الإعلامى حمدى قنديل فى حواره ل "المشهد": حرية الإعلام تحت رحمة السلطة - ابديت التعاون مع السلطة فى عهد الإخوان.. ولا علاقة لى بالصراع الحالى - قنوات ممولة من الجمهور للعمل بعيداً عن الرقابة وقبضة السلطة - الشعب محاصر بين إعلام "مدجن" وأخر "منفلت" - على الدولة توفير حرية تداول المعلومات من أجل الشعب - الإعلام فشل فى مهامه لتوفير حقوق المواطن - الترفيه الإعلامى ليس "الجنس والإثارة والدجل" - مقدمو "التوك شو" يخطبون ويفتون في كل شيء و لا يملكون ما يؤهلهم - اللغة العربية تنهار على أيدي الإعلاميين في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والثلاثين، حضر للإعلامي المصري حمدي قنديل، للمشاركة في بعض الندوات وتوقيع كتاب سيرته الذاتية أثناء فعاليات المعرض. قنديل كان له خلال ذلك عدد من الآراء والمطالبات، حدد فيها رؤيته، لما يفترض أن يكون عليه حال الإعلام في مصر، ومن ثم في غيرها من الدول العربية. طالب بإعلام الاكتتاب، وضرب لذلك مثالاً بمشروع أن تكون الإذاعة الفرنسية بالاكتتاب بين المساهمين، وهم الذين يحددون لها برامجها؛ فتذيع قدراً من برامج التسلية وبرامج الثقافة ونشر اللغة الفرنسية في العالم.. ويتذكر تجربة سابقة عندما حاول هو كما حاول غيره من الإعلاميين، منذ سنوات، إنشاء قناة تليفزيونية عربية تكون بالاكتتاب العام بين مساهمين، أو أي وسيلة إعلامية يملكها المساهمون فيها من أفراد الشعب.. قائلا: "ولكننا لم ننجح في ذلك، وإن كانت هناك بعض التجارب في هذا الإطار، منها تجربة لصحيفتين في الجزائر يملكهما العاملون فيهما"، مؤكداً أن مثل هذه التجارب هدفها عمل الإعلام بكل حرية بعيداً عن الرقابة، وقبضة السلطة. كما أكد قنديل فى حواره ل"المشهد"، أنه إذا كان الصحفي أو الإعلامي يبحث عن الحرية، فهو يبحث عنها من أجل القارئ أو المتلقي، والمقصود بالحرية هنا في الأساس حرية الوصول إلى مصادر الأخبار والمعلومات، وأن هذا الأمر سيظل حساساً لتصادمه في كثير من الأحيان مع السلطة التي تحد من الحرية؛ طالب في الوقت نفسه بأن تكون هناك قوانين لضبط العمل الصحفي وألا تترك هذه القوانين للصحفيين وحدهم، حيث يجب أن يشارك في وضع هذه القوانين رجال القانون وممثلون عن المجتمع بشكل واسع، وأن تكون هناك مناقشة لمشروعات هذه القوانين. وأوضح أن مأزق الإعلام الآن جانب منه قديم، وهو علاقة الإعلام بالسلطة، حيث إن هذه العلاقة معقدة ومركبة دائماً، لكن المأزق الذي يعيشه الإعلام المصري والعربي الآن أنه إما إعلام "مدجن" أنهكته سيطرة السلطة، أو إعلام منفلت، والمشاهد غير راض عن الاثنين، وسيمر وقت طويل حتى نصل إلى المرحلة المطلوبة، ويعود الإعلام إلى السير على السكة الصحيحة. وأشار إلى أننا كإعلاميين علينا أن نقوم بمسئولياتنا، وفي الوقت نفسه على الدولة أن تتيح لنا الحرية، حرية الحصول على المعلومات، وحرية نشر الآراء، من أجل المشاهد والقارئ، مضيفاً أن مسئولية الإعلاميين بداية هي القيام بمهامهم وهي: إطلاع الناس بالأخبار والأحداث، دون تزييف، وهذه هي المهمة الأولى.. والمهمة الثانية التثقيف والتوعية والتربية.. والحقيقة أننا كإعلاميين فشلنا في المهمة الثانية، كما فشلنا في الأولى! والمهمة الثالثة هي الترفيه، وهي مهمة راقية، ولا تقل أهمية عن الأولى والثانية، ولكنه ليس ترفيه الجنس والإثارة والدجل!. وتابعت "المشهد" طرح الأسئلة على حمدي قنديل، عن رأيه في آليات ضبط ما يعرف ببرامج "التوك شو"، باعتباره جزءاً من الأزمة التي عاشتها مصر في ظل النظام السابق، وتعيشها مصر حالياً، ومع تحذيرات البعض أن من شأن هذه البرامج كما تفتعل الأزمات أن تزيد من اشتعالها، بما يأخذ البلد إلى منحنى خطر جداً. أجاب قائلا: "أنا غير راض عن هذا اللون من الإعلام، وقد أجريت مؤخراً دراسة حديثة أثبتت أن 41 % من المشاهدين أقلعوا عن مشاهدة هذه البرامج"، مضيفًا أنه إذا كان الإعلاميون ضحايا من ناحية، فهم من ناحية أخرى فاعلون أصليون للأزمة، والمثال هنا برامج "التوك شو" التي "يقودها "زعماء" يخطبون ويفتون في كل شيء، وهم في الأساس لا يملكون ما يؤهلهم لهذه الخطب التوجيهية أو التدخل في الأحداث"! ولذلك "فأنا لا أشاهد هذه البرامج.. وأفضل مشاهدة روتانا كلاسيك"! وتابع قنديل: " لا