إنه فى يوم سبت أزرق حزين.. ذهبت إلى السجل المدنى لتجديد جواز السفر.. وهناك فاجأنى موظف السجل بأن اسمى غير موجود فى الكمبيوتر.. وبعد المزيد من البحث أكد لى أنه حتى بيانات والدى ووالدتى ليس فيها اسمى على الإطلاق! فسألت الموظف: «يعنى إيه؟ أنا مش بنتهم؟!».. فطأطأ الموظف رأسه خجلا، وإن كنت توسمت فى وجهه أنه يريد أن يسكعنى على وجهى القلم نفسه الذى تلقاه عبدالحليم حافظ من عماد حمدى فى موقف مشابه.. وصدمت صدمة لا يعادلها سوى صدمتى من إذاعة الأغانى بعد أن تخلت عن نجاح البدايات وأصبحت مسخا قبيحا من إذاعة نجوم إف إم.. وسرحت بذاكرتى.. وتذكرت كيف كان شقيقى الأكبر فى طفولتنا يعايرنى بأنهم وجدونى على باب الجامع!.. إذن.. إنها الخطايا!!.. ياللمهزلة التناسلية!.. كل من حولك خانوك يا ريتشارد حتى أقرب الناس إليك!!.. وقبل أن ألتقط أنفاسى المبعثرة من هول الصدمة، فاجأنى الموظف بأنه، بعد المزيد من البحث على الكمبيوتر، تبين أنه ليس لديهم ما يفيد بأن أبى متزوج من أمى!!.. وذهلت! ماذا يعنى هذا؟!.. أبتاه مش زوج أماه؟! إذن، أبتاه ذئباه؟!.. وا فضيحتاه.. ياللفاجعة المتفجعة بالفجيعة!!.. وهرولت إلى المنزل.. وحاولت أن أصطنع الهدوء، وأنا أدعو أمى للحديث على انفراد.. وقصصت عليها ما حدث فى السجل المدنى وسألتها عن مكان قسيمة زواجها حتى أذهب بها للسجل.. فأجابتنى: «ياااه وأنا هافتكر منين؟ أكيد ضاعت».. فسألتها متهكمة: «ضاعت؟».. طبعا ما هو أى بنت فى موقفها لازم هتقول كده.. والله أعلم بقى كان فيه ورقة زواج من البداية أم لا.. وتذكرت كيف كان أبى يسافر كثيرا فى طفولتى.. آل إيه مؤتمرات!!، بينما الحقيقة أنه زواج مسيار!!.. أنا قلبى كان حاسس، فنحن لم نكن نراه كثيرا ونحن أطفال.. آل إيه مشغول فى المستشفى والعيادة!.. ياللمهزلة الزواجية العرفية!!.. وهنا قررت أن أجتمع بإخوتى لطرح الموضوع عليهم.. وما إن ألقيت عليهم الخبر حتى انفجر شقيقى الأصغر - وهو متدين حبتين - وأعلن أنه سيختبئ لأبى عند خروجه من الحمام ويطخه رصاصتين، أما أخى الأكبر، لأنه قضى معظم حياته فى فرنسا فهو متحرر حبتين، واقترح أن نعقد قرانهما رسميًا خصوصا أنهما بعد كل هذه السنين لابد أن يكونا درسا بعض كويس.. وبالفعل وافقنا على هذا ااقتراح وإن كنت أعربت عن قلقى إن كان أبى سيوافق على عقد القران أو «سيخلع» مثلما يفعل الشبان فى مثل هذه المواقف!.. وفى وسط الهرج والمرج لمحت خبرا بالجرائد القومية أن مصر من أفضل خمس دول فى العالم فى تصدير الخدمات التكنولوجية! يا للعجب! كيف تتحدث الحكومة بمنتهى الفخر عن استخدام التكنولوجيا فى الخدمات التى تقدمها للمواطنين، بينما عملية بسيطة لنقل البيانات من الدفاتر القديمة للكمبيوتر ينتج عنها فقد مئات الأسماء ليصبحوا سواقط قيد أو تتغير حالتهم الاجتماعية.. المهم.. الحمد لله أن أمد الله فى عمرى حتى جاء اليوم الذى أرى فيه أمى الوحيدة وهى عروسة بالفستان الأبيض والطرحة.. أستأذنكم بقى لأن المأذون وصل، ويجب أن أذهب لأساعد إخوتى فى فك الحبل الذى ربطنا به أبى فى الكنبة حتى لا يهرب.