«قانون الضرائب العقارية لم يحسم بعد» كان هذا هو تصريح الرئيس حسنى مبارك، الذى أضاف المزيد إلى حالة «اللخبطة» الموجودة أصلاً منذ تم الإعلان عن القانون.. جاء تصريح الرئيس ليضيف مزيداً من الأسئلة والتكهنات: «هل سيتم التراجع عنه؟» «هل سيتم إدخال تعديلات عليه؟»، أضيفت هذه الأسئلة إلى باقى الأسئلة التى لا يجد لها المواطن المصرى إجابة لدى أحد وهى: من الذى سيدفع الضريبة ومن المعفى منها، ومن الذى سيقوم بتقدير قيم الوحدة العقارية.. وهل هذا التقدير قابل للمساومة أو المجاملة؟ حالة تخبط وتوجس دفعت المواطنين إلى الرضوخ أو الرفض أو البحث مبكراً عن وسيلة للتحايل على القانون. حالة من التخبط تنتاب الكثيرين، وتزداد كل يوم مع اقتراب نفاد المهلة المحددة لتقديم إقرارات الضرائب العقارية. كلٌ صار يغنى على «قانونه»، البعض رآه «فرصة لتسجيل الممتلكات» وهناك من نفذوا «كلام الحكومة» وآخرون باعوا ممتلكاتهم خوفا من الضريبة. وسط حالة القلق، ترصد «المصرى اليوم» ردود أفعال المواطنين وتفاعلهم مع القانون، حيث ترسم التفاصيل أحيانا خريطة سلوك للمواطن المصرى. تقول السيدة (ع. م)، التى فضلت نشر الأحرف الأولى من اسمها: «هذا القانون فعل ما لم يستطع أبنائى فعله، كانوا دائما يلحون علىّ لأكتب الشقق باسمهم وكنت أرفض، والآن اضطررت لنقل الملكية لهم.. وربنا يستر ممكن يرمونى فى الشارع». مواطن آخر قرر التخلص من ممتلكاته، فهو يصف نفسه بأنه «موظف مدبر شوية»، استطاع أن يجمع القرش على القرش واشترى فيلا حلوة فى التجمع الخامس عشان العيال.. «وأنا بشطبها ظهر القانون ده فبعتها فورا ويتفلقوا العيال». أما عواطف فتعاملت مع القانون كما تتعامل مع أى قرار حكومى «الالتزام حلو.. مافيش أحسن منه»، ذهبت عواطف المريضة بالضغط والسكر إلى مكتب الضرائب العقارية لتملأ الإقرار الضريبى. «يومين وأنا رايحة جاية والمكتب زحمة من أول النهار لحد ما الموظفين بيمشوا، لدرجة إنى خفت يغمى عليَّا فى الطريق ولا حاجة وأنا ست مريضة فرجعت البيت». أولاد الحلال كما تقول الحاجة عواطف ساعدوها حتى حصلت على الإقرار لتجد نفسها ضمن الفئة المعفاة من الضرائب، لأنها تسكن شقة مستأجرة. أما (س. م) فمازال يبحث عن مخرج خاصة مع اقتراب نفاد مهلة الإقرارات: «أنا فعلا مش عارف أعمل إيه؟ مش عايز أعمل الإقرار ده ومش مطمن، لكن قلقان من الغرامة، طب لو مليت الإقرار إيه اللى يضمن إنهم مش هايفرضوا علىَّ ضرايب تقطم وسطى؟ رغم إنى ساكن فى شقة سعرها أقل من 500 ألف والحكومة وعدت، لكن بردو أرجع وأقول يا واد، ما هى الحكومة عندها إسهال وعود ولا بنشوف منها حاجة بتتنفذ.. أنا فعلا مش عارف أعمل إيه». أما د. نهال، صاحبة عقار، فتقول «أنا أخذت الإقرارات بكل سهولة، ولكن عندما نظرت إلى الإقرار لم أفهم أى شىء، إنى املا 40 إقراراً لأنى أملك 40 شقة فى العمارة؟ عموما أنا اتصرفت أديت الموظف 200 جنيه عشان يساعدنى، وكان المفروض وزارة المالية توعى الناس أكثر من كدا، يعنى أنا شوفت إعلانات القانون لكن ما عرفتش أملا الإقرار، أما الناس اللى على قدهم يعملوا إيه؟ طب أنا قدرت أدفع للموظف، طب والغلبان يعنى يضيع ولا يلاقى الغرامة فوق راسه؟». أشرف، أحد مستأجرى المحال كان متحمسا للإقرار «طبعا هاعمل الإقرار.. أنا ياما عملت إقرارات.. أنا محترف، وهو يعنى الحكومة هاتعمل لى إيه أنا مكوجى ومحلى إيجار من 40 سنة ومساحته 20 متراً وفى منطقة شعبية.. هاعمل الإقرار واللى يحصل يحصل، إيش ياخد الريح من البلاط يعنى؟»، مشكلة وحيدة وقفت أمام أشرف، فهو لا يجد عقد الإيجار القديم، وحين طالب صاحب العقار بنسخة من العقد ساومه على ترك المحل مقابل 20 ألف جنيه، ساعتها تغير رأى أشرف ووصف القانون بأنه «قانون مصايب مش قانون ضرايب». أما سيد محفوظ (مهندس)، فيبدو أن القانون لا يشغله كثيرا، وله وجهة نظر تبدو منطقية «أنا ماعنديش إلا مدفن خاص فى البساتين، وأنا عارف إن المدافن معفاة من الضريبة، لكنى متأكد إنهم هايعملوا غرامة هى الحكومة كدا.. خلاص يبقوا يروحوا ياخدوها من الأموات بقى». وبعيدا عن هدوء المهندس سيد، فإن محمود رمضان (موظف بقطاع خاص) يبدو أكثر تشاؤما من الجميع: «أولا أنا مش فاهم حاجة من القانون دا إلا إننا هاندفع إتاوة للحكومة وأنا مش هادفع إتاوة للحكومة، والمعفى منها اللى ربنا رحمه بقى.. يا بخت الميتين فعلا». وبعيدا عن الإقرارات كان محمد (صاحب إنترنت كافية) أحد الذين وجدوا فى القانون «سبوبة» جديدة، فعدنا علم بانتشار الإقرارات، قرر أن ينسخ الإقرار على الكمبيوتر ويبيعه لمن يريد بجنيهين «أهى سبوبة.. فيه ناس مش عاوزة تتبهدل قدام المكاتب ولا هايستحملوا موظف يتنطط عليهم، خلاص بيجوا ويدفعوا 2 جنيه وياخدوا الإقرار ويا دار ما دخلك شر.. وشكرا للحكومة».