات التشويش والاتصالات الإلكترونية وتسهيلات الاتصالات، وبصفة خاصة مطارات المليز وبير تمادا والسر بدقة متناهية فى التوقيت، كانت الصواريخ طويلة المدى فروج تندفع بسرعة البرق نحو القواعد الإسرائيلية فى بئر جفجافة، وفى خلال الدقيقة الأولى سقطت 10500 قذيفة مدفعية على المواقع الإسرائيلية، واستمر القصف لمدة 35 دقيقة بلا انقاطع وتدك دون أن تدمر جميع النقاط القوية لخط بارليف ومواقع المدفعية المعروفة ومناطق تجمع الدبابات ومواقع القيادة المحلية، وفى الوقت الذى كانت فيه هذه العملية مستمرة كان المهندسون المصريون يقومون بسرعة بفك القطعات التى أقيمت من قبل فى السد على الضفة الغربية والتى كانت تسندها بأكياس الرمال وقد أزالوها إما باليد أو بالبولدوزرات لفتح ثغرات مر من خلالها آلاف الجنود الذين يحملون قوارب هجوم آلية وزوارق، وإلى الغرب تجمعت العربات البرمائية ومعديات الدبابات الثقيلة فى مواقع الاختراق والفجوات التى كان يتم فتحها بسرعة عن طريق مدافع مائية صنعت خصيصا لهذه المهمة، وبعد مرور 15 دقيقة على بدء المرحلة الأولى نزلت موجة أخرى من القوارب لتنضم إلى ما سبقها وتعمل على تدعيم الدفاع السريع الذى أوجدته الموجة الأولى، وقامت موجات الطيرات المصرى المتكررة خلال هذا الوقت بضرب القاعدة الإسرائيلية الأمامية والقاعدة والمطار فى بئر جفجافة والقيادة الإسرائيلية الجنوبية ومركز القيادة الأمامية ومركز الاتصالات فى أن خشيب ومراكز الاتصال على طول محور القنطرة أم خشيب، وأطلقت القاذفات المتوسطة تى يو 16 قنابل موجهة «كيلس» على فترات متباعدة نحو وسط وشرق سيناء ومع بداية فتح الثغرات فى حائط بارليف الترابى بدأ إلقاء جسور عائمة عبر القناة واستخدموا فى ذلك معدات الجسور السوفييتية الصنع جنبا إلى جنب مع معدات مصنعة محليا بأيد مصرية معظمها فى ورش السد العالى بالقرب من أسوان.
بطولات فدائيين
وبمجرد حلول الغسق تحركت نحو 30 طائرة هليوكوبتر مصرية ضخمة من طراز مى 8 حاملات القوات، حاملة على متن كل منها 25 فدائيا نحو نقاط تم اختيارها بدقة فى سيناء على بعد من عشرة إلى 12 كيلومترا شرق القناة مسلحين بصواريخ ساجر وآر.بى.جى 7 لقطع خطوط الاتصالات والمواصلات الإسرائيلية، وقد أحدث هؤلاء الفدائيون حالة رعب مهولة فى المناطق الإسرائيلية فى المؤخرة وصمدت مجموعة الفدائيين فى ممر السدر لمدة 16 يوما ونجحت فى سد الممر لكن باستثناء هذه المجموعة، فإن معظم الفدائيين قتلوا أو أسروا على يد الإسرائيليين فى مساء 7 أكتوبر ومع ذلك فإن معدل حركة الاحتياط الإسرائيلى نحو القناة انخفض بشكل كبير، وكانت وسائل الاتصالات وأوجه النشاط فى منطقة المؤخرة قد تعطلت ولم يحقق الفدائيون ما كان يأمل فى تحقيقه المصريون لكنهم أحدثوا قدرا من الخسائر أكثر مما كان يتوقعه الإسرائيليون.
بعد الهجوم المصرى بست وعشرين دقيقة بدأت هجمات الطيران الإسرائيلى المتقطعة والمنعزلة، وأصيب على الأقل نصف عدد الطائرات الإسرائيلية المهاجمة بالنيران المصرية المدمرة الدقيقة غير المتوقعة، وقد جاء فى تقرير لأحد مراقبى الأمم المتحدة أنه فى إحدى الغارات المكثفة فى وقت متأخر من بعد الظهر كانت أربع طائرات من كل خمس طائرات من الطائرات المهاجمة قد أصيبت.
وفى الساعة الثامنة من يوم 6 أكتوبر كان يتمركز على الضفة الشرقية من قناة السويس 80 ألف جندى مصرى بأسلحتهم المتنوعة وأسقطوا العديد من النقاط الحصينة فى خط بارليف وحاصروا النقاط التى كانت تبدى مقاومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.