كنت من المنادين بضرورة نقل مومياء توت عنخ آمون من مقبرته بالأقصر لتكون من الآثار المعروضة بالمتحف ولكن بعد أن زرت المتحف وشاهدت عرض الآثار وجدت أن المومياء سوف تتوه داخل المتحف. تتوجه أنظار العالم فى كل مكان إلى يوم الافتتاح.. سوف يصبح هذا المتحف ضيفًا فى كل منزل.. العالم كله يترقب تفاصيل الافتتاح، وماذا سوف تقدم مصر للعالم.. أقول دائما إن هذا ليس متحفًا ولكنه أهم مشروع ثقافى فى القرن الحادى والعشرين.. لم يحدث حتى الآن أن اهتم العامة بافتتاح أى متحف، ولكن المتحف المصرى الكبير هو أيقونة المتاحف والسبب الأساسى فى أن العالم ينتظر يوم الافتتاح، لأن المتحف يوجد به أعظم كشف أثرى حدث حتى الآن وهو كشف مقبرة الملك توت عنخ آمون والتى قام بكشفها هيوارد كارتر فى 4 نوفمبر عام 1922.. هذا الكشف والقطع التى عثر عليها هى حديث الأطفال والكبار من الرجال والنساء.. لأن قصة الكشف مبهرة حيث ظل كارتر عشر سنوات يعمل فى ترميم وكشف 5398، قطعة ولأول مرة تعرض هذه الآثار بالكامل داخل المتحف.. بالإضافة إلى العديد من الآثار التى كانت معروضة بمتحف الأقصر.. ولأول مرة سوف يشاهد الزائر هذه الآثار مجتمعة.. وقد كنت من المنادين بضرورة نقل مومياء توت عنخ آمون من مقبرته بالأقصر لتكون من الآثار المعروضة بالمتحف، ولكن بعد أن زرت المتحف وشاهدت عرض الآثار وجدت أن المومياء سوف تتوه داخل المتحف لأن عرض الآثار بطريقة رائعة سوف تدخل قلوب الناس.. وقد قام شريف فتحى وزير السياحة والآثار بتشكيل لجنة برئاستى وعضوية العديد من علماء المصريات والعمارة، وقررنا ضرورة بقاء المومياء فى مكانها بالمقبرة بوادى الملوك، لأن المقبرة بدون المومياء لن يكون لها نفس الأهمية لأن المقبرة صغيرة جدًا وبها مناظر بسيطة، لذلك وجود المومياء مهم جدا للوادى ولكن هناك ضرورة نحو الحفاظ على المومياء. افتتاح المتحف سيكون له مردود سياسى وثقافى وسياحي. أما المردود السياسى فهو أن الرئيس عبدالفتاح السيسى سيستقبل العديد من الملوك ورؤساء الدول فى حدث فريد لم يحدث من قبل، والمردود الثقافى أن هذا المتحف سيجعل العالم يعرف قيمة الحضارة الفرعونية، وكيف أنها أقدم حضارة فى التاريخ تعود إلى خمسة آلاف ومائتى سنة وذلك لأن مصر هى أول بلد فى العالم عرفت الكتابة، أما المردود السياحى فهو مشاهدة الملايين الذين سيأتون لزيارة مصر بعد الافتتاح لأن زيارة المتحف هدف كل إنسان بسيط فى العالم كله، وقد وجدت ذلك من خلال زملائى فى العديد من دول العالم، وأما أجمل ما حدث هو أن هذا المتحف قد أحدث وعياً ثقافيًا حضاريًا بين كل أفراد الشعب المصرى وقد حدث أثناء زيارتى الأخيرة للمتحف أن طلب مواطن ومعه زوجته وأولاده الثلاثة التصوير معى، وعرفت أنه من الوادى الجديد، وأنه جاء خصيصًا إلى القاهرة لزيارة هذا المتحف. سوف يصفق العالم لمصر ورئيس مصر وحكومة مصر، لأنه رغم المشاكل الاقتصادية التى يعانى منها الاقتصاد المصرى فإن مصر أنفقت 2 مليار دولار لبناء هذا المتحف، لنؤكد أن هذا المتحف وآثاره ليست ملك مصر فقط بل هى ملك