«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة من السياسة إلي الرئاسة

كانت مصر من أوائل دول العالم التي وقعت اتفاقية منع كل أشكال التمييز ضد المرأة منذ ثلاثين عاما‏,‏ وقد شاركت المرأة المصرية الرجال منذ أوائل القرن الماضي في النضال من أجل الاستقلال وتحرير الأرض‏,وبالرغم من أن المرأة المصرية ومنذ أوائل ثورة‏1952‏ شغلت عدة حقائب وزارية‏,‏ ومثلت بلادها في المؤتمرات الدولية‏,‏ وشهدناها في السنوات الأخيرة ترأس الجامعة وتتولي العمادة في عدة كليات‏,‏ ورأست عدة مؤسسات اقتصادية‏,‏ لكن أصواتا نشاذا تصدمنا بين حين وآخر‏,‏ تطالب بعودة المرأة الي البيت ومنع خروجها حرصا علي الآداب العامة‏,‏ منعا للفتن‏,‏ وحماية للشباب من ارتكاب المعصية‏!‏
الفقيه محمد عبدالمجيد الفقي الباحث المتخصص في الإسلاميات‏,‏ يعرض في هذا الكتاب الذي يصدر اليوم الجمعة عن مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع‏,‏ شهادته الموثقة والمدعمة بآيات من القرآن الكريم‏,‏ ونصوص أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام‏,‏ وآراء لكبار الأئمة من ذوي الثقة في علمهم وموضوعيتهم‏,‏ حول حقوق المرأة في الإسلام‏,‏ وأهمية الكتاب تأتي من أن مؤلف التزم تماما بالأمانة العلمية في عرض كل وجهات النظر والآراء المساندة لمنح المرأة حقوقها والرافضة أيضا لهذه الحقوق‏.‏
كتب الدكتور وحيد عبدالمجيد في مقدمة الكتاب إنه لم يدر في خلد أحد ممن دعوا الي حصول المرأة علي حقوقها السياسية في مطلع القرن الماضي أن الطريق الي هذه الحقوق ستطول‏,‏ وأنها ستكون مليئة بالعقبات والمطبات‏,‏ وأن الخطو فيها سيتعثر‏,‏ كما لم يكن متصورا‏,‏ أن هذه الطريق ستكون متعرجة‏,‏ وأن بعض ما فيها من عقبات سيفرض العودة الي الوراء‏.‏
والواقع أن عودتنا الي الوراء جاءت بخطي أسرع مما توقعنا‏,‏ فبينما كشفت آخر احصاءات عن أن‏30%‏ من الأسر المصرية تعولها الزوجات‏,‏ بما يؤكد أن عمل المرأة أصبح ضرورة في المجتمع‏,‏ وبالرغم من أن الخمسة عقود الأخيرة شهدت تفوقا للمرأة المصرية في عدة مجالات‏,‏ إلا أن هناك من يطالبون بعودة المرأة الي البيت‏,‏ كما تصدمنا فتاوي باطلة تدافع عن النقاب حتي تتحول مخلوقات الله الي أشباح ومصافحتها الرجل الي خطيئة‏.‏
هناك اعتقاد في عدة مجتمعات عربية بوجود تعارض بين الدين الإسلامي‏,‏ ودخول المرأة ساحة العمل السياسي وكل مستويات العمل الأخري‏,‏ وينطلق الحوار حول المرأة والسياسة‏,‏ من مقولات معظمها دينية‏,‏ دون إدراك للمشاركين في الحوار لتلك المقولات أو إدراكهم أنها قد ترتبط بتقاليد اجتماعية وليست بثوابت دينية‏,‏ وتزداد حدة الحوار عندما يصل إلي تولي المرأة رئاسة الدولة‏,‏ ومدي حقها في تولي هذا الموقع‏.‏
