" لو كان هؤلاء موجودين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لطالبوا بطرد السيدتين اللتين حضرتا بيعة العقبة الكبرى ، ولوكانوا مع نبي الله سليمان عليه السلام وهو يكتب خطابه لبلقيس الملكة لطالبوه أن يعدل صياغته ولايعترف بتوليها منصب الملك ويكتب بعزلها أولا ثم يتفاهم مع الرجال " .. المقولة للشيخ محمد الغزالي رحمه الله ؛ جاءت في كتابه " الإسلام والطاقات المعطلة " ؛ حين رفض تجهيل المرأة وإذلالها وإماتتها إنسانيا بسبب متدينين جهلة ؛ تذكرتها وأنا أقلب الرزنامة بحثا عن تاريخ محدد ، فلفت انتباهي أيام معنونة باليوم العالمي للمرأة وآخر للقضاء على العنف ضد المرأة وثالث لحقوق الإنسان ويشمل الطفل والمرأة والأقليات ورابع لتحرير المرأة وكلها من وجهة نظر غربية ، وتداعت عليّ ذاكرتي تنبهني لبعض بقاع عالمنا الإسلامي تحرم المرأة من ميراثها ، وعادات وتقاليد تمنحها شرف دخول بيت الزوجية بشرط عدم الخروج منه إلا مرة واحدة حيث مثواها الثالث والأخير، وأخيرا تذكرت صديقة لي كانت مرشحة لمنصب محافظ ورُفضت لكونها امراءة. ستظل حقوق المرأة وتحريرها مجالا مثيرا للجدل طالما نُصر على تقديم صورة سطحية لموقف الإسلام منها ، فالغرب يُعلي من شأن الحقوق الفردية بينما الإسلام ينظر للمرأة باعتبار العلاقة التكاملية بينها وبين الرجل وليس علاقة صراع كما هو في العقل الغربي ، فقد ساوى الإسلام بينهما في أصل الخلقة والمسئولية الإنسانية ، وأعطاها حق المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية الكبرى كما فعلت في الهجرة النبوية ، كما أنها مسئولة على قدم المساواة مع الرجل في الموالاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاشتراك في الحياة السياسية والاجتماعية وحضور الاجتماعات والعمل ، كذا المسئولية الجنائية والأمانة العلمية ، وهنا يقول الإمام الشوكاني " لم ينقل عن أحد بأنه رد خبر امراءة لكونها امراءة " ويقول الحافظ الذهبي " لم يؤثَر عن امراءة أنها كذبت في الحديث الشريف ". في عصور تخلف المسلمين وتراجعهم الحضاري أخذوا يبحثون عن تكييف شرعي لعادات زائفة ما أنزل الله بها من سلطان ، وامتلأ تراثنا بكل مايحط من شأن المرأة بدءا من ترديد مقولات يهودية بأنها السبب في إخراج آدم من الجنة وصولا لعورة صوتها متناسين أو متجاهلين أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وحفيداته كانت محدثات وشاعرات وصاحبات مجالس علم ، والسبب يعود إلى تقديم وضع المرأة المخزي في عالمنا الإسلامي على أنه رؤية الإسلام لها ، ففي الوقت الذي كانت تتنافس فيه امراءتان على رئاسة الحكومة والمعارضة في إحدى دولنا الإسلامية نجد المرأة في دولة إسلامية أخرى تمنع من التصويت في الانتخابات ، وبينما تتولى " ميجاواتي سوكارنو " قيادة أكبر دولة إسلامية ألا وهي أندونيسيا ؛ نجد فقهاء دولة إسلامية أخرى يحرمون عليها قيادة السيارة ! وبينما أصبحت المرأة وزيرة وسفيرة وقاضية تحرم في نفس هذه البلدان من ميراثها الشرعي. الحقيقة أن الخطأ هو شعار" تحرير المرأة " والخطاب الإسلامي مطالب بتعديله إلى " إنصاف المرأة " إنصافها بحقوقها في دينها من ظلم مجتمعاتنا الإسلامية تحت بند العادات والتقاليد وعزل المرأة والدين منها براء ، ورحم الله شيخنا محمد الغزالي الذي رفض أن تكون المرأة كبندول ساعة إلى أقصى اليمين تارة وإلى أقصى اليسار تارة أخرى ولا يستقر مطلقا عند الحد الوسط الذي يبغيه الإسلام الوسطي . المشهد ..لاسقف للحرية المشهد ..لاسقف للحرية المشهد ..لاسقف للحرية المشهد ..لاسقف للحرية