يمكنني أن أدعو إلى إيقاف برنامج أو مادة إعلامية مهما بلغت درجة سخفها، ولكني أدعو الصحفيين والإعلاميين أنفسهم إلى وضع قواعد لأنفسهم وتطبيق هذه القواعد، وإن كان لابد من وضع هذه القواعد من قبل الصحفيين والإعلاميين أنفسهم، إلا أن الإعلام من الخطورة بحيث لا تترك هذه القواعد للإعلاميين وحدهم، فيجب على الداعين إلى رسالة للمهنة وحرية للمهنة أن يشركوا معهم من يمثل المجتمع المدني والقانونيين والجامعات، أثناء وضع قواعد وهياكل جديدة للمهنة. ورأى قنديل أن هناك فرق بين برنامج إخباري، و خبري، كما أنه هناك برامج للرأي.. ولكن من يقدم برنامج الرأي؟! من يقدم هذا البرنامج يجب أن يمتلك الإمكانية ليقنع المشاهدين بالرأي الذي يعرضه، وأن يكون ممن يثق فيه الناس وينتظرون رأيه.. أما اليوم فكل من يمسك الميكروفون نراه "يفتي"! . وعن ما حدث معه فى الجزائر قال قنديل: "كنت في معرض الجزائر للكتاب الذي انتهى مؤخراً، لتوقيع كتابي الذي يتناول سيرتي الذاتية، ولإلقاء محاضرة، والمشكلة أن بعض التيارات الإسلامية حشدت بعض مؤيديها حوالي 10 أو 15 فرداً، وبعد انتهائي من إلقاء المحاضرة وبدأت الأسئلة والتعقيبات، بدأت هذه المجموعة بالهتاف والتعليقات غير المناسبة، فرددت عليهم بالقول إن المحاضرة عن الإعلام والكتاب عن الإعلام، ولن يستدرجني أحد بالحديث عن السياسة.. أما من يريد إلقاء خطبة عصماء أو بيان أو من يرغب في الهتاف، حتى تخرج الأخبار بذلك غداً في الصحف أو قبل ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، فأقترح استراحة نفتح فيها الحديث لجلسة استماع، ونستمع فيها لآرائكم، فمن حقكم أن تتكلموا كما من حقي أن أتكلم". وأضاف أنه رغم أنني أرى نفسي لا أحسب على أي من الطرفين المتخاصمين في مصر الآن، ورغم أنني أبديت انفتاحاً على التعاون مع السلطة أيام حكم مرسي، إلا أنني رأيت أن الرد على أولئك ومناقشتهم سيفتح المجال لجدل لا طائل تحته!. نصائح قنديل كما وجه حمدي قنديل عدداً من النصائح أو الوصايا لشباب الصحفيين والإعلاميين، قائلا: "لا تعملوا بالإعلام إلا إذا كنتم تحبونه، وإذا كنتم لا تحبونه فحاولوا أن تحبوه، وإن فشلتم في ذلك فابحثوا عن مهنة أخرى!"، كما طالبهم بقراءة الكتب أو الصحف، حتى قراءة صفحة الوفيات أو العزاء في الصحف قد تكون مفيدة، قد يخرج منها الصحفي المبتدئ بخبر أو فكرة. وأوضح قنديل، أننا نسمع ونرى فضائح وأغلاط لغوية فاحشة في الصحف وعلى الشاشات، مؤكدا أن اللغة العربية تنهار على أيدي الإعلاميين، مشيرًا إلى أن مقتل الإعلام هو إعلام الاستوديو، أي ألا يخرج الإعلامي من الاستوديو ويذهب ليعرف ويفهم بنفسه. وضرب مثالًا له عن الشرف المهنى، قائلا: "طوال نحو 45 عاماً من العمل الإعلامي لم تقم ضدي دعوى قضائية، إلا دعوى واحدة صاحبها هو وزير خارجية مصر الأسبق أحمد أبو الغيط، طالب فيها بتعويض 20 مليون جنيه! ولكنها انتهت بالتصالح. لكن لم تقم ضدي أي دعوى لأنني نلت من شرف أو عرض أحد". كما أوصي شباب الإعلاميين، بالتحريض الشريف والشغب البناء؛ شغب يقصد الإصلاح والتقدم والانفتاح على ثقافات الناس، متابعا: "نحن كإعلاميين يجب علينا أن نشاغب الداعين إلى التحريض، ونشاغب الداعين إلى التقديس، ونشاغب الداعين إلى الاستقرار الجامد، ونقاتل من أجل التقدم والحركة". كما طالبهم بعدم الخداع وألا يقولوا إلا ما يعتقدون أنه الحق، وأن يستعدوا لدفع الثمن وعليهم أن يتأكدوا أنهم غير خاسرين. وطالب قنديل الإعلامي أو الصحفي بعدم الخلط بين الإعلام والإعلان، إما أن يعمل في هذه المهنة أو تلك، فكل منهما مهنة محترمة، ولكن عليه ألا يخلط بينهما للحصول على منفعة من شخص أو جهة، لترويج مصلحة أو للتصدي لخصم، كما أوصاهم بعدم الانضمام إلى الأحزاب أو الجماعات السياسية حتى يحافظوا على استقلالهم الشخصي. ورأى قنديل أن "الكثيرون سيقولون إن هذا كلام مثالي أو حتى خيالي، وقد يكون كذلك، ولكن الحقيقة أننا لن نستطيع الوصول إلى ما نطمح إليه إلا بالتعلق بالمثاليات، بل قد أكون قد خالفت بضع الوصايا يوماً ما، وقد يكون صعباً على الكثيرين التمسك بتلك الوصايا، ولكن تظل هذه هي أصول العمل الإعلامي والصحفي، ولا يمكن توجيه النصيحة بغيرها!" اضغط هنا لمشاهدة الملف بالحجم الكامل .. .. .. ..