المؤلف يعرض في هذا الكتاب‏,‏ أو هذه الدراسة الفقهية مواقف المؤيدين والمعارضين للدور السياسي للمرأة بأسلوب سهل‏,‏ وقد ساعد المؤلف علي إنجاز عمله إلمامه الواسع بالموضوع وتمكنه منه‏,‏ ثم أمانته في عرض وجهتي النظر المتعارضتين‏,‏ وهو لا يخفي ميله الي أحد هذين الرأيين‏.‏
الكتاب الذي يتضمن مقدمة وثمانية فصول‏,‏ يبدأ بعرض تاريخي لدور المرأة السياسي‏,‏ ثم يتناول أربع قضايا رئيسية تثير جدلا‏,‏ وهي‏:‏
‏(1)‏ تولي المرأة القضاء‏.(2)‏ تصويت المرأة في الانتخابات‏.(3)‏ ترشيح المرأة لعضوية المجالس النيابية‏.(4)‏ تولي المرأة رئاسة الدولة وقضية الإمامة العظمي‏.‏
‏*‏ المرأة مستخلفة في الأرض مثل الرجل‏:‏
يعد امتحان المهاجرات ونزول نص قرآني صريح‏,‏ من أعظم الأدلة علي احترام الإسلام للمرأة ولمسئولياتها‏,‏ وتحقق معني كونها مستخلفة في الأرض مثل الرجل‏.‏
فالفروق البيولوجية لم تمنع المرأة من الجهاد السياسي‏,‏ إذ هاجرت زينب بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم برغم حملها‏,‏ مع جماعة ومنفردة‏,‏ وبإرشاد غير مسلم يدلها علي الطريق‏.‏
‏*‏ امرأة تناظر النبي صلي الله عليه وسلم سياسيا‏:‏
ناظرت هند بنت عتبة النبي صلي الله عليه وسلم قبل أن تبايعه علي الإسلام‏,‏ في حضور كبار الصحابة‏,‏ ولم يحجر النبي صلي الله عليه وسلم علي حقها في الحوار والإعراب عن آرائها‏.‏
‏*‏ بيعة النساء للحاكم‏:‏ اختيارية أم وجوبية؟
يري معظم العلماء أن بيعة النساء للحاكم كانت اختيارية‏,‏ لقوله تعالي‏:‏ يا أيها النبي إذا جاءت المؤمنات يبايعنك‏[‏ الممتحنة من الآية‏12]‏ أي‏:‏ إذا جاءت المرأة للمبايعة فبايعها‏,‏ والبيعة التي ينصب بها الحاكم والإمام‏,‏ ليست واجبة علي النساء إلا اذا كان ذلك مما يتحقق به نصرة الإسلام علي الكفر‏,‏ كما في بيعة العقبة‏,‏ أو اذا كانت البيعة علي الإسلام والإيمان‏,‏ واستدلوا بأنه لم يثبت في سيرة الخلفاء الراشدين اشتراك المرأة في بيعتهم مع وفرة الدواعي التي تؤيد مشاركة المرأة وانتفاء الموانع في ذلك الوقت‏,‏ حين بلغت المرأة مكانة عظيمة برفع الإسلام لقدرها‏,‏ فقد قال عمر رضي الله عنه‏:‏ فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك حقا علينا من غير أن يدخلهن في شيء من أمورنا‏.‏
‏*‏ لماذا غابت المرأة عند مبايعة الخلفاء الراشدين‏..‏؟
ما هو سر التناقض بين الواقع التاريخي الذي صورته المصادر لمبايعة الخلفاء‏,‏ وبين الواقع التاريخي قبله علي عهد رسول الله؟ وكيف نفسر التناقض بين عموم الخطاب القرآني للرجل والمرأة دون قصر التكليف علي جنس أو تكليف الجنسين معا وبين غياب المرأة في بيعة الخلفاء؟
ذكر الباحثون لغياب المرأة أسبابا ثلاثة هي‏:‏