للعالم كله. لن أنسى عندما دعيت وكنت رئيسا لآثار الأهرام لحضور وضع حجر الأساس فى حضور الرئيس حسنى مبارك وفاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق.. ولم يتصور أحد أن هذا الحلم سوف يصبح حقيقة.. وبعد ذلك تم تعيينى أمينًا عاما للمجلس الأعلى للآثار وقد اتفقت مع الوزير فاروق حسنى أن هناك ضرورة لتعظيم موارد المجلس، ولذلك اتفقنا على ضرورة إرسال بعض آثار توت عنخ آمون وذلك لعرضها فى الخارج وقد ذهبت إلى مجلس الشعب وحصلنا على موافقة عرض آثار الفرعون الذهبى، وخاصة أن المعرض الذى سافر فيه أندر القطع الأثرية منها القناع الذهبى لم تحصل مصر على أى عائد مادى، ولذلك أرسلنا الوفد بعد أن قام د. ممدوح الدماطى مدير المتحف فى ذلك الوقت بتشكيل لجنة عليا برئاسته واختار 80 قطعة فقط من مجموع آثار توت عنخ آمون التى وصلت إلى 5398، مع 50 قطعة أخرى من آثار الدولة المصرية، واستطعنا أن نحصل للآثار على 120 مليون دولار ومن هذا المبلغ تم بناء معامل الترميم والمخازن، وقمنا مع الوزير فاروق حسنى بعمل احتفال هام جدا فى حضور السيدة سوزان مبارك، وبعد ذلك تم الاتفاق على الحصول على 40 مليون دولار من اليابان ومن خلال التعاون مع الجايكا تم عمل برامج تدريبية للمرممين، وقاموا بترميم آثار الملك توت عنخ آمون التى كانت موجودة فى المخازن. وأهم ما تم هو أن قامت الوزارة بالإعلان عن مسابقة دولية للمهندسين المدنيين، ووصل لنا حوالى 2000 مشروع، وتم تشكيل لجنة عليا من الأجانب والمصريين وتمثيل اليونسكو باختيار أهم ثلاثة مشاريع وتم اختيار المشروع الأول للفائز من الصين يعيش فى أيرلندا، وتم عمل مسابقة لاختيار الشركة الأجنبية والمصرية، التى تنفذ المشروع.. وكان هناك متابعة يومية للمشروع. وهنا أود أن أشيد بالمجهود الكبير الذى قام به فاروق عبدالسلام بإدارة هذا المشروع ومحمد غنيم والعديد من رموز الثقافة.. وكان من المزمع افتتاح المتحف فى مارس 2015 ولكن الظروف التى عانت منها مصر فى 2011 أخرت افتتاح المشروع، وعندما أصبحت وزيرًا للآثار كان أملى أن يصبح هذا المتحف ليكون بنفس الصلاحيات التى عليها مكتبة الإسكندرية، ولكن للأسف بعد تركى للوزارة تحول الموضوع لكى يصبح هذا المتحف تحت رئاسة الوزير المختص. وهنا سوف أقص عليكم حكاية ظريفة عندما تم الكشف عن مراكب خوفو عام 1954 قام الوزير المختص، فى ذلك الوقت ثروت عكاشة باختيار نفس المكان والذى عثر على المركب فيه، بأن يكون مقراً للمتحف والحقيقة كان وجود هذا المبنى لا يناسب قيمة هذا الهرم، وقد اتصلت بالوزير فاروق حسنى تليفونياً وقلت له: «لازم نقوم ببناء متحف صغير بجوار المتحف الكبير ويتم نقل المركب»، وهنا قال الوزير فكرة هائلة وتم الإعلان عن ذلك. ومنذ عام تقريباً قام المهندس عاطف مفتاح بنقل هذا المركب بطريقة عبقرية، وهنا نوجه له كل التحية على نقل المركب سالمًا إلى داخل المتحف، وسوف يدخل الزائر لمشاهدة المركب وفى نفس الوقت وعلى الجانب الآخر سيشاهد المرمم المصرى مع المرمم اليابانى وهما يقومان بترميم المركب الثاني.