‏(1)‏ تأثير الظروف التاريخية الصعبة علي نظم اختيار الخلفاء الراشدين‏,‏ مما جعل الصورة الإجرائية الكاملة لم تكن متحققة تماما‏.‏
‏(2)‏ أثر الطبيعة الاجتماعية في صدر الإسلام‏.‏
‏(3)‏ إدراك النساء أن غيابهن لا يمثل خطرا علي الخلافة‏,‏ فلم يكن يعنيهن إلا مقاصد الإسلام‏,‏ وهذا هو السبب في تفسير هذا الغياب‏.‏
غياب المرأة‏,‏ وهذا هو السبب في تفسير هذا الغياب‏.‏
غياب المرأة‏,‏ لم يكن أصلا شرعيا يعمل به ولا سنة راشدة توجب متابعتها‏,‏ وليس له دلالة علي الرجوع عما كانت عليه مبايعات النساء للنبي صلي الله عليه وسلم‏,‏ وليس فيه معني إهمال النساء لأمر الخلافة‏,‏ وادعاء أن الذكورة شرط يجب توافره فيمن يختارون الإمام غير صحيح بالمرة ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة‏.‏
لقد بايعت المرأة‏,‏ البيعة الكفائية والعينية‏,‏ وتعد نسيبة بنت كعب نموذجا‏,‏ فقد بايعت الرسول صلي الله عليه وسلم علي الجهاد في بيعة العقبة الثانية‏,‏ وقاتلت في غزوة أحد وغزوة خيبر ويوم اليمامة‏,‏ كما بايعت بيعة الرضوان علي الموت‏,‏ بما يدل علي التزامها بالبيعة‏.‏
‏*‏ مسئولية المرأة في الشوري‏:‏
‏(1)‏ تشارك المرأة في القضايا التشريعية‏,‏ ولها حق الاجتهاد والفتوي‏,‏ وهو واجب يؤكد كفاءتها للقيام بهذه المسئولية‏.‏
‏(2)‏ تشارك في الشوري في المسائل الفنية المتخصصة‏,‏ والعبرة هنا بأهليتها بما يؤكد أيضا كفاءتها‏.‏
‏(3)‏ كما تشارك في القضايا العامة‏,‏ باعتبارها فردا في الأمة‏,‏ وهي مشاركة واجبة وجوب عين‏.‏
‏(4)‏ تشارك في المسائل الخاصة بفئة معينة من خلال العمل النقابي الذي تتأسست مشاركتها فيه علي حقها في العمل المهني‏.‏
ويلاحظ أنه برغم دخول النساء في الساحة الفقهية‏,‏ والعلاقة المهنية‏,‏ والرابطة الإيمانية‏,‏ يظل للمرأة بعض الأحكام الخاصة في الشرع‏,‏ وبعض المصالح الخاصة في الواقع‏,‏ وهو ما يستلزم الرجوع لعامة النساء‏:‏ قبل اتخاذ قرار يخصهن في الدولة الإسلامية‏,‏ وهذا ما فعله الرسول والخلفاء الراشدين في أكثر من مناسبة‏.‏
‏*‏ عمر بن الخطاب يشاور المرأة حتي يتخذ قرارا صائبا‏:‏
وقد استشار عمر حفصة بن عمر أم المؤمنين رضي الله عنها ليعرف منها كم تصبر المرأة علي خروج زوجها للجهاد‏,‏ واتخذ قرارا بناء علي رأيها مستهديا به‏,‏ فأمر القادة ألا يؤخروا الجنود عن زوجاتهم أكثر من أربعة أشهر‏.‏
وقد أصدر عمر قرار العطاء لأطفال المسلمين بعد الفطام‏,‏ فعجلت النساء فطام أطفالهن حتي يأخذن العطاء‏,‏ مما كان له آثار سلبية علي صحة الأطفال‏,‏ فعدل عمر عن قراره‏.‏
وقد أراد عمر تحديد حد أقصي للمهور‏,‏ فعارضته امرأة وهو علي المنبر‏,‏ بقول الله تعالي‏:‏ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا‏[‏ النساء 20]‏ فرجع عمر عن رأيه‏.‏
القضايا الكبري المثيرة للجدل‏:‏
اختلف العلماء في قضية تولي المرأة لوظيفة القضاء بين مانع رافض لوجود امرأة علي منصة القضاء‏,‏ وبين مؤيد لوجودها‏,‏ وبين مقيد لجواز توليها القضاء‏,‏ فلا يجيزه لها إلا في حالات محددة‏,‏ وفيما يلي آراء المذاهب الفقهية‏:‏
‏*‏ أولا‏:‏ المانعون مطلقا‏:‏ وهم عدد من الفقهاء‏,‏ يأتي في مقدمتهم المالكية والشافعية والحنابلة‏,‏ وهو أيضا رأي الشوكاني والزيدية‏.‏
‏*‏ المانعون من أعلام العلماء ولجان الافتاء المعاصرين‏:‏
من العلماء والباحثين المعاصرين الذين رفضوا تولي المرأة شئون القضاء‏:‏
‏1‏ السيد جمال الدين الأفغاني‏.‏
‏2‏ لجنة الافتاء في الأزهر سنة‏1952.‏
‏3‏ د‏.‏ محمد عبدالقادر أبوفارس في كتابه القضاء في الإسلام‏.‏
‏4‏ الشيخ سلمان بن فهد العودة في كتابه حوار هاديء مع الغزالي‏.‏
‏5‏ د‏.‏ عبدالمجيد الزنزاني في كتابه الإسلام وحقوق المرأة في السياسة‏,‏ وغيرهم كثيرون‏.‏
‏*‏ ثانيا‏:‏ الموافقون علي تولي المرأة القضاء في بعض الأمور‏,‏ هم الحنفية وابن القاسم من المالكي‏,‏ وبعض المعاصرين‏,‏ وقد أجاز الحنفية للمرأة المسلمة أن تتولي وظيفة القضاء في غير الحدود والقصاص‏,‏ فيصبح قضاؤها في كل ما تقبل فيه شهادتها صحيحا‏,‏ وشهادتها لا تقبل في الحدود والقصاص‏,‏ وتقبل في ماعدا ذلك‏.‏
‏*‏ الموافقون لتولي المرأة القضاء في كل الأمور هم‏:‏ ابن جرير الطبري‏,‏ وابن حزم الظاهري‏,‏ وقيل انه رأي الحسن البصري‏.‏
‏*‏ أما علماء عصرنا الذين أجازوا تولي المرأة القضاء بدون شروط فمن بينهم‏:‏ الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ود‏.‏ يوسف القرضاوي في كتابه فتاوي معاصرة‏,‏ ود‏.‏ عبدالكريم زيدان في كتابه المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم‏,‏ ود‏.‏ محمد البلتاجي في كتابه مكانة المرأة‏.‏ ود‏.‏ توفيق الواعي في كتابه المسلمات الداعيات‏..‏ وغيرهم‏.‏
‏*‏ قوامة الرجل لا تلغي دور المرأة بل تتم في رحاب الشوري‏:‏
لا يعني قوامة الرجل علي الأسرة‏,‏ أن يستبد الرجل ويلغي دور المرأة‏,‏ بل يجب أن يؤخذ رأيها فيما يهم الأسرة‏,‏ كما أشار القرآن في موضوع إرضاع الرضيع في قوله تعالي‏:‏ فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما‏,‏ فهذا الأمر اليسير وهو إرضاع الطفل ينبغي أن يتم في رحاب الشوري والتراضي‏.‏
ولم يرد ما يمنع ولاية بعض النساء علي بعض الرجال خارج نطاق الأسرة بل الممنوع هو الإمامة العظمي ورئاسة الدولة‏.‏
يختم المؤلف هذا الفصل‏,‏ بأنه ليس هناك مبررا لمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء‏,‏ بل يجب توفير الضمانات الشرعية التي تكفل لها تأدية وظيفتها دون مخالفات شرعية‏.‏
لم يترك المؤلف شأنا إسلاميا إلا وقدمه في الكتاب بأمانة الباحث فعرض كل وجهات النظر الموافقة والرافضة له‏,‏ مرور بمشاركة المرأة في التصويت في الانتخابات‏,‏ وشهادة النساء التي هي مقبولة في حقوق الأبدان التي لا يطلع عليها الرجال غالبا‏,‏ مثل الولادة والاستهلال‏,‏ وعيوب النساء‏.‏
وليس في نصوص الإسلام ما يسلب المرأة أهليتها للعمل النيابي كتشريع ورقابة‏.‏
‏*‏ تولي المرأة المناصب الوزارية‏:‏
يجوز للمرأة أن تتولي الوظائف العامة مثل الوزارة وغيرها‏,‏ وممن ذهب الي هذا الرأي في العصر الحديث الشيخ محمد الغزالي ود‏.‏ يوسف القرضاوي ود‏.‏ محمد البلتاجي‏.‏
وقد شاركت المرأة في الشئون السياسية في عهد الرسول‏,‏ مثل الهجرة والبيعة ونصرة الإسلام والدفاع عنه والمشاركة بالرأي‏,‏ والجهاد في سبيل الله‏,‏ كما شاركت في اختيار الخليفة الثالث‏,‏ وقامت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها علي رأس جيش بهدف الإصلاح السياسي‏,‏ وفي الآيات القرآنية أكثر من دليل علي حصافة رأي المرأة ومقدرتها علي الحوار والمناورة في السياسة‏,‏ والمشاركة في الوظائف التي تتصل بمصلحة المجتمع ومنها الوزارة‏.‏
تولي المرأة رئاسة الدولة
وقضية الإمامة العظمي
اتفق أهل العلم علي حرمة تولية المرأة الإمامة العظمي ورئاسة الدولة التي هي مخصصة للرجل دون المرأة واستدلوا بحديث‏:‏ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة‏,‏ وهذا الحديث تنديد بالاستبداد وليس بالنساء كما يري البعض‏,‏ فحينما علم النبي أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسري لعدم وجود من يتولي الملك من البنين‏,‏ لأن الله أبادهم بدعائه حين أرسل كتابه الي كسري فمزقه‏,‏ فدعا عليهم أن يمزقوا‏,‏ فاستجاب الله تعالي الدعاء‏,‏ فلم يقم لهم بعد ذلك أمر نافذ‏,‏ وقتل بعضهم بعضا‏..‏ حتي ملكوا عليهم امرأة‏,‏ وتسبب ذلك في نهاية ملكهم‏,‏ وانتصر المسلمون عليهم بعد سنوات‏,‏ وفي خلافة سيدنا عمر قضوا علي اممبراطوريتهم‏.‏
وقد استدل العلماء بالحديث السابق علي منع المرأة من تولي الإمامة العظمي ورئاسة الدولة‏.‏
‏*‏ رأي الشيخ الغزالي‏:‏
لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة‏:‏ واقعة عين لا عموم‏.‏
اجتهد الشيخ الغزالي‏,‏ فذهب الي أن هذا الحديث لا يفيد النهي العام عن تولي المرأة رئاسة الدولة‏,‏ بل هو من وجهة نظره واقعة عين لا عموم لها‏,‏ فقال‏:‏ ونحن نلقي نظرة أعمق علي الحديث الوارد‏,‏ ولسنا من عشاق جعل النساء رئيسات للدول أو رئيسات للحكومات‏,‏ اننا نعشق شيئا واحدا‏,‏ أن يرأس الدولة أو الحكومة أكفأ الناس في الأمة‏,‏ ويضيف الشيخ الغزالي شارحا الحديث فيقول‏:‏ عندما كانت فارس تتهاوي تحت مطارق الفتح الإسلامي كانت تحكمها ملكية مستبدة مشئومة‏,‏ فالدين وثني‏,‏ والأسرة المالكة لا تعرف شوري‏,‏ ولا تحترم رأيا مخالفا‏,‏ والعلاقات بين أفرادها بالغة السوء‏,‏ قد يقتل الرجل أباه واخوته في سبيل مآربه‏,‏ والشعب خاضع منقاد‏,‏ وقد انهزمت الجيوش الفارسية وأخذت مساحة الدولة تتقلص‏,‏ وكان يجب أن يتولي الأمر قائد عسكري يوقف الهزائم‏,‏ ولكن الوثنية السياسية جعلت الأمة والدولة ميراثا لفتاة لا تدري شيئا‏,‏ فكان ذلك إيذانا بأن الدولة كلها الي ذهاب‏...‏
‏*‏ امرأة ذات دين خير من ذي لحية كفور‏:‏ يستدل الشيخ الغزالي علي صحة رأيه‏,‏ بنجاح ملكة سبأ في قيادة شعبها الي الايمان والصلاح بحكمتها وذكائها‏,‏ وبأن أخذ الحديث علي عمومه يتنافي مع القرآن ويناقضه وهو أمر مستحيل‏,‏ ثم يتساءل‏:‏ هل خاب قوم ولوا أمرهم امرأة من هذا الصنف النفيس؟
ثم يجيب‏:‏ هذه المرأة أشرف من الرجل الذي دعته ثمود لقتل الناقة‏,‏ ومراغمة نبيهم صالح‏,‏ فالشيخ الغزالي يري أن تعميم دلالة الحديث يتناقض مع القرآن‏,‏ ومع الواقع التاريخي‏,‏ ويستشهد الشيخ بزعيمات ناجحات خدمن بلادهن مثل مارجريت ثاتشر وانديرا غاندي‏,‏ ثم يقول‏:‏ امرأة ذات دين خير من ذي لحية كفور‏.‏
رأي الشيخ القرضاوي يتفق تماما مع تفسير الشيخ الغزالي‏,‏ فحديث الرسول عليه الصلاة والسلام يجب فهمه في ضوء سبب وروده‏,‏ وهو يري أيضا مثل الغزالي أن الحديث لو أخذ علي عمومه لعارض ظاهر القرآن‏,‏ هناك أيضا قلة من الفقهاء تري أن هذا الحديث كان مرتبطا بحدث‏,‏ أي قاله الرسول صلي الله عليه وسلم في واقعة معينة ولا يجوز تعميمه‏.‏
الكتاب تضمن آراء أخري تعارض رأي الشيخين الجليلين‏,‏ وترفض أن تتولي المرأة الخلافة ورئاسة الدولة‏,‏ فالمؤلف يعتقد مع غالبية الفقهاء أن الولاية العامة بمعني رئاسة الدولة لا تكون إلا للرجال‏.‏
‏*‏ رأي علماء الشيعة‏:‏
عرض المؤلف في ختام كتابه رأي علماء الشيعة‏,‏ فالشيخ محمد مهدي شمس الدين الرئيس السابق للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلي بلبنان يتفق في كتابه أهلية المرأة لتولي السلطة مع آراء الشيخين الغزالي والقرضاوي‏...‏ ولكن هل يمثل رأي الشيخ شمس الدين‏,‏ كل آراء الشيعة في لبنان‏,‏ وهل رأيه يتفق مع آراء آيات الله في إيران الذين يمارسون كل أنواع القهر ضد النساء؟
‏**‏
يبقي بعد ذلك‏,‏ أن كتاب الباحث محمد عبدالمجيد الفقي‏,‏ الذي يصدر اليوم الجمعة ويوزع في مكتبات الأهرام‏,‏ يأتي إلينا في موعده‏,‏ فنحن في أشد الحاجة الي مثل هذه الدراسات الجادة‏,‏ وسط مناخ ملبد بغيوم الجهل‏,‏ وبفوضي فتاوي من يعلمون ومن لا يعلمون